عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أنت لست صحفيا أو قاضيا

أنت لست صحفيا أو قاضيا
أنت لست صحفيا أو قاضيا

بقلم: لواء عبد الرحمن محروس المصري



 

مصيبة كارثة تخلف جهل أمية قول ما شئت، في جميع دول العالم تجد الحوادث سواء جنائية أو إرهابية والكوارث كانت طبيعية أو بفعل البشر.

ومن هنا مصابون ووفيات بالمئات أو العشرات، فلم تجد دولة من الدول المتحضرة قامت في يوم ما بنشر فيديو أو صور في التلفاز أو الإعلام أو قام أحد من مواطنيها بالشير أو النشر عن أي حادث بشكل مرعب ومخيف، وغالبا النشر يكون بصوره عاديه مع إذاعة الخبر بشكل مقتضب مخفف وبسيط ليس فيه رعب ولا عويل ولا تشنجات.. تلك الدول ضربت عصفورين بحجر واحد.

أولا لم تخف الحدث وفي نفس الوقت تمتعت واتسمت بالمصداقية والشفافية وأعلنت الحادثة لمواطنيها وللعالم بكل صراحة ووضوح ولم تدار شيئا.

ثانيا استخدم إعلامها الحرفية والإبداع في عدم نشر صور الضحايا والمصابين بشكل مخيف ومرعب، ولم تقتحم خصوصيتهم وتصورهم في منازلهم وهم في حالة حزن ويأس وعويل وبالتالي لم تختزن في المشهد الذهني للعالم بانها دولة غير مستقرة والحوادث بها على أشده سواء ارهابيا ام جنائيا او طبيعيا ومن قبل شاهدنا حوادث إرهابية كثيرة في فرنسا وبريطانيا وأمريكا.

ففي يوليو 2016 صدم مواطن بشاحنة حشدًا في مدينة نيس، فقتل 86 شخصًا وأصاب أكثر من 400 آخرين، وفي 2017 فجر شخص نفسه في نهاية حفل غنائي في قاعة مانشستر أرينا قتل 22 شخصا وجرح 116 آخرون.. وفي أغسطس 2019  حادث إطلاق النار في مركز "وول مارت" التجاري في ولاية تكساس والذي أسفر عن مقتل 20 شخصا.

لم نجد الإعلام في تلك الدول يهلل ويصرخ ويصور ويبث تلك الحوادث على الهواء مباشرة ويطالبوا بعزل المسؤول وإعدامه علنا إنما كان الخبر مقتضبا جدا في النشر وإذاعته بشكل عادي جدا دون اهتمام وتركت الدولة جهات التحقيق تعمل في نزاهة وهدوء دون توتر من الرأي العام.

وعلى النحو الآخر من المواطنين المثقفين الواعين الفاهمين لم نجد أحدا منهم سواء من الأصدقاء أو غير الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي قام بالإشارة إلى الخبر او شير فيديوهات مسربة كانت حقيقية أو وهمية أو أضاف تعليقا مبتذلا أو منتقدا وكأن شيئا لم يحدث في بلدانهم.. وبذلك حافظ كل من الإعلام والمواطن على الصورة الذهنية الجميلة لبلدانهم في مخيلة العالم كله، لكن وللأسف والمؤسف واللامؤسف واأسفاه الشديد، أجد في بلدي العظيم والجميل الذي خلق قبل التاريخ والذي علم العالم كله الحضارة والطب والفن والهندسة وكل جميل، عكس ذلك، وكلنا اصبحنا مجتمعين ومتفقين وشركاء على تشويه صورة بلدنا أمام العالم كله، ومن هنا عند وقوع حوادث إرهابية أو جنائية او حتى طبيعية لم يتركوها لحال سبيلها والتي تتولاها الشرطة والنيابة والقضاء بمنتهى الحرفية، فترى المشهد صوتا وصورة لايف، جثثا متناثرة ومتفحمة يمينا وشمالا، مصابين وعلى الأرض يتدحرجون ومن شدة الألم يتوجعون، ولم يجدوا من ينقذهم، كذلك صور بشعة للحرائق والتدمير والتكسير وكأنك في بلد أشباح لا ضابط ولا رابط، وفي السوشيال ميديا حدث ولا حرج تجد الإخوة الأفاضل الأصدقاء المحترمين نصبوا أنفسهم بدلا من الإعلاميين والصحفيين ورجال التحقيق والقضاة، وبدأت التحليلات الجهنمية والتعليقات السخيفة والآراء المحبطة.

وأول كلمة ينطقونها هناك تقصير أمني وآخر يقول إن جماعة كذا ومنظمة كذا وراء الحادث، وآخرون يطالبون بتنحي واستقالة السيد رئيس الحي now) يا سلام سلم على مخك البلالنط.. يا بحر العلم.. يا ترعة المفهومية.. يا فيلسوف الحمير) هؤلاء غير مدركين تماما أن ما يشيرونه أو ينشرونه على صفحات التواصل الاجتماعي يراه العالم كله بأم عينه، وتصبح الصورة الذهنية لديهم أن مصرنا العزيزة الغالية غير مستقرة وغير آمنة يضربها الإرهاب في مقتل كل شوارعها مليئة بالجثث والمصابين والخراب والفوضى يعم البلاد.

ولو تذكرنا أحداث محطة مصر2019 وحادث مسجد الروضة بالعريش 2018 وكنيسة القديسين 2011 بالإسكندرية، كيف كانت صورتنا أمام العالم بعد نشر صور الجثث والمصابين والدمار حتي كرة القدم تسببنا بغبائنا الفطري وعدم الوعي بحرمانا من الوصول لتصفيات كأس العالم، ونرجع بالذاكرة لمباراة مصر وزيمبابوي عام 1994 عندما قذف أحد المتفرجين مدرب الفريق الضيف طوبه في رأسه، فقام الأخ المصور المبدع وكأنه يخرج فيلم سينمائي وبث على الهواء مباشرة مشاهد عبارة عن كيفية إصابة المدرب في رأسه ثم نزيف من الرأس، ثم بعد ذلك كان يبدع في التصوير والمدرب يتساقط ويتهاوى أرضا ويتألم من شدة الإصابة وظلت الكاميرا مركزة عليه ولفترة طويلة، وكأنه يقول أنا أفضل من مصوري هوليوود يا ناس (فتشني فتش)، واخذ الاتحاد الدولي "فيفا" هذا المقطع كدليل مادي قوي وقرر إعادة المباراة في فرنسا بعد أن كنا فائزين وأعيدت المباراة وأصبحنا مهزومين بسبب إبداع الموهبين واتحرمنا من الوصول لكأس العالم وأصبحت صورتنا سيئة أمام فيفا والعالم كله باننا شعب همجي غير متحضر.

وبالأمس حادث حريق ايتاي البارود يا الله على كمية الفيديوهات التي انتشرت في ثوان، وكأن مصر قامت فيها وحدها يوم القيامة، والكل يتفاخر ويتباهى بأنه صاحب السبق الصحفي الذي أذاع الخبر حصريا ولا يعنيه إذا كان الخبر صحيحا ام كاذبا (ياللي ما جبتكش ولادة)، وبالتالي حضرتك وأنت قاعد في التكييف وأمامك التلفاز تشاهد وتأكل ما لذ وطاب من خير بلدك نخرت في اقتصاد دولتك بطريقة غير مباشرة، وبسببك هرب المستثمرون وتخوفت السياحة وزرعت الرعب والخوف في قلوب أبناء وطنك، فقد ضربت الاقتصاد والسياحة في مقتل، وقدمت خدمة عظيمة للمارقين السفهاء ناصر ومطر وزوبع وغيرهم، المعاتيه إخوان الشياطين واخذوا ما نشرته وشيرته وزيفوه وزوروه ومنتجوه بما يخدم مصالحهم وأجنداتهم القذرة، من أجل حفنة دولارات للإسقاط على الدولة ثم نرجع ونبكي ونقول: هي الأسعار نار ليه هو الدولار ارتفع ليه.. أنت عارف ليه؟ لأنك نصبت نفسك إعلاميا وصحفيا وامنيا وقاضيا ومحللا جنائيا واقتصاديا ومبدعا ومخترعا.. اتركوا الأمن لأصحابه.. اتركوا الإعلام والصحافة في حالها.. اتركوا التحقيقات تأخذ مجراها بكل نزاهة وشفافية، خليك في عملك.. ازرع واصنع وأنتح وأبدع.

 

عضو اتحاد الوطن العربي الدولي

الخبير الأمني لشؤون مكافحة الفساد والإرهاب

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز