

بقلم
ابراهيم رمضان
دستور "موسى" ورفاقه.
12:00 ص - السبت 7 ديسمبر 2013
بقلم : ابراهيم رمضان
قراءة بسيطة في مسودة التعديلات الدستورية التي أعدتها لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق لمصر في الفترة من "1991 -2001"، وكونه أمينا عاما لجامعة الدول العربية في الفترة من "2001 -2011 " خلال فترة حكم الرئيس المخلوع "مبارك"، نكتشف عددا من الملاحظات التي لا بد وأن نتوقف أمامها إذا كنا نتطلع لمتسقبل بلد ديمقراطي .
في ديباجة مسودة التعديلات الدستورية (التي جاءت وكأنها مقال يصف مَن هي مصر)، ذكرت أن مصر هبة النيل، وأنها دولة عربية، ولكنه لم يتطرق إلى أنها تمثل "قلب العالم الإسلامي"، وإن كانت المادة الأولى قد أشارت إلى أن مصر جزءٌ من العالم الإسلامي، وربما نلتمس لأعضاء الخمسين العذرَ إذا اعتبروا أن الدولة الوحيدة التي يطلق عليها دولة إسلامية هي "السعودية" باعتبار أن الرسالة أُنزلت على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو –سيد الخلق- أحدُ أبناءِ تلك البلاد، ولم تنزل رسالة الإسلام على أحد أبناء مصر.
ولعل المغالطة التاريخية الفادحة هي تلك الخاصة بثورة 23 يوليو، التي لم يرِد فيها ذِكر الرئيس محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر العربية، وإنما نَسبت ديباجة مسودة الدستور ثورة يوليو للزعيم جمال عبد الناصر فقط بقولها "وثورة 23 يوليو 1952، التي قادها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر".
إلا أن الجملة التي ما زلتُ أبحث لها عن تفسير أو معنى في تلك الديباجة، هي "نكتب دستورا يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن"!! ولا أعرف ما علاقة أحكام الدستورية بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية؟! وأين الأزهر من هذه المادة؟! فالمحكمة الدستورية هي في الأساس مَعنية بتفسير الخلاف الذي قد ينتج عن لَبس في فهم مادة من مواد الدستور الوضعي الذي يضعه البشر في أي مرحلة من الزمان.
ورغم كل التأكيدات الواردة في مواد الدستور المختلفة، بالمساواة بين المواطنين أمام القانون، إلا أن المسودة تضمنت المادة 63 التي تنص على "حظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين"، ولا أعرف متى حدث هذا؟ وأين في مصر على مدار الفترة الماضية؟ وكيف سيعالج المشرعُ حالةً مثل هذه تراضت الأطرافُ (وفقا لنهج الجلسات العرفية التي تلجأ إليها بعض المحافظات والمناطق لسرعتها) على إعادة الحق لأصحابه بدلا من الانتظار لسنوات في المحاكم إذا ما أقرت هذه الجلسة تهجير أسرة من قرية أو مدينة منعا لتكرار المشاكل بين عائلتين مثلا، وهي المادة التي تتعارض مع واقع وثقافة جزء أصيل من الشعب، على رأسه بعض القبائل العربية الممتدة من شمال مصر لجنوبها .
وإذا كان أعضاء لجنة الخمسين قد أقروا في المادة 64 بأن "حرية الاعتقاد مطلقة"! فلماذا لم تُذكر أي إشارة لأصحاب الأديان الأخرى (غير الأديان السماوية) في إقامة دور عبادتهم وممارسة شعائرهم الدينية بحرية؟، وهل ستحترم الدولة هذه المادة وتقرر إلغاء خانة الديانة ببطاقة الرقم القومي بشكل اختياري لمن يرغب؟، أم أنها ستستمر في ضرب القوانين بعرض الحائط وإن كانت نصوصا دستورية؟
والتساؤل الذي ما زلت أبحث عن إجابة له هو ما حملته المادة 85 من مسودة التعديلات الدستورية بحظر مخاطبة الدولة، باسم الجماعات، وهل لدينا جماعات في مصر تخاطب الدولة؟
ولماذا أعطت مسودة التعديلات الدستورية الحق لرئيس الجمهورية في تعيين 5% من أعضاء مجلس النواب المقبل، إلا إذا كانت هناك "شلة" من الموعودين بعضوية المجلس، نظير ما قدموه من خدمات لا نعرفها؟!
ولمْ توضح هذه التعديلات كيف تتم مراقبة ومعرفة كيف تلقَّى عضو مجلس النواب هدية نقدية أو عينية كي يعيدها للخزانة العامة للدولة بمناسبة أنه عضو بالمجلس؟ وما الجدوَى من تقييد انعقاد مجلس النواب بمدينة القاهرة وبطلان أي قرارات تصدر عن المجلس حال انعقاده بأي مكان آخر؟
التعديلات الدستورية حظرت على رئيس الجمهورية منح نفسه أوسمةً ونياشينَ، فمَن سيراقب ذلك؟ وكيف سيُعفى رئيس الجمهورية من أداء عمله فيما نطلب منه الحصول على أغلبية أعضاء مجلس النواب وفقا للمادة 147، وهي تلك الأغلبية التي من الصعب الحصول عليه ؟
ورغم الاعتراضات التي خرجت هنا وهناك على أن يكون رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن المادة 152 من مسودة التعديلات الدستورية أقرت ذلك، فماذا لو انتخب الشعب رئيسا مدنيا؟ هل سنقع في الإشكالية نفسها التي وقعنا فيها في عهد مرسي؟
وفي المادة 180 نصت على "تخصيص كوتة للشباب والمرأة والفلاحين والعمال في انتخابات الوحدات المحلية"، على أن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبا للمسيحيين ولذوي الاحتياجات الخاصة، والتساؤل هو: أين باقي أصحاب الديانات الأخرى من يهود أو غيرهم من تلك المادة وفقا لنص المادة 63 التي توضح أن "حرية الاعتقاد مطلقة"؟
وإذا كانت ميزانية القوات المسلحة ستدرج في الدستور؛ رقما واحدا، نظرا لحساسية موقفها وفقا للمادة 203، فلماذا تدرج ميزانية السلطة القضائية رقما واحدا وفقا للمادة 185؟ وما إشكاليتها؟ هل نخشَى مثلا من أن يعرف الأعداء ميزانيتها، فنقع في ورطة مثلا -لا قدر الله؟
ووفقا لنص المادة 203 من المسودة "ينشأ مجلس للدفاع الوطني"، وفي نص المادة 205 "ينشأ مجلس للأمن القومي"، ولا أعرف: لماذا سيكون لدينا مجلسان صراحة رغم أن اختصاصاتهما متشابهة وفقا لنص المادتين؟
وفيما يخص جهاز الشرطة؛ فإن المادة 206 من مسودة التعديلات تنص على "أنها هيئة نظامية مدنية"، وبالتالي ووفقا لنص المادة، فليس من حقها حمل السلاح أثناء تأدية مهامها .
ولم توضح لنا المادة 234 من المسودة من المَعْني بتعيين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي سيلجأ له الرئيس لأخذ رأيه في تعيين وزير الدفاع، خاصة أن المعروف أن وزير الدفاع هو مَن يختار أعضاء المجلس الأعلى، ومن ثم سيكون ولاؤهم للوزير وليس للرئيس، وبالتالي لن يتمكّن الرئيس من تغيير وزير الدفاع حال إذا رغب في ذلك، وهي المادة التي تمنح تحصينا خاصا لوزير الدفاع لمدة 8 سنوات مقبلة؟
وربما تتعارض المادة 244 مع نص المادة 63 ونصوص مواد أخرى تنص على المساواة بين المواطنين، خاصة أن المادة 244 تنص على "أن تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين وذوي الإعاقة تمثيلا مناسبا" في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار الدستور. والحقيقة لا أعرف كيف ستضمن الدولة ذلك؟ وما آلياتُ تحقيقه؟ وهل المقصود بها كوتة؟ وماذا عن أصحاب الديانات الأخرى؟
تلك بعض الملاحظات التي دوّنتها في قراءة سريعة لمسودة التعديلات الدستورية، التي أعدتها لجنة الخمسين برئاسة السيد عمرو موسى، والتي كنت أنتظر منها أن تُعلي مبدأ المواطنة فوق أي مبدأ آخر، ولكنها حصرت –للأسف- موادَّ كثيرة في فئات وديانات بعينها.
قراءة بسيطة في مسودة التعديلات الدستورية التي أعدتها لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق لمصر في الفترة من "1991 -2001"، وكونه أمينا عاما لجامعة الدول العربية في الفترة من "2001 -2011 " خلال فترة حكم الرئيس المخلوع "مبارك"، نكتشف عددا من الملاحظات التي لا بد وأن نتوقف أمامها إذا كنا نتطلع لمتسقبل بلد ديمقراطي .
في ديباجة مسودة التعديلات الدستورية (التي جاءت وكأنها مقال يصف مَن هي مصر)، ذكرت أن مصر هبة النيل، وأنها دولة عربية، ولكنه لم يتطرق إلى أنها تمثل "قلب العالم الإسلامي"، وإن كانت المادة الأولى قد أشارت إلى أن مصر جزءٌ من العالم الإسلامي، وربما نلتمس لأعضاء الخمسين العذرَ إذا اعتبروا أن الدولة الوحيدة التي يطلق عليها دولة إسلامية هي "السعودية" باعتبار أن الرسالة أُنزلت على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو –سيد الخلق- أحدُ أبناءِ تلك البلاد، ولم تنزل رسالة الإسلام على أحد أبناء مصر.
ولعل المغالطة التاريخية الفادحة هي تلك الخاصة بثورة 23 يوليو، التي لم يرِد فيها ذِكر الرئيس محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر العربية، وإنما نَسبت ديباجة مسودة الدستور ثورة يوليو للزعيم جمال عبد الناصر فقط بقولها "وثورة 23 يوليو 1952، التي قادها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر".
إلا أن الجملة التي ما زلتُ أبحث لها عن تفسير أو معنى في تلك الديباجة، هي "نكتب دستورا يؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وأن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن"!! ولا أعرف ما علاقة أحكام الدستورية بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية؟! وأين الأزهر من هذه المادة؟! فالمحكمة الدستورية هي في الأساس مَعنية بتفسير الخلاف الذي قد ينتج عن لَبس في فهم مادة من مواد الدستور الوضعي الذي يضعه البشر في أي مرحلة من الزمان.
ورغم كل التأكيدات الواردة في مواد الدستور المختلفة، بالمساواة بين المواطنين أمام القانون، إلا أن المسودة تضمنت المادة 63 التي تنص على "حظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين"، ولا أعرف متى حدث هذا؟ وأين في مصر على مدار الفترة الماضية؟ وكيف سيعالج المشرعُ حالةً مثل هذه تراضت الأطرافُ (وفقا لنهج الجلسات العرفية التي تلجأ إليها بعض المحافظات والمناطق لسرعتها) على إعادة الحق لأصحابه بدلا من الانتظار لسنوات في المحاكم إذا ما أقرت هذه الجلسة تهجير أسرة من قرية أو مدينة منعا لتكرار المشاكل بين عائلتين مثلا، وهي المادة التي تتعارض مع واقع وثقافة جزء أصيل من الشعب، على رأسه بعض القبائل العربية الممتدة من شمال مصر لجنوبها .
وإذا كان أعضاء لجنة الخمسين قد أقروا في المادة 64 بأن "حرية الاعتقاد مطلقة"! فلماذا لم تُذكر أي إشارة لأصحاب الأديان الأخرى (غير الأديان السماوية) في إقامة دور عبادتهم وممارسة شعائرهم الدينية بحرية؟، وهل ستحترم الدولة هذه المادة وتقرر إلغاء خانة الديانة ببطاقة الرقم القومي بشكل اختياري لمن يرغب؟، أم أنها ستستمر في ضرب القوانين بعرض الحائط وإن كانت نصوصا دستورية؟
والتساؤل الذي ما زلت أبحث عن إجابة له هو ما حملته المادة 85 من مسودة التعديلات الدستورية بحظر مخاطبة الدولة، باسم الجماعات، وهل لدينا جماعات في مصر تخاطب الدولة؟
ولماذا أعطت مسودة التعديلات الدستورية الحق لرئيس الجمهورية في تعيين 5% من أعضاء مجلس النواب المقبل، إلا إذا كانت هناك "شلة" من الموعودين بعضوية المجلس، نظير ما قدموه من خدمات لا نعرفها؟!
ولمْ توضح هذه التعديلات كيف تتم مراقبة ومعرفة كيف تلقَّى عضو مجلس النواب هدية نقدية أو عينية كي يعيدها للخزانة العامة للدولة بمناسبة أنه عضو بالمجلس؟ وما الجدوَى من تقييد انعقاد مجلس النواب بمدينة القاهرة وبطلان أي قرارات تصدر عن المجلس حال انعقاده بأي مكان آخر؟
التعديلات الدستورية حظرت على رئيس الجمهورية منح نفسه أوسمةً ونياشينَ، فمَن سيراقب ذلك؟ وكيف سيُعفى رئيس الجمهورية من أداء عمله فيما نطلب منه الحصول على أغلبية أعضاء مجلس النواب وفقا للمادة 147، وهي تلك الأغلبية التي من الصعب الحصول عليه ؟
ورغم الاعتراضات التي خرجت هنا وهناك على أن يكون رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن المادة 152 من مسودة التعديلات الدستورية أقرت ذلك، فماذا لو انتخب الشعب رئيسا مدنيا؟ هل سنقع في الإشكالية نفسها التي وقعنا فيها في عهد مرسي؟
وفي المادة 180 نصت على "تخصيص كوتة للشباب والمرأة والفلاحين والعمال في انتخابات الوحدات المحلية"، على أن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبا للمسيحيين ولذوي الاحتياجات الخاصة، والتساؤل هو: أين باقي أصحاب الديانات الأخرى من يهود أو غيرهم من تلك المادة وفقا لنص المادة 63 التي توضح أن "حرية الاعتقاد مطلقة"؟
وإذا كانت ميزانية القوات المسلحة ستدرج في الدستور؛ رقما واحدا، نظرا لحساسية موقفها وفقا للمادة 203، فلماذا تدرج ميزانية السلطة القضائية رقما واحدا وفقا للمادة 185؟ وما إشكاليتها؟ هل نخشَى مثلا من أن يعرف الأعداء ميزانيتها، فنقع في ورطة مثلا -لا قدر الله؟
ووفقا لنص المادة 203 من المسودة "ينشأ مجلس للدفاع الوطني"، وفي نص المادة 205 "ينشأ مجلس للأمن القومي"، ولا أعرف: لماذا سيكون لدينا مجلسان صراحة رغم أن اختصاصاتهما متشابهة وفقا لنص المادتين؟
وفيما يخص جهاز الشرطة؛ فإن المادة 206 من مسودة التعديلات تنص على "أنها هيئة نظامية مدنية"، وبالتالي ووفقا لنص المادة، فليس من حقها حمل السلاح أثناء تأدية مهامها .
ولم توضح لنا المادة 234 من المسودة من المَعْني بتعيين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي سيلجأ له الرئيس لأخذ رأيه في تعيين وزير الدفاع، خاصة أن المعروف أن وزير الدفاع هو مَن يختار أعضاء المجلس الأعلى، ومن ثم سيكون ولاؤهم للوزير وليس للرئيس، وبالتالي لن يتمكّن الرئيس من تغيير وزير الدفاع حال إذا رغب في ذلك، وهي المادة التي تمنح تحصينا خاصا لوزير الدفاع لمدة 8 سنوات مقبلة؟
وربما تتعارض المادة 244 مع نص المادة 63 ونصوص مواد أخرى تنص على المساواة بين المواطنين، خاصة أن المادة 244 تنص على "أن تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين وذوي الإعاقة تمثيلا مناسبا" في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار الدستور. والحقيقة لا أعرف كيف ستضمن الدولة ذلك؟ وما آلياتُ تحقيقه؟ وهل المقصود بها كوتة؟ وماذا عن أصحاب الديانات الأخرى؟
تلك بعض الملاحظات التي دوّنتها في قراءة سريعة لمسودة التعديلات الدستورية، التي أعدتها لجنة الخمسين برئاسة السيد عمرو موسى، والتي كنت أنتظر منها أن تُعلي مبدأ المواطنة فوق أي مبدأ آخر، ولكنها حصرت –للأسف- موادَّ كثيرة في فئات وديانات بعينها.
تابع بوابة روزا اليوسف علي