عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

علي بنه يكتب .. قصة قصيرة "إرسال واستقبال"

علي بنه يكتب .. قصة قصيرة "إرسال واستقبال"
علي بنه يكتب .. قصة قصيرة "إرسال واستقبال"

من فترة لأخرى أتمرد على روتين حالي وأيامي، لأتخفف من وقع أعبائي، وأجدد نشاطي، أذهب لأي من الأماكن التي تداعب خيالي، شوارع، ميادين، مقاهي، ملاهي، أو ما يخطر على بالي.



اليوم اتصلت بأحد أصدقائي، في المساء كان به لقائي، ذهبنا لأحد الشوارع الأثرية المباني، حتى نتناول طعام العشاء ونقضي فيه المساء، محلاته ومطاعمه ومقاهيه على مدار الساعة دائمة النشاط، الناس في حركة دائبة ما بين ذهاب وإياب.

عرجنا على أحد كافيهاته، ولجنا بهوه الكبير، الذي يبدو مستطيلا وعلى جانبيه تنتشر قاعاته، لتناسب جميع الثقافات جلساته، استوحت ديكوراته من طراز مباني المكان، الضارب في عمق الزمان، الإضاءات متنوعة الألوان منعكسة على الجدران، ما بين ساطعة وخافتة، الجرسونات ذي الزي الموحد، في حركة دائمة بين الزبائن، الذين يجلسون في عشوائية تنظمها المناضد المستديرة المتراصة حولها الكراسي، لتلبية طلباتها، توضع الأطعمة والمشروبات على الطاولات، فتبدو وكأنها لوحات فنية، لاختلاف ألوانها وأنواعها وأحجامها، تقف النرجيلات كتماثيل، بجوار مدخنيها من سيدات ورجال وفتيات وشباب مختلفي الأعمار، وآخرين يدخنون السجائر والسيجار..
أتانا الجرسون، بوجه مبتسم، مبتدرنا بكلمات ترحيب، ثم قال:

- تطلب إيه يا فندم

- ماذا عندك من عشاء

راح يعدد لنا الموجود, مشويات، مقليات وأصناف وأطباق، يسيل لها اللعاب، ابتسم صديقي ووجه كلامه للجرسون قائلا:

- لمَ كل هذه الأصناف، ألا تكفي ثلاث أو أربع منها ؟

- الزبائن يا فندم تختلف في الأذواق والمحبب لها من المأكولات

طلب صديقي حمام مشوي، وأنا حمام محشي بالإضافة للسلطات وبطاطس محمرة، وبعد أن دون الجرسون الطلبات توجه بسؤال لنا

- هل سيادتكما ستحضران معنا البند الشرقي

- متى سيبدأ

- الساعة 9

- سنحضره

- تشرفونا يا فندم

ذهب الجرسون، بينما أنا وصديقي، ندور بنظرنا متفحصين المكان والجالسين، يتوجه لي صديقي قائلا

- أشعر كأنني في عالم آخر أو أنّي أحلم

- وأنا أشعر كأني أتفرج على لوحة فنية، صاغها خيال فنان مبدع، فالحاضرون يختلفون في الملبس والمأكل والأعمار والجنسيات

- انعكاس الأضواء على وجوه الرجال والنساء، يضيف لهم سحرا وكأنهم من كوكب ثانِ

- يتملكني إحساس أني تركت عالمي وذهبت لعالم آخر سلب مني الحزن والتعب وروتين أيامي.

فرغنا من تناول طعامنا، غيرنا جلستنا، ليكون البند قبالتنا، بدأ برنامجه في التاسعة والنصف، كان مكونا من ثلاث شبان، واحدٌ يحمل آلة الكمنجة وآخر الطبلة، والثالث يتوسطهما يعانقُ آلة العود وأمامه الميكروفون، مما يعني أنه هو من سيقوم بالغناء، دهشت للعدد، لاعتقادي أنه سيكون الضعف على أقل تقدير.

بدأ الفريق برنامجه، بموسيقى لأغانِ مشهورة لعمالقة الفن، استغربت كثيرا، كيف لثلاث آلات موسيقية، أن تؤدي هذا الأداء الرائع، كأنهم فرقة موسيقية متكاملة.

بدأت بعض السيدات والفتيات في الرقص، ثم ازدادت

الأعداد، إلى أن شملت الجميع تقريبا، مرددين كلمات الأغاني، وإذْ بصديقي يميل على هامسا

- أنظر لهذه العجوز الشمطاء، أنها ترقص في حيوية، كأنها في العشرين من عمرها!

- أليس بك رغبة للرقص الآن

_ أنا مانع نفسي بالعافية

أطوف بنظري، على جميع من بالكافيه، رجال، سيدات، فتيات، شباب، أراهم راقصين، مصفقين، مغنين، يتوقف نظري على غلام جالس بين والديه، يبدو أنه يعاني من بله مغولي، يتمايل مبتسما بجسده مع الموسيقى، يمر من أمامي الجرسون، أناديه سائلا:

- لمَ لا تنوعون في الآلات الموسيقية، كما تنوعون في الأكل والأطباق الشهية؟

_ يا فندم لم يسبق لاحد أن طلب تغيير الآلات الموسيقية، الجميع عندنا يسعد بها

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز