عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حديقة حيوان أردوغان.. عندما يصفع الكاريكاتير

حديقة حيوان أردوغان.. عندما يصفع الكاريكاتير
حديقة حيوان أردوغان.. عندما يصفع الكاريكاتير

كتب - عماد عبد المقصود

الركض خلف المغردين.. عزل 60 نائبًا لمشاركة "رسمة"



الخراف سعيدة بهبوط الليرة التركية.. و"الهرة" تحاكم الإبداع بأثر رجعي 15 عامًا

 

خلف المغردين، يركض أردوغان ونظام حكمه القمعي، يلاحق الإعلاميين، كلما نالته صفعة من ريشة أو نكزة قلم، أو جرح نقد لسياساته.

"حديقة حيوان أردوغان" عنوان لكاريكاتير لاذع، رسمه مجموعة من الرسامين الأتراك بمجلة بنجوين التركية، لم يرسمه فرد، بل مجموعة من المبدعين، كل ريشه رسمته في صورة حيوان مختلف، وجمعت في إطار واحد ليصل بمجموع الحيوانات لحديقة حيوان أردوغان، وما إن ظهرت الحديقة للنور، حتى تناقلها وشاركها الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها "تويتر".

بين من شاركوا التغريدة نواب بالبرلمان التركي والطلاب ، ليس واحدا ولا اثنين بل ستون نائبًا، ما أصاب تنظيم الإخوان الإرهابي التركي بالجنون، وعلى رأسهم صاحب الحديقة، حيث شرع في عزلهم سياسيًا وملاحقتهم قضائيًا، رغم أنهم ليسوا من رسموا ولا نشروا بل مجرد مشاركة التغريدة، لكن من نشروا كان مصيرهم القمع والمحاكمة.

 

 

يأتي ذلك وسط ضغوط متزايدة على وسائل الإعلام في تركيا. واضطهاد غير مسبوق للإعلاميين، وحتى الصحفيون الذين يكتبون في المنفى نقدًا له يلقي القبض على من هم ما زالوا من أسرهم أو أقاربهم في تركيا، الأمر الذي دفعهم للكتابة بهويات مستعارة.

تعرف جريدة "دقائق تركية" Turkish Minute نفسها كجريدة إلكترونية معارضة– ويرى الذين يعملون بها وفقًا لمعتقداتهم ضرورة تقديم أخبار مستقلة عن تركيا في ظل غياب الأصوات الناقدة داخل الوطن، مع إتاحة أخبارهم وقصصهم بالإنجليزية ليشاهدها ويقرأها العالم– ويعرضهم ذلك وعائلاتهم للخطر الشديد.

يبدو أن تلك الظاهرة تكررت كثيرا مؤخرا..

تتحدث الكاتبة سابين كوبر بوش عن الكاريكاتير في تركيا بمقالها المنشور بجريدة أحوال " ، قائلة:

"وصل خطاب لرسام الكاريكاتير التركي "سفر سلفي" من مكتب المدعي العام في إسطنبول بوجوب خضوعه للتحقيق بخصوص أحد أعماله للاشتباه في إهانتها الرئيس أو مؤسسة من مؤسسات الدولة "يقصد بها قيادات حزب العدالة والتنمية وتحديدا بن علي يلدرم"، وهو يحاكم الآن بتهمة إهانة رئيس الوزراء السابق، يفضح فيه الفساد على مستوى قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم.

 

 

يتعجب سلفي قائلا- وهو يبتسم ابتسامة عريضة- "النقطة المثيرة في هذه القضية هي أنه لا يوجد أحد قد اتهمني بالتشهير. إنهم يحاولون إثبات أنني أهين يلدريم".

وفي مكتب تحرير مجلة "لومان"، وهي واحدة من المجلات الساخرة الرائدة في تركيا، يحضر الساخرون أعمال النسخة الجديدة منها. وقد اكتسبوا فيما قبل خبرتهم المهنية بعملهم السابق في مجلة "جير جير"، المجلة الساخرة الأفضل مبيعا في الفترة من عام 1972 وحتى 1989 في الوقت الذي كانت تعاني فيه وسائل الإعلام التركية الكساد في ضوء انقلابين، وقع أولهما في عام 1971 والثاني في عام 1980.

قام أوز أرال، رئيس تحرير "جير جير" بتدريب الموهوبين من جميع أنحاء تركيا مؤسسًا مدرسة جير جير،

ابتكر شخصيات محلية

واستخدم لغة مبسطة وأسلوبا يُمتع الجمهور المثقف من خلال الرسومات التوضيحية خفيفة الظل ذات الجودة العالية.

وطور تونكاي أكجن رئيس تحرير لومان شخصية "بيزجين بكير" (بكير المشاكس) في جير جير. وهو نموذج للهيبي "المحب" المسن، الذي رغم إحباطه من تقلبات السياسة يظل ملتزماً التزامًا عميقًا بالمبادئ الإنسانية الأساسية

نجا أكجن من قضايا عديدة في المحكمة.

 

 

 بعد محاولة الانقلاب المزعومة التي وقعت في شهر يوليو من عام 2016، نشرت المجلة عددًا خاصًا وكان غلافه يصور يدي شخص خفي غير مرئي يُحرك حشدًا غاضبًا ضد مجندين خائفين.

 يقول أكجن إنه تعرض للإهانات الشديدة والتهديد بعدما تمت مشاركة الكاريكاتير على موقع تويتر للتدوين المصغر بشكل غير معقول... فقد نشروا عنواننا وكانوا يرغبون تكرار ما حدث لرسامي شارل إبدو معنا. ثم تمت مصادرة المجلة في المطبعة قبل توزيعها". 

 

حيث تجمعت مجموعة من مؤيدي النظام الغاضبين- قطعان الإخوان التركية-  أمام مكتب لومان. وقال سلفي وأكجن: إن تلك الضغوط لم تكن بتلك القوة من قبل.

وأضاف "لقد تجاوز الأمر الضغط الحكومي،

 فالنقد الذي يقوم به رسامو الكاريكاتير على وسائل التواصل الاجتماعي أسوأ بكثير بالنسبة لنا وبطبيعة الحال بدأنا جميعًا فرض رقابة على أنفسنا". حيث يسير رسامو الكاريكاتير على حبل مشدود بين المقاضاة وتوضيح انتقادهم المشفر.

لكن في الوقت الذي تتزايد فيه سيطرة وتأثير الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يزال الهجاء السياسي المرح لرجال السلطة يشق طريقه بشجاعة.

 

 

 

 فقد نشرت لومان على غلافها عشية عيد الأضحى مجموعة من الخراف تبتهج بالهبوط الحاد الذي تشهده الليرة التركية، لأن هذا يعني أن عددًا أقل من الناس سيكون باستطاعته شراء الخراف والتضحية بها.

 

 

ويخضع سلفي للتحقيق بسبب رسم كاريكاتوري للمرة الثانية. حيث رسم في عام 2003 رجل الأعمال جونيت زاب صو المؤيد للحكومة وهو يجلس على ظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مذيلا الرسم بعبارة "الحاكم الخفي". وتلقى سلفي- الذي تم تغريمه بسبب إهانة من أصبح رئيسًا للوزراء فيما بعد، منذ شهرين- خطابًا من مكتب الادعاء العام يبلغه بأن شخصًا ما أقام دعوى ضده مفادها أن الرسم الكاريكاتيري يهين الرئيس الحالي.

 

ومع ذلك، لا توجد جريمة أكبر من تصوير أردوغان بشارب هتلر أثناء اجتماع عقد لمناقشة الخطة التنفيذية للحكومة في بداية عام 2015 يحذر فيه سلفي من مخاطر حكم الرجل الواحد.

 

 

بنغوين 2006 "حديقة حيوانات آل طيب"، "عالم آل طيب"

 

 

سفر سلفي، لومان 2015

 تصوير الزعيم بهيئة الحيوانات يُعدّ أمرًا محظورًا. حيث تم تغريم الفنان موسى كارت في عام 2005 لتصويره أردوغان على أنه هرة، لكن محكمة الاستئناف أبطلت الحكم لاحقًا.

 

يعتبر أردوغان أن الهيئة الحيوانية التي يرسم بها تحط من كرامته الإنسانية. وأظهر رسامو الكاريكاتير في مجلة بنجوين تضامنهم مع كارت في عام 2006 بكاريكاتير تحت عنوان "تايبلير أليمي" التي يمكن ترجمتها بـ"حديقة حيوانات آل طيب" و"عالم آل طيب"، ساهم كل منهم فيها بصورة حيوانية في نفس الإطار تسخر من خرافات أردوغان وتطرفه الديني.

 

 

 

والآن يتعين على رسامي الكاريكاتير التزام الحرص الشديد بحسب ما أوردت "بوش"، فموسى كارت لا يزال قيد المحاكمة بتهمة دعم الكثير من الجماعات الإرهابية واليوم.

ويقول تورا بكين محامي كارت، إنه اتهم لكونه رسام الكاريكاتير الرئيسي في صحيفة جمهورييت المعارضة، ويبدو أن كونك من المعارضين كاف لمحاكمتك في تركيا".

 

غالب تاكين، مسجد على القمر، أوكوسوس، 2017

 

وفي التجريد الكوميدي لغالب تاكين، يصور أردوغان كراوي قصص عبقري يُسيء التقدير. متحدثا عن مسجد دمرته الولايات المتحدة خلال هبوطها على سطح القمر كان دليلًا على أن المسلمين أول من هبطوا على سطح القمر. في إشارة ساخرة لخطاب أردوغان عام 2014 الذي أذهل  العالم بادعائه أن كريستوفر كولومبوس قال إنه رأى مسجدًا على ساحل أميركا اللاتينية، مما يبرهن على أن المسلمين هم الذين اكتشفوا أميركا أولا. ويظهر تاكين نفسه في آخر القصة، ويصور أردوغان كأشهر روائي تصويري في تركيا.

وتختم بوش

 على الرغم من التهديدات القانونية، فإن الساخرين ما زالوا قادرين على عرض الحماقة السياسية بصورة واضحة، وما زال أردوغان يمارس الكهنوت السياسي باسم بالدين، ويرتكب المزيد من الحماقات.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز