عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

«بوابة روزاليوسف» في ليمان برج العرب

«بوابة روزاليوسف» في ليمان برج العرب
«بوابة روزاليوسف» في ليمان برج العرب

كتبها - رئيس التحرير

مستشفى متطور وغرفة غسيل كلوي وملاعب ومطاعم تحوي مشويات وأسماكًا خلف الأسوار



سجناء بـ«برج العرب»: حقوقنا مصانة ونمارس الرياضة ونعمل في الورش ونتقاضى أجرًا

 

أسوار عالية تحيط بمساحة شاسعة، وأبراج حراسة ترصد كل حركة في محيط المكان، بمنطقة برج العرب بالإسكندرية.

داخل هذه الأسوار، ليمان برج العرب شديد الحراسة، داخلها حياة، صورة حقيقية، قد تصطدم بصورة ذهنية زائفة، صنعتها الدعاية الإعلامية المتربصة بالوطن، أو الدراما التي جسدت حقبًا زمنية وسياسية ولّت وانقضت.

في داخل الليمان، استقبلت إدارة السجن الضيوف، لتبدأ الجولة داخل مرافق السجن للوقوف على الواقع، كانت البداية بمستشفى الليمان، طرقات بها عيادات خارجية في جميع التخصصات وأطباء متخصصون، يوقعون الكشف على السجناء المترددين على العيادات.

وفِي المستشفى عنابر يتسع كل عنبر إلى قرابة ٢٠ مريضًا على أسرة نظيفة، وتحت إشراف طبي كامل.

وبالمستشفى غرفة للعمليات، مجهزة بأجهزة حديثة، بخلاف غرفة العناية بمرضى القلب.

بين المرضى من هم سجناء يقضون عقوبات تصل إلى المؤبد، في جرائم متعددة، في البداية دائمًا كان سؤالهم، إذا كان المريض أو غيره من السجناء في العنابر لديه مانع من الحديث، أو التصوير معه؟ فإذا فضل الكلام بدون تصوير ننزل على إرادته، والكثيرون رحبوا بالحديث أمام الكاميرا.

أحد المرضى قال بلاش تصوير عندي بنات طبيبات، فنزلنا على رغبته، وسألناه عن شكواه، فقال أعاني من مشكلات في القلب، لكن الحمد لله، عندما أخبرت إدارة السجن تم نقلي للمستشفى، وأتلقى رعاية طبية وأشعر باهتمام كبير، فاستشاري القلب يتابعني يوميًا.

فيما كان عادل عبدالمعطي، مسترخيًا على سرير إجراء رسم القلب، قبل أن يروي لنا قصته، يقول حكم علَّى بالسجن ست سنوات، في قضية مخدرات، قضيت منها قرابة ثلاث سنوات، وهنا الآن لأني أعاني من قصور في عضلة القلب، وللحق إدارة السجن تهتم بمن يشكو من مرض اهتمامًا شديدًا، وأتلقى علاجي بانتظام.

وعن الغذاء يقول عبدالمعطي: كل شيء تمام والأكل نظيف ويقدم لنا وجبة لحوم أو فراخ ثلاث مرات في الاسبوع، ونعيش في زنزانة حوالي ١٤ فردًا، متسعة لنا ولا يوجد شكوى.

بينما يعاني أحمد محمد أحمد من حزام ناري، يقول: «الرعاية مية مية، ويمر علينا استشاريين بالصبح وبالليل، والمعاملة محترمة جدًا».

بينما دخل عبدالجواد فتحي، المستشفى وهو يعاني من التهاب في الشعب وارتفاع في درجات الحرارة، بيد أن حالته تحسنت كثيرًا، فبعد أن شرح حالته، أضاف كل شيء زي الفل ولا نشكو من شيء.

عبدالجواد يقضي عقوبة السجن ثلاث سنوات، لإدانته في جريمة حيازة سلاح بدون ترخيص.

بالقرب من البوابة الرئيسية، كان باب الزيارة، حيث توافدت أسر السجناء على زيارتهم في المواعيد الرسمية.

وعلى بعد ٢٠٠ متر من المستشفى، كان فريقان من السجناء يمارسان رياضة كرة القدم في الثالثة ظهرًا، وعلى جانبي الملعب، يقف بعض أفراد الأمن المركزي.

المباراة كانت واحدة من مباريات دوري لكرة القدم المقام بين فرق عنابر السجن المختلفة، وبجوار ملعب القدم، كان هناك ملعب الكرة الطائرة، وفريقان آخران يمارسان الرياضة.

محمد الشحات أحد اللاعبين، يقضي عقوبة السجن ١٠ سنوات في جريمة اتجار في المخدرات، يقول: نلعب في دوري العنابر المقسمة لمجموعات أ -ب -ج، وتجرى يوميًا مباريات يخرج للعب بها الفريقان، وتوجد مثلها سلة وكرة يد.

وعن الحياة داخل السجن يقول: حياة طبيعية مقسمين لمجموعات في عنابر، ويأتينا التعيين ثلاث مرات في اليوم، ونمارس الرياضة، وكل شيء تمام.

التف أعضاء الفريق حول مجموعة من نواب البرلمان الذين سألوهم، عن النوم على البلاط ومزاعم المنظمات الحقوقية، فقالوا: لا يوجد هذا الكلام ونقول لهم سيبوا مصر في حالها، فنحن نعامل بكل احترام، ونمارس الرياضة ونتعلم صنعة لنخرج للحياة من جديد.

ووجه السجناء الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي، لمبادراته التي يفرج خلالها عن مئات السجناء الذين قضوا ثلثي المدة.

في السجن يقسم السجناء في العنابر وفق قطاعات، يجمع مرتكبي نوع الجريمة، فالمدانون بارتكاب جرائم القتل أو جرائم النفس في عنابر، وجرائم المخدرات في عنابر أخرى والأموال العامة في عنابر أخرى.

داخل السجون، من يكمل تعليمه، ومنهم من يدرس الماجستير والدكتوراه.

على بعد ١٠٠ متر من ملعب كرة اليد، كانت ورشة تصنيع الأثاث، التي يعمل بها سجناء مهرة في تلك الصناعة، بعضهم كان لديه صنعة قبل الحكم عليه، وآخرون تم تدريبهم وتعلموا الصنعة خلف أسوار السجن.

هؤلاء يعملون من التاسعة صباحًا وحتى الثلاثة ظهرًا، ويتخلل ذلك فترات راحة وغداء.

وتعرض منتجاتهم في معارض لوزارة الداخلية، فمنتجات السجناء يتقاضون عن عملهم بمصانعها أجرًا يودع لهم في الأمانات، ويحصل من أجره على سلف للإنفاق على نفسه أو إرسال أموال لمساعدة أسرته.

السجون بها مصانع أثاث، وتغذية وفرن لإنتاج الخبز ومطابخ ومطاعم، و"كنتين" يمكن لمن يرغب في شراء أي وجبات أن يشتري ما يشاء دون الالتزام بالتعيين.

و"التعيين" يقصد به وجبة الغذاء التي يصرفها السجن ثلاث مرات يوميًا لنزلائه.

ممتاز محمد صبري، يعمل بورشة صناعة الأثاث استرجي، يقول: أقضي عقوبة ٦ سنوات سجنًا، اتجار بالمخدرات، ومهنتي تعلمتها خارج السجن، وأخطأت واليوم أدفع الثمن، لكن الحمد لله أعمل بمهنتي داخل السجن ليكون لدي مال أبدأ به مشروعًا بعد خروجي.

بينما يعمل الشربيني محمد في الحفر على الخشب، يصنع حلي للأثاث المنزلي، يقول نعمل بالإنتاج، وأجري يوضع في الأمانات وأخذ منه سُلف، فأنا أعمل في الورشة من التاسعة صباحًا حتى الثالثة عصرًا، ونأخذ راحة لوجبة الغداء وعندما أريد الذهاب للصلاة، فالعمل بالإنتاج وليس باليومية.

وأضاف الشربيني وهو يقضي عقوبة السجن في قضية مخدرات، نأكل وجبة فراخ ثلاثة أيام في الأسبوع، وثلاثة أيام لحمة، وتوجد رعاية صحية لمن يشعر بأي تعب يخطر الضابط ويذهب للمستشفى.

داخل الزنازين كان لنا جولة، ففي العنابر، أسرة ثلاثة طوابق، ومراوح وتليفزيون، وحمام، نظافة تخالف ما يروج، وما كان يقال قديمًا عن المعاناة داخل السجون، فمصر كما تتغير للأفضل في كل قطاعاتها تتغير للأفضل داخل السجون أيضًا.

كانت المفاجأة المساحات الخضراء الواسعة والزرع المنتشر في الطرقات المحيطة بالعنابر، فالصورة الحقيقية ليست هي الصورة الذهنية المشوهة التي يراد لها أن تلصق بمصر لتوظيفها سياسيًا.

تحدثت مع ضباط كبار، فوجدتهم يؤمنون بأن السجين إنسان ارتكب خطأ، يدفع ثمنه بعقوبة تُقيد حريته، لكنه يبقى إنسان له كامل الحق في الحياة والعلاج والتريض والاحترام، فالأساس هو أن السجن مؤسسة إصلاحية تعيد تأهيله ليخرج للمجتمع إنسانًا نافعًا لمجتمعه لا مهدد له.

وفِي السجن وجدنا سجناء يعملون في فرن حديث لإنتاج الخبز البلدي، بينما فرن آخر لإنتاج الخبز الأبيض، يُودع إنتاجه في منفذ به خضر وفاكهة وأسماك مشوية ومقلية من مختلف الأنواع، يحصل منها أي سجين على ما يشاء بأمواله، إذا لم يرغب في تناول الوجبات التي يقدمها السجن.

في أحد غرف عنبر ٢٠، كان السجناء يصلون العصر في جماعة، في الممر بين الأسرة المتراصة في ثلاثة طوابق، بينما في أعلى الغرفة مراوح بجوار فتحات التهوية، وتلفاز، وفِي نهاية الغرفة حمام .

وفِي العنابر أكد السجناء، أن حقوقهم مُصانة، فأسرهم تزورهم ويحصلون على حقهم في الخروج للتريض، ويسمح لهم بالذهاب للكشف في عيادات المستشفى متى أرادوا.

وعن انطباعه، قال: عبدالفتاح محمد عبدالفتاح عضو مجلس النواب، وأحد وفد مجلس النواب الذي زار السجن، عندما قدمنا إلى السجن كنّا نعلم أننا لا نزور فندقًا، وفِي نفس الوقت نعلم أن للسجناء حقوقًا، ولذا سألناهم في كل شيء حتى بعيدًا عن الإعلام، عن نظافة العنبر، وعن الطعام والتنزه وعن العلاج وزيارات الأهل لهم.

وقد أجابوا بأنهم يحصلون على جميع حقوقهم، وقد شاهدنا المرضى وتحدثنا معهم وزرنا الورش التي تُحول السجين إلى حرفي مُنتج، وشاهدنا الشباب الذي يمارس الرياضة ولم يشكون من شيء.

وأضاف عبدالفتاح، نحن هنا ممثلون للشعب وليس الحكومة، وقد شاهدنا بأنفسنا حجم ما شهدته السجون من إصلاحات واسعة وما يحدث من تطور، فمصر تشهد تنمية ومشروعات عملاقة وتنامي قوتها السياسية في الخارج، وكذلك تشهد تطويرًا حتى داخل السجون.

وشدد عبدالفتاح على أن الهجمات الموجهة ضد مصر بالمتاجرة بملف حقوق الانسان الواقع على الأرض يدحضها، فالسجناء أشادوا بالرئيس عبدالفتاح السيسي، لما يصدره من قرارات عفو عمن ينهي ثلثي المدة، وهذا يشجعهم على أن يواصلوا الالتزام والعمل حتي يستفيدوا من مثل هذه القرارات.

في الختام السجون في مصر لم تعد تلك السجون التي شاهدناها في أفلام الستينيات، لا تعذيب، ولا إهمال، بل تحولت لمؤسسات فعلية لإعادة التأهيل، فهناك من يدرس العلم خلف الأسوار، ومن ختم حفظ القرآن، ومن تعلم حرفة، ومن صحح سلوكه، فها هو محمد الذي قد فرغ توًا من صلاة العصر، يقول حُكم علَّى بالسجن بتهمة المخدرات، خطأ ارتكبته وقد تعلمت من تجربة السجن، فاليوم أصلي وأتعلم حرفة لأبدأ حياة محترمة بعد خروجي.

التنمية في مصر لم تقتصر على البنية التحتية، بل امتدت إلى بناء الإنسان، كل المواطنين في مختلف المؤسسات التعليمية والوظيفية، حتى من هم خلف القضبان.

سياسة ناجحة تلك التي ينتهجها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، بتنظيم مثل هذه الزيارات للسجون، والاستجابة لكل طلب يقدم، فقد نظمت تلك الزيارة استجابة لمداخلة تليفزيونية لنائب سكندري وضمت نواب البرلمان وإعلاميين، بينهم «بوابة روزاليوسف» وممثلو جمعيات حقوقية وأهلية والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي لذوي الاعاقة.

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز