عاجل
الأحد 7 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
لماذا ... لا يعود الجيش لثكناته ؟؟

لماذا ... لا يعود الجيش لثكناته ؟؟

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

حقا لماذا لا يعود الجيش لثكناته ؟؟ يتردد هذا السؤال كثيرا في الآونة الأخيرة ومعه مجموعة من الأسئلة المتعلقة به وهو سؤال منطقي بكل معنى الكلمة وحق للعامة والخاصة لأن القوات المسلحة المصرية لها خصوصية التلاحم بشعبها تتفرد بها بين جيوش العالم ، كما أن لها مهام جسام وشديدة الخطورة ، ولكن منطقية السؤال لا تتوافر لها شروط المشروعية إلا عند توافر الجهل بطبيعة المهمة القتالية والأبعاد الاستراتيجية للعسكرية المصرية ، ولكن السؤال أصبح ملحا ومملا ومنتشرا على ألسنة العامة والبسطاء الذين يرددون بلا فهم تلك الدعوة المشبوهة لمن يرون القوات المسلحة المصرية من وجهة نظر متربصيها وأعداءها في الخارج وما أكثرهم كأذناب موتورة في الداخل تنتمي للصهيونية العالمية أو بعض الفرق الماسونية كالإخوانية والسلفية والليبرالية والاشتراكية الثورية ونشطاء السبوبة وبعض رجال الأعمال المتآمرين على وطنهم ، ولذلك وجدتني مجبرا على توضيح بعض الحقائق التي يساء استغلال جهل العامة بها لإثارة الشائعات والتشكيك وقلب الحقائق وما أكثرها بين فئات الشعب في السنوات الأخيرة ، خاصة وأن هذه الحقائق تشرف أي مصري ويفخر بها أي مواطن حريص على وطنه ويهمه أمره ومستقبله .



يتزايد ترديد هذا السؤال كلما تزايدت مساهمة القوات المسلحة في الاقتصاد القومي والمشروعات الكبرى بل في عمق احتياجات المواطن من الغذاء والطاقة والصحة والنقل فضلا عن الطرق وإنشاءات المدن الجديدة والصناعة والزراعة والتجارة الداخلية والتعليم المتخصص ، وهو ما يقلق المتربصين بالقوات المسلحة المصرية ويؤرق عقولهم ونفوسهم ، لأن توغل القوات المسلحة المصري في الاقتصاد والإمداد المدني باحتياجات المواطن واحتراف القوات المسلحة لاستراتيجية التدبير والتخزين والتداول قد حلت بالفعل معضلة عسكرية تاريخية تعد من أهم وأخطر المشاكل الاستراتيجية التي ما زالت جميع جيوش العالم تعاني منها ، بل وتحد من قدرتها على اتخاذ قرار الحرب أو الاستمرار فيها ، وهو كيفية تدبير الغذاء والوقود والمهمات والملابس والرعاية الصحية للجنود في ميادين القتال دون التأثير على المواطن والوطن قبل وخلال وبعد الحرب ، وهو ما استطاعت القوات المسلحة عبر العقود الماضية أن تضع أساسا قويا وتبني فوقه منظومة متكاملة قادرة على تحمل مسئولية التأمين المادي بكل فروعه وجوانبه لأقصى فترة زمنية من الممكن أن تستغرقها الحرب ومحددة طبقا لمخططات العمليات المنتظرة والمتوقعة ، وليس فقط للقوات المسلحة بل وللمواطن المدني أيضا وهو ما يجعل القوات المسلحة تتمتع بقدرات عالية على اتخاذ قرار الحرب في أقل وقت ممكن فضلا عن القدرة على الاستمرار فيها دون التاثير على ميزانية الدولة أو مخزونات وقدرات توفير متطلبات الحياة للشعب أكثر من أي قوات مسلحة أخرى في العالم .

يبقى السؤال الغبي الذي يسأله دوما متنطع لا يعرف معان المنظومة وهو كيف تنشغل القوات المسلحة بأعمال مدنية تلهيها عن مهمتها القومية القتالية ، والسؤال مشروع والإجابة معروفة فالقوات المسلحة تمتلك في تنظيمها هيئات وإدارات وووحدات تتكامل في إدارة هذه المنظومة كمهام أساسية لها وتؤمن بها وتعاون القوات المقاتلة في مختلف الأسلحة والمنظومات المتكاملة لتحافظ لها على أعلى درجات الاستعداد القتالي ، لتحل بذلك أكبر وأخطر وأهم مشكلات القوات المسلحة والجيوش منذ بدء تاريخ الحروب وحتى يومنا هذا ، ولعل ذلك واضحا في استمرارية القوات المسلحة في حربها ضد الإرهاب في سيناء وعلى الحدود التي تزيد عن 5000 كم بمنتهى البراعة والاتزان فضلا عن إسهامها الفاعل والقوي في الحياة العامة وتدبير وتوفير احتياجات المواطن ، وكل ذلك إضافة لما قامت به القوات المسلحة في أحلك فترات الفوضى عبر السنوات الخمس الماضية من توفير وتدبير احتياجات المواطنين وتأمين الحد الأدنى لمتطلبات محافظات ومدن بكاملها ، وهو ما تعتبره القوات المسلحة تدريبا استراتيجيا نجحت فيه بامتياز .

وبالعودة لتفاصيل السؤال يتبادر لعقلي سؤالا ملحا وهو أين تلك الثكنات التي يطالبون الجيش بالعودة لها وهل ترك الجيش ثكناته ، أم هي هراءات يراد بها الاعتراض دون فهم أو بتعمد التضليل للعامة والبسطاء ، وهم يعنون بذلك محاولة الاقتراب من السيسي ليلمحوا له أنهم لم ينسوا أنه رجل عسكري وأنه يعتمد بدرجة كبيرة على قدرات وأمكانيات القوات المسلحة في إدارة وإنجاز الكثير من المشروعات والمتطلبات الحرجة والعاجلة ، ولن أرد على السائلين بمبررات استراتيجية وضرورات مرحلية أو كلاما منمقا قد يحمل جدالا علميا منطقيا لا محل له في عقول البسطاء ، ولكن الرد بمنتهى البساطة نسمعه يوميا في الطرقات والمصالح الحكومية بل وفي وسائل المواصلات على ألسنة البسطاء أنفسهم وقد سمعته صارخا على لسان مواطن بسيط في أحد أقسام المرور بالقاهرة الكبرى وهو يدعو الله أن يتولى الجيش مهام تراخيص السيارات والقيادة لتستقيم أمورها والتي أصبحت مرتعا للرشاوى المقننة بلا أدنى حياء أو ضمير ، وسمعته في مصلحة الشهر العقاري بالقاهرة منذ بأيام وسمعته في مشاجرة داخل سنترال المريوطية بالهرم ، وسمعته في مشاجرة بين السائقين والمواطنين في أحد مواقف السيارات وكفى بهذه الردود إفحاما لمن يتشدقون ويتسائلون عن ثكنات القوات المسلحة .

وفي زخم الأسئلة المشبوهة سألني إخواني مستتر يدعي الوطنية سؤالا خبيثا ولكنه غبيا أيضا (من أين يأتي السيسي والجيش بكل هذه الأموال التي ينفقونها على المشروعات وخاصة تسليح الجيش ؟؟) ، وكأنه لا يعلم أن القوات المسلحة لم تعد عبئا على ميزانية الدولة منذ أكثر من عقد كامل ، وكأنه لم يعرف أن مرسي العياط قد قدمت له القوات المسلحة أكثر من أربعين مليارا ليحل بها مشاكل الاقتصاد فأهدرها في شهوره الأخيرة لصالح الأهل والعشيرة والإرهابيين وهو ما عجل برحيله ، وكأنه لا يعلم أن مصر غنية وأنها أرضها لا تفتح كنوزها إلا لمن كان أمينا عليها ، وأن العالم كله كان يتمنى أن يقف بجانب مصر ووجد الفرصة مهيئة بوجود رجل أمين وقوي على قمة هرم الحكم ، ولا تسألوا كثيرا من أين يأتي بالمال وكفاكم أنه يضعه بأمانة في تأسيس دولة قوية تؤمن مستقبل أولادكم وأحفادكم .

وأخيرا .. نقول لمن يرددون مثل هذه الأسئلة المشبوهة عن قواتنا المسلحة ، لا تنسى سيدي الفاضل .. فلولا قدرات هذه القوات المسلحة لبيعت بناتنا ونساءنا سبايا في شوارع لندن كغيرهم من دول الجوار العربية ، ولولاها أيضا لأعلنت مصر افلاسها في أعقاب الثورات المتتالية ولخضعت لإرادة الصديق قبل العدو ، ولتم تقسيمها لدويلات وكيانات متصارعة ، ولولاها لوصل الإرهابيون من سيناء لعمق بلادنا ونشروا فيها الخراب والدم والفساد مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن ، ولولاها ولولا تدخلها في الاقتصاد والمشروعات لكنا فريسة لرجال الأعمال الفاسدين واللصوص وتجار المخدرات والمتاجرين بأقوات البشر ، ولولاها سيدي الفاضل لكررت أمريكا والغرب معنا نموذج العراق أو نموذج ليبيا أو سوريا أو اليمن أو نيجيريا أو مالي أو لبنان ، وهو ما حاولت تنفيذه وفشلت مرارا وتكرارا وهو جعلهم يعضون عليه النواجز وتأكلهم حسرات الفشل التي كبدهم إياها يقظة وقوة وقدرات هذا الجيش المصري العظيم ، وذلك هو السبب الرئيسي لمحاولاتهم الوقيعة بين الشعب وجيشه بإثارة هذه الأسئلة الحمقاء والمشبوهة ، ولو سألوك سيدي الفاضل .. لماذا لا يعود الجيش لثكناته فقل لهم أن أرض مصر وربوعها كلها ثكنات لجيشه لأنهم أبناءها وهم منا بل هم أغلى وأثمن وأطهر فلذات أكبادنا التي تسهر على أمن وراحة ومصالح هذا الوطن .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز