عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

تفاصيل أطول معركة جوية عرفتها الحروب يوم 14 أكتوبر منذ 46 عاما

تفاصيل أطول معركة جوية عرفتها الحروب يوم 14 أكتوبر منذ 46 عاما
تفاصيل أطول معركة جوية عرفتها الحروب يوم 14 أكتوبر منذ 46 عاما

كتب - عادل عبدالمحسن

46 عاماً مرت على أطول معركة جوية عرفتها الحروب، والتي عُرفت باسم "معركة المنصورة الجوية". وجرت فصولها في مثل هذا اليوم 14 أكتوبر سنة 1973، بمشاركة أكثر من 180 مقاتلة منقسمة إلى 120 مقاتلة إسرئيلية طراز "فانتومF-4 Phantom " و64 مقاتلة مصرية من النوع " ميج-21إم إف MiG-21MF " واستمرت لمدة 53 دقيقة.



وكان اللواء الجوي المصري 104 مقاتلات يتكوّن من 3 أسراب تحمل الأرقام " 42 - 44 - 46 " وتتسلح جميعها بمقاتلات MiG 21MF". " تمركز سربان منها في قاعدة "شاوة" الجوية بالمنصورة لأعمال الاعتراض والدفاع الجوي، والسرب الثالث في قاعدة "طنطا" الجوية لحماية كلا القاعدتين.

وحاولت إسرائيل باستماتة أن تقوم بضرب قاعدة المنصورة أيام 7 و9 و12 أكتوبر، لكنها فشلت في ذلك بسبب بطاريات الدفاع الجوي المتمثلة في صواريخ سام-2 وعناصر الضبع الأسود " صواريخ سام-7 المحمولة على الكتف "

ولا يمكن أننسى مهما مرت السنين والأيام هذه المناسبة دور لواء صواريخ الدفاع الجوي " سام-2 / سام-7 " بقطاع المنصورة الذي تحمل عبء الدفاع عن قاعدة "المنصورة" ضد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على القاعدة منذ يوم 7 وحتى 13 أكتوبر ففي الفترة من 7 إلى9 أكتوبر 1973 " تمكن لواء الصواريخ من إسقاط 18 مقاتلة اسرائيلية وإصابة 4 أخريات وأسر 5 طيارين.

و في الفترة من 10 إلى 13 أكتوبر 1973 " تمكن لواء الصواريخ من إسقاط 4 مقاتلات إسرائيلية وأسر 6 طيارين.

وفي يوم 14 أكتوبر نفسه أسقط الدفاع الجوي المصري 29 طائرة إسرائيلية " متضمنة لمروحيتين على الجبهة.

وكانت مقاتلات أسراب اللواء 104 الجوي تُقدم الحماية لمنطقة شمال الدلتا إلى جانب كونها ظهيرا للجيش الثاني الميداني.

وفى يوم 14 أكتوبر قررت إسرائيل ان تقوم بهجوم جوي شديد الضخامة والكثافة للتخلص التام من قوة اللواء الجوي 104 الذي كان يُمثل تهديدا رئيسياً على قواتها الجوية، بخلاف أنها كانت تستهدف أيضا قواعد طنطا وإنشاص والصالحية.

وكانت مصر على علم ودراية تامّين بأن إسرائيل عاجلا ام آجلا ستقوم بهجوم جديد أضخم حجماً، ولذلك كان عدداً من الطيارين المقاتلين يقبعون داخل مقاتلاتهم على الممرات في حالة استعداد تام للإقلاع الفوري في حالة وجود الخطر. حتى الساعة الثالثة عصراً من يوم الرابع عشر من أكتوبر لم يكن هناك أية إشارات على الهجوم الاسرائيلي.

وفي تمام الساعة 3:15 عصرا إلتقطت عناصر المراقبة الجوية المُكلفة بمراقبة ساحل البحر المتوسط وجود 20 مقاتلة F-4 Phantom إسرائيلية تطير باتجاه الجنوب الغربي من البحر عبر بورسعيد، وقامت بإبلاغ قيادة القوات الجوية بالوضع، وعلى الفور قام قائد القوات الجوية آنذاك اللواء طيار حسني مبارك بإصدار أوامره لقائد قاعدة "شاوة" الجوية آنذاك اللواء طيار أحمد عبد الرحمن نصر " قائد القوات الجوية في الفترة 1990" - 1996 " بإطلاق 16 مقاتلة "ميج-21" لعمل مظلة حماية جوية فوق قاعدة المنصورة دون الاتجاه ناحية المقاتلات الإسرائيلية أو الاشتباك معها !! وكان هذا القرار مفاجئاً للطيارين الذين كانوا ينتظرون على أحر من الجمر فرصة الاشتباك مع الطيران الإسرائيلي، ولكن السبب أن قائد القوات الجوية آنذاك كان على دراية شديدة بالتكتيكات الجوية الإسرائيلية التي تعتمد على عمل مصيدة تستدرج فيها الطائرات بعيداً عن القاعدة الجوية، حيث تقوم باقي الأسراب بمهاجمة القاعدة وتدميرها دون وجود أي عمليات اعتراض جوي مصرية. لذلك ظلت مقاتلات الفانتوم الإسرائيلية تطير في دوائر لفترة حتى تأكدت أن المقاتلات المصرية -التي تطير بدورها في دوائر فوق قاعدة المنصورة- أدركت الخدعة ولن تتدخل أو تشتبك معها فانسحبت إلى ناحية البحر المتوسط.

وفي تمام الساعة 3:30 عصرا قامت وحدات المراقبة الجوية بإبلاغ قيادة القوات الجوية بوجود 60 مقاتلة إسرائيلية قادمة من البحر المتوسط من 3 اتجاهات مختلفة هي بورسعيد ودمياط وبلطيم، وهنا أصدر قائد القوات الجوية أوامره للطيارين فوق قاعدة المنصورة بالاتجاه ناحية الأسراب الإسرائيلية والاشتباك معها، حيث كان الغرض هو تشتيت القوة الإسرائيلية وبعثرة مقاتلاتها لتكون عرضة لمزيد من الهجمات المصرية اللاحقة.

وبعد ان اتجهت المقاتلات المصرية الـ16 للاشتباك، أقلعت 16 مقاتلة أخرى من قاعدة المنصورة و8 مقاتلات من قاعدة طنطا لإسناد ومعاونة زملائهم في الجو.

 وفى تمام الساعة 3:38 عصرا أبلغت عناصر الدفاع الجوي عن موجة إسرائيلية أخرى مكونة من 16 مقاتلة قادمة من نفس الإتجاه من البحر على ارتفاع شديد الانخفاض، فقامت آخر 8 مقاتلات بقاعدة المنصورة بالإقلاع للاشتباك ولحقت بها 8 مقاتلات من قاعدة ابو حماد الجوية " اللواء الجوي 203 وهو لواء مقاتلات الرافال حالياً ) للمعاونة والإسناد، لتبدأ أشرس معركة جوية على الإطلاق.

و بينما كانت تقلع آخر 8 مقاتلات ميج-21 من قاعدة المنصورة الجوية، قام النقيب طيار أحد طياري الـ8 مقاتلات التي أقلعت، بإلقاء خزانات الوقود الإضافية لتخفيف الوزن وعمل مناورة قتال لركوب ذيل الفانتوم، استهدفت "ممر" قاعدة المنصورة وأخذت طريق العودة، وكاد أن يُسقطها لولا انتباهه لوجود مقاتلة فانتوم أخرى قامت بركوب ذيله فقام بعمل أصعب المناورات على الإطلاق حيث انحرف بشدة إلى اليمين بقوة تعدت 10G " يعني 10 مرات تحمل ضد قوة الجاذبية الأرضية والضغط الجوي   دون ان يفقد الوعي ثم يعود مرة أخرى لركوب ذيل الطيار الإسرائيلي ليسقط الفانتوم.

و كانت السماء تحتشد بالمقاتلات المصرية والإسرائيلية والصواريخ المُطلقة والطلقات المنهمرة في مشهد مخيف، فكان القتال المتلاحم Dogfight لا ينتهي ابدا حيث كانت المقاتلة تركب ذيل التي أمامها لتأتي مقاتلة ثالثة من الخلف تركب ذيلها ورابعة وهكذا، وتميزت الميج-21 بشكل بارز في هذا النوع من القتال الجوي، بفضل صغر حجمها وخفة وزنها وتصميمها الفريد، مقارنة بالفانتوم الضخمة لدرجة ان الطيارين الإسرائيليين كانوا يتخلصون من حمولتهم من القنابل بإلقائها على الأرض لتخفيف الوزن وتحسين قدرة المناورة أمام المقاتلات المصرية. وامتلأت السماء بالمظلات البرتقالية المميزة للقوات الجوية الإسرائيلية حيث كان الطيارون الإسرائيليون يقفزون من مقاتلاتهم بعد إصابتها.

وكان الطيارون المصريون يهبطون بمقاتلاتهم ويتزودون بالوقود والذخيرة ثم يعودون للإقلاع في فترة لا تتجاوز 6 دقائق فقط " رقم قياسي ومُعجز حيث ان الوقت الطبيعي للهبوط وإعادة التزود بالوقود والذخيرة ثم الإقلاع مرة أخرى يستغرق 10 دقائق والإسرائيليين استعانوا بأفضل الخبراء العالميين ليصلوا إلى 8 دقائق حيث يعتمد الأمر على سرعة الفنيين الأرضيين في تسليح المقاتلة وتزويدها بالوقود ) فكان الإقلاع وحده يتطلب 3 دقائق ولكن نجح الطيارون المصريون في إنجاز عملية الإقلاع فيما لا يزيد عن دقيقة ونصف أثناء المعركة الجوية، لدرجة أن الإسرائيليين اعتقدوا بوجود أعداد هائلة من الطائرات المصرية تصل إلى 150 طائرة بعكس ما أبلغتهم به قياداتهم عن وجود 40 طائرة فقط بالمطار، ليكون ذلك خير دليل على براعة الطيران المصري.

وفي تمام الساعة 3:52 التقطت الرادارات المصرية موجة إسرائيلية ثالثة مكونة من 60 مقاتلة فانتوم وسكاي هوك قادمة من ناحية البحر، فأقعلت على الفور 8 مقاتلات ميج-21 من قاعدة إنشاص الجوية " اللواء الجوي 102 ) للاشتباك، بخلاف وجود 20 مقاتلة كانت قد هبطت لإعادة التزود بالوقود والذخيرة ثم لحقت بها، فظن قائد الموجة الاسرائيلية الثالثة ان عدد المقاتلات المصرية قد زاد عما هو متوقع، حيث طاردت المقاتلات المصرية المقاتلات الإسرائيلية المنسحبة غرباً ودخلت معها في قتال متلاحم Dogfight فوق قرية دخميس التابعة لمركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، حتى انسحبت آخر مقاتلة إسرائيلية من المجال الجوي المصري بشكل نهائي في تمام الساعة 4:08 عصرا لتنتهي أطول معركة جوية في التاريخ.

وبلغت الخسائر الإسرائيلية في المعركة الجوية 17 مقاتلة وإجبار مقاتلة ثامنة عشر طراز فانتوم على الهبوط وتم أسر قائدها بواسطة أهالي المنصورة، وتسليمه للشرطة العسكرية، وفي المقابل فقدت القوات الجوية المصرية 6 مقاتلات، منها 3 سقطت بواسطة الطيران الإسرائيلي، و2 نفذ منهما الوقود قبل العودة للقاعدة، وطائرة كانت تطير بالقرب من مقاتلة إسرائيلية انفجرت فتسببت شظايا الانفجار في إصابتها، واستشهد طياران مصريان، في حين نجا الباقون عن طريق القفز بالمظلة، وبذلك يكون مجموع ما خسرته إسرائيل من مقاتلات في هذا اليوم 47 طائرة مُتضمنة مروحيتين وهو رقم قياسي بالنسبة لباقي أيام الحرب.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز