12:00 ص - الثلاثاء 9 أكتوبر 2012

محمد هيبه
ربما هى المرة الأولى منذ أكثر من 30 عاما التى يتم فيها الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر العظيم فى احتفال شعبى كبير على استاد القاهرة وبحضور رئيس الجمهورية الذى لم يجلس فى المقصورة الرئيسية فى الاستاد ولم يخطب فى الناس وأمامه حاجز زجاجى مضاد للرصاص، ولكنه هذه المرة - رئيس الجمهورية - ينزل إلى الجماهير ويلف أرض الاستاد بسيارة مكشوفة ويجلس على منصة عادية بحيث تراه الجماهير من كل جانب ويجلس أمامه على أرض الملعب كل كبار رجال الإخوان والدولة ورجال الحرية والعدالة.. ولكن الغريب والمثير هو حضور قتلة السادات بطل حرب أكتوبر فى الاحتفال بذكرى النصر وذكرى اغتيال السادات نفسه، بينما غاب عن الاحتفال أبطال أكتوبر الحقيقيون الذين صنعوا ملحمة النصر وتحملوا المسئولية فى الحرب وفى السلم أيضا.. وهم الذين انحازوا إلى الشعب فى ثورته ضد الطاغية والنظام البائد.
الحقيقة أننى شعرت فى احتفال 6 أكتوبر أن هذا الاحتفال يخص الحرية والعدالة.. ومن ورائهم الإخوان المسلمين والتيارات الدينية الأخرى لأن قوى الثورة الأخرى غابت عن الاحتفال.. ورموز العمل الوطنى أيضا غابت عن الحضور.. وكذلك الأحزاب الأخرى.. وهو أمر يثير التساؤل لأن نصر أكتوبر هو نصر لكل شعب مصر.. والاحتفال به بحضور رئيس الجمهورية يتطلب وجود كل القوى والرموز وأطياف المجتمع الأخرى.
ومع ذلك تبقى ملاحظة مهمة وجوهرية.. حيث سعدنا جميعا بقيام الرئيس مرسى بتكريم اسم أنور السادات بطل الحرب والسلام، وكذلك تكريم اسم الفريق سعد الدين الشاذلى الذى لم يأخذ حقه أدبيا كبطل وقائد من قادة حرب أكتوبر وذلك بمنحه قلادة النيل أرفع أوسمة الدولة.. ومع ذلك فقد كنت أتمنى أن يكون التكريم له هنا، وهو الاعتراف بفضل هذا الرجل الذى غبن حقه وليس بغرض أن يكون نكاية فى آخرين سلبوه هذا الحق وكان السادات أول من أطاح بهذا الرجل.. ولذا كنت أتمنى أن يبادر الرئيس مرسى وهو أول رئيس منتخب جاء بعد ثورة يناير العظيمة ليكرم أسماء القادة الذين حققوا نصر أكتوبر وعلى رأسهم المشير أحمد إسماعيل والمشير الجمسى، والفريق محمد على فهمى صاحب ملحمة الدفاع الجوى الخالدة.. كذلك ألا ننساق وراء الأخطاء التى وقعنا فيها من قبل بمحو الماضى بأستيكة لأنه ارتبط باسم شخص أو عهد لا نرضى عنه.. وأنهيناه بأنفسنا، حدث هذا عندما طمسنا إنجازات محمد على وثورة 19، وحدث هذا عندما حاولنا إهالة التراب على إنجازات ثورة يوليو وغيرها.. لذا عجبت أنه لأول مرة منذ أكثر من 53 عاما لا يشار إلى الضربة الجوية المركزة التى كانت مفتاح النصر فى 1973 لأن قائدها كان الفريق طيار حسنى مبارك.. علينا أن نفرق بين مبارك قائد القوات الجوية فى 3791 ومبارك الديكتاتور الذى ظلم الشعب ونفاه 30 عاما.
هذا فقط لإعطاء كل ذى حق حقه.. لا لشخص مبارك.. ولكن لنسور الجو الذين كتبوا ملحمة رائعة فى 1973 وكانوا فعلا مفتاح النصر.
الدين والسياسة وثالثهما الشيطان
قلنا من قبل مرارا وتكرارا أن الإصرار على مدنية الدولة ينص بألا نقحم الدين فى السياسة.. وألا تدخل السياسة فى الدين فهذا ليس فى مصلحة الدين.. ولا مصلحة السياسة.. فالاثنان لايجتمعان إلا وكان الشيطان ثالثهما.. أقول هذا بمناسبة الانشقاق فى حزب النور والذى انتهى إلى حين بين رئيس الحزب عماد عبدالغفور والمنشقين عنه.. فالصراع على المناصب أدى إلى فتنة بين رئاسة الحزب الواحد وذقون الدعوة السلفية الواحدة.. وهكذا السياسة لا دين لها ولا أخلاق من يلعب بها يكتوى بالنار.. وها هم الإخوان كجماعة دعوية تكتوى بنار السياسة.. وها هم السلفيون المتشددون نوعا ما ينالون نصيبهم هم الآخرون من نار السياسة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.