عاجل
الأحد 20 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
تتجوزيني أون لاين
بقلم
رشا بكر

تتجوزيني أون لاين

بقلم : رشا بكر
أحدثت الثورة الإلكترونية تغيرات ملموسة وواضحة على سير حياتنا الاجتماعية، فعبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبح التعارف سهلا ومتيسرا، سريع المجيء سريع الذهاب.. تماما كسندوتشات البرجر، تصيب بالسمنة ولا تسد جوعا. إن الإنترنت مجرد اختراع شأنه كشأن التلفاز، إذا جلست أمامه وأدرت جهاز التحكم "الريموت" على قناة تقدم محتوى غير لائق، فالعيب ليس على جهاز التلفاز، ولا على من قدم هذا المحتوى... العيب بصراحة فيك أنت... كل اختراع وله مزايا وله عيوب، وفي النهاية كل شيء يرجع لإدارتك، ليصبح نافعا أو ضارا، وفضاء الإنترنت شأنه كشأن أي مكان للتعارف، كالعيادة، النادي، الجامعة، أو حتى الشارع، وبعض الشباب والفتيات مع سرعة الحياة والأحلام والطموحات، تتصادم مع واقع يعانون فيه من انعدام تكافؤ الفرص، قد تكون ظروفهم الفكرية او الاجتماعية او النفسية منعتهم من الحصول على الشريك المناسب، وقد وفر لهم الفراغ الافتراضي فرص التعارف، ومن ثم الحصول على هذا الشريك. فلنتخيل معا علاقة عاطفية أركانها فتاة وشاب، تعرفا عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وتطور الأمر إلى لقاء حقيقي، ثم انتقل الموضوع بعد أن صار جديا إلى الأهل... إذن ما الذي يحكم على تلك الزيجات بالفشل؟! الأمر في منتهى البساطة، أنه رغم إيماننا بأن الإنترنت أصبح من أهم الوسائل الاتصال في حياتنا، وقد صار ضرورة من ضرورات الحياة، إلا أن له أهمية أخرى أهم وأكبر.. وهي الهروب من عالم الواقع الضاغط إلى رحاب المتعة والترفيه والتسلية، وعندما تتطور علاقة في الواقع الافتراضي، علاقة خالية من أي مسؤوليات وضغوط الحياة ومتطلباتها، يتصور الطرفان أنها جنة، ولكن بعد نموها من مجرد تبادل رسائل إلى واقع حقيقي يحمل ما يحمل من أعباء ومسؤوليات، فهذا كفيل بإصابة الطرفين بالملل، ثم مشاكل على أتفه الأسباب، يلعب الشك فيها دورا محوريا.. شك إلكتروني.. وقد يكون الشك في محله، ومن ثم يأتي الانفصال السريع. ما يحدث في الحقيقة، أن أغلب الناس يعتقدون أن العلاقات الناشئة عبر مواقع التواصل ليست أكثر من علاقات عابرة مؤقتة، فلا يكون لدى أي من الطرفين التزام حقيقي، فهو يتحدث مع أخريات، وهي تشكو منه لآخرين، وهى تشك فيه طوال الوقت، وهو أيضا تساوره الشكوك، وأكبر دليل على ذلك أن الشباب الذين تزوجوا من خلال الإنترنت لا يفصحون لأ هلهم أو أصدقائهم بمكان التعارف؛ فيتم اختلاق أي قصة ويتبرآن من قصتهما التي يريان أنها عبثية وتحتمل الكثير من الشكوك. هنا أقول إن إدراك الشيء هو أسلم طريق لتشخيص المرض، وحينما نشخِّص المرض بطريقةٍ سليمةٍ، سننجح فى اختيار العلاج المناسب، وأنا في مقالي هذا لا أوجه أي نوع من اللوم لمن تزوج بهذه الطريقة، فأنا أيضا أتعامل مع مواقع لتواصل الاجتماعى شأني كأي أحد آخر، ولكن ينبغي أن ندرك تماما أن أي أسرة بناؤها التفاهم والصدق، فما بني على عبث سيظل عبثا، وسيذهب هباء، وما بدأ افتراضيا سيستمر افتراضيا وسينتهى افتراضيا بفعل الوقت وتغيُّر الأمزجة، ينبغي أن نفكر بشكلٍ عمليٍّ في مستقبلنا، ولا ندع العبث يظلمنا ويظلم آخرين معنا. عزيزي.. إذا دخلت على مواقع التواصل الاجتماعي بدافع الفراغ والرغبة في التسلية والعبث، فأرجوا أن تظل على هذا المبدأ ولا تخلَّ به.. كن صريحا مع ذاتك أولا.. ومع من تتعرف إليهن بعد ذلك...



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز