عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

خليل الذوادي يكتب: نحــن والنــوم

خليل الذوادي يكتب: نحــن والنــوم
خليل الذوادي يكتب: نحــن والنــوم

قال لي: "لم أنم البارحة" فقلت له: "ما السبب؟! هل من داء ألم بك، أم أن أمرًا شغل بالك وامتلك عليك تفكيرك؟" فقال لا: "فقد كنت قلقًا فحسب فجفا النوم عيوني".



وقال آخر: "لم أنم البارحة" فقلت له نفس ما قلت للأول، فقال: "أبدًا فقد كنت سعيدًا مسرورًا لإنجاز حققته".

رغم اختلاف الحالتين، إلا أن النوم الذي نقول إنه "سلطان" يحتاج إلى أن نكون في وضع بين المنزلتين، فلا القلق و"المحاتاة" يجعلنا ننام، ولا الفرح المفرط يجعلنا نخلد إلى النوم، رحم الله المبدعين الشاعر أحمد رامي والموسيقار الملحن رياض السنباطي وكوكب الشرق أم كلثوم، عندما خرجوا بإحدى روائعهم الغنائية من رباعيات الخيام كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي وغناء أم كلثوم في العام 1951 عندما شدت كوكب الشرق.

 

أفق خفيف الظل هذا السحر

 

نادى دع النوم وناغ الوتر

فما أطال النوم عمرًا

ولا قصر في الأعمار طول السهر

فكم توالي الليل بعد النهار


 

لحالة أخرى إبداعية تقتضيها ضرورة شعرية..

وطال بالأنجم هذا المدار


 

أما أولئك المدمنون على وسائل التواصل الاجتماعي من الكبار، فلا عزاء لهم عن تصفح الواتس آب، والإنستجرام والتويتر، وغيرها التي لا تعرف إلى النوم طريقًا..

اليوم وبعد إجازة الصيف للمصطافين وعودة المدارس بعد عطلة الصيف المدرسية نحتاج لأن نضبط إيقاع النوم عندنا، فالمجازون سيذهبون إلى أعمالهم في الصباح المبكر ولأن نهار الشتاء قصير فلا مجال للقيلولة.. والطلبة الذين اعتادوا السهر إلى القيلولة أو منتصف النهار مع أجهزة الكمبيوتر والبلاي ستيشن ومختلف أنواع التواصل الاجتماعي هم وأولياء أمورهم، بحاجة لأن يضبطوا مواعيد نوم الأبناء والأحفاد وإلا فالنتيجة النوم في الفصول الدراسية وعدم استيعاب الدرس والتركيز المطلوب.

يسألني الكثير عن متى ينام هؤلاء الناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي؟! وأخالكم لا تملكون الجواب الشافي؛ فهذه الوسائل لا تهدأ ليلًا ونهارًا ولابد أن من يحركونها ويشاركون فيها هم أيضاً يعانون من قلة النوم.

هل كان إنجازهم أكبر وأفضل؟! هل كانت الظروف تستدعي منهم ذلك؟! هل بفطرتهم وبعقيدتهم آمنوا بأن استغلال الوقت بما يعود عليهم بالنفع فيه فائدة لهم ولمجتمعهم؟! أظن ذلك؛ فالحياة بإيقاعها في ذلك الوقت حتمت عليهم أن يسلكوا هذا النهج، فلكي تسعى إلى رزقك، عليك أن تكون حائزًا على قصب السبق؛ فالبيع والشراء له أوقاته المحسوبة، والسعي لطلب الرزق في أوجه متعددة يحتاج إلى أولئك الذين يأتون مبكرًا فلا يتأخرون، الشركات عندنا كانت تبدأ باكرًا رغم نظام نوبات العمل والوظائف الحكومية تحتاج إلى الحضور باكرًا المدارس تبدأ باكرًا، خصوصًا الطلبة الذين ينتقلون من قراهم ومدنهم إلى أماكن أخرى إما مشيًا على الأقدام أو من خلال حافلات النقل المدرسية إيقاع الصباح في ذلك الوقت كان مشجعًا ومحفزًا؛ فالكل كان يؤمن بالوقت واستغلاله.

الأطباء ينصحون بالنوم الكافي، وكانوا يقولون لنا إن ست ساعات من النوم العميق مطلوبة أو أقل قليلًا، أما أولئك المرضى شفاهم الله فهم بحاجة إلى النوم العميق كل حسب الداء الذي يعاني منه.


 

أظن بأن النوم المثالي الذي اعتاد عليه الأجداد والآباء لم يعد موجودًا، فقد كانوا يرحمهم الله ينامون مبكرًا بعد صلاة العشاء ويصحون باكرًا مع آذان الفجر، ويسعون لطلب الرزق قبل أن تشرق الشمس، إضافة إلى ما تسمح لهم الظروف للقيلولة وسط النهار.

أحسب أننا اليوم في زماننا مع توفر الوسائل المتعددة للانتقال بحاجة إلى أن نؤمن بأهمية الوقت في الإنجاز؛ فالتحديات التي تواجهنا وستواجهنا تتطلب منا أن نكون في يقظة دائمة، وعندما يرتاح المرء ويتوافق مع فطرته وطبيعته البشرية ويأخذ حظه الكافي من النوم، يستطيع أن يبدع وأن تكون يقظته في أوج طاقتها المنتجة.

إننا بحاجة إلى ضبط إيقاع نومنا لكي نتوافق مع فطرتنا ومع ما شاء الله لنا أن نكون عليه في طبيعتنا البشرية، فاحرصوا يا أولياء الأمور على إعادة الأبناء إلى جو المدارس وضرورة الاستيقاظ مبكرًا وعلينا أن نكون متضامنين معهم فلا نسهر ونقول لهم ناموا!!

هناك من يعشق الليل، وهناك من تحتم عليه ظروف العمل أن يكون يقظًا طوال الليل، فهؤلاء يحتاجون إلى أن ينالوا نصيبهم من النوم في أوقات أخرى، فعمومًا لا يمكن تعويض النوم ليلاً، قال تعالى في محكم التنزيل "وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا، وجعلنا النهار معاشا".. سورة النبأ الآيات 9، 10، 11.

كنت والمرحوم الصديق أحمد بن سعيد بن عبداللطيف الودعاني الدوسري يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته في السبعينيات عملنا في ميناء الملك عبد العزيز بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وكان يتطلب عملنا ليلاً لتخليص بضائع السفن التي ترسو في الميناء، فلكي نعوض نوم الليل كان علينا أن ننام معظم النهار، وقد فطنت إدارة الميناء بأن منحتنا يومين إجازة لتعويض العمل ليلاً وهي خطوة إدارية ذكية لكي يكون الموظف في كامل يقظته عند إنجاز الأعمال..

وعلى الخير والمحبة نلتقي

أولياء الأمور بحاجة لأن يضبطوا مواعيد نوم الأبناء والأحفاد.. وإلا فالنتيجة النوم في الفصول الدراسية وعدم الاستيعاب والتركيز المطلوب

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز