عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

اقتصادنا على الطريق الصحيح

اقتصادنا على الطريق الصحيح
اقتصادنا على الطريق الصحيح

كتب: رضا خليل



رغم أهمية زيادة الاستثمارات، وتوفير فرص العمل ورفع معدلات النمو وغيرها من المؤشرات والأرقام الكثيرة التى تسوقها جميع حكومات العالم لتدلل على نجاحاتها وإنجازاتها الاقتصادية، فإن انخفاض معدل التضخم وزيادة القوة الشرائية للجنيه المصرى، يبقى هو العامل الحاسم والمؤشر الواضح على أن الاقتصاد المصرى يسير على الطريق الصحيح.

لذلك يعد ما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرًا عن تراجع معدل التضخم على أساس سنوى خلال شهر أكتوبر الماضى، إلى أدنى مستوى فى 9 أعوام، مسجلا 2.4 %، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018، حيث سجل حينها 17.5 %، أحد أهم الإنجازات الملموسة على مستوى الملف الاقتصادى بالكامل.

تراجعات متتالية

وينخفض التضخم خلال الأشهر الأخيرة بمعدلات تفوق توقعات المحللين، ومؤسسات التمويل الدولية وكان معدل التضخم السنوى العام انخفض إلى 4.3 % فى سبتمبر الماضى وهو أدنى مستوياته خلال ما يقرب من 7 سنوات، وذلك مقابل نحو 15.4 % خلال سبتمبر من العام 2018.

وخفض صندوق النقد الدولى قبل ثلاثة أسابيع توقعاته لمعدلات التضخم فى مصر خلال العام المالى 2019 / 2020 من مستوى 10.7 % إلى نحو 9.6 %.، وهو ما يؤكد على أن واضعى السياسة النقدية لم يلتزموا بتعليمات الصندوق بالنسبة لمعدلات التضخم.

ونتيجة لهذه السياسة يتوقع الصندوق فى تقرير المراجعة الخامسة للاقتصاد المصرى، أن يتراجع معدل التضخم ليصل إلى 7.4 % و7 % لعامى 2020 / 2021 و2021 / 2022.، وبهذا يكون معدل التضخم قد أصبح قريبا بعض الشىء من المستويات التى تتمتع بها أسواق الدول المتقدمة، حيث لايتخطى معدل التضخم فى معظم هذه الدول حاجز الـ3 %.

القوة الشرائية

تعد زيادة القوة الشرائية للجنيه المصرى أهم العوامل التى تؤدى إلى انخفاض معدل التضخم، وهو ما يعنى أن هناك انخفاضًا يحدث فى أسعار السلع، وسجل الجنيه المصرى ارتفاعات متتالية، أمام العملات الأجنبية، ليسجل الدولار نحو 16.13 جنيه فى الوقت الراهن، بعدما كان سعره يتخطى حاجز الـ18 جنيها بعد قرار التعويم فى عام 2016.

وكشف الجهاز المركزى للإحصاء، أن قسم الطعام والشراب سجل هبوطا، على أساس سنوى، بنسبة 17.2 %، بسبب تراجع أسعار الطماطم والبطاطس واللحوم والدواجن، فيما ارتفعت الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 6.6 % والألبان والبيض والجبن بنسبة 2.5 %..

ومن المتوقع أن تواصل القوة الشرائية للجنيه فى الارتفاع خلال الفترة المقبلة، وهذا ما تدلل عليه السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى، حيث إنه أعلن منذ شهور أنه يستهدف الوصول بمعدل التضخم السنوى إلى 9 % بزيادة أو انخفاض 3 % فى المتوسط.

زيادة النمو

تستهدف الحكومة فى موازنة العام الحالى تحقيق معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى بنسبة 6 %، وخفض العجز الكلى إلى 7.2 % من الناتج المحلى الإجمالى، وذلك فى مقابل معدل نمو بلغ نحو5.6 % العام الماضى، ويعتبر زيادة النمو من أهم العوامل التى تؤدى إلى انخفاض التضخم.

لذلك من المنتظر أن تستمر معدلات التضخم فى الانخفاض خلال العامين القادمين، فى ظل نجاح السياسات الاقتصادية فى تحقيق معدل نمو، يأتى ضمن أهم معدلات النمو على مستوى الاقتصاد ات العالمية.

وأعلنت وزارة المالية الاثنين الماضى، أنها تستهدف الوصول بمعدل النمو إلى 6.4 % فى موازنة العام المالى المقبل 2020-2021، بالتوازى مع خفض العجز الكلى إلى 6.2 %، كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى.

يمثل انخفاض معدل التضخم، كثيرًا من المكاسب الاقتصادية للسوق، نظرًا لأنه يدفع البنك المركزى لخفض سعر الفائدة، والتى بدورها سيكون لها تأثير كبير على زيادة الاستثمارات وانتعاش البورصة، والأهم من ذلك خفض معدلات الدين الحكومى، والذى كان قد بلغ مستويات قياسية خلال الأعوام الثلاثة الماضية نتيجة ارتفاع معدل الفائدة على أذون الخزانة والسندات الحكومية.

زيادة الاستثمارات

لا شك أن خفض سعر الفائدة يؤثر تلقائيًا على قرار الاستثمار، ومع سياسة خفض سعر الفائدة من جانب المركزى من المنتظر أن يشجع ذلك القطاع الخاص والعام على الاقتراض من البنوك والتوسع فى إقامة المشروعات.

ووفقًا لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فإن صندوق مصر السيادى يهدف إلى عقد شراكات جديدة مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى شراكات مع الصناديق الدولية السيادية، وكذا المستثمرين المحليين والأجانب، وهو ما تحقق بعضه من خلال اتفاق الشراكة الذى وقعته مصر مع دولة الإمارات العربية خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى هناك والذى ينص على استثمار 20 مليار دولار فى مشروعات مشتركة بين الجانبين.

ويمثل هذا الصندوق الذى يبلغ رأس ماله 200 مليار جنيه، وتسعى الحكومة لجعله تريليون جنيه، آلية جديدة لجذب الاستثمارات الخاصة الأجنبية والمحلية.

انتعاش البورصة

ومن أهم المكاسب التى من المنتظر تحقيقها خلال الفترة المقبلة نتيجة لانخفاض معدل التضخم، هو انتعاش البورصة، حيث إن انخفاض سعر الفائدة يؤدى مباشرة إلى زيادة الاستثمار فى سوق الأوراق المالية، وتمر البورصة المصرية منذ أكثر من عام ونصف بموجة تراجعات حادة أدت إلى خسارة رأس المال السوقى أكثر من 250 مليار جنيه على مدار العامين الأخيرين، فبعدما تخطى رأس مال المال السوقى حاجز التريليون جنيه، فى بداية 2018، فيما تراجع ليصل الآن إلى نحو 730 مليار جنيه.

ومن المتوقع أن تنتعش سوق الأوراق المالية خلال الفترة المقبلة بمجرد طرح أسهم بعض شركات القوات المسلحة فى البورصة، وهو ما أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا.

وأجمع المحللون بالسوق على أن هذه الخطوة من المنتظر أن تحقق العديد من المكاسب، أهمها ضبط السوق وزيادة رأس مال البورصة وتأكيد أن شركات الدولة تعمل بمبدأ الشفافية والحوكمة، بالإضافة إلى أهم المكاسب التى تتمثل فى دخول شرائح جديدة للسوق من المواطنين بعدما أدت ممارسات رجال الأعمال إلى انغلاق السوق على نخبة اقتصادية معينة.

خفض العجز

ويرتبط خفض العجز الكلى فى الموازنة المصرية أيضًا بمعدل التضخم، حيث إن هذا العجز يرتبط بسعر الفائدة التى تقترض بها الحكومة لسد عجز الموازنة، ومن المنتظر أن ينخفض سعر الفائدة بنسب متتالية خلال الشهور القادمة.

وهو ما يعنى أن الحكومة سوف تقترض بسعر فائدة منخفض، وهو ما يمكنها فى نهاية المطاف من خفض العجز الكلى فى الموازنة، ومن ثم خفض حجم الديون المصرية حيث تستهدف الحكومة أن تصل هذا العام إلى 89 % من الناتج القومى الإجمالى.

فى النهاية، فإن جميع المؤشرات الجيدة التى يحققها الاقتصاد المصرى خلال الفترة الأخيرة، والتى تتمثل فى زيادة معدل النمو وانحسار التضخم وخفض سعر الفائدة وزيادة الحد الأدنى للأجور والمعاشات وزيادة الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى، علاوة على خفض العجز الكلى وخفض معدل الدين العام، كلها مؤشرات إن دلت فإنها تدل على أننا نسير فى الاتجاه الصحيح.

لكن وعلى الرغم من هذه المؤشرات الجيدة فلا يزال الاقتصاد المصرى، لديه طاقات ضخمة كامنة لاسيما فى مجالات الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات واللوجستيات، ولا شك أن الاستقرار السياسى الذى نعيش فيه الآن يعد فرصة كبيرة لاستنهاض هذه الطاقات خلال المرحلة المقبلة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز