عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

قراءات في أشعار ناجي والسياب بالجلسة البحثية الأولى لملتقى "الأعلى للثقافة"

قراءات في أشعار ناجي والسياب بالجلسة البحثية الأولى لملتقى "الأعلى للثقافة"
قراءات في أشعار ناجي والسياب بالجلسة البحثية الأولى لملتقى "الأعلى للثقافة"

كتب - محمد خضير

عقد المجلس الأعلى للثقافة أولى جلسات ملتقى القاهرة الدولي الخامس للشعر العربي: "الشعر وثقافة العصر"، وذلك تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، والدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.



وقد عقدت الجلسة البحثية الأولى عقب انتهاء مراسم افتتاح الملتقى بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، وشارك فيها نخبة من أساتذة النقد الأدبى وهم: من تونس الدكتور عبد السلام المسدى، ومن العراق الدكتور ياسين النصير، ومن مصر الناقد الدكتور خيرى دومة والدكتور طارق النعمان والدكتور عبد الرحيم الكردى، وأدار النقاش الدكتور جابر عصفور، وقد شهدت الجلسة حضور جماهيرى كبير.

تحدث الناقد الأدبى التونسى الدكتور عبد السلام المسدى فى مستهل الجلسة،  مستعرضًا ورقته البحثية التى جاءت تحت عنوان: "الشعر وتحديات الزمن الجديد"، وأوضح أنها تنطلق من إدراج الملتقى ضمن سياقه التاريخى والثقافى، وذلك منذ " المهرجان الأول للشعر العربى" الذى نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة فى شهر أكتوبر 1993، وكان موضوعه "الشعر ومتغيرات العصر"، ثم مهرجان القاهرة للشعر العربى فى شهر نوفمبر 1999 وقد نظمه المجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان "آفاق الشعر العربي المعاصر"، ثم كان الملتقى الدولى الثانى للشعر العربى فى مارس 2009، ثم تطرّق فى بحثه إلى علاقة الشاعر بالسياسة - بحكم أنه معنى بالحرية - ليتحدد مدى انخراط الشاعر فى ميثاق المثقف العضوى ما دام ناطقًا باسم الضمائر فى لحظة سعادتها وفى لحظات شقائها.

كما أوضح أن البحث تناول كذلك العلاقة الجدلية بين الشاعر ورجل السياسة مُحللًا إشكالية المعادلة فى مدى احتياج كل واحد منهما للآخر، سواء بحكم الاختيار أو بحكم الاضطرار.

 وفى مختتم كلمته أشار إلى ما يتسرّب إلى ثقافتنا الراهنة من الإرث الذى حدّد الفن القولى فى الحضارة العربية، انطلاقًا من أن المدح هو أبو الأغراض الشعرية، ليخلص إلى استخلاص القيم التى تجمع أطراف ملتقيات الشعر العربى فى صياغتها الدولية على أساس مقاييس النقد الحديث، وفقًا لثنائية بنية الشعر ووظيفته.

ثم جاءت كلمة الناقد الأدبى العراقى الدكتور ياسين النصير، الذى حملت مشاركته البحثية عنوان: "نحو حركة ثانية لقصيدة الحداثة"، والتى أوضح خلالها أن الحركة الشعرية التى انبثقت فى أواخر الأربعينيات من القرن الماضى، لم تبق ضمن أشكالها التعبيرية الأولى؛ فقد جرت عليها تغييرات جذرية فى بنية الشكل والمحتوى، مكنتها من أن تبتدع أشكالًا شعرية جديدة، من بينها البنية الدرامية كما فى شعرية صلاح عبد الصبور، ومنها الشكل المدور للقصيدة الحديثة كما فى شعرية حسب الشيخ جعفر، ومن الأشكال الجديدة استثمار البعد الأسطورى والمثيولوجى.

كما عند الشاعر محمد عفيفى مطر وشعراء آخرين، ومن الأشكال الجديدة قصيدة غير اليومى والمألوف كما عند الشاعر سعدى يوسف، ومنها قصيدة النثر بأشكالها كما عند أدونيس ومحمد الماغوط، بالإضافة إلى أشكال شعرية عديدة رصدها فى كتابه "شعرية الحداثة"، كقصيدة الكولاج، والقصيدة الكونكريتية، وقصيدة الصرخة وغيرها من الأشكال الشعرية التى طوّرت قصيدة الحركة الأولى للحداثة ونقلتها من الموضوع المباشر إلى الموضوع الإنسانى بأبعاده الثقافية والفلسفية والتنويرية والإنسانية.

عقب ذلك تحدث الناقد الأدبى المصرى الدكتور عبد الرحيم الكردى، الذى جاءت مشاركته البحثية تحت عنوان: "الأبعاد الأسطورية للصورة الشعرية بين السياب ومحمود حسن إسماعيل"؛ حيث أوضح أن القارئ لشعريهما سيجد بينهما تشابها كبيرًا، من حيث المعجم الشعرى والرؤية، وخاصة التشابه فى طبيعة المناجم السحرية القروية التى استخرجت منها معادن الصورة الشعرية.

 واختتم مؤكدًا أن القرية عند كِلا الشاعرين ليست مجرد مجموعة من المبانى والأكواخ ، بل هى العجينة الأسطورية التى صاغا من ثقافتها صورهم الشعرية، حتى في تعبيرهم عن المدينة؛ فأهل القرية فى كل من ريف مصر والعراق شعراء حالمون بالفطرة، يتوحدون مع الطبيعة توحدًا أسطوريًا؛ فهم يتعاملون مع النهر على أنه كائن حىّ ينام ويستيقظ، ومع الساقية على أنها امرأة، ومع النخلة على أنها امرأة تنشر ضفائرها لذلك نجد السياب يصور النخيل سكارى، والموج يغنى، والصفصافة مخضوبة الرأس بالسنا، ونرى محمود حسن إسماعيل يصور النخلة فى الريف صوفية تقية وفى المدينة ملحدة، ويسمع ما قالت الريح للنخيل، ويرى القيظ وهو يقعى على أسوار البيوت، والسواقى قيثارة حزينة تنوح ولها دموع، ويصور النعش بزورق الموت، والفراشة راهبة الضحى، والغراب راهب الليل، والهلال الأحدب النشوان، والديك مؤذن الفجر، والفتاة القروية عروس النيل، والبومة شيخة عابسة، وجميعها صور لا تشبه الصور الرومانسية التقليدية التى يضفي الشاعر فيها قبسًا من خياله على الطبيعة ، بل إن المادة الأولية لهذا النوع من الصور ليست الكلمات بل الرؤى الأسطورية الوليدة لثقافة الشاعرين.

فيما دارت كلمة الدكتور طارق النعمان حول مضمون ورقته البحثية، التى حملت عنوان: "مرثية لاعب سيرك" و"الخواجة لامبو" - قراءة مقارنة؛ حيث أوضح أن الورقة هذه تمثل محاولة لقراءة مقارنة بين كل من قصيدتى: "مرثية لاعب سيرك" للشاعر أحمد عبد المعطى حجازى، و"الخواجة لامبو" للشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودى، وما بينهما من ثيمات مشتركة وكيفيات تجسيد وتجلى هذه الثيمات فى كل قصيدة منهما، ودلالة ما يوجد بينهما من تقاطعات على مستوى زمن إنتاج كل منهما، ودلالة ما يوجد بينهما من اختلاف على مستوى طبيعة رؤية العالم لدى كلا الشاعرين، ذلك أنه على الرغم مما يوجد بين القصيدتين من ثيمات مشتركة فإن كيفيات حضور هذه الثيمات واشتغالها تتباين تباينًا لافتًا فى كل نص من النصين، بما ينعكس على طبيعة رؤية العالم فى كل منهما.

ختامًا تحدث الناقد الأدبى الدكتور خيرى دومة حول مضمون ورقته البحثية التى جاءت تحت عنوان: الحبيبة - الوطن بين ناجى والسياب قراءة فى قصيدتى "فى الظلام" و"أنشودة المطر"، مشيرًا إلى أن ناجى نشر قصيدته عام 1942، فى مجلة الرسالة بعددها الصادر يوم 18 ديسمبر من ذلك العام، تحت عنوان "ليالى القاهرة"،  وجاءت فى غمار الحرب العالمية الثانية التى خيّمت أجواؤها على القاهرة، وبات عنوان القصيدة بعد ذلك عنوان للديوان؛ حيث غيّر ناجى عنوان القصيدة إلى "فى الظلام" بعد أن أدخل عليها عدة تعديلات جوهرية، أما قصيدة السياب فقد نشرها فى مجلة الآداب البيروتية عام 1954، وصارت هى الأخرى عنوانًا لواحد من أهم دواوينه، وفيه نشر القصيدة بعنوانها دون أدنى تغيير، وفى مختتم حديثه أوضح أن كلتا القصيدتان بدأت بخطاب أو نداء يوجهه المتكلم إلى محبوبة خرافية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز