عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

ولاء جمال تكتب .. عندما أشعلت سيمون "الكبريت الأحمر"

ولاء جمال تكتب .. عندما أشعلت سيمون "الكبريت الأحمر"
ولاء جمال تكتب .. عندما أشعلت سيمون "الكبريت الأحمر"

كيف لسيمون أن تلبسنا رداء الدهشة والغموض وتحضر طوال أحداث مسلسل "الكبريت الأحمر" أو "الكارما" حتى وهي غائبة ومختفية عنا، بعد أن ظهرت فقط في الحلقة الأولى التي أبهرت الجميع فيها بأدائها البارع، وأرجعتنا سنين طويلة للوراء بلغة التعبير بالعيون فقط.



لم نر سيمون من قبل في دور جنية، لكنها جسدت الجنية المختلفة والعجيبة التي نراها أمام أعيننا أول مرة.

ولا شك أن هذه براعة مخرج المسلسل ومؤلفه عصام الشماع، الذي اختار سيمون بالذات وبالتحديد دون كل الفنانات.

بالتأكيد هو ذكاء منه ليرينا عبقرية أدائها في هذا الدور المختلف الذي لم يسبق لها أن قدمته. لقد أمتعنا عصام الشماع بذكاء عينه المختلفة التي تذهب إلى مناطق بعيدة عن السائد بأداء سيمون في شخصية عائشة قنديشة، الجنية التي تنفذ قانون الكارما في معتز، أحمد السعدني، وتخفية أربعين يومًا لا نعلم عنه شيئا.

لأول مرة أشعر برعب حقيقي لكنه ممتع مع شخصية عائشة قنديشة المغربية. والمدهش أيضا أن الأطفال خافوا من سيمون رغم أنها لم ترتد زيا غريبًا ولم تضع ماكياجًا مرعبًا، لكنها فقط بعينيها وأدائها نقلت إلى الأطفال شعورا بالرعب، إلى درجة أن أحدهم وعمره أربع سنوات ويتسم بالعناد الشديد ولا يخاف شيئا ارتجف رعبا منها، وظل يسير كالألف مع والدته التي لم يكن يطيع أوامرها من قبل، وبدأ يسمع الكلام ويذهب لتدريبه وحضانته هادئا دون تذمر خوفا من (عائشة قنديشة) بعد أن قالت له والدته: إنها صديقتي ويمكن اجعلها تأتي إلينا. والأكثر من ذلك ان الطفل سجل رسالة صوتية لسيمون يقول فيها "ماتجيش يا عيشة قنديشة أنا هاسمع كلام مامي"

المفارقة الغريبة أن سيمون هي ضيفة شرف فقط في مسلسل الكارما، ولكنها استطاعت أن تختطف بهذا الدور انتباه وعقول المشاهدين ويظل لها حضور طاغ طوال أحداث المسلسل.

سيمون اتخذت قرار الاختلاف منذ بدايتها، وعندها منهج وهي صاحبة طريق ومشوار طويل. تشعر أحيانا أنها تتكاسل أو تبخل على جمهورها بأعمالها وتختفي، لكنها في الحقيقة عندها التزام تجاه هذا الجمهور، وهذا الأبقى في تقديري وله تأثيره الأهم في الناس.

أشعر بالصدق والدأب في شغلها، تدقق فيه بذكاء، والدليل على ذلك اختيارها دور عائشة قنديشة. سيمون تعرف كيف تصيب الهدف دائمًا في اختيارتها.

لا أنسى أبدا دور أحمد السعدني الجميل، ولا ريهام حجاج أو عبد العزيز مخيون العبقري ودور داليا مصطفى الجريء وكل أبطال المسلسل، ولكنني هنا أتكلم عن فنانة هي فقط ضيفة شرف بعدد قليل من المشاهد في مسلسل طويل، ورغم ذلك تخطف الناس بهذه القوة. أولئك الأبطال الذين تحدثت عنهم فرصهم كثيرة في الظهور على الشاشة، ولهم "قماشة" عريضة يؤدون بها ويلعبون بشخصياتهم بكل أريحية، بينما سيمون تظهر قليلا وكأنها جنية فعلا، فتحدث كل هذا التأثير، وهذه عبقرية الأداء من فنانة تملك أدواتها الإبداعية وبثقافتها عندها عمق إدراك للشخصيات بشكل مختلف عن كثير من النجوم

أتوقف كثيرا عند موسيقى الساحر العبقري راجح داود الذي أطلق لسيمون العنان في عمل التترات وكذلك الفواصل الخمسة "الخلفيات" التي بدا كل منها مختلفا عن الآخر فجاءت حرية سيمون في الغناء بصوت ساحر، فموسيقى راجح داود أكثر موسيقى سينمائية أو تلفزيونية وجودها مزدحم بالتفاصيل الصغيرة والقضايا الكبيرة محملة بشحنات وجدانية ساحرة كأنها تنويم مغناطيسي يحيلنا إلى داخل القصة بكل كياننا.

وبكل تأكيد اعتبر أن البطل الحقيقي لهذا المسلسل هو المخرج والمؤلف عصام الشماع لأنه رجل شديد الثقافة وله أفكاره التي تحترم، وفي مسلسل الكارما يقدم فكرة ورسالة يريد ان يعلمها للناس، وهي فكرة الكارما، والتي تعني أن كل ما تفعله في حياتك من خير أو شر سوف تراه ويعود لك كما قدمته تماما، وكل ما يقوله عبد العزيز مخيون هو عن علم وثقافة حقيقية للشماع وليست طلاسم مبهمة، فهو لا يكتب في السيناريو شيئا اعتباطا، ولا يقدم الشماع مسلسلا لمجرد الإثارة والاستمتاع. وليس هذا عيبا بل على العكس، فالفن اذا كان للاستمتاع فقط فإن هذا هدف في حد ذاته، ولكن إضافة إلى ما يقدمه عصام الشماع من متعة دائما ما تكون هناك فكرة هي البطل بالنسبة له، وتحية لكل مخرج فنان يريد أن يرتقي بمجتمعه مثلما يفعل الشماع.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز