عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

العبور السياسى بين الأنفاق والفضاء!

العبور السياسى بين الأنفاق والفضاء!
العبور السياسى بين الأنفاق والفضاء!

كتب - عبد المنعم شعبان

وسط ترقب مجتمعى، وبينما كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يفتتح عددا من المشروعات من بينها أنفاق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس.. كان القمر الصناعى المصرى الأول للاتصالات «طيبة 1»، ينتظر إشارة الانطلاق من قاعدة الإطلاق فى مدينة «كورو» بإقليم «جويانا» الفرنسى القريب من البرازيل بأمريكا الجنوبية، عبر صاروخ يحمل القمر إلى المدار الخاص به، والذى يقع على بعد 36 ألف كم من سطح الكرة الأرضية.




عبور مصرى جديد بين الأنفاق والفضاء.. ففى صبيحة الثلاثاء الماضى شهدت أرض سيناء التى ارتوت بدماء الشهداء خطوة جديدة على طريق التنمية والبناء والتعمير لربط سيناء بوادى النيل والدلتا عبر تطوير وزيادة منظومة الأنفاق  للقضاء على حالات التكدسات المرورية وتقليل زمن عبور الأفراد والشاحنات والسيارات من وإلى سيناء.. وفى تمام الساعة 11.22 من مساء نفس اليوم كان القمر المصرى يحلق فى مداره بالفضاء.


جاءت حركة المحافظين لتمثل ثالث الأحداث الاستثنائية وعبورًا سياسيًا لا يقل أهمية عما يجرى من إنجازات مصرية بين الفضاء والأنفاق، حيث تم اختيار عدد كبير من الشباب لأول مرة فى حركة المحافظين الجدد ونوابهم الذين بلغ عددهم 16 محافظًا و23 نائبًا بينهم 7 سيدات، أدوا اليمين الدستورية، الأربعاء الماضى، بقصر الاتحادية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وذلك تأكيدًا على فلسفة جديدة، تؤمن بحق الشباب فى تولى مناصب قيادية فى الدولة وفقًا لمعيار الكفاءة.


نقلة نوعية

24 ساعة فارقة ومليئة بالأحداث غير المسبوقة فى تاريخ مصر.. كان الحدث المرتقب هو إطلاق القمر الصناعى المصرى الأول للاتصالات «طيبة 1» بواسطة شركة «آريان سبيس» الفرنسية على صاروخ الإطلاق « آريان 5» بعد أن انتهت الشركة من عمليات اختبار أنظمة القمر الصناعى للتأكد من سلامتها، وكذلك الانتهاء من ملء خزانات الوقود التى ستمكن القمر من البقاء فى الموقع المدارى المخصص له لمدة خمسة عشر عاماً، حيث سيعمل القمر على توفير خدمات الإنترنت عريض النطاق للأفراد والشركات بمصر وبعض دول شمال أفريقيا ودول حوض النيل بما يعد نقلة نوعية كبيرة فى هذا الشأن.


وبإطلاق القمر المصرى « طيبة 1» ستدخل مصر عالم الأقمار الصناعية المخصصة لأغراض الاتصالات، وستتولى الحكومة المصرية عملية الإدارة والتحكم فى القمر عقب إطلاقه لتقديم خدمات الاتصالات للمؤسسات الحكومية، كما ستقوم الشركة الوطنية المصرية بتقديم خدمة الاتصالات الفضائية للأغراض التجارية، بما يمثل نقلة كبيرة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ويسهم فى دعم جهود التنمية الشاملة التى تنفذها الدولة على كل شبر من أرض مصر ووضع مصر فى المكانة التى تستحقها إقليمياً ودولياً.


كما أن القمر الصناعى «طيبة 1» هو الأول فى سلسلة «طيبة سات»، التى تعتزم مصر إطلاقها فى الفترة المقبلة، والتى ستحدث نقلة نوعية فى خدمات الاتصالات فى مصر وأفريقيا، لأن مجال تغطية القمر الصناعى ستشمل بعض دول شمال أفريقيا ودول حوض النيل.


ويوفر القمر «طيبة 1»، شبكة تبادلية للاتصالات الهاتفية والإنترنت، وسيغطى مصر بالكامل بخدمات اتصالات الهاتف والإنترنت، ويستفيد المواطن من تلك الخدمات فى أى وقت، كما سيتم تقديم خدمة الإنترنت والاتصالات الهاتفية الفضائية عبر القمر الصناعى، وليس عن طريق الكابلات الأرضية، أو المحطات الهوائية، وسيتم استقبال الإنترنت بواسطة أجهزة استقبال بسيطة، على غرار البث التلفزيونى، إضافة إلى استخدام بعض أنواع أجهزة المحمول بعد إجراء تعديلات بسيطة لها للاتصالات الفضائية.


إدارة مصرية 100 %

ويعد إطلاق مصر أقماراً صناعية للاتصالات والإنترنت طفرة هائلة فى مجال دخول مصر عصر الاتصالات الفضائية ومجالات تطبيق الذكاء وفقًا لما أعلنته الحكومة المصرية، التى كشفت أن القمر الصناعى «طيبة - 1» سيسهم فى دفع عجلة التنمية، من خلال توفير بنية تحتية للاتصالات والإنترنت عريض النطاق للمناطق النائية والمنعزلة، لدعم المشروعات التنموية بهذه المناطق.


بدوره كشف حمدى عبدالعزيز المتحدث باسم وزارة البترول، إن إطلاق القمر الصناعى للاتصالات « طيبة 1» سيكون له تأثير مهم وكبير فى تكثيف عمليات البحث والاستكشاف لقطاع البترول والثروة المعدنية التى تزخر بها مصر، وأضاف أنه كلما توافرت قواعد المعلومات المستحدثة والحديثة بالتنسيق مع قطاع تكنولوجيا المعلومات سيعطى ذلك فرصة هائلة للتعرف على النواحى الجيولوجية ومساعدة المختصين والجيولوجيين فى تحسين عملهم.


أنفاق بور سعيد

بالتوازى مع النقلة النوعية فى الفضاء كانت هناك نقلة كبيرة تحدث تحت الأرض وذلك استمرارًا لخطة الدولة المصرية فى تحقيق التنمية المستدامة بكافة محافظات الجمهورية، حيث افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى،عددًا من المشروعات التنموية الكبرى بنطاق محافظتى بورسعيد وشمال سيناء.


وتضمنت أنفاق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس، والمجمعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة جنوب الرسوة، وعددا من الأرصفة لميناء بورسعيد وافتتاح الصالة المغطاة بالعريش، وافتتاح محور 30 يونيو بطول 210 كم، كما تم تدشين منظومة التأمين الصحى بمحافظة بورسعيد.


تأتى تلك المشروعات سعيا للعبور بالتنمية الشاملة والمستدامة للجانب الشرقى من قناة السويس، حيث شبه جزيرة سيناء وذلك من أجل استكمال البنية التحتية اللازمة للمشروعات القومية.


نفقا 3 يوليو، بمدينة بورسعيد، اللذان افتتحهما الرئيس السيسى لا يزيد زمن العبور بأى منهما، أسفل قناة السويس، أكثر من 6 دقائق؛ تصل إلى أقل من 20 دقيقة، شاملة زمن بوابات تحصيل رسوم العبور، وأجهزة التفتيش التى تشرف على الموازين والفحص الفنى للسيارات العابرة.


وبحسب شركة «المقاولون العرب» فإن إنجاز مشروع نفقى 3 يوليو، بجنوب بورسعيد، شارك فيه أكثر من 3000 عامل وفنى ومهندس مصرى وذلك تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.


وكانت عمليات الحفر قد بدأت فى 2015، وشملت 3 مراحل، ( التخطيط، ماكينة الحفر العملاقة، تشغيلها والانتهاء من الحفر طبقا للجدول الزمنى المحدد؛ وقد بلغ طول النفق 3930 مترا، وبعد إضافة المداخل والمخارج يبلغ الطول 4830 مترا؛ ويضم حارتين مروريتين، كل حارة منهما بعرض 3.60 متر، وأقصى عمق للنفق 57 مترا أسفل قناة السويس؛ أما قطر النفق الخارجى فيبلغ 12.60 متر، والداخلى 11.4 متر، بارتفاع صافى 5.5  متر من سطح الأرض؛ وتم إنشاء مجموعة من الكبارى والمعديات والطرق، للربط مع شبكة الطرق الموحدة الواصلة بالمنطقة.


كما تم تركيب 13 ألف قطعة خرسانية، تعد المكون للدوائر المبطنة لجسم النفق؛ حيث صممت فى مصنع الحلقات الخرسانية الذى تم إنشاؤه بالمشروع، وتم تركيب حوائط لوحية داخل النفق، بعمق 70 مترا، وبلغ إجمالى كميات الخرسانة 265 ألف متر مكعب، لزوم تنفيذ أعمال الحوائط اللوحية ومداخل ومخارج النفق.


وجاء تنفيذ حفر نفقى 3 يوليو (النفق الشمالى) فى جنوب بورسعيد، بنجاح، فى تربة طينية غير ثابتة، كأحد تحديات المشروع، حيث جرى تحسين خواص التربة بمنطقة التجهيزات ومداخل ومخارج النفق، شرق وغرب قناة السويس، من خلال إجمالى كميات بلغت 2.9 مليون متر مكعب، من السن والرمل، وبلغ إجمالى 1.2 مليون متر مكعب، وتم تجميد التربة لإنشاء الممرات، وبلغت الخرسانة سابقة الصب لزوم أعمال القطع الخرسانية المبطنة لجسم النفق كمية 140 ألف متر مكعب، و30 ألف متر مكعب للخرسانة للأعمال الصناعية، وبلغت كمية الحديد المستخدم 110 آلاف طن.


إعجاز هندسى

وتعد منظومة الأنفاق الجديدة إعجازا هندسيا، سابق فيه المصريون الزمن، وأكدت قدرة المصريين على تحدى المستحيل للوصول لمنظومة متكاملة تراعى أعلى معايير الأمان والسلامة ومناطق خدمية بأعلى المعايير العالمية.
ولاستيعاب الطاقة المرورية الهائلة والمتوقع زيادتها مع زيادة المشروعات التنموية الجديدة، تم تطوير منظومة متكاملة من الطرق والمحاور أهمها محور 30 يونيو، وربط محافظات القناة بالطرق المتجهة من وإلى القاهرة دون الحاجة للسير فى الطرق الداخلية لمدن القناة، وتحقيق متطلبات التنمية لمحور قناة السويس، وربط الموانئ ببعضها البعض، مثل موانى شرق وغرب بورسعيد ودمياط والإسكندرية والعريش وخليج السويس، وتخفيف الضغط على الطرق، وكذلك تحقيق الانسياب المرورى.


محور 30 يونيو الذى يعد إنجازا هندسيا كبيرا يبلغ طوله 210 كم، بتكلفة مالية 8.5 مليار جنيه، وشارك فى تنفيذه 75 ألف عامل ومهندس باستخدام 3500 معدة هندسية، ويسهم فى تعزيز الترابط والاتصال بين 4 أقاليم تنموية ويسهم فى زيادة المعمور المصرى وإعادة التوزيع السكانى بشكل متوازن وتحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع الجغرافى للموارد، ويُعد أهم المشروعات بشبكة الطرق القومية وله انعكاسات مباشرة على عملية التنمية الشاملة بسيناء خاصة مع وجود منظومة أنفاق وكبارى لتحقيق الأمن والسلامة للمواطنين، ‪ لخدمة المناطق الصناعية واللوجيستية بمحور قناة السويس، وإنشاء المنطقة الصناعية بجنوب الرسوة والتى تضم مجمعات صناعية صغيرة ومتوسطة بإجمالى 118 مصنعا، على مساحة 181 ألف متر مربع لتوفير فرص عمل وحياة كريمة للمواطنين.
ويأتى افتتاح نفقى 3 يوليو، كمرحلة من مراحل إنشاء مشروع 6 أنفاق جديدة، لتسهيل عبور أكبر عدد ممكن من المركبات والشاحنات، وتسيير القطارات، أسفل مياه قناة السويس، حيث سبق أن تم افتتاح 3 أنفاق بمدينة الإسماعيلية، أسفل قناة السويس، بحيث يكون هناك نفقان للسيارات، ونفق للسكك الحديدية؛ ويبلغ طولها الإجمالى بالمداخل 5820 مترا.


عبور سياسى

لم تكن ليلة العبور المصرى إلى سيناء والفضاء فحسب، بل كانت شاهدة على عبور سياسى استثنائى وغير مسبوق عبر حركة المحافظين التى شهدت تعيين 16 محافظًا و23 نائبًا بينهم 7 سيدات، وتكفى الإشارة إلى تعيين الدكتور محمد هانى غنيم محافظًا لبنى سويف، لمعرفة أن الحركة هذه المرة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. فالمحافظ الجديد لبنى سويف يُعد أصغر محافظ فى تاريخ مصر، حيث يبلغ من العمر 34 عامًا.. لنجد ولأول مرة شبابًا فى الثلاثينيات من عمرهم، يشغلون مواقع مرموقة فى الدولة، عن جدارة، ومن دون أى وساطة أو مجاملة.. تخرج بعضهم فى الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب، وآخرون من قائمة تنسيقية شباب الأحزاب فى مصر، ليكونوا نواة مبشرة وانطلاقة جديدة نحو ضخ دماء جديدة للمناصب القيادية، ولتعلن القيادة السياسية فى مصر أن المناصب الكبيرة فى انتظار من يملكون مقومات العطاء والتفوق والكفاءة والإخلاص لوطنهم. 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز