مؤامرات إبليس (15) .. الحرب العالمية الثالثة
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
لاشك أن مسلسل سقوط الإخوان كان من أبرع عمليات المخابرات المصرية وأكثرها دهاء واستعراضا لقدرات متفوقة أذهلت الغرب وأمريكا وبمعنى أدق كل قيادات الماسونية في العالم بل وأوصلتهم لحدود البلاهة والذهول خاصة لو علمنا أن تفصيلات جميع السيناريوهات المحتملة كانت قد تم دراستها ووضع الحلول المثالية لها للخروج منها بأفضل المكاسب وأقل الخسائر لصالح مصر الوطن وشعبها العظيم ، خاصة بعد التأكد من سوء نوايا الإخوان وممارستهم للخيانة وتعمدهم تقسيم مصر وتشريد أهلها تماما مثلما يحدث الآن في سوريا وليبيا والعراق واليمن ، فكان لزاما على النواة المصرية الصلبة أن تحافظ على الوطن والشعب ، وتلقي بالخونة في مزبلة التاريخ .
وقد كانت أبرز التحديات المرصودة والمنتظرة تتمثل أولا .. في حتمية تدخل أمريكا بحجة حماية الشرعية وانتهاز الفرصة لتكرار مسلسل القذافي وليبيا والإجهاز على مصر وجيشها ، وثانيا .. في عدد المرتزقة من الجماعات الإرهابية المسلحة والتي تم استيطانها لسيناء وسيطرتها الكاملة على القبائل والعشائر ودروب سينا في عهد مرسي العياط وبرعايته وتأييده بل ودعمه المادي واللوجيستي الكامل على مدى العام تمهيدا لإعلانهم الإمارة الإسلامية في 5 يوليو 2013م برعاية غربية أمريكية صهيونية ، وثالثا .. في عدد المغيبين من السلفيين ومؤيديهم والذين ورغم تناقصهم كنتيجة مباشرة لفضائح قيادات الإخوان والسلفيين هم إلا أنهم كانوا يزيدون عن المليون وهم القوة التي يعتمد عليها الإخوان لإحداث الفوضى وتطويرها لحرب أهلية دموية ، رابعا .. الحالة الاقتصادية المتردية والتي بلغت حدودا غير مسبوقة بانخفاض احتياطي النقد الأجنبي لأقل من 2.5 مليار دولار في يونيو 2013م ، خامسا .. وجود أكثر من ثلاثة ملايين قطعة سلاح كحد أدنى دخلت البلاد بشكل غير شرعي ويمتلك معظمها الإخوان والسلفيين ، سادسا .. اختراق الإخوان لمؤسسات الدولة وتمكين أكثر من 200 إخواني من وظائف قيادية خلال العام ، سابعا .. الاختراق الكبير لعناصر حماس لسيناء ومحافظات الشرق والوجه البحري والقاهرة وحصول معظمهم على بطاقات تحقيق الشخصية المصرية بواسطة ماكينة البطاقات التي هربها الإخوان لحماس في غزة ، ثامنا .. تصاعد أنشطة أجهزة مخابرات أكثر من عشرين دولة في مناخ يسوده الفوضى والتخبط والتردي الاقتصادي والأمني .. ، تاسعا الساحة المصرية تماما من رمز أو قائد ليدير دفة الأمور بنجاح في الظروف الحرجة ، عاشرا .. تزايد تورط مؤسسات الدولة والشعب في صراعات يشعل فتيلها الإخوان لهدم المؤسسات وعلى رأسها الشرطة والقضاء والجيش مع محاولات للوصول للمخابرات والسيطرة عليها ، وحادي عشر .. المساهمة الكبيرة والفعالة لوسائل الإعلام المدفوعة من الغرب والعملاء من أجل إشاعة الفوضى وتفتيت التفاف الشعب حول الإخوان تمهيدا لتقسيم مصر في خضم الحرب الأهلية المخططة ، هذا بخلاف الكثير من التحديات الوقتية التي لا تنتهي والتي كان لابد من التعامل معها بأقل إهدارا للجهد والخروج منها بأكبر المكاسب واقل الخسائر .
تم العمل على جميع المحاور بالتوازي وفي أقل من ثلاثة أشهر من تاريخ تعيين وزير الدفاع الجديد كان قد لاح في الأفق أن هناك زعيما جديدا يبزغ نجمه ويخترق قلوب المصريين بقوة خاصة وأنهم عرفوه رجلا يجيد التعامل مع المواقف الصعبة بأعلى درجات ضبط النفس والحكمة والحب لوطنه وشعبه وهو ما وفر مناخا من الأمل للمصريين وصنع رمزا جديدا لامعا يستطيع المصريين الاعتماد عليه عند الشدائد ، كما ساعد كثيرا تدني مستويات تعامل الإخوان وتعاليهم وتنكرهم لأفضال السلفيين في وصولهم للحكم لتنامي كراهية السلفيين لهم ، ومن ثم أدى استفرادهم بالحكم والوظائف والعطايا لتخلي الغالبية العظمى من السلفيين عنهم وهو ما ساهمت وسائل الإعلام في تضخيمه وتعظيم ألمه لدى السلفيين ، وخلال النصف الأول من عام 2013م تم رصد ومصادرة معظم الأسلحة التي دخلت مصر بواسطة المخابرات والقوات المسلحة في سرية تامة ، وتم عمل خريطة كاملة لتواجد الإرهابيين الغرباء ومن الفلسطينيين في سيناء والمحافظات ، مع التنسيق الكامل مع المؤسسات لممارسة ضبط النفس لأقصى درجاته مع استفزازات الإخوان والسلفيين والمدفوعين بغير علم من رجالهم باسم الدين منعا للوصول للفوضى المخططة ، مع المراقبة الجيدة والفعالة للعناصر التي تم تمكينها ومتابعتها وتسجيل تجاوزاتها وسلبياتها بدقة ، مع حماية الحركات المناهضة للإخوان ووقايتها من بطشهم وبالفعل ببداية شهر يونيو 2013م كانت قد تبلورت فكرة رحيل الإخوان بل وكانت جميع الخطوات قد تم تفعيلها انتظارا لساعة الصفر التي سوف يحددها الإخوان بتصرفاتهم الهوجاء .
وعند الحديث عن وسائل الإعلام خاصة الفضائيات نجد أنفسنا أمام صراع مخابراتي على أعلى مستوى ، حيث عملت وسائل المخابرات الغربية على هز الثقة في الإخوان بواسطة عملائها ورجالها أمثال باسم يوسف ويسري فوده وغيرهم من المشاهير الكثير ، ومنهم من هو ما زال يعمل تابعا لنفس الجهات حتى اليوم ، وكان مستهدفا من ألاعيب الإعلام الوصول بهز الثقة ونشر الفوضى لحرب أهلية وتقسيم الشعب لطوائف وفرق سياسية ودينية وعرقية وهو ما تعالت صيحاته تبعا للأحداث المفتعلة مثل حادث ماسبيرو ومذبحة بورسعيد وقتل الشيعة وحرق الكنائس وإشعال أزمة النوبة وست البنات وحرق المنشآت والمؤسسات والفنادق وغيرها الكثير من الأحداث المختلفة والمتباينة ، ولكنهم لم يكن يدركون أن هناك لاعب محترف يستخدم رجالهم وألاعيبهم نفسها ليصنع بها نهاية أذنابهم الإخوان في مصر للأبد وبرضاهم ومباركتهم ، وهو ما غفل عنه المغيبون الحمقى من قيادات الإخوان وصدقوا أسيادهم في الغرب أن هذا من متطلبات الديمقراطية وهي من متطلبات التضحية بهم من أجل هدم مصر وتقسيمها ، حتى ولو على جثة آخر إخواني لأنهم كما يقول عنهم وكيل المخابرات الأمريكية (فليذهبوا للجحيم .. فهم ليسوا أكثر من وقود المحرقة .. وكفاهم عارا وخزيا أنهم باعوا لنا أوطانهم .. فهم لا يستحقون حتى احترام موتهم) .
واحترفت المخابرات المصرية بشقيها التعامل واستخدام وسائل الإعلام والإعلاميين دون استثناء سواء بعلمهم أو رغما عنهم وهو لا يدرون ، لتحقيق الأهداف المرحلية لرحيل الإخوان ، فباسم يوسف على سبيل المثال رغم أنه كان يعمل لصالح خلق الإحباط والفوضى وقتل الثقة بين الشعب والدولة وصولا للفوضى الخلاقة لصالح المخطط الماسوني ، إلا أنه قد ساهم بقوة في سقوط احترام المصريين لجميع تجار الدين بل وأثبت للشعب حقيقتهم العفنة وأظهرها بوضوح ومن خلال كلامهم وأفعالهم خاصة تصرفات وسلوكيات قياداتهم مثل مرسي العياط والمرشد والعريان والبلكيمي وعلي ونيس وعلى يديه عرف الغالبية من الشعب كم هم أغبياء وحمقى وخونة وكذبة ومضللون بل ومجرمون لا يتوانون عن خيانة مصر وبيعها وقتل الشعب من أجل نزواتهم وجيوبهم ، كما ساهمت بشكل كبير في تأمين حياة الكثيرين منهم من بطش الإخوان خلال الشهور الأخيرة قبل رحيلهم ، ويكفي أنهم حافظوا على كيان الإعلام رغم جميع سلبياته وما زالوا بتوجيهات من القيادة السياسية يتعاملون بمنطق الصبر والبال الطويل ، بل وما زالت القضية 250 أمن دولة والمتهم فيها أكثر من 300 إعلامي وتضم معظم مشاهير الإعلام ، وأقلهم جرما من تقاضى أموالا ليبث سموما بعينها في عقل المشاهد بل ومنهم من شارك الإخوان ومخابرات أجنبية في صناعة أحداث وجرائم تصل لحدود التخابر والتآمر على وطن ومؤسساته والتي يقترب بشدة موعد بداية التحقيق العلني فيها .
ولا نذيع أسرار عندما نقول أن التهديد بحرق مصر وصل لحدود المواجهة المباشرة بين الرجل القوي في الجماعة الإرهابية المسمى بالشاطر وبين وزير الدفاع المصري حينئذ (عبد الفتاح السيسي) والتي هدد فيها الشاطر بحرق مصر وتحويلها لمسرح لحروب أهلية لو تم عزل مرسي أو إجباره على انتخابات رئاسية مبكرة ، ولا نعلن أسرارا لو قلنا أن السيسي انفرد بالرئيس المخلوع وحذره من غضبة شعبية تتنامى ومنح القوى السياسية أسبوعا ينتهي في 30 ينويو 2013م ، وأبلغ مرسي أنه لو وضع في موقف اختيار ما بينه وبين الشعب فسوف ينصاع لرغبة الشعب ، واتفق السيسي معه أن يسكنوا الفتنة قبل انفجارها بتحقيق بعض المطالب التي تهديء من غضب الشارع المصري ، فإذا بمرسي يضرب بالاتفاق عرض الحائط ويقف أمام مجلس الوزراء في 27 يونيو 2013م ليقول كلاما ثم ينفيه ثم ينطلق ليهاجم القضاء خاصة المستشار النمر ويتهمه بالتزوير في انتخابات 2005م ، ويطلق تخاريفه المعتادة ويتنصل من كل تعهداته والتزاماته ، بمنتهى الغرور والصلف والتعنت ، فقد كانت الجماعة وسكرتيرها في الرئاسة مرسي العياط لا يتخيلون أن من سلم لهم عرش مصر منذ سنة دون مقاومة بقادر على أن يدخلهم السجون في غمضة عين ، وخرج السيسي من هذا الاجتماع التاريخي وقد حسم أمره بحتمية رحيل مرسي والإخوان للأبد خاصة وأن المهلة قد قاربت على الانتهاء ، ومكتب الإرشاد في انعقاد دائم واتصالات لا تنقطع مع السفارة الأمريكية .
وينتظر الشعب بيان القوات المسلحة يوم 30 يونيو ، ولكن البيان يمهل الجميع 48 ساعة أخرى وهي المهلة التي كان لابد منها لإنهاء الاستعدادات الكاملة للسيطرة على الموقف ، واتخاذ آخر تدابير التنسيق مع القوى السياسية والدينية لتضفي شرعية كاملة على عزل مرسي ، وفي نفس الوقت تثري من خداع الإخوان واقتناعهم أن الثورة ستفشل وأنهم باقون في حكم مصر ، ويستشعر مرسي الخطر فيصيبه الهلع فيلقي خطابا يوم 2 يوليو 2013م يكرر فيه كلمة الشرعية أكثر من 52 مرة متتالية ، وتنتهي المهلة في 3 يوليو 2015م لتنطلق فرحة الشعب بعزل مرسي ، وتحاول أمريكا التدخل وتجبرها القوات المسلحة المصرية جوا وبحرا على التراجع ومغادرة المياه الإقليمية وتفقد أمريكا القدرة على التعامل مع النظام الجديد ويحاول أوباما مهاتفة السيسي ويرفض السيسي الرد على الرئيس الأمريكي ويبلغ سكرتيره أن لمصر رئيسا شرعيا هو المستشار عدلي منصور في أول وأعنف رد تلقاه رئيس أمريكي في تاريخ الولايات المتحدة لتتوالى الصفعات بعدها للإدارة الأمريكية تباعا ، ولم يجد الغرب بدا من تنفيذ سيناريو آخر أكثر خطورة ولكنه المتاح بمحاولة خلق وجود معارض داخل مصر ، يحدث مواقف دموية تستوجب تدخلا دوليا يعترف بكلا الكيانين ليعود الإخوان لو شركاء في حكم مصر ، فكانت التعليمات من قيادات الماسونية والمخابرات الغربية والتنظيم الدولي للإخوان بضرورة احتلال أماكن بعينها وتحويلها لمقرات لدولتهم الجديدة في قلب القاهرة والمحافظات الكبرى ، فبدءوا تنفيذ اعتصامي رابعة والنهضة وبعض الميادين الأخرى الكبرى تمهيدا لتدويل قضية عزل مرسي وعودتهم بقرار دولي ، وهو ما كانت له المخابرات بالمرصاد وهو ما سوف نتناوله لاحقا ..
















