عاجل
الأحد 7 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
مؤامرات إبليس (13) .. الحرب العالمية الثالثة

مؤامرات إبليس (13) .. الحرب العالمية الثالثة

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

انتهينا سابقا عند دروس سبعة مستفادة من تطور أحداث ثورة يناير 2011م والتي انتهت بتنحي مبارك المفاجئ والذي أفرغ الثورة من زخمها وتحول غضب الشعب الثائر لأفراح واحتفالات عفوية تلقائية أجبرت العالم أجمع وعلى رأسهم أمريكا والغرب وبقية عناصر لوبي المؤامرة على الصمت واحترام مشاعر هذا الشعب وقراره ، وكان تنحي مبارك تحولا مفاجئا غير متوقع خاصة من الإدارة الأمريكية وحلفائها جميعا وهم من خططوا لتكرار مسلسل ليبيا بتوقع رفض مبارك مغادرة الحكم يعقبه ازدياد ثورة الشعب واستخدام العناصر العميلة كالإخوان وحماس لقتل بعض المتظاهرين وإلصاق التهمة بالجيش المصري لخلق سببا شرعيا لسرعة تدخل قطع الأسطول الأمريكي من البحرين الأحمر والأبيض لضرب قواعد ومراكز قيادة الجيش لتدميره قدراته متزامنا مع انفجار الفوضى والقبض على مبارك بواسطة الإخوان وإعدامه شعبيا ، لتسقط مصر في يد الإخوان أو في دوامة الحرب الأهلية أو كلاهما معا .



وكانت الدروس السبعة وأهمها وأبرزها الدرس السابع (قوة جهاز المخابرات المصري) هي من أوقفت الجميع ليعيد حساباته جيدا خاصة لوبي المؤامرة وعلى رأسه الإدارة الأمريكية والتي لاحظت بوضوح أن مصر ليست كغيرها من الدول العربية وما زالت تحتفظ بنواة قوية قادرة على إدارة دفة الأمور والتدخل في التوقيت المناسب ، وهذه النواة على قدر كبير من الوعي والخبرة وتساندها القوات المسلحة ومن خلفهم شعبا يحمل عقلا جمعيا متميزا وفريدا ، وقد كان خير دليل على ذلك أن تلك اليد القوية في مصر استطاعت إزاحة مبارك في التوقيت الحرج وأفسدت أبرز وأهم حلقات مخطط الفوضى الخلاقة في مصر ، ولم تجد أطراف المؤامرة بدا من تهنئة الشعب المصري بنجاح ثورته كاظمة غيظها ، ومضطرة للانتقال للسيناريو البديل للمخطط ، وهو التعامل مع السلطة المؤقتة لإسقاطها والوصول بالإخوان للحكم وإن كان ذلك متأخرا عما كان مقررا له بأكثر من خمس سنوات ، وتخيلت جميع أطراف المؤامرة أن المجلس العسكري سيكون عاجزا عن مجاراة مخططاتهم المحكمة والمدعومة بعناصر الخيانة داخليا من الإخوان والسلفيين والليبراليين ونشطاء السبوبة وبعض النخب العميلة لهدم مؤسسات الدولة وتفكيكها تمهيدا لحكم الإخوان وتقسيم مصر لخمسة كيانات أو دويلات منفصلة .

وكان على المجلس العسكري واجبات رئيسية أولها أن يؤكد مصداقية عدم رغبته في تولي السلطة أو المشاركة فيها ليطمئن الجميع وثانيها هو إدارة البلاد وتنفيذ الاستحقاقات الشعبية بداية من انتخابات الرئاسة ثم انتخابات البرلمان وصناعة الدستور ، ونتيجة للمؤامرات المتتالية من العناصر العميلة والمدفوعة بالجهل وما نتج عنها من الفوضى والأحداث الدامية في بعض حالاتها تغيرت أولويات الاستحقاقات أكثر من مرة ، حتى أصدر المجلس العسكري إعلانه الدستوري لينظم به تنفيذ الاستحقاقات الشعبية وهو ما أثار حفيظة العملاء والخونة فقرروا التعجيل برحيل المجلس العسكري فنشروا شعارات يسقط حكم العسكر ، وتمر الأيام بطيئة وثقيلة على المجلس العسكري الذي وجد نفسه مسئولا عن شعب ودولة في ظروف بالغة التعقيد ، وتقترب الانتخابات الرئاسية ليغير الإخوان من إستراتيجيتهم المعلنة سابقا بعدم خوض الانتخابات الرئاسية أو هكذا يريدون الشعب أن يصدق ، وبعيدا عن الأضواء تكتمل تفاصيل المؤامرة بزيارة كارتر ومباركته وصول مرسي العياط لحكم مصر وهم يتخيلون أنه لا أحد يعرف ما يخططون ويتآمرون عليه ، وتمارس المخابرات أهم ألعابها معهم فتترك اللجنة العليا تستبعد (عمر سليمان) بادعاء نقص في بعض التوكيلات لتعطي الجميع صك الأمان الأول ، في مقابل خروج الشاطر من السباق ثم يكتمل صك الأمان بعدها بأيام قليلة بوفاة عمر سليمان المفاجئة والتي كانت حتمية في هذا التوقيت لرجل يحمل أسرار الصندوق الأسود ويهدد تواجده الجميع على الساحة السياسية .

وتدار الانتخابات بين ثلاثة عشرة مرشحا أبرزهم مرسي وشفيق وحمدين وأبو الفتوح مع تسعة من الكومبارس بنجاح عظيم ، ويمارس الإخوان وتجار الدين أشرس أنواع معارك التزوير الانتخابي المفضوحة بواسطة الإعلام وشبكات التواصل لتضيف للإخوان وتجار الدين لدى الشعب وصمة جديدة بانعدام النزاهة والأمانة ، ويقتصر السباق على مرسي العياط وأحمد شفيق في جولته الثانية والحاسمة وكان على الشعب أن يختار ما بين رجل الإخوان والذين ما زالوا يتمتعون بشعبية اهتزت بعنف تحت وطأة فضائحهم المتتالية خاصة مهزلة حازم صلاح أبو إسماعيل والتي أفقدتهم كثيرا من مصداقيتهم لدى عامة الشعب ، وبين رجل مبارك أحمد شفيق ، ليفوز أحمد شفيق ويبدأ الحرس الجمهوري في الاستعداد لاستقباله ، وهو ما لم يكن تجار الدين يسمحون به مطلقا فهددوا المجلس العسكري بواسطة وسيطهم الماسوني وخادم الغرب الأمين محمد البرادعي أنهم سيحرقون مصر لو لم يفوزوا بالرئاسة ، فيتم تأجيل إعلان النتيجة وتبدأ عمليات التفاوض التي تنتهي باستسلام المجلس العسكري لتهديداتهم خاصة وأنهم كانوا يملكون قدرات تنفيذها ، ويصل الإخوان لعرش مصر في النهاية وهو الحدث الذي أفقدهم اتزانهم لفترة طويلة امتدت حتى سقوطهم ، والتي كانت أبرز علاماتها إعلاناتهم المتكررة والواثقة أنهم جاءوا ليحكموا مصر لخمسمائة عام قادمة .

وصل الإخوان للحكم وهم يجهلون تماما كيف تدار الدول والشعوب وكيف يحافظون على بقاءهم في الحكم خاصة وأنه حكم مصر ، وصدقوا أنفسهم أنهم يملكون شعبية طاغية رغم أنهم فازوا بالرئاسة بأقل من 50% ممن ارتضوا الإدلاء بأصواتهم وهم أقل من 50% ممن لهم حق التصويت وبالتالي لم يحظوا سوى بأقل من 25% من الشعب وعلى مضض ومعظمهم من عاصري الليمون (كما قال البعض) ، رغبة وأملا في استقرار حرم منه الشعب لأكثر من عام ونصف ، ولكن الإخوان خدعوا أنفسهم مرة ثانية وصدقوا أن المصريين لن يستطيعوا الثورة مرة أخرى قبل مرور مائة عام على الأقل مهما صدر منهم ، وساهم في ترسيخ خداعهم لأنفسهم ضعف وتخلف وسوء آلاتهم الإعلامية المعتمدة على قنوات فضائية ما لبثت أن أصبحت بعد فترة وجيزة مسار السخرية والاستهزاء من الغالبية العظمى من الشعب وهو أيضا ما ساهم بقوة في تنامي الرفض الشعبي لهم يوما بعد يوم ، وما أن دخل مرسي لقصر الاتحادية حتى تحول القصر لمضيفة دوار العمدة بكل سلبياتها وفضائحها ، وبدأ الإخوان إجراءات السيطرة سريعا والتي وضعوا لها أهدافا دون تخطيط وتناسوا تماما على أرض الواقع ما وعدوا به الشعب من حلم النهضة الذي تحول لمجال فسيح للسخرية منهم وسجلت الأجهزة الرقابية والأمنية أكبر عمليات النهب والاختلاس وسرقة أموال دولة في التاريخ حتى بلغ بهم حدود السفاهة والعته ، ووصل حد البجاحة والوقاحة أن يدفع مرسي مصروف نجله الطبيب في السعودية بشيكات مصرفية من البنك المركزي بالمليون دولار ، وتقضي أسرته عطلة منتصف العام والقاهرة تشتعل في طابا على حساب الدولة بأكثر من ثلاث مائة ألف دولار في أقل من أسبوع ، وتحركت كوادر الخيانة لتنفذ مخطط التقسيم بسرعة أذهلت حتى الإدارة الأمريكية نفسها ، فسرعان ما وعدوا قطر بقناة السويس كاملة كإقليم منفصل عن مصر ، وفي سبيل هذا حصلوا منها على أكثر من أربعين مليار دولار تبخرت لجيوبهم وحساباتهم خارج البلاد ، .

ولم يتوان الإخوان في سرعة تنفيذ مخطط التمكين والذي يرتكز على تعيين رجالهم في أكثر من (200 ألف) وظيفة قيادية في مؤسسات الدولة فضلا عن تنفيذ مخططات الهدم للمؤسسات الثلاثة الرئيسية (الشرطة - القضاء - الجيش) وساهم ضعف الشرطة ونجاحهم خلال الثورة في انهيار الشرطة وقلبه الخطير (أمن الدولة) فتخلصوا من كل العناصر الفاعلة ونقلوا البقية لوظائف إدارية بقرارات جمهورية ، ولكنهم وجدوا صعوبة كبيرة في استكمال هدم القضاء رغم توغلهم السابق بعناصر كثيرة تدين لهم بالولاء مما اضطرهم للمواجهات العلنية بواسطة حازمون والسلفيين والتي تجلت في أفحش صورها بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا ، ولم تسلم القوات المسلحة من مؤامراتهم فمن أجل الخلاص من طنطاوي تخطط الإخوان وتنفذ حماس عملية اغتيال ستة عشر جنديا في سيناء ساعة الإفطار في رمضان ويرحل طنطاوي وعنان في هدوء غريب ومريب كما بدا ساعتها وسرعان ما عينوا مدير المخابرات الحربية الذي أشيع عنه أنه إخواني وزيرا للدفاع ليختاروا بأيديهم عبد الفتاح السيسي والذي كان تعيينه برغبة وفرحة الإخوان من أنجح عمليات المخابرات في حينها ، ثم يحاول الإخوان السيطرة على المخابرات العامة بواسطة الشاطر ثم البلتاجي لتلقنهم المخابرات أقسى أنواع الدروس قسوة واحترافية منعتهم من الاقتراب منها مرة ثانية ، وتظهر قضية الهروب من سجن وادي النطرون والتي ظنوا أنها زوبعة في فنجان والتي تم إدارتها بمنتهى الحرفية والدقة على مدار عام كامل حتى انتهت بحكم يتهم رئيس الجمهورية وهو في قمة سلطته بالهروب من السجن والاشتراك في التخطيط لاقتحامه وتهريب المساجين وقتل الحراس وبعض المساجين بالتواطؤ مع حماس وعناصر أجنبية .  

ولا شك أن الإخوان كانوا بأفعالهم وأقوالهم وسوء إدارتهم للدولة من أهم وأخطر أسباب سقوطهم ، وناهينا عما إذا كانت جرائمهم قد تم استخدامها بحرفية ضدهم أم لا ، فقد كانت جريمة التفريط في سيناء من أحط وأحقر جرائم الخيانة الكافية لإسقاطهم ، سواء ببيع القناة لقطر أو بيع أكثر من ثلث سيناء لما يسمونه بالإمارة الإسلامية أو جريمة ببيع الشريط الحدودي لإسرائيل بثمانية مليارات دولار ، دفعتها الولايات المتحدة الأمريكية ، وبوثيقة بيع وقعها عن الجانب المصري مرسي والشاطر والحداد وعن الجانب الأمريكي أوباما وكلينتون ، وتمكنت المخابرات المصرية في واحدة من أخطر وأروع عملياتها الميدانية من الحصول على الوثيقة الأصلية من داخل الولايات المتحدة وهي وثيقة شديدة الخطورة وعالية السرية تسببت في عزل وزير الدفاع وقائد القيادة المركزية ونائب مدير المخابرات الأمريكية وكثير من مساعديه ، لأن فقدانها يعد كارثة تاريخية غير مسبوقة ، وإعلانها سيؤدي لمحاكمة جميع الموقعين عليها بتهم جرائم الإرهاب والخيانة ، وهو ما أجبر أوباما أن يكرر محاولاته لتحقيق الاتصال الشخصي بوزير الدفاع المصري (عبد الفتاح السيسي) بعد عزل مرسي لأكثر من ثلاث مرات باءت جميعها بالفشل لرفض الوزير المصري الرد عليه وهو رئيس أقوى دولة في العالم .. ليعلن التاريخ بداية فصل جديد من مسلسل استفاقة الكرامة المصرية وبداية لمواجهات شرسة ما زالت مستمرة حتى اليوم للمخابرات المصرية ضد أقوى وأخطر سبعة أجهزة مخابرات في العالم .. وهو ما سوف نتابعه لاحقا ..

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز