عاجل
الأحد 7 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
التشتت الفكري .. مؤامرة مستهدفة

التشتت الفكري .. مؤامرة مستهدفة

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

لا شك أنه .. ليس كل ما يقال هو حقيقي أو حقيقة كاملة وأنه هناك فوارق كبيرة بين ما يحدث حقيقة وما هو مسموح بتداوله خارج إطاره ، ثم في وسائل الإعلام ، بل وهناك دوما ما يجب أن لا يقال ولا يعلمه إلا المعنيين به لخطورته وتأثيراته الغير مرغوب فيها وأبعاده المستقبلية على الدولة وعلى العامة ، ولذلك فالمعلومة لها مستويات مسئولية وظيفية وزمانية تحدد .. من يعرف ماذا .. ومتى ولماذا .. ؟؟ ، ولذلك فمعرفة بعضا من المعلومة لابد وأن يخلف وراءه تشتتا قد يصل أحيانا لحدود الذهول والهرتلة حتى لمن يمارسون السياسة أو الإعلام كمهنة احترافية ولكنه في النهاية يخضع لتقدير حجم المصالح والأضرار القومية في ظل الإستراتيجية المخططة ، كان ذلك محور نقاش متشعب مع أحد رموز السياسة في هذا البلد تأكدت منه أنني لست وحدي الذي يعاني أحيانا من حالة انعدام الاتزان الفكري والتشتت بل ربما مثلي كثيرون من راغبي العلم والثقافة والتفاعل مع الأحداث ، ومن يحاولون استخدام عقولهم لفهم ما يجري ويدور على الساحة المحلية والإقليمية والدولية وعلاقاتها وتأثيراتها المتشابكة والمتشعبة .



بل ولست وحدي من يحاول جاهدا مقاومة هذا التشتت ولو بوضع قواعد لتناول الأحداث وفهم أبعادها ، واتفقنا أخيرا على قناعات أولية للتعامل مع ما يصلنا من معلومات وبيانات ، أولها وأبسطها ألا نصدق كل ما يقال حتى ولو كان موثوق المصدر كما يدعون دوما ، فقد يكون هذا المصدر بمنتهى البساطة قد وقع فريسة للابتزاز أو السيطرة أو حتى التمويل الخفي أو ربما كان أحد العناصر الإخوانية الساكنة التي يحاول أردوغان إغراء السيسي بكشفها له ضمن صفقة التصالح التي يحاول تمريرها ، وهو ما تبادر لذهني وأنا أتابع موضع المستشار جنينه خاصة عند تصريحه للصحفيين عن موعد رده على تقرير لجنة تقصي الحقائق ، والذي جاء غريبا ويزيد من الشكوك والاتهامات الموجهة له بسوء النوايا وتعمد تشويه الدولة في تقرير الجهاز عن العام الحالي ، فقد فاجأ الرجل الدنيا بقوله (بعد 25 يناير) ، فهل تحديده لهذا التاريخ هو تهديد مباشر للجميع مبني على شكه في وجود من يستطيع محاسبته بعد هذا التاريخ كما فهم الكثير من العامة والخاصة ، أم هو زلة لسان فضحت نواياه دون قصد تضاف لحسابه عندما يحين وقت الحساب الذي أراه يقترب بسرعة ، أم هو شيئا آخر لا أعرفه ورسالة يبعث بها لأناس بعينهم .

ولم تكن سقطة تقرير المحاسبات هي الحدث الأبرز فيما يدور حولنا فهناك الكثير من الأحداث والأقوال المتنوعة المجالات والاتجاهات تتشابك لتصنع غماما يحجب وضوح الرؤية والفهم ، بداية من فوضى الفساد الإعلامي سواء فنيا كبرامج ستار أكاديمي والبيلي دانسر وأحلى صوت ومرورا بملوك الملايين في برامج الفضائح والسلبيات والتوك شو على الفضائيات ، ووقوفا عند رموز سياسية محترقة تطل علينا فجأة لتهرتل بحماقة تحسبها مكرا ودهاءا ، وبعضها يغرد والآخر يهدد ويتوعد بالثورة الجديدة في إطار تضخيم المشكلات والسلبيات ، متزامنا مع كم هائل من الشائعات والأكاذيب والتهديدات والفتاوى الإخوانية والسلفية والجهادية والداعشية ، ثم سعار أمريكي غربي في ثوب إخواني عميل يصر أن يعرف من أين يأتي السيسي بأموال الاستثمارات وتطوير التسليح ، والجميع يلهث في إطار الإعداد لفوضى جديدة تطيح بالنظام في مصر وتدمر قوته العسكرية وتعود بمصر لمربع يونيو 2012م

ورغم يقيني وثقتي الكاملة أن كل ما يدور لا يرقى لمستوى التهديد الحقيقي لكيان الدولة إلا أن ما يحدث إقليميا قد يكون بالخطورة التي لابد من التحسب لها خاصة وأن أمريكا وكلابها المسعورة تتحرك في كل مكان وفي مختلف الجبهات وتفتح جبهات جديدة لتوريط العرب ومصر فيما يهلكهم وبأيديهم ، فتهدد أمن السعودية وتعبث بأمن الخليج وتناور في سوريا وتمكر بالعراق وتتسلل إلى ليبيا وترتع في اليمن ، ولا تكل ولا تمل من محاولات توريط الجيش المصري في سيناء وفي الخليج أو جره لسوريا والعراق خاصة في ظل الصراخ الإسرائيلي على تهديدات تنامي قدرات الجيش المصري لبقاء إسرائيل وليس أمنها فقط ، والتي وصلت لمستويات الهلع الإعلامي الإسرائيلي من مخاوف ضربة عسكرية مصرية لتل أبيب وتسريبها لاستعداداتها العسكرية للحرب ، مع تصعيد متعمد لمشكلة سد النهضة والمبني على أرض تمتلكها مصر بالوثائق ، ثم تصريحات سودانية هوجاء لخلق مشكلة حدودية في منطقة حلايب وشلاتين المصرية بالوثائق والخرائط التاريخية ، ثم أخيرا ما يثار بتعمد وإصرار عن مجلس النواب وحوله وداخله وقدراته ومستقبله وصلاحياته ومصداقية أعضاءه ونزاهتهم خاصة من وسائل الإعلام وتجارة إعلام الفضائيات وكأن المجلس بأعضائه قد جاءوا من كوكب آخر وليس منا وبأيدينا ، وكأن المجلس قد جاء في ظل استقرار سياسي ومجتمعي وليس في أعقاب ثورتين وبعد سنوات الفوضى الإقليمية وفي أعاقب عقود التجريف المباركية ، وهو ما يعني أن هناك ما يحاولون إخفاءه وطمس حقيقته ولفت الأنظار عنه وشغل العالم عما يدبرونه بخفاء ضد المنطقة بأسرها وخاصة مصر وشعبها الذي أبهر العالم ببراعة ورقي عقله الجمعي وترابطه العجيب الذي تتكسر عليه كل مؤامراتهم .

ولعل أكثر ما لفت نظري هو التسريبات الغربية والأمريكية لبعض النوايا والمؤامرات وترتيباتها الجارية سواء كانت حقيقية أو مجرد فزاعات للإلهاء والتشتيت أو مجرد أكاذيب أو مؤامرات مستهدفة يتم التمهيد لها ، فيسربون ما يقيسون به ردود الأفعال الرسمية والشعبية ، والتي من أبرزها تسريبات النوايا الأمريكية البريطانية لتفريغ منتصف ليبيا وإغراقه بمياه البحر المتوسط حتى عمق الصحراء الكبرى سواء باستخدام (الهارب) أو بصواريخ تحمل رؤساء نووية أو تفريغية ، كحل جذري لإنقاذ الجزيرة البريطانية من الغرق المنتظر قبل عام 2018م ، تزامنا مع بعض الأخبار المتناثرة عن قنابل نووية مفقودة في قاع المحيط الأطلنطي يتوقعون انفجارها قريبا ، والغريب أنه بالفعل هناك معلومات متواترة عن تحركات لغواصات نووية أمريكية وغربية تتواجد بالتبادل أمام السواحل الليبية منذ فترة طويلة وتقول التسريبات أن الغرب يتعجل تنفيذ مخطط الإغراق في ظل الفوضى المسيطرة على ليبيا حاليا ، والتي يساهمون في تزايدها واتساع رقعتها حتى ينتهوا من تنفيذ مرادهم دون مقاومة أو قدرة على الرفض من الكيان الليبي أو العربي أو حتى من مصر ، والتي تعد أكبر المضارين مع الجزائر وتونس لو تم تنفيذ هذا المخطط الشيطاني والتي قد تصل فيه الخسائر لاختفاء جزء كبير من مواني تلك الدول بل وأجزاء من الأرض ، قد تصل مثلا إلى غرق الدلتا وشرق مصر تحت مياه البحر المتوسط ، ومما يعطي الأمر أهمية وخطورة أكثر أنهم وصلوا لمرحلة استخدام المنجمين في التنبوءات المستقبلية للعام الجديد 2016م لينشروا فكرة تعرض مصر ومواني المتوسط الجنوبية لتسونامي أوسطي قد يسبب خسائر كبيرة وكأنه كارثة طبيعية مرتقبة ، مماثلة لتسونامي المحيط الهندي والتي اتضح أنه عمل إرهابي أمريكي خالص باستخدام السلاح (هارب) .

أخيرا .. لا شك أن القيادة السياسية في مصر لا يغيب عنها ما يدور محليا وإقليميا ودوليا وما يحاك لنا من مؤامرات لا تنتهي وهي حقيقة لا جدال فيها رغم تشكيك المغيبين والعملاء والخونة وضعاف العقول ، ولا شك أننا قد تحملنا مسئولية الأمن العربي والخليجي كاملة لأنه في النهاية وكما أثبتت سنوات الخراب (الربيع) العربي يعد العمق الحقيقي للأمن القومي المصري ، ولا شك أن المواطن المصري ما زال يعاني ويدفع الثمن غاليا من معاناته وفقدان أبناءه واقتصاده ومشكلات حياته اليومية ، ولكن كل ذلك في النهاية لا يعد ولا يقاس مقارنة بشعوب سقطت دولها وتشردوا كلاجئين مهانين ويعانون آلام الضياع والموت في كل دقيقة بلا تعاطف أو اهتمام ، حتى ممن دفعوا وخططوا ونفذوا فيهم مؤامراتهم ، وهو درس قاس ومرير لعل الشعب المصري يعيه ويفهمه جيدا حتى يكون سندا شعبيا لقواته المسلحة وأجهزة أمنه في حربهم ضد الخونة والعملاء والإرهابيين ودعاة الفوضى والممولين والداعين لفوضى جديدة تأكل الأخضر واليابس ، ولعل بين الإعلاميين من هم يملكون قدورا من الأمانة والضمير كافية ليفيقوا ويغلبوا مصالح وطنهم وشعبهم على إغراءات الدولار والشهرة ، قبل أن يسقطوا بلا عودة أو رحمة .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز