عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

بعد أن اعتذر عنها ماجد الكدوانى ورفضتها سوسن بدر: «هولاكو» تطيح بـ«شاكر» من المسرح القومى

بعد أن اعتذر عنها ماجد الكدوانى ورفضتها سوسن بدر: «هولاكو» تطيح بـ«شاكر» من المسرح القومى
بعد أن اعتذر عنها ماجد الكدوانى ورفضتها سوسن بدر: «هولاكو» تطيح بـ«شاكر» من المسرح القومى

كتبت - هبة محمد على

ربما لم يلتفت كثير من القراء إلى خبر انتقال الفنان أحمد شاكر عبداللطيف من وظيفته كمدير للمسرح القومى ليصبح مديرًا للمسرح الحديث على اعتبار أنه جاء فى إطار حركة تنقلات جديدة اعتمدها البيت الفنى للمسرح بين مديرى مسارح الدولة، وهو الخبر الذى تداولته المواقع الإخبارية ليلة الأربعاء الماضى، لكنه لا يمكن أن يمر مرور الكرام على أى متابع جيد للحركة المسرحية، خاصة بعد ما تحقق من إنجازات على أرض الواقع فى المسرح القومى خلال الشهور العشرة الماضية، وهى الفترة التى تولى خلالها شاكر مسئولية المسرح، ولعل النجاح الكبير الذى حققه عرض (المتفائل) هو خير دليل على ذلك.



لافتة كامل العدد التى رفعها شباك تذاكر القومى على مدى شهور مضت ليست الشاهد الوحيد على النجاح الذى شهد به أيضًا عدد كبير من الفنانين الذين زاروا المسرح خلال الفترة الماضية، وعلى رأسهم سيدة المسرح العربى سميحة أيوب التى وصفت تولى الفنان الشاب إدارة القومى بعودة الروح مجددًا للمكان بعد أن ظننا أنها فارقته بلا رجعة، بالإضافة إلى زيارات من سفراء ورجال دول، أشادوا جميعا بما يقدم على خشبة المسرح وعلى رأسهم سفيرا النرويج، وفرنسا -نص المتفائل مأخوذ من عن رواية كانديد للكاتب الفرنسى فولتير- حيث تم توفير ترجمة فورية لهما ليستمتعا بالعرض، فكان رأيهما أن ما يقدم هنا فى (العتبة) لا يقل أبدًا عن ما يقدم على مسارح بلدهما.

لا يقتصر الأمر على الإشادات وكلمات الإطراء، فهناك خطط ومشاريع أعلن عنها أحمد شاكر عبداللطيف فى إطار الاحتفال بمرور 100 عام على إنشاء المسرح القومى العام القادم ستذهب جميعها أدراج الرياح، الغريب أن يكون أحد تلك المشروعات المرتقبة  السبب فى الإطاحة بمديرالمسرح القومى من منصبه وتحديدًا مسرحية (هولاكو) المنتظر عرضها خلال الشهور القادمة، من تأليف الشاعر الكبير فاروق جويدة، وإخراج عملاق المسرح جلال الشرقاوى، وفى السطور التالية نستعرض بالمستندات الأسباب الخفية والملابسات التى كانت سببًا رئيسيا فى اتخاذ قرار نقل أحمد شاكر عبداللطيف والذى يحمل طعم الإقالة.

اعتذارات عن بطولة المسرحية

تعود حكاية نص «هولاكو» إلى 12 عاما مضت حين كتبت المسرحية فى ظرف سياسى مختلف، ولم تر النور وقتها، لكن عاد الحديث عنها مجددًا منذ أشهر لتكون هى العمل التالى على خشبة القومى، وبدأ العمل على ترشيح الأبطال، لكن الغريب أن أكثر من 20 فنانًا رفضوا رفضا قاطعا تقديم العرض، بعضهم خاطب وزيرة الثقافة بنفسه مثل الفنانة سوسن بدر التى قالت إن تقديم مثل هذا العمل على مسرح الدولة يشكل خطرًا على العلاقات المصرية- العربية، أما الفنان ماجد الكدوانى فقد أرسل رفضا مسببا حصلنا على نسخة منه يقول فيه إنه لا يستطيع تجسيد الدور الذى عرض عليه فى المسرحية لأنه يحترم جمهوره وبالتالى ينتقى ما يصلح تقديمه للمجتمع، ولعل هذه الاعتذارات سببها الهجوم الشديد والمباشر على القادة والحكام العرب من خلال نص المسرحية التى حتما سيسىءعرضها للعلاقات بين مصر وتلك الدول.

التقليل من الحكام العرب

حصلت روز اليوسف على نص المسرحية التى ترتدى ثوبًا تاريخيًا خالصًا كما يوحى الاسم لكنها تقدم إسقاطات مباشرة على واقعنا المعاصر والتى تتجاوز فى بعض المشاهد حد التلميح إلى التصريح بتحقير الحاكم العربى على مدار التاريخ، وإذا كانت التيمة الأساسية للعمل هى سقوط بغداد فى يد التتار، الذى يرجعه النص إلى أن الحكام العرب حينها كانوا مستسلمين وخونة ومنبطحين، فإن الغزو العراقى للكويت وما تلاه من أحداث حاضر بقوة فى النص المسرحى، ويرجعه الكاتب إلى نفس السبب، كما يتناول النص الحديث عن مناطق بعينها بشكل يضير بالقرارات السياسية التى اتخذتها الدولة فى وقت سابق، وهناك مشاهد عديدة فى النص أيضا تحمل تحقيرا للحكام العرب، وتتهمهم باللهث خلف شهواتهم، والاستقواء بأمريكا من أجل قمع شعوبهم.

فى مشهد تدور أحداثه داخل جامعة الدول العربية يجتمع حكام العرب، يخاطبون فيه بعضهم بعضا بقول (يا طويل العمر) فيأتى على لسان أحدهم (البيت الأبيض يحمينى.. أعطيهم مالا يعطونى الأمن.. والله ما نمت يوما آمنا من غدر شعبى.. أنا لا أنام إلا بجيش الأصدقاء الأمريكان.. يحمون عرشى يحمون كرشى.. يحمون سلالتى).

ويقول آخر (فى الأيام الصعبة أرفه عن نفسى قليلا ببعض الخمر وبعض النساء والغلمان)

لجنة القراءة بالمسرح القومى ترفض النص!

يرأس لجنة القراءة والنصوص بالمسرح القومى الكاتب الكبير أيمن سلامة، وتضم اللجنة فى عضويتها الناقد والباحث الفنى أمين جمال، وقد حصلنا على نسخة من التقارير الصادرة عن اللجنة والتى أجمعت على استحالة تقديم النص المسرحى بشكله الحالى، حيث قال الكاتب أيمن سلامة فى تقريره (إن المسرحية مليئة بالألغام الفكرية التى قد تتسبب فى أزمات دبلوماسية مع الأشقاء العرب فى ظل ظرف تاريخى بالغ الخطورة، والرأى أن يتم حذف كل المشاهد المباشرة وأن تعود المسرحية إلى إطارها التاريخى فقط ويترك للمشاهد فهم الإسقاط الذى يريده الكاتب، وهذا يحتاج إلى إعادة كتابة المسرحية من جديد لاستحالة حذف الحوارات الشعرية التى تتداخل فيها الأزمنة).

أما الناقد الفنى أمين جمال فقد فند أسباب رفض تقديم النص بشكله الحالى على خشبة المسرح فى تقرير حصلنا على نسخة منه أيضا، واختتم التقرير بقوله (وسط الأزمات التى تمر بها مصر حاليا وجهودها للتكاتف مع الدول العربية فإن عرضه فى التوقيت الحالى قد يعوق تلك الجهود وفى رأينا فإن النص بإعداده الحالى لا يستطيع مسرح الدولة تقديمه على خشبته)

الرقابة تمنح الترخيص بتحفظات!

من المعروف أنه لا يمكن تقديم أى نص مسرحى دون الحصول على ترخيص الرقابة، وفى حالة النص المسرحى (هولاكو) فقد استغرق العمل على إصدار تقرير الرقابة 73 يوما، وهو وقت طويل نسبيا بالنسبة لأى نص مسرحى آخر، وبعد كثير من المباحثات، والأخذ والرد، والوعود الشفهية من قبل صناع العمل أصدرت الرقابة تقريرها بترخيص النص مضافا إليه صفحة إضافية –حصلنا على نسخة منه- ذكر فيها أنه لا بد ألا يحتوى العرض ولا أي من مفرداته من ديكور وملابس وغيرها على أى إسقاط سياسى له علاقة بالواقع لا من قريب ولا من بعيد، ولم يذكر تقرير الرقابة كيف يتم ذلك والمسرحية كلها تصريحات مباشرة تنطبق على الوضع الحالى.

بداية الصدام

السؤال هنا ما هو سر الإصرار على تقديم هذا النص المسرحى إذا كان الأصل فى الأشياء هو (دع ما يريبك ما لا يريبك) وهل من المنطقى أن يتم إنفاق ميزانية ضخمة تصل إلى مليون و600 ألف جنيه على هذا العرض سيتم وقفه بعد ليلة عرض أو ليلتين، ولعل هذه الأسئلة هى التى دفعت أحمد شاكر عبداللطيف إلى إرسال خطابات متعددة – حصلنا على نسخة منها - لوزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم، ولرئيس البيت الفنى للمسرح الفنان إسماعيل مختار، تشير جميعها إلى خطورة تقديم المسرحية على خشبة القومى لكن بلا رد.

كل ما سبق من وقائع ومستندات نمتلكها جعلت من الربط بينها وبين قرار النقل أمرًا بديهيا، خاصة بعد إعلان أحمد شاكر عبداللطيف للمقربين له تقديم استقالته من منصبه، وعدم رغبته فى تنفيذ قرار النقل، ما دفعنا إلى سؤاله عن ذلك، فقال، نعم مسرحية هولاكو هى من أنهت علاقتى بالمسرح القومى أمام إصرار المسئولين على تقديمها، وإصرارى على عدم فعل ذلك من أجل مصلحة مصر.

وتابع شاكر: كنت قد تقدمت لرئيس البيت الفنى للمسرح بخطاب وأخطرته رسميًا بفك الارتباط بمسرحية «هولاكو» على المسرح القومى. مستندًا إلى رأى تقارير لجنة النصوص بالمسرح القومى والباحثين الفنيين ووجهة نظرى التى أرسلتها لوزيرة الثقافة بتاريخ ٩/٢ ، حيث رأى المسرح القومى أن الوقت الحالى فى مصر والمنطقة العربيه قد لا يكون ملائمًا لتقديم هذه المسرحية وليس من مصلحة المسرح تقديمها حاليًا.

عَزَّزَ تلك الرؤية وأكدها التحفظات والمحاذير الإضافية التى وردت فى تقرير تجديد ترخيص الرقابة بعد انتظار ثلاثة وسبعين يومًا لهذا الترخيص.. واستنادًا إلى صلاحياتى قمت بفك الارتباط بمسرحية «هولاكو»، وطلبت مد مسرحية «المتفائل» التى لاتزال تحقق نجاحات أدبية وفنية ومادية كبيرة. وقمت بإرسال ثلاثة خطابات رسمية أطالب فيها بالمد مستندًا إلى اتفاق تم بين الفنان سامح حسين وبين د. محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، بطلب شراء حفلات لطلاب الجامعة لمسرحية «المتفائل»، وفى ذلك إدخال أموال مباشرة لخزينة الدولة.

 وأضاف رئيس المسرح القومى السابق : استندت أيضًا إلى تعاون ورغبة فريق عمل المسرحية الشديدة فى الاستمرار، وفوجئت أنا والعاملون بالمسرح وفريق عمل المسرحية بعدم اعتماد المد من قِبَل رئيس البيت الفنى. وبدا واضحًا لى أن هناك إصرارًا شديدًا لدى السُّلطة المختصة على تقديم مسرحية «هولاكو» رُغم فكى للارتباط بها.فدفعنى هذا كله إلى إرسال خطاب للسيدة وزيرة الثقافة بتاريخ ١١/١١ مبينًا فيه تلك الملابسات التى دفعتنى فى نهاية هذا الخطاب إلى طلب إعفائى من إدارة المسرح القومى، فإذا لم يكن من حق مدير عام المسرح القومى اختيار أو رفض ما يُقدَّم على خشبة المسرح الذى هو مسئول عنه مسئولية كاملة أو إذا لم يكن من حقه مد عرض المسرحيات الناجحة نجاحًا كبيرًا ومشهودًا، فماذا يتبقى له إذن من صلاحيات؟!

وأتم شاكر: من الغريب جدًا أننى فوجئت فى اليوم التالى بقرار بالتبديل بينى وبين مدير المسرح الحديث صادر من رئيس قطاع الإنتاج الثقافى، وليس من مكتب الوزيرة دون أى أسباب واضحة ودون أخذ رأيى فى ذلك التبديل غير المبرر، ما أكد لى أن هذا القرار المتعسف كان بسبب إصرار رئيس قطاع الإنتاج الثقافى على إزاحتى وتقديم العرض الذى فككت الارتباط به «هولاكو».. وعليه فقد تمسكت باستقالتى من إدارة المسرح القومى ورفضت إدارة المسرح الحديث بالتبعية.سعيدًا وقانعًا بما تحقق من نجاح كبير يشهد به النقاد والجمهور والقامات المسرحية والثقافية والسياسية والدبلوماسية على مدار فترة إدارتى فى الأشهر العشرة الماضية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز