مؤامرات إبليس (14) .. الحرب العالمية الثالثة
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
كان وصول الإخوان لعرش مصر هو خطوة كبيرة ونجاح باهر للماسونية العالمية فمصر مفتاح الشرق الأوسط ودرعه الحصين عبر التاريخ أخيرا تسقط جثة هامدة في أيدي الماسونية وفي يد رجالها وصنائع يديها تحت مسمى (إخوان المسلمين) ، ولم يكن أحد من الغرب أو الإخوان أنفسهم يتخيل أن وصولهم كان مخططا بدقة بل ومدروس كل احتمالات بقائهم ومحدد لهم نهاية مسبقة ، حيث أن نشوة الانتصار أذهلت حتى عقول المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والغربية قبل الإخوان عن إدراك وفهم معان سهولة وغرابة أسلوب وصولهم للحكم وما تخلله من الأحداث المفتعلة ، خاصة وأن الإخوان كانوا منذ إنشاءهم وما زالوا هم العين الواعية للماسونية في مجرى الأحداث المصري والعربي بل والدولي ، ولذلك تخيلوا أنهم فقط هم أصحاب البطولات والمعجزة التي حققت ما لم يكن يحلمون أو يتخيلون حدوثه بعد عقود طويلة من المعاناة وبهذه السرعة ودون أدنى مقاومة من الجيش المصري وهو ما أكد لهم صدق معلومات عملائهم عن ضعف الجيش وعجم قدرته عن خوض حروب أو قتال أو التصدي لحرب أهلية تشعلها جماعاتهم المسلحة والتي هددوا بها المشير طنطاوي قبل إعلان النتيجة وجها لوجه إذا لم يفز محمد مرسي.
ومع اختلاف الأهداف المرحلية بين سقوط كل دولة ومراحل تقسيمها في الشرق الأوسط بات المشهد في منتصف عام 2012م واضحا ومخيفا لكل مصري وعربي ، فسوريا تعاني تناحر الفصائل وتضافرها وتكتلها دوما ضد الأسد سعيا لتقسيم سوريا تحت مسمى الحرية والديمقراطية والخلاص من استبداد الحكم العلوي ، وليبيا سقطت وتشرذمت فصائلها وتفشت فيها الفوضى بكل معانيها وتتجه للتقسيم بخطوات سريعة والعراق سقطت في مستنقع التقسيم ويستنزف دماء شعبها دون توقف ، وتسيطر إيران على حكومتها الشرعية والسودان أنهت المرحلة الأولى للتقسيم بالشمال والجنوب والمرحلة الثانية تقترب بسرعة لتقسيم الشمال لدولتين وتونس استولى الإخوان على الحكم فيها ، وبإتت لإيران اليد الطولى في العالم العربي خاصة بعد وصول الإخوان لحكم مصر وبداية شهر العسل الماسوني بين آيات الله والقيادة الإيرانية وإخوان مصر والذين جاءوا للحكم بمهمة واحدة هي سرعة تقسيم مصر لدويلات تبدأ ببيع الشريط الحدودي لإسرائيل بأموال أمريكية لتسكين الفلسطينيين فيه وتمكين القاعدة والجهاديين من إعلان إمارتهم على باقي شرق سيناء كدولة دينية تدين بالولاء للماسونية وذراعها السايسي المسمى بالصهيونية وبالتالي لليهود ، ثم بيع إقليم القناة كاملا لقطر بحق انتفاع لمدة 99 سنة وبإدارة قطرية (انجليزية من الباطن)غير خاضعة للقانون والسيطرة المصرية ، وتقسيم باقي مصر لدولة مسلمة على الدلتا والقاهرة وحتى قنا ثم دولة نوبية من جنوب قنا ومعها جزء من شمال السودان ، ودول مسيحية غربية من أسيوط والوادي الجديد وحتى الإسكندرية شمالا لتنتهي مصر بالتقسيم لستة كيانات منفصلة ، ووقع مرسي والشاطر وعصام الحداد مع أوباما وثيقة بيع الشريط الحدودي ، وتم إدخال وتسليح أكثر من 30 ألفا من الجهاديين من كل بقاع الأرض لسيناء تمهيدا لإعلان الإمارة الإسلامية يوم 5 يوليو 2013م كما تقول هيلاري كلينتون في كتابها .
وكان على رأس أسباب ترك الإخوان ليصلوا للحكم كان هو تنامي خديعة الثقة ، وتخيل الشعب أنهم أهل الدين والأمانة ولابد سيكونون أكثر حرصا على الحق والعدل والخير للمصريين ، ولو حدث وأعلنت النتيجة الحقيقية بفوز الفريق شفيق لسقطت مصر في مستنقع الحرب الأهلية طبقا للمخطط الغربي الماسوني الإخواني ولو تدخل الجيش لتحولت مصر لسوريا أخرى لينتهي بها المطاف لدمارها وتقسيمها وتشريد شعبها وفقدان الشعب لثقته وحبه لجيشه ، ولذلك كان الخيار الأفضل هو كما جاء على لسان المشير طنطاوي ردا على استنكار البعض له بقوله (هل سلمتم البلد للإخوان) فقال طنطاوي (بل سلمنا الإخوان للشعب) ، ولا يستطيع أحد أن يدعي أن الإخوان سقطوا بمؤامرة مخططة لأن قدراتهم وأخلاقهم وتعاملاتهم وحتى سلوكياتهم الشخصية كبشر كانت دون مستوى إدارة دولة بل يمكن القول بواقعية وصدق أن سلوكياتهم الشخصية كانت وما زالت تتطابق مع سلوكيات أحقر أنواع المجرمين وحثالة المجتمعات ، ولذلك بدأ الإخوان سريعا مراحل فضح أنفسهم مبكرا ومنذ اليوم الأول لوصول مرسي للحكم وبذلك ساهموا بأطماعهم وسعارهم المجنون لنهب الأموال والمناصب وفرض هيمنتهم بالباطل والكذب والبهتان والتزوير في سرعة اكتشاف المصريين لحقيقتهم بل وحقيقة كل تجار الدين من الإخوان ومناصريهم من السلفيين والجماعات المختلفة المنتمية لعباءاتهم ، وظهر جليا لكل المصريين أن تجار الدين لا خبرة لهم بإدارة الدول ولا السياسة وأن مصر في أيديهم تضيع بلا رجعة خاصة بعد فضح كثير من مخططاتهم وسقوطهم في اختبارات المواقف الحرجة كتآمرهم على القوات المسلحة سواء لإزاحة وزير الدفاع ورئيس الأركان من طريقهم بقتل جنود سيناء أو بخطف الجنود فيما بعد لإحراج الوزير الجديد وتحجيمه وإرهاب قادته .
ثم جاء الإعلان الدستوري وما تلاه من مذابح الاتحادية وصراعاتهم مع القضاء والشرطة والإعلام وتبديدهم لأموال المصريين ما بين النهب والاختلاس الذي مارسه حتى مرسي العياط وأسرته سواء برحلات الترفيه في طابا على حساب المصريين أو بمصروف شهري لأبناءه من البنك المركزي بالدولار وهو ما فضحه بلاغا للنائب العام مؤيد بالمستندات لدفعه لأحد أبناءه بالسعودية ملايين الدولارات وتوالت بعدها الفضائح المالية لمرسي وقيادات الإخوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام ، وتضخمت ثرواتهم المهربة خارج البلاد بشكل خيالي فضلا عن انعدام الضمير والخيانة والاستهتار بمصالح ومستقبل واقتصاد الدولة فيدفع الإخوان أكثر من 43 مليار دولار من الخزانة المصرية لشراء السلاح من إسرائيل لتسليح جيش النصرة السوري ، غير متناسين فضائح الانحرافات الأخلاقية التي تفشت بينهم وتابعها الشعب حدثا بحدث حتى أقنعوا الشعب أنهم متشدقون وكاذبون ولا يجيدون سوى النهم للطعام ونهب الأموال والممتلكات والفجع الجنسي دون أي ضمير أو حياء أو دين ، وهو انحدر بكل مناحي الحياة في مصر اقتصاديا وفكريا وأخلاقيا وأمنيا وسياسيا والتي أصبح المصري يخجل من جنسيته خارج وطنه خاصة بعد تعدد وتكرار سلوكيات وتصرفات رئيسه المنتخب المخزية ، وتكرار إهانته في كثير من الدول في لقاءات وزيارات رسمية خاصة في صورها المخزية بسوء استقباله في روسيا وألمانيا وأثيوبيا بل والطامة الكبرى برفض الإدارة الأمريكية طلبه لزيارة أمريكا لثلاث مرات متتاليات وإشاعتهم أنه ملعون ومختوم بخاتم الشيطان في رأسه كما أكدها جون هيج مستشار الإدارة الأمريكية للأمن القومي الأمريكي وريس وحدة الغيبيات وما وراء الطبيعة بالمخابرات الأمريكية .
وببداية عام 2013م كانت علاقة الإخوان بالمجتمع المصري قد وصلت لطريق مسدود لا يقبل الشعب باستمرارهم ولا ترضى المؤسسات بالتعاون معهم فكان لابد من رحيلهم ، وهو ما زاد من فضائحهم عندما رهنوا رحيلهم بإراقة دماء المصريين ليخيروا الشعب بكل وقاحة وإجرام ما بين الخضوع لغباءهم وخيانتهم أو إراقة دماء الشعب ، وعبر الشهور الستة الأولى من عام 2013م تم التمهيد بدقة واحترافية لرحيل الإخوان ، حتى فجعتهم ملايين الشعب برعاية المخابرات وحماية الجيش في 30 يونيو وأسقطتهم ، فاستنجدوا سريعا بالأسطول الأمريكي والذي فشل في نجدتهم وهو ما أعلنته هيلاري كلينتون صراحة واعترفت في كتابها بفشل الأسطول الأمريكي يوم عزل مرسي في الدخول للمياه الإقليمية في البحرين الأحمر والمتوسط تحت تهديد ورصد الجيش المصري ونظم تسليحه التي فاجأت المخابرات الأمريكية بل والغربية وصدمتهم بقدرات لم يرصدوها من قبل ولا يعرفون عنها شيئا ، حتى قالت هيلاري كلينتون ( وما زلنا لا نجد الأسلوب الأمثل للتعامل مع النظام المصري الذي أطاح بحلفاءنا الإخوان) ، وأسقط في يد الغرب وأمريكا وفقدوا القدرة على حرفية التعامل مع المصريين ، فمن يدير الأمور في مصر هم كانوا وما زالوا لا يعرفونه ، والرئيس المؤقت في حينها ، كان رجلا حكيما وقليل الكلام ولا يعرف أكثر مما هو معلن له وأمامه ، وواجهة القوات المسلحة والمخابرات (عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع) كان وما زال شديد الحكمة والصرامة والحسم في تصريحاته وتصرفاته حتى قال عنه مركز ستانفورد للدراسات الإستراتيجية التابع للمخابرات الأمريكية في حينها ( أن الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي وجه ركلة قوية للمؤخرة الأمريكية الرخوة ) ، ثم أخيرا يعترفون جميعا أن الجنرال المصري قد احترف توجيه الركلات المؤلمة للمؤخرة الأمريكية والغربية الرخوة أما صلابة قدمه السياسية .
وبرحيل الإخوان للسجون أو هربا بدأت مرحلة جديدة وحرجة من تاريخ مصر ، وكان القائمون على حكم مصر ساعتها قد خططوا بدقة طبقا لسناريوهات عديدة لمستقبل الأحداث ، حيث كان لابد وأن يعطوا للماسونية متنفسا وأملا جديدا في العودة للسيطرة على مصر ، من أجل استعادة السيطرة تدريجيا ، وبالتالي كان لابد وأن يشترك حلفاء وخلفاء الإخوان (السلفيين) في وضع خارطة الطريق والتحالف ضد مرسي خاصة وأنهم كانوا قد أصابهم طمع الإخوان بركلة قوية لاستبعادهم من المشهد انتهت باستقالة مساعد مرسي مصحوبا ببكاء وعويل وضجة إعلامية كبيرة ، وكان لابد من إشراك رجل الماسونية الأول (محمد البرادعي) كنائب للرئيس ولا مانع أن يحضر معه مساعدين للرئيس من نفس فصيله ويحملون نفس قناعاته وانتماءه مثل حجازي وغيره حتى وصلت لرئيس الوزراء وبعض الوزراء المتعاطفين مع الإخوان بل وبعضهم ينتمي لهم سرا ، وكان لابد من إفساح الساحة الإعلامية لكثير من رجال الماسونية في مصر من مختلف التخصصات لإضفاء قليل من الطمأنينة على قلوبهم وإعطاءهم قدرا من الأمل لاستعادة الماسونية السيطرة على مصر مرة أخرى بعد الإخوان ، خاصة وأن أذنابهم ممن وصلوا لمراكز قيادية في مختلف مؤسسات الدولة ليسوا بالقليل ، ولا يصلح تحويلها لثورة دموية في ظروف بالغة الخطورة وقد يؤدي أي تصرف غير محسوب لفوضى شعبية قد تودي بمصر لمستنقع التقسيم مرة أخرى ، وهو ما كان الغرب والإخوان ينتظرونه ويحلمون به بل ويفتعلون الكثير من الأزمات للوصول لهذه الفوضى في كثير من المواقف والأحداث وفي مختلف المناسبات الدينية والقومية وما زالوا يجربون ويحاولون ، وقد أبرز وأهم أحداث تلك المرحلة وأخطرها هو اعتصامي رابعة والنهضة والذي تم إدارتهم بمنتهى الحرفية والدقة لدرجة أذهلت دوائر السياسة الغربية والعالمية وألجمتها ... وهو ما سوف نتناوله لاحقا
















