

بقلم
عاطف حلمي
السيسي .. حمدين .. عبدالناصر
12:00 ص - الإثنين 27 يناير 2014
بقلم : عاطف حلمي
من حق السيسي أن يترشح لرئاسة الجمهورية ومن حق حمدين أن يترشح أيضاً، بل ومن حق أي مواطن أن يرشح نفسه حتى وإن كان لن يحصل سوى على صوته، لكن لايحق لأي من كان أن يشوه صورة أي مرشح بالباطل من أجل مرشح آخر، فمشكلتنا أننا حتى الآن لم ندرك عمق ثقافة الإختلاف في الرأي والتوجه، وللاسف تربينا خلال عقود مضت على ثقافة العزل والتكفير والتخوين وما أكثر ما نعانيه من تلك الثقافة البائسة.
قواعد شعبية
لا معنى لديمقراطية لا تشهد تنافساً شريفاً بين أكثر من مرشح، وإذا كنا في الانتخابات الرئاسية الماضية عانينا من الوقوع ضحايا بين اختيار مرشح الفلول أحمد شفيق أو مرشح الإخوان محمد مرسي، فأننا الآن لانصدق أنفسنا في الاختيار بين أكثر من مرشح كلاهما له ارضيته الشعبية الحقيقية، وأقصد هنا على وجه التحديد السيسي وحمدين، وشاء من شاء وآبى من ابى فأن الأثنين لهما أرضية وقاعدة شعبية.
المعضلة والحل
والمثير للأنتباه هذه المرة أن المرشحين السيسي وحمدين ينطلقان من ارث الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر، الاثنان يعبران عن تلك الهوية الناصرية سواء كان ذلك تصريحاً أو تلميحاً، فالسيسي يراه معظم مؤيديه نسخة القرن الواحد والعشرين من جمال عبد الناصر، وحمدين نشأ وتربى طوال مشواره السياسي ناصرياً حتى النخاع، وهنا تكمن المعضلة والحل في نفس الوقت، لذلك فأن من سيدلي بصوته من منطلق ايديولوجي أو وفقاً لبرنامج أي من المرشحين سوف يتوقف كثيراً أمام صندق الانتخابات قبل أن يعطي صوته لناصري قادم من خلفية عسكرية وناصري قادم من خلفية مدنية.
النموذج الروسي
والحل من وجهة نظري المتواضعة يكمن في النموذج الروسي الحالي (بوتين ــ مدفيديف)، فإذا كان هناك من يرى أنه من المحتم أن يدخل المرشحان حلبة المنافسة السياسية على المنصب الرئاسي، فلماذا لايتم الاستفادة من السيسي وصباحي في آن واحد من خلال هذا النموذج الروسي بعد تمصيره، وهو سيناريو يمكن اعتماده من الآن من خلال قنوات التواصل المشتركة بين الطرفين وما أكثرها، أو حتى انتظار ما يمكن أن تسفر عنه نتائج الانتخابات الرئاسية وظهور القوة الشعبية الحقيقية للأثنين اللذين أجد على الأقل من وجهة نظري الشخصية أنهما جناحان لفكر وتوجه واحد هو الفكر الناصري.
تعدد مطلوب
الأمر الآخر فأنه من المبكر إلى حد ما رؤية ما ستسفر عنه صناديق الانتخابات الرئاسية رغم الشعبية الجارفة للفريق عبد الفتاح السيسي، فهناك من الناصريين الذين سيميلون بحكم الانتماء التاريخي للحركة الناصرية لإعطاء أصواتهم لحمدين صباحي، وهناك أيضا شرائح ليست بالهينة من شباب الحركات الثورية الذين انزعجوا من ظهور وجوه نظام مبارك على الساحة مرة اخرى وتأييدهم للفريق السيسي، وهؤلاء قد لايكونوا بالضرورة من المؤيدين أو المتعاطفين مع حمدين لكنهم عند التصويت قد يلقون بأصواتهم وثقلهم خلف حمدين، وأيضاً تيارات الإسلام السياسي التي رغم كرهها الشديد للسيسي وحمدين إلا أنهم سيعمدون إلى الوقوف بكل ثقلهم خلف من يرونه يستطيع منافسة الفريق السيسي حتى لايحصل على نسبة عالية من الأصوات، وهنا قد يعطون أصواتهم لحمدين خاصة أن تجربة مقاطعتهم للاستفتاء على الدستور الأخيرة باءت بالفشل الذريع، وأيضاً قد يفشل صباحي فشلاً ذريعاً على مستوى الأصوات لكن في كل الأحوال خوض التجربة بهذا التعدد مطلوب ومحمود في كل الأحوال.
تركيبة نفسية
يضاف إلى كل ذلك أن التركيبة النفسية للشارع المصري متقلبة بشدة، وفي خضم الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية لايستطيع أحد التنبؤ بشكل حقيقي بالسلوك الانتخابي للشارع وقد فشلت بالفعل كل استطلاعات الرأي وتحليلات وتوقعات المحللين.
مطلوب مؤسسات
ومهما كانت النتائج فعلينا ان ندرك أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات، بل أن الانتخابات هي مجرد مظهر من مظاهر الديمقراطية التي تحتاج إلى بناء مؤسسات من أحزاب حقيقية ذات برامج فعلية على أرض الواقع، ومنظمات مجتمع مدني وجماعات ضغط سياسي ومشاركة واعية من كل شرائح الشعب، كما أن الانتخابات البرلمانية لن تقل بأي حال من الأحوال أهمية عن الانتخابات الرئاسية، بل هي بمثابة الضوء الكاشف لثقل مختلف التيارات على الساحة السياسية وهي التي سيتحدد على ضوئها التشكيل الحكومي المقبل، وطريق الرقابة على أداء تلك الحكومة وأيضاً نوعية وأسلوب التشريع الذي سيتم من خلاله تطبيق الدستور بشكل ملموس لرجل الشارع، وإذا لم ندرك ذلك ذهب كل شيء هباء، وساعتها لاعزاء للثورة والثوار.
حملات تشويه
وأخيراً وبغض النظر عما ستسفر عنه المرحلة المقبلة فأننا أمام تجربة ديمقراطية فريدة من نوعها لايجب علينا أن نتعامل معها بسلبية أو نظرة متشائمة، وعلينا أن نكف عن حملات التشويه التي تصدر من هنا أو هناك، حتى نخرج بانتخابات نزيهة ونستفيد من تلك التجربة في ارساء دعائم دولة المؤسسات وليس دولة الفرعون أو الحاكم الأوحد، فدولة بحجم مصر أكبر من الجميع ولا يجوز إدارتها بمنطق العزبة أو الوسية.
تابع بوابة روزا اليوسف علي