أرجوكم .. أحترموا ولو غباء عقولنا
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
حقا .. لن أستطيع استكمال ما توقفنت عنده في الحلقة الخامسة عشرة من مؤمرات إبليس والحرب العالمية الثالثة ، قبل أن نرصد ما يحدث على الساحة الدولية بشأن الشرق الأوسط ونستكمل تجميع قطع صورة اللغز الصهيوني الجديد ، خاصة عندما تجبرنا الأحداث المفتعلة على تذكر مؤامرة اتفاقية (سايكس - بيكو) والتي كانت بين بريطانيا وفرنسا وبموافقة القيصرية الروسية عام 1916م لاقتطاع دول الهلال الخصيب من الامبراطورية العثمانية المتهالكة في حينها وعلى رأسها مصر والشام وشمال أفريقيا وتقسيمها فيما بين الدولتين بريطانيا وفرنسا .
ولكن يبدو أن (سايكس - بيكو) الثانية سيتم تنفيذها رغما عن إرادة روسيا هذه المرة وهو ما تابعناه خلال الأيام القليلة الماضية بداية من حادث تحطم الطائرة الروسية والتي جاءت عقابا على تعمد روسيا تكبيد داعش خسائر غير مسبوقة ، ثم ما الحادث من تصرفات بريطانية غير مقبولة أو مبررة انتهت بمحاولاتها المستميتة للتواجد العسكري والأمني في مصر تحت أي مسمى يصاحبها دعوات من العملاء والمشبوهين السياسيين لاستدعاء إشراف أمني غربي وتحديدا بريطانيا لمطارات مصر ، وتزامن مع المسرحية الهزلية في مصر فصلا هزليا آخر على الجانب السوري بدأت بخلاف وصل حدته بين روسيا وأمريكا ودول أوروبا تزعمته فرنسا قبل بداية قمة مجموعة العشرين بأيام تبادل فيها الرئيس الروسي والفرنسي التراشق بتهديدات الحرب العالمية لرغبة الغرب في تقليم أظافر الحملة الروسية على داعش وهو ما هدد التواجد الفرنسي في سوريا ، ولكن سبحان الله العظيم في حكمته فبعد ساعات من التهديد الروسي لها بإجبارها على الرحيل من سوريا ترسل السماء مبررات حتمية قوية لبقاء فرنسا في سورية بل تكثيف تواجدها أيضا ، حيث يقوم إرهاب داعش بعملية نوعية غير مسبوقة داخل باريس في ثمانية مواقع مختلفة في توقيت واحد مما يؤكد ضرورة انتقام فرنسا وحتمية تواجدها في سوريا بل ولابد أن يكون لها تواجدا بريا أيضا لضمان تحقيق النصر ، فلم تتوانى فرنسا عن إعلان ذلك .
عند هذا الحد ربما لدينا قدور من السذاجة والهطل العقلي تسمح لنا بتصديق إمكانية حدوث كل هذا في تزامن عجيب وغريب ، ولكننا نتساءل لماذا لم تقم داعش بتنفيذ العملية ضد روسيا وهي أولى من أي دولة أخرى بالانتقام منها ، ولماذا فرنسا في هذا التوقيت بالذات ، وهل هذا يشير لحرص داعش على التواجد الفرنسي جويا وبريا وبحريا في سوريا ، وهل سيسمح الروس بهذا التواجد والسيطرة المباشرة لأوروبا على الأرض السورية والتي هي ممر خطوط البترول والغاز الآسيوي لأوروبا ، أم للروس قرار آخر ولأمريكا مخططات مختلفة ستفاجئ العالم بها على جثث السوريين ، ولمزيد من الكوميديا السوداء يصر عناصر تنفيذ عملية فرنسا على حمل جوازات السفر خاصتهم أثناء تنفيذ العملية حتى يستدل على تبعيتهم بعد موتهم ، بل ومن المعجزات الربانية أن أحد الانتحاريين فجر نفسه وتناثر جسده أشلاء ولكن جواز سفره وجدوه سليما وجديدا بل والعجيب وجدوه نظيفا ولا يوجد عليه بقعة دم واحدة أو حتى بقايا بشرية من جسد صاحبه .
وعلى الجانب الآخر لا تترك بريطانية فرصة للتدخل في الشأن المصري إلا وحاولت استغلالها بمنتهى السذاجة والنهم وهي ترى أن لها كل الحق فهي الوكيل الشرعي لأمريكا والوطن الأم لها وهي بلا شك باحثة عن العودة لأمجاد الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ، ولابد من مساعدة أمريكا في ورطتها الحالية ، خاصة وأن يناير 2016م هو موعد تنفيذ مخطط (بن آريه) لتبادل الأراضي الإقليمي والذي وافق عليه الإخوان بموجب وثيقة بيع 40% من أراضي سيناء لإسرائيل في مقابل مبلغ الـ (ثمانية مليار دولار) الذي تقاضاه خيرت الشاطر ، خاصة بعد رفض مصر إعادة هذه الوثيقة والموقعة من أوباما ومرسي والشاطر وعصام الحداد لأمريكا وإصرار القيادة السياسية على محاكمة مرسي والإخوان علنيا وإعلان الوثيقة للعالم وهو ما يضع أمريكا في موقف المستعمر الصهيوني الداعم للإرهاب رسميا وبوثيقة ، وهو موقف لا تحسد عليه وسوف يؤلب العالم أجمع عليها ، وبالتالي فلا مانع لديها في معاونة بريطانيا لتضع يدها على شرم الشيخ في عمق سيناء طبقا للمشروع (الأمريكي الصهيوني) القديم ، والمرفوض منذ أكثر من عقدين من مبارك والجيش المصري .
ولذلك لا عجب من محاولات بريطانيا وأمريكا للضغط على مصر اقتصاديا وسياسيا وأمنيا بكل الوسائل الممكنة والمتاحة سواء بتفجير الطائرة الروسية والإصرار على ضعف تأمين المطارات وسيناء مع تدعيم الإرهاب بالسلاح والمخابرات والمال أو بإيواء ودعم الجماعات الإرهابية ودفع العملاء للتشكيك في قدرة النظام المصري على تأمين سيناء والمطارات واصطناع الأحداث التي تتحرك من خلالها حتى ولو جثث السياح الروس أو حتى بريطانيين وهو تمرين محلول سبق استخدامه في برجي التجارة العالمي ، والتي ضحت فيه أمريكا بأربعة آلاف أمريكي لتدخل أفغانستان والعراق وتصنع داعش وتفكك سوريا .
ويبدو أن اقتراب أعياد الميلاد لعام 2016م قد أصاب أمريكا وأوروبا بحالة من الهلع والصرع فيسابقون الزمن لتحقيق أقصى قدر من تنفيذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط والدول العربية تحديدا في أسرع وقت ممكن ومهما كان الثمن ، خاصة بعد فشل كل المخططات الأمريكية الغربية الإعلامية والسياسية والمصحوبة بمحاولات إسقاط النظام المصري اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بالإرهاب وافتعال المشاكل والأزمات واستخدام عملاءها وأذنابها لصناعة ثورة جديدة أو حتى تذمر شعبي أو حتى استقطاب المؤيدين للسيسي ونظامه الحاكم أو الحد من تزايدهم ، رغم أن أمريكا وحدها تدفع شهريا ومنذ عامين كاملين أكثر من 150 مليون دولار شهريا للإعلام العميل والمناهض للنظام المصري في محاولة لإسقاطه أو هز صورته لدى الشعب ، وهو ما لم يسفر سوى عن ملل وكراهية الشعب لرموز الإعلام العميلة والضبابية الموجهة وسقوط مصداقيتهم .
وهو ما دفع بريطانيا للظهور على ساحة الأحداث بوقاحة رغم أن الطائرة روسية وعلى أرض مصرية ، إلا أن بريطانيا وبواسطة الفاشل رئيس وزرائها خططوا ونفذوا محاولة لإحراج الرئيس المصري في المؤتمر الصحفي بإعلانها وقف رحلاتها لمصر لضرب السياحة المصرية ، ولم يكن في حسبانهم أن الرئيس المصري سوف يعيد الكرة لملعبهم ويحرجهم دوليا برده على السؤال الموجه لكاميرون الذي تعثر ولم يجد ما يقوله عن سبب انفراد بريطانيا بتحديد سبب سقوط الطائرة والإصرار على أنه عملا إرهابيا ، ليفجر السيسي في وجه بريطانيا بكونها الدولة الوحيدة التي تعلم وتراقب إجراءات تأمين مطار شرم الشيخ منذ عشرة شهور ، (وهذا معناه ضمنيا أنها من المنطقي أن تكون على علم مسبق بتفاصيل الحادث ولم تطلع عليه أحدا) ، وهو ما فهمه الجميع وأحرج كاميرون ولم يستطع استكمال المؤتمر الصحفي وانصرف متجهما مخالفا لكل أعراف البروتوكول الدولية .
لا شك أن الأيام القادمة ستشهد أحداثا جساما ربما تكون فاصلة وحادة في تاريخ المنطقة وربما العالم أجمع ويبدو أن مسرح الأحداث لحرب عالمية لا رجعة فيها ، يتم إعداده على قدم وساق على الساحة السورية العراقية ومن خلال السواحل السورية على البحر المتوسط وما زال الحشد البحري الجوي وتشارك فيه أمريكا من قاعدتها الكبرى في قطر وروسيا فرنسا من حاملات الطائرات والصين تتحرك للتواجد المستقبلي وكوريا الجنوبية ترقب في ترصد الفهد المسعور لدماء الأمريكان والغرب ومصر ترقب الجميع في هدوء وتعقل وثبات يثير غضب وسخط اللوبي الصهيوني الذي يؤرقه تنامي القدرات العسكرية المصرية وبدايات تعافي الاقتصاد المصري والاستقرار الأمني الذي تخطى حدود المقبول إلى حدود السيطرة الواعية فضلا عن النجاح السياسي الداخلي ثم الدولي حتى وصل بمصر كعضو في مجلس الأمن رغم أنف أمريكا وأوروبا الغربية ، إضافة لفشل الإدارة الأمريكية الوصول لصيغة مرضية للتعامل مع النظام المصري يحقق أهدافها بعد أن كان خاضعا ومسيسا وممثلا لمصالحها في الشرق الأوسط لفترة طويلة .
وبالتالي سوف تظل مصر مستهدفة لكل ألوان وأشكال المؤامرات السياسية والإرهابية والإعلامية والاقتصادية ، وهم يعلمون جيدا أن مصر تقترب بقوة من تجاوز عنق الزجاجة في أزماتها ولذلك يسعون جاهدين لعرقلة تقدمها واستقرارها وهو ما يستدعي منا كشعب أن نتكاتف ونتعاون ونكف عن الشكوى والتململ من مشاكلنا المستعصية والمزمنة ونمد أيدينا لحلها والتصدي لكل محاولات التفتيت والتشتيت الداخلية والخارجية وهو ما أثق في قدرة العقل الجمعي المصري على فهمه واستيعابه سريعا .. والله غالب على أمر ... قد جعل الله لكل شيء قدرا ..
















