عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

من مصر الجديدة إلى الزمالك والهرم.. عودة «راب الشارع»

من مصر الجديدة إلى الزمالك والهرم.. عودة «راب الشارع»
من مصر الجديدة إلى الزمالك والهرم.. عودة «راب الشارع»

كتبت - منة حسام الدين



 

 

في أحد شوارع منطقة مصر الجديدة، وبينما يخيم السكون على المكان، ولا تقوى أضواء أعمدة الإنارة الخافتة على بسط نفوذها في أرجاء المكان، وقد بدأ الخريف يرسل نسائمه الهوائية الباردة ليلًا، وبالكاد يتبقى عدد قليل من المارة في الشارع، هناك على أحد الأرصفة، تجد مجموعات من الشباب يتجمعون في حلقات يحاولون كسر صمت الشارع والتعبير عن أنفسهم بإيقاعات وكلمات غريبة، تلخص مواقفهم مما يشغل بالهم من مشكلات.

حلقات دائرية شبابية على الأرصفة، بمجرد اختراقها للبحث عن ممنوعات أو عادات خاطئة إلا أنك لن تجد سوى فرد يتوسط المجموعة يغني كلماته التي كتبها بنفسه ويلتف حوله أصدقاؤه لإصدار إيقاعات لتكون أفواههم هي الآلات الموسيقية بطريقة بدائية.. اقتربنا منهم للتحدث مع مؤسس فريق «Toxic Clan» لغناء الراب على الأرصفة في الشارع.

ظل مهاب مجدي الطالب بكلية التجارة يستمتع بسماع أغاني الراب لأكثر من 6 سنوات وبعد إلمامه بقواعد الفن الجديد وتقنيات أدائه، راح يفكر في ممارسة هذا النمط من الغناء بطريقة احترافية، وبالفعل بدأ منذ عام كتابة الكلمات والغناء.

كان حُبه لمدرسة Old School في الراب هو سبب من أسباب غناء الراب، ولم يمنعه سنه الصغير من حضور واستماع لحلقات الراب في الشارع منذ 4 أعوام، لكنه واجه مشكلة في 2015 تمثلت في أن الأجواء الأمنية التي شهدتها البلاد حالت دون استمرار الراب  في الشارع، أخذ الشاب الجامعي يستعد وأصدقاؤه لتكوين فريق للراب والغناء في الشارع.

في يوليو الماضي كانت نقطة البداية، تجمع مهاب وثلاثة من أصدقائه يكونون فريق «Toxic Clan» لتنظيم حلقات الراب في الشارع، وبالفعل تمكنوا من إقامة حلقاتهم مرة كل شهر لتجمع محبي الراب ومستمعيه للغناء والمنافسه في الشارع، تدريجيًا بدأت الحلقات تنتشر في شوارع بعض مناطق القاهرة مرة أخرى مثل مصر الجديدة والزمالك والمهندسين، وراح بعض منافسي فريق مهاب ينظمون حلقات أخرى في منطقة الهرم.

تتفاوت أعداد محبي راب الشارع من منطقة لأخرى، ففي الحلقة الأخيرة لفريق مهاب بمصر الجديدة تجمع قرابة 70 فردًا، لتتكون في المرة الواحدة أكثر من حلقة في التجمع الواحد.

فريق مهاب من المغنين أحلامهم متباينة، بعضهم يتعامل مع الراب كهواية يقضي بها وقت فراغه سواء في الكتابة أو في الغناء، والبعض الآخر يرى أنه موهوب ويريد استغلالها لتكون مصدر دخل له، والبعض الثالث يعتبرها الفرصة الذهبية ليكون مشهورًا مستقبلًا.

أوضح مهاب أن راب الأولد سكول اختفى من ساحة الراب، واتجه مغنو الراب حاليًا للغناء بمدارس حديثة مثل التراب والمامبل راب، وأن أصل الراب في الشارع هو الأولد السكول «بنحاول نحيي راب الأولد سكول عشان ده أصل الراب، والراب أصله في الشارع، الزنوج في أمريكا لما كانوا بيحبوا يوصلوا وجهة نظرهم في أي قضية كانوا بيغنوا راب سوا ونشأ فن الهيب هوب ولما ابتدوا يغنوا مكنش معاهم مايك واحد كان بيراب وواحد بيعمل بيت بوكس، وكانت دي طريقتهم الوحيدة إلى بيعبروا بها عن اللي جواهم، الراب ظهر سنة 2000 في مصر وابتدا ينتشر، لكن حاليًا محبي الراب قليلة تكاد تكون معدومة».

يفتقر راب الشارع لوجود بنات تؤدي فن الراب، لعدم انتشار ثقافة راب في الشارع للفتيات في مصر بالإضافة لقلة عدد مغنيات الراب في الشرق الأوسط نظرًا لكونه فنًا فنائيًا صريحًا، ويتمنى مهاب أن يتمكن من خلال حلقات الراب في الشارع  من نشر ثقافة موسيقى الهيب هوب، لضم معجبين بفن الراب، أيضًا عمل حفلات لأغنياتهم كان واحدًا من أحلامه.

فكر يوسف مجدي الشهير بـ«كيتو»، صاحب الـ18 عامًا في كسر الصورة النمطية المرسومة عن مغني الراب، فقرر أن يظهر في الحلقات مرتديًا ملابس عادية بدون وضع قبعة على شعره.

بدأ يوسف الكتابة والغناء في منزله داخل غرفته بسن العاشرة فهو من محبي الراب من صغره، بدأ بالنزول لحضور راب في الشارع منذ أربع سنوات ليحارب المخاوف ويتصدى للرهبة التي دائمًا ما تواجهه للغناء في الشارع والثقة بكلماته.

فوجئ يوسف بوجود مستمعين يهتمون بما يغني تتراوح أعمارهم بين 12 – 15 عامًا «بلاقي ولاد صغيرين واقفين، وبقينا نشجعهم ونعلمهم يرابو، احنا ملحقناش الراب واحنا صغيرين واتعلمنا ووقفنا في سيركل لما كبرنا».

يجري الاتفاق على المواعيد والأماكن للسيركل عبر التواصل عن طريق فيسبوك، إذ يتم نشر ميعاد الحلقة ويتجمع أكبر عدد من الرابرز، ويوضح يوسف أن سيركل «حلقات» الراب في الشارع تتيح للكل الغناء، فكل فرد يبدأ بالغناء يتوسط الحلقة بجانبه شخص «بيت بوكس» ويبدأ بالغناء 16 بار أي «سطر» ليتيح للجميع المشاركة، وتستمر حلقات الراب أكثر من 4 ساعات.

الشارع هو المتنفس الوحيد لهم للتعبير عن أنفسهم، لذلك جميع الموضوعات تتحدث عن الشارع والمشاكل التي يخوضها كشباب مثل «الصداقة، والبحث عن العمل، قلة الفلوس، وعدم قدرتهم على تحقيق أمنياتهم».

بعد 4 أشهر من نجاح فريق المنظمين، زاد عدد المشاركين في Toxic Clan ليصبح 8 أفراد حتى الآن، ويشير يوسف إلى أن أهاليهم لا يعارضون ممارستهم للراب في الشارع ولكن حين يكون الاهتمام بالراب على حساب دراستهم يكون العقاب هو الابتعاد عن الراب.

تمنى يوسف أن يظل الراب هو هوايته وألا يبتعد عنه مهما شغلته دراسته أو مجال عمله، فهو المتنفس الوحيد له، أيضًا «الراب من مصر الجديدة، الناس فاكرة إن مصر الجديدة مفيهاش راب، وأن الراب بيخرج من الأحياء الشعبية بس، بس إحنا عايزين نسيب بصمة في مصر الجديدة إن هنا في مكان للراب».

بدأ سيف أو «تايجر» كما يلقبه أصدقاؤه سماع الراب منذ صغره، وبدأ بحضور «سيركلز» راب في الشارع في 2016 لكن بشكل غير منتظم، وفي يوليو الماضي بدأ النزول بشكل منتظم «الراب متعة بالنسبة لى هو والمزيكا، لا أهدف منه لتحقيق الشهرة أو الدخل المادي، وإن كنت أرى أنه مستقبلًا ربما تكون مهنتي بعد دراستي للإنتاج، أنا الآن أمارسه كوسيلة للتعبير عن نفسي وإخراج ما أشعر به، لذلك فبدايتي كانت مجرد كلمات وراب حزين أكتبه حين أشعر بالحزن.

لم يخصص سيف وقتًا محددًا لكتابة كلماته بل حين يخطر بباله كلمات، كان يكتبها، ثم أصبح تسجيل مقاطع صوتية وعرضها على فيسبوك هو وسيلته لنشر كلماته ورابه، ويرى أن عدم وجود رابرز في مصر بسبب عدم وجود تسويق جيد للراب حاليًا، وأحد أحلامه يتمثل في إقامة حفل له ولفريقه في الجريك كامبس أو ساقية الصاوي.

كانت مهمة سيف الديب، صاحب 19 عامًا تتلخص في تصوير الفريق، إلا أنه بدأ بغناء الراب مع أصدقائه منذ 3 أشهر، ولكن إعجابه بالراب يلازمه من عمر صغير.. حُبه للشعر والشارع جعله رابر بالفطرة «الشعر فيه حاجات تقيلة أوي إننا نفهمها أنا شايف أن الراب ده هو الشعر بتاع الشارع»

يرى سيف أن الراب هو الوسيلة الأفضل للتعبير عن حالة معينة أو مشكلة بعينها، وهو يرى أيضًا أن أبرز المشكلات التي واجهتهم في السابق تمثلت في الرفض الأمني لإقامة حلقات الغناء في الشارع، بالإضافة إلى المشكلات المادية «احنا اللي بنصرف أحيانًا عشان نسجل أو عشان ننتج ونصور كليب عن الراب في الشارع»، لم يصارح سيف أهله بشأن غناء الراب في الشارع، لكنهم على علم أنه مصور لحلقات الراب في الشارع.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز