عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

تفاقم ظاهرة الاتجار بالبشر في تركيا.. وقصة "أحمد وحنين"

تفاقم ظاهرة الاتجار بالبشر في تركيا.. وقصة "أحمد وحنين"
تفاقم ظاهرة الاتجار بالبشر في تركيا.. وقصة "أحمد وحنين"

كتب - عادل عبدالمحسن

   تفاقمت أزمة الاتجار بالبشر في تركيا بعدما أصبحت  الاراضي التركية  منطلقاً رئيسياً للمهربين للابحار بضحاياهم في محاولة للوصول الى الشواطئ الاوروبية في مقابل مبالغ ضخمة.



موقع "أحوال تركية" رصد الكثير من القصص الواقعية في أعمال الاتجار وتهريب البشر التي أحترفها الأتراك مؤخراً  

أولى  هذه القصص بطلها احمد وزوجته، اذ لم يكن مسموحا للمهاجرين سوى بحقيبة ظهر وحيدة لكل منهم على زوارق المهربين التي تنقلهم من تركيا إلى اليونان ولهذا حزم أحمد وزوجته حنين وأسرتها أمتعة قليلة وأرسلوا باقي متعلقاتهم إلى الأصدقاء. ثم كان الانتظار.

وكان من المفترض أن تكون تلك هي اللحظة الفارقة في رحلة  قد بدأت مع تصاعد الصراع في سوريا مما أرغم أسرتين فلسطينيتين على النزوح من ضواحي العاصمة السورية دمشق حيث كانتا تقيمان.

ورحلت حنين وأسرتها في العام 2014 وسافر أحمد بعد ذلك بعامين إلى تركيا حيث تعارفا في شتاء 2017.

ولأنهما كانا يعيشان في مدينتين مختلفتين فقد ظلا يتبادلان الرسائل النصية عبر الهاتف المحمول لأشهر قبل أن ينطلق أحمد في رحلة استغرقت 20 ساعة بالحافلات من أزمير، ثالثة أكبر المدن التركية والواقعة على ساحل بحر إيجه، إلى مدينة كيليس لمقابلتها وأفضى هذا اللقاء إلى إعلان خطبتهما.

سرعان ما وجد الاثنان نفسهما غارقين في استعدادات الزواج من البحث عن الفستان المثالي ومعاناة إرسال المال من طرف إلى الآخر عن طريق مكاتب ويسترن يونيون إلى التخطيط لحفل زفاف على ليلتين.

أما حفل الخطوبة فكان في كيليس على الناحية الأخرى مباشرة من الحدود السورية.

ويعيش الآن أكثر من 3.5 مليون لاجيء سوري في تركيا بفعل الصراع الذي تشهده بلادهم منذ 2011. وفي 2015 خرج أكثر من 800 ألف مهاجر أغلبهم من السوريين والأفغان إلى البحر انطلاقا من سواحل تركيا لقطع المسافة القصيرة المحفوفة بالمخاطر إلى اليونان.

وانخفضت الأعداد انخفاضا كبيرا في العام التالي بعد إبرام اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لوقف موجة النزوح.

كان أحمد الذي درس الأدب الإنجليزي في سوريا ويريد أن يصبح مترجما يعمل  لفترات تستمر 14 ساعة في مصنع للمنسوجات في إزمير التي انتقل إليها الزوجان بعد الزواج.

وضع الاثنان نصب أعينهما هدف توفير 3000 دولار يحتاجانها لغرض دفعها الى المهرب من أجل الرحلة إلى اليونان أول محطة في الطريق إلى المانيا. وكانت الأسرة تتابع صفحة على فيسبوك أنشأها متطوعون في اليونان ينشرون أخبار المراكب القادمة والحوادث والأحوال الجوية.

وكل يوم كانا يسمعان ويقرآن حكايات عن هياج الأمواج وتسببها في حوادث وعن غرق أسر في البحر خلال الرحلة من تركيا الى اليونان لأنها لم تكن تملك من المال ما يكفي لشراء سترات النجاة.

لكن احمد لم ير أي خيار سوى الرحيل عن تركيا لأن البقاء معناه أنه سيظل يعمل "في هذا المصنع إلى الأبد".

وتبين تقارير صحفية  أن عشرات المهاجرين هلكوا خلال رحلاتهم عن طريق تركيا إلى أوروبا. غرق البعض في بحر إيجه ومات آخرون في حوادث على الطرق بينما تجمد كثيرون حتى الموت وهم يحاولون عبور الحدود سيرا على الأقدام.

وواجهت عزيمة أحمد اختبارا صعبا حين اختفى مهرب دفع له المال لضمان أماكن للأسرة على مركب واختفى معه المال.

واضطرت الأسرة للعمل  من جديد لتدبير المال.

وعثر أحمد على مهرب آخر ودفع له المبلغ المطلوب.

في النهاية حزمت الأسرة أمتعتها واشترى أفرادها سترات نجاة وهي مهمة بسيطة لكنها محفوفة بالمخاطر إذ تحمل في طياتها إمكانية القبض على المشتري.

وفي ليلتهما الأخيرة توجها إلى بعض الأصدقاء لتناول وجبة العشاء معهم ثم انتظروا على أحر من الجمر في البيت رنين الهاتف للتوجه إلى الشاطيء.

كان النوم يداعب عيون الأطفال الذين كانوا يلعبون بسترات النجاة ويتباهون بمعرفتهم كيف سيستخدمونها للسباحة إلى الجزيرة. أما الكبار فقد اتفقوا أنه إذا ما شعرت حنين أو والدتها بأن الأمور ليست على ما يرام فسيعودون. وظل أحمد يحدق في هاتفه.

وجاءت الساعة 11 مساء دون أن يتصل المهرب ليطلب منهم التوجه إلى الشاطيء. ساورهم الخوف أنهم فقدوا المال مرة ثانية لكنه اتصل في نهاية المطاف بعد بضعة أيام.

انتقلت الأسرة بسيارة إلى الشاطيء حيث اضطر أفرادها لصعود تلال والسير عبر الغابة للوصول إلى نقطة الرحيل. وتكدسوا مع 26 فردا آخرين في الزورق المطاطي الذي انطلق بهم.

كانت أصوات المسافرين على الزورق الصغير عالية ولذا اكتشفهم حرس السواحل التركي بعد أن تبقى أمامهم 20 دقيقة على الوصول للحدود. وتم نقلهم إلى السجن حيث ظلوا محتجزين ثلاثة أيام.

وتقول الأسرة إن بإمكانها المحاولة مرة أخرى مع المهرب نفسه دون أي مصاريف إضافية رغم أن أحمد يشعر باليأس وهو يراقب السحب التي تتجمع فوق المياه الداكنة. ويقول أحمد "عمري ما شعرت بأسوأ من ذلك. كل هذا التفكير وعاصفة في الطريق".

وبعد مرور عام لا تزال الأسرة تريد الانتقال إلى أوروبا لكنها استبعدت الرحلة البحرية. فهي لا تريد أن تخوض مرة أخرى ما تعرضت له من إذلال وإهانات في زنزانات الاحتجاز ومن ضياع مدخراتها المحدودة.

وأوضح  أنه رغم العمل في تركيا 12 ساعة في اليوم  6 أيام في الأسبوع فإن مرتبه لا يكفي لسداد الإيجار والفواتير ومصاريف الطعام.

وقد أرهقته ساعات العمل الطويلة والعنصرية التي يقول إنه يراها في شوارع تركيا وفي وسائل النقل العام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز