عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد المرشد يكتب: شكرًا للقدر الذي منحنا كمال الشناوي "الدونجوان".. وأغاني محمد فوزي

أحمد المرشد يكتب: شكرًا للقدر الذي منحنا كمال الشناوي "الدونجوان".. وأغاني محمد فوزي
أحمد المرشد يكتب: شكرًا للقدر الذي منحنا كمال الشناوي "الدونجوان".. وأغاني محمد فوزي

 عشنا الأسبوع الماضي مع عشق الروح، هذا الحديث المسموع من محمد عبد الوهاب، في صورة أغنية كانت ضمن أحداث فيلم "غزل البنات"، بين العاشق الولهان، الذي يعيش على الأرض والإنسانة التي مال لها قلبه ولكنها كانت في بعد القمر عن الإنسان تعيش في السماء محلقة بنفسها في عالم خيالي، فكان هذا العشق عبارة عن رحلة عذاب بين العاشق والحب ولوعته، حب أطال ليل المحب حتى طار النوم من عينيه لتتورم جفونه من غياب النوم بعد أن هجره أحبابه.



 أما اليوم، فلنا لقاء مع نجم من نوع آخر، نجم بدأت حياته الفنية كبيرا، ولم تخذله الشهرة حتى فارق دنيانا، فلم يتخل عن دور البطولة في حياته، ورغم أننا عرفناه ممثلا رائعا ومبدعا في كل أدواره؛ حيث كان وسيم الشاشة فكان له أيضا هوايات أخرى غير التمثيل ومنها الغناء والرسم وهي المهنة التي بدأ حياته فيها مدرسا، ولكنه هجرها من أجل عيون الفن وعالم السينما والشهرة.. إنه النجم كمال الشناوي الذي رفض التنازل عن البطولة مطلقا، وظل اسمه الأول في أفيشات جميع الأفلام التي شارك بها، حتى عندما تقدم به العمر اكتشف في نفسه قدرات جديدة جعلته في المقدمة أيضًا، ولذلك ترك لنا الشناوي رصيدًا ضخمًا من الأفلام، وبصمة خاصة لم يصل لها سواه بسحره وكاريزمته ومقدرته على تنوع أدواره على الشاشة، ولهذا ظل بريقه وجاذبيته لدى جمهوره الضخم مستمرًا، ناهيك عن مواهبه المتعددة من غناء ورسم وتدريس بجانب التمثيل الذي عرفناه به.

والرسام أو الفنان التشكيلي كمال الشناوي أو مدرس مادة التربية الفنية، عندما تخرج صغيرًا، هي المهنة الأولى في حياته، عندما استهوته الريشة، التي ظل يمسك بها طوال حياته، ولم تفارقه حتى أنه فكر مليا في إقامة معرض لرسوماته لولا أحداث 25 يناير 2011 في مصر التي حالت دون إتمام فكرته ليتعرف عليه الجمهور رساما مبدعا ليضيف إلى رصيده المهني موهبة جديدة، كانت غائبة عن معجبيه. فالرسم في حياة الشناوي لم يكن سوى طاقة حب وتأمل وتكوين الألوان ليعبر به عن أحاسيسه ووجدانه، ومن فرط حبه للفن التشكيلي عمل مدرسًا في بداية حياته لينقل الموهبة إلى تلاميذه، ولكن عالم الفن والتمثيل لا يقبل شريكا فقرر التفرغ للسينما التي رسمت حياته بطلا.

ويروي لي الأخ العزيز عبد الله محمد الخان (ذاكرة البحرين المصورة) قصة حضرته عن كمال الشناوي؛ حيث سبق وتقدم لبعثة مدرسي التربية الفنية بالبحرين، وعندما قدمت لجنة البعثات للقاهرة وقابلت المدرسين الذين تقدموا بطلباتهم للعمل بالبحرين لم تلتق الشناوي بسبب عارض صحي آلم به فلم يتمكن من الحضور وقتها واختير مدرس آخر، هو الأستاذ مرزوق عبد الرحمن، الذي حل محله في التعيين.

ويضيف "الخان"، أنه قد التقى كمال الشناوي أثناء إحدى زياراته للقاهرة وأخبره بالقصة التي أكدها الفنان المشهور، وقال له إنه كان على وشك السفر للبحرين فعلا كمدرس للتربية الفنية، إلا أن مساره قد تغير بسبب وعكة صحية في يم الاختيار فالتحق بالمعهد الموسيقي ومعهد التمثيل وأصبح ممثلًا. فالقدر يصنع لعبته معنا دائما، فلم يكن الشناوي يدري هل سيكون مدرسا أم سيصبح مغنيا إلا أنه أصبح ممثلا و"دونجوان" السينما المصرية والعربية، الذي عشقته الممثلات وأحبه الجمهور.

أما الغناء مع كمال الشناوي فله دويتو مشهور مع صباح هو "زي العسل"، أما الدويتو الأشهر له هو "سوق على مهلك سوق"، وله قصة جميلة تستحق أن نرويها نقلًا عنه وعن غيره، ويعتبر هذا الدويتو مع المطربة والفنانة شادية أشهر ما غنى الشناوي، وقد لاقى إعجاب الجمهور زمان وحتى يومنا هذا حتى إنه بات من أهم أغاني الدويتو، التي تحتفل بها دار الأوبرا المصرية. وعندما اكتشف الشناوي في نفسه موهبة الغناء لم يرض بأن يكون مجرد مطرب هاوٍ أو مؤدٍ عادي، فقرر تعلم أصول الغناء في معهد الموسيقى العربية، ونجح مراده فعلا وتقدم إلى الإذاعة المصرية، وأجازوا صوته لخامته الطيبة ولكنه رفض استكمال طريق الغناء لأسباب كثيرة منها أنه كان معجبا بمطربين آخرين مثل عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، ولم يكن متأكدًا في نفسه القدرة على منافستهما، وهو الإنسان الذي لا يريد سوى دور البطولة والنجومية، ولهذا ابتعد عن طريق الطرب بقصة طريفة رواها عنه الناقد الفني المصري طارق الشناوي؛ حيث اشترط على الإذاعة أن يسبق اسمه لقب "أستاذ" قبل إذاعة أغانيه في الراديو وطبعًا رفض طلبه ليس لغرابته فقط، وإنما لأن هذا التقليد لم يكن معمولًا به عند تقديم بقية المطربين، وعلى رأسهم محمد عبد الوهاب.

 وربما لم ير كثيرون فيلم "بشرة خير"، الذي جاء الدويتو ضمن إحداثه الدرامية، ولكن مجرد مقطع فيديو انتشر مؤخرا على موقع "يوتيوب"، ظهر فيه الشناوي مع الفنانة والمطربة الراحلة هدى سلطان، يغنيان معًا "سوق على مهلك سوق، تولت هدى سلطان دور شادية، ولكننا هنا نعيده بأصله في الفيلم:

 شادية: سوق على مهلك سوق / بكرة الدنيا تروق/ سوق على مهلك سوق

على إيه تجري كفاية علينا / العمر بيجري من حولينا/ كان في عنينا وملء إيدينا/ وبعد دقيقة مش بإيدينا/ سوق سوق على مهلك سوق.

كمال الشناوي: بكرة الورد اللي زرعناه / يكبر طول ما إحنا بنرويه.

شادية: ياما جنانيني بدمعه رواه / وصبح لقى غيره بيجنيه/ في غيابك راح أعد اليوم/ بالثانية ولا دوقش النوم.

الشناوي: إنت الأمل اللي أتمناه/ كل دقيقة أكون وياه.

شادية: سوق على مهلك سوق / بكرة الدنيا تروق / سوق.. سوق على مهلك سوق/ وأبقى أكتبلي كل دقيقة وثانية جواب/ أنا حابعتلك وأنت ابعتلي/ عن حركاتك كشف حساب/ لما تفكر تبقى تقولي.

 كمال: أنت فى بالي ليل ونهار.

شادية: والأحلام احكيلي عليها.

كمال: حلم بحلم ما فيش أسرار.

شادية: سوق على مهلك سوق/ بكرة الدنيا تروق / سوق.. سوق على مهلك سوق.

 لم تكن شادية مجرد مطربة وفنانة مثلت أمام الشناوي العديد من الأفلام العاطفية وغيرها، ولكنها ارتبطت به عاطفيًا، ولكن في إطار الشائعات فقط، حيث ربط الجمهور بينهما دائمًا بقصص حب، رغم زواج كمال من شقيقتها، وهو الأمر الذي لم يعرفه الجمهور وقتها.

وعلى عكس قصص الحب الوهمية بين شادية والشناوي، كانت قصة الحب الحقيقية بين المطرب والفنان محمد فوزي، والفنانة مديحة يسري، ووصلت إلى الزواج لتنتهي بالطلاق، بسبب الغيرة التي ملأت قلب الزوجة، بسبب علاقات فوزي مع نجمات المجتمع.

وبالإضافة إلى غيرة "يسري"، كانت أزمتها كزوجة عدم اهتمام فوزي بابنهما الوحيد عمرو وأشقائه من زوجة أبيه الأولى.. ولطالما توسلت إليه التفرغ لأولاده بعض الشيء والتخلي عن مشاغله الفنية ومسيرته الغنائية، ولكنه رفض ولم يعرها اهتمامًا، ولذلك عوض محمد فوزي غيابه عن أولاده بترك أفضل أغانٍ للأطفال مثل "ماما زمانها جاية"، و"ذهب الليل وطلع الفجر"، و"هاتوا الفوانيس يا ولاد"، التي تعد من الأغاني المحببة للأطفال في رمضان.

فالأغاني الثلاث، لا تزال عالقة في أذهان الأطفال والكبار حتى يومنا هذا، فهي بالنسبة للكبار تفكرهم بذكريات جميلة عاشوها في الماضي، واستمعوا فيها لتلك الأغاني في طفولتهم عبر الراديو أو من خلال الأفلام.

وأعتقد أن كل ما في فتئنا العمرية عاش حلاوة هذه الأغاني ولطالما سمعها من والديه حتى يهدئونه أو إذا كان يبكي لسبب ما، فأغنية "ماما زمانها جاية"، تعتبر حسب ما يسمونه اليوم "تريند" الأغاني وقتها، وكما سمعناها من والدينا رددناها نحن على مسامع أطفالنا.

 ولعلي أقول، إن غيرة مديحة يسري على زوجها وحبيبها محمد فوزي وغيابه الدائم عن منزل الزوجية كانت سببًا في هذه التركة الغنائية الجميلة، لأن فوزي أراد تعويض أطفاله بأغنياته التي تضمنها فيلم "معجزة من السماء"، فكانت أغنيتا "ماما زمانها جاية"، و"ذهب الليل وطلع الفج"، أيقونتي هذا الفيلم، خاصة إذا أضفنا خفة دم فوزي، وبساطة الكلمات وجمال اللحن، فكلها عوامل أسهمت في انتشار الأغاني التي كتبها مبدع زمانه الشاعر الغنائي حسين السيد. ونكتفي هنا بـ"ذهب الليل" بصفتها أول أغنية يصورها التلفزيون خصيصًا للأطفال عام 1956:

ذهب الليل وطلع الفجر والعصفور صوصو/ شاف القطة قالها بسبس قالت له نونو/ ماما قالت له سيب القطة خليها في حالها/ ساب مدرسته ورمى كراسته وراح جر شكلها/ راحت القطة مخربشة إيده لما مسك ديلها/ وآدى جزاة اللي مايسمعش كلمة ماما تقولها.

ذهب الليل وطلع الفجر والعصفور صوصو/ شاف القطة قالها بسبس قالت له نونو/ أبله قالت لي فيفي الحلوة زعلت من سوسو/ راح يصالحها وباسها، وهي حلفت ماتبوسه/ جابت الحبر وعاصت إيديها وجات بشويش جنبه/ مسحت إيدها في وشه، وعملت قال إيه بتلاعبه/ سوسو ضربها ومسك الحبر اللي في إيدها وقلبه/ على فستانها وشافهم بابا وضربها وضربه.

ذهب الليل وطلع الفجر والعصفور صوصو/ شاف القطة قالها بسبس قالت له نونو/ ندر عليا أجيلكم وأولع شمعة من شمعة/ لحد الشبر ونص ما يكبر ويروح الجامعة/ ميمي دكتور وسعاد دكتورة وإحنـا ندعيلكم/ وصلاح يبقى محامي، وتوتو قاضي يصالحكم/ وعصام بكرة هيبقى ظابط ويدافع عنكم/ يفدى وادي النيل بحياته وحياته منكم.

إنه القدر كما سبق وقلت الذي يلعب لعبته ويحدد المصائر، فمرض كمال الشناوي غير مسار حياته من مدرس لفنان مشهور، وانشغال محمد فوزي بعمله عن أطفاله دفعه، لأن يترك لنا تركة ممتعة من أغاني الأطفال.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز