عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هيثم أحمد زكى.. دراما «من فصل واحد»!

هيثم أحمد زكى.. دراما «من فصل واحد»!
هيثم أحمد زكى.. دراما «من فصل واحد»!

كتبت - هبة محمد على

كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف من فجر يوم الخميس الماضى، عندما تواترت أنباء عن وفاة الفنان الشاب «هيثم أحمد زكى»، لكنها ظلت لدقائق أنباء غير موثوقة المصدر، ولا سيما عندما طالب الفنان «إيهاب فهمى» عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية الجميع بالتريث لحين التأكد من الخبر، فأعاد بمطالبته تلك الأمل للقلوب مرة أخرى، فلعلها مجرد شائعة أطلقها موتور، أو مقلب سخيف صنعته بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعى اللاهثة خلف (اللايك والشير) لكن سرعان ما تلاشى الأمل، وتأكد الخبر، مات «هيثم» وحيدًا فى منزله، ظل ملقيًا على الأرض لساعات لا أحد يعرف عددها، وواجهه الموت بطريقة لا أحد يعرف كيفيتها، لكن الثابت أنه قضى لحظاته الأخيرة فى الدنيا وحيدًا، كما عاشها وحيدًا، وأن وفاته التى انتهى بها نسل عائلة أراد الله لها قصر العمر تشبه كثيرًا كلمة (فركش) التى يصيح بها المخرجون بعد انتهاء أى فيلم سينمائى، لكنه هذه المرة فيلم يحمل جرعة ميلودراما ومأساة تفوق التحمل.



إرث الوحدة

الشجن والحزن اللذان أثارهما خبر رحيل «هيثم» لا يتعلقان فقط بكونه رحل صغير السن، أو أنه من (ريحة الحبايب) الذين اشتركوا جميعًا فى نهاياتهم المأساوية،  لكن سببه شعور الجمهور بأن (الحرمان) هو العنوان العريض للحياة القصيرة التى عاشها هذا الشاب، فهو لم يمنح شيء إلا وحرم منه سريعًا جدًا، بداية من انفصال والديه الذى تم بينما لم يكن يتجاوز العامين، مرورًا بحرمانه من والدته لفترات طويلة فى سن الخامسة حيث داهمها المرض اللعين بشراسة، مما اضطرها أن تقضى أوقاتًا طويلة فى الفحوصات والعلاج داخل مصر وخارجها، حتى رحيلها عنه تمامًا فى سن التاسعة، احتمى هيثم وقتها فى حضن جدته لأمه، حيث كان انشغال الأب بالفن سببًا فى أن يحرم الصغير من والده وهو لا يزال على قيد الحياة، الأمر الذى وصفه «هيثم» فى أحد لقاءاته بالوحدة التى ورثها عن والده، فالأب عاش وحيدًا طيلة حياته لأن تقمصه للشخصيات يفرض عليه أن ينفصل عن أى شىء قد يعيده لشخصيته الحقيقية بمن فى ذلك ابنه الوحيد، بينما عاش الابن وحيدًا، حتى منحه القدر شهادة اليتم رسميًا فى سن العشرين، عندما رحل (الإمبراطور) بينما كان (البلياتشو) لم يكد يقف على المسرح، يفتح ذراعيه للدنيا ليأخذها بالأحضان فتنهال عليه بالصفعات الواحدة تلو الأخرى، أو كما لخصها له «مدحت صالح» فى الفيلم الذى يحمل نفس الاسم (الزمن وعده قام صدق هتشه).

 

 

 

لعنة الموهبة

الاختبارات القاسية لـ«هيثم» لم تنته برحيل الأحبة، وطوال أربعة عشر عامًا من العمل فى الفن واجه كثيرًا من التحديات والإحباطات، أثرت بالطبع على عدد الأعمال التى قدمها فى السينما والتليفزيون منذ بداياته والتى تعد قليلة جداً بالنسبة لشخص واجه الجمهور لأول مرة كنجم أول فى عمل سينمائى ضخم إنتاجيًا يحكى قصة «عبدالحليم حافظ» المطرب الذى عشقه العالم العربى بأسره، ما سبق قد يبدو للجميع على أنه بداية تحمل كل مقومات النجاح، لكن الحقيقة أنها كانت لعنة بدأ معها سيل من الاتهامات بالواسطة والتقليد لا شك أنها أثقلت كاهله، وجعلته يعتذر عن الشبه الفطرى واللاإرادى فى الحركات والتصرفات بينه وبين أبيه، بل أبعدته عامين عن التمثيل، حتى شجعه من آمن بموهبته، فكان فيلم (البلياتشو) الذى كتب به شهادة ميلاد نجوميته الحقيقية، الغريب أن الوحدة لم تكن هى الشىء الوحيد الذى رافق «هيثم» طوال حياته، بل الحزن أيضًا أبى أن يذيقه طعم أى نجاح، ففى (حليم) كان فراق والده، وعدم قدرته على مشاهدة ما تنبأ به سببًا كبيرًا بألا يجعله يفرح، حيث كان «أحمد زكى» يتنبأ له بالنجومية، ويراه ممثلًا بارعًا، وكان يقول لأصدقائه (الوحيد اللى هيكون أحسن منى هو هيثم) وفى أثناء تصوير فيلم (البلياتشو) توفيت جدته التى ربته، فقضى نبأ رحيلها على فرحته بالبطولة والنجاح.

 

أحلام لم تكتمل

الغريب أن مصير «هيثم» رغم موهبته الواضحة يختلف عن مصير غيره من أبناء الفنانين، ولا سيما من دخلوا المجال الفنى فى حياة أهلهم، وفى كنف رعايتهم، وبينما كان المطلوب من «هيثم» أن يثبت دومًا أنه يستحق ما وصل إليه، وأن اسم «أحمد زكى» ليس له فضل فى ذلك، كان غيره يخطو خطوات أسرع أو بالأحرى (قفزات) على اعتبار أن (ابن الوز عوام) ومع ذلك اجتهد كثيرًا ليثبت أنه يجيد العوم أيضًا مثل غيره، حتى أدى دور (عاكف الجبلاوى) فى مسلسل (كلبش2) رمضان قبل الماضى، فأخرس بموهبته، وبإصراره على النجاح كل الألسنة، وبدأ الجميع يتعامل معه على أنه «هيثم» الفنان، وليس «هيثم» ابن الفنان، حتى هو نفسه، استطاع بعد (كلبش 2) أن يتخلص من تلك العقدة، فأعلنها صريحة أنه يفكر فى تقديم جزء ثان من فيلم (كابوريا) لن يلعب فيه نفس دور والده الراحل، مستشهدًا فى ذلك بسلسلة أفلام (روكى) الأمريكية التى بدأ عرضها منتصف السبعينيات بينما ينوى «سيلفستر ستالون» تقديم جزء جديد منها، وظنى أنه لم يكن ليجرؤ قبل نجاحه مؤخرًا فى الدراما وإثبات موهبته أن يعلن عن رغبته تلك، حتى لا يعود مرة أخرى لما اتهم به سابقًا، لكن لم يمهله القدر ليخطط، أو يفرح بنجاحه، وكما كان آخر ظهور له فى رمضان الماضى فى مسلسل حمل اسم (علامة استفهام) فإن رحيله المفاجئ فى ريعان شبابه، وانتهاء مسيرته الفنية فى أولى محطاتها، وتأخر صلاة جنازته بسبب عدم تواجد أحد من أهله فى المستشفى لاستلام جثمانه  يشكل علامة استفهام كبيرة حيث اشترطت المستشفى أن يتسلم جثمانه أحد أقاربه من الدرجة الأولى وهو ما كان مستحيلا بسبب عدم وجود أى منهم على قيد الحياة، مادفع أشرف ذكى لاستلام جثمانه باعتباره نقيب المهن التمثيلية، هكذا كان رحيل هيثم ذكى دليلاً جديدًا على حقارة الدنيا التى من الممكن أن تقسو على شخص حتى لا يجد مفرًا من قسوتها سوى أن يموت.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز