عاجل
الثلاثاء 23 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
مصر تكتب التاريخ

مصر تكتب التاريخ

بقلم : وسام سمير زكي

نقف اليوم علي اعتاب مرحلة جديدة كل شيء فيها سوف يصبح جديدا مختلفا تماما عن الماضي ، فبعد ان تخلصت ام الدنيا من مرض الخوف الذي كان متجذرا في أعماقها لأكثر من ثلاثة عقود وقامت الثورة الحقيقية في داخلنا وبعيدا عن اي شوائب وفلسفات عقيمة اختارت الرجل الشجاع صاحب الجلد والعزيمة الكبيرة ،  هذا الجندي الذي يقاتل من اجلنا جميعا قد وضع حجر الأساس لمشاريع وتحالفات استراتيجية بعيدة المدي سوف تغير من وجه مصر الي الأبد ، ووسط صراعات رهيبة وقتال دامي أخذت مصر تبحر بثبات وثقة جعلت من الغد المشرق امرا قد بات قريبا ، لكن علينا ان نعلم ان أعداء مصر مازالوا يعيشون بيننا ويتربصون بكل تفاصيل حياتنا اليومية بل وهناك من هو مازال متحكّما بشكل او باخر في مصيرنا وسلامنا المجتمعي ، فمخطط الهدم وفقدان الثقة في القائد مازال متربعا علي عرش الأحداث الداخلية وكذلك الخارجية ، ولكن عدالة السماء وقوة الخير قد وقفت بجانب ارضنا وشعبنا وطرحت الخونة والمتآمرين في اعماق السجون وسوف يحاكمهم التاريخ قبل ان يحاكمهم قضاة مصر ،  فليس التخابر مع الدول الأجنبية هو مايستحقوا المحاكمة عليه ولكن الابشع هو ما كان ينتوون فعله  مع هوية مصر التاريخية وعمقها الحضاري المتأصل ، إذ ان الهدف من وراء الجريمة كان هو تغير وجه مصر  وتجفيف كل ينابيع المعني والوطنية فيها ، فيصبح الإنسان المصري عبدا ذليلا لأفكارهم وشهواتهم الشاذة ، وقد مهدوا لهذا الهدف منذ عدة أجيال وبدأوا فعليا داخل عشوائيات مصر حيث كانت نفوس الناس في حالة استعداد تام لاستقبال أي تغير يطرأ علي حياتها ، فالجمود والإهمال والفقر  الذي أصاب المواطن البسيط جعل منه وعاءا صالحا لكافة أفكارهم وقد قاتل الجندي المصري ببسالة واضعا حدا فاصلا لاحلامهم وأطماعهم الدنيئة ، وتذكيرا للاجيال القادمة نعطي نبذة بسيطة عن ماحدث في مصر العظيمة ، إذ انه ظهر فجاءة في سماء الأحداث العالمية ومع مطلع العام ٢٠١١ تدبيرا عجيبا شيطانيا ملتحفا بثياب البراءة والملائكية وقيل عنه " الربيع العربي " وقد أخذ ينادي بالحرية والعدالة والديمقراطية وكالاسد الزائر أخذ يبتلع الأنظمة الحاكمة في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا وقد نجح بالفعل إذ انه اعد العدة جيدا ولم يترك شيئا للقدر فسقطت تونس وليبيا واليمن ومازال الصراع قائم في سوريا أما في مصر فقد كان الأمر مختلفا إذ ان المؤامرة في مصر كانت على شرف وكرامة الأمة ، كانت المفاجاة كبيرة في باديء الأمر فقد سقطت كل مؤسسات الدولة المصرية وتصدرت الفوضي المشهد العام عن قصد فاختلط الحابل بالنابل وهيمنت الضبابية علي  الجميع و بعد ان فاق الجميع من سكرة النشوة التي سببتها تدفق الحشود البشرية غير المسبوق في الشوارع وهدئت المشاعر وانطفت  العواطف بدأ العقل يستيقظ والمنطق يعود الي رشده وهنا كانت الفاجعة التي واجهتنا جميعا حين فرض السؤال نفسه : كيف تكون الثورة بلا قائد بلا رأس يحركها ؟ هذا هو السؤال الذي فتح للمصريين أذهانهم ... وبدأت الحقيقة تتسرب في هدوء وبصحبتها الكلمة الصادمة " المؤامرة " فارتبك المشهد العام وأخذت الرؤوس الشيطانية تظهر في الميدان منها من ادعي القيادة ومنها من ادعي الإلهام وهناك من حاول ان يمجد من نفسه دون سبب واضح وآخرون هبطت عليهم ثروات مجهولة المصدر وفلسفات مطعون في مصداقيتها ، وانتشرت السفسطائية  كالنار في الهشيم وقرعت ابواب العقول  وهنا شعر الشيطان انه تمكن فرفع الغطاء عن وجهه ليفاجيء مصر كلها.



وليس في طبيعة الشعب المصري ان يقاتل بالنيابة عن جيشه الذي هو منه ولم ينفصل يوما عنه ، هذا الجيش الشريف الذي لم تدنس يداه في جريمة الجيوش المرتزقة التي اجتاحت العالم في العصور الوسطي ، وبرجاحة النسور استل المقاتل المصري سيفه ووقف يقاتل الوحش وحده واختبيء الشعب المصري كله خلفه ودارت المعركة وكان العدو حامي الوطيس ومعاند بقوة حتي مفرق النفس إلا ان الجيش المصري  كان واقفا بالمرصاد وتغلب علي وحشية وهمجية الإخوان وتم القبض علي رأس الافعي محمد مرسي وقضي علي التجمعات المسلحة التي شابت لها الرؤوس في رابعة العدوية والنهضة ولكن بعد ان دفع الشعب المسالم من أمنه الكثير وانتشرت الدماء في الشوارع البريئة منها وغير البريئة ، وسمع الصراخ في البيوت وبين الاسر البسيطة وتمكن الهلع من الجميع إلا أنها عبرت كالكبوس الثقيل ، وتنسم المصريين الصعداء وعبر الجيش الباسل بشعب مصر عبورا عظيما لايقل عن عبور أكتوبر المجيد ، واليوم نعيش جميعا في ترقب لان المعركة ماتزال مستمرة ولكنها قد حسمت استراتيجيا والباقي ما هو إلا توابع بسيطة سوف تنتهي تدريجيا ولكن علينا جميعا ان نعلم هذا الدرس لأولادنا ولكل الأجيال القادمة ليعلموا ان مصر ثارت علي نفسها وتصالحت مع اوجاعها.

وعلي المستوي الخارجي وتحديدا في القارة الأوروبية التي تحالفت بعض من بلدانها مع المخطط الخبيث لاسقاط الدولة المصرية هؤلاء الذين يتشدقون بالحريات والديمقراطيات العريقة هم اصحاب اكبر جريمة عرفتها البشرية فقد قتلوا اكثر من مائة مليون إنسان في حربين متتاليتين ، وعن اصولهم نقول وببساطة انه بعد ان سقطت روما  بدءا  عصر الظلام الذي غرقت فيه أوروبا بأكملها حين سقطت القراءة من ذاكرة الإنسان ومعها ماتت المعارف والعلوم التي أخذ الإنسان القديم يجمعها علي مدار آلاف السنين ، فتكدست المخطوطات العلمية والمعرفية في سراديب القصور الإقطاعية منسية مهملة حتي فقدت أسباب وجودها وتحولت الي ركام يشهد علي تخلف الإنسان الذي لازم أوروبا لأكثر من ٩٠٠ سنة تجلت فيهم كل مظاهر الخرافة والشعوذة متجسدة في الفكر الكاثوليكي المتحجر والمتسلط علي مصائر النفوس البشرية التي استعبدت  باسم المسيح فصار البابا إلها علي الارض يعتق من يشاء ويهلك من يشاء ، فانحصرت الثقافة والحرية الإنسانية وتحولت أوروبا الي خندق كبير يحوي نفوس بائسة لا تملك مصيرها ، وعلي الجانب الاخر من المتوسط تفجرت  المواجهة الصليبية الأليمة ، بحور من دماء الأبرياء سالت علي طول ساحل المتوسط ، في سنوات ثقيلة دامية من البربرية والوحشية الشيطانية اجتاحت عقول البشر ودمرت كل ماهو إنساني بداخلهم ، وقد وجهت مصر الضربة القاضية للحملات الصليبية حينما وقع لويس التاسع أسيرا في المنصورة فقد ارتجت كل أوروبا لهذا الحدث الرهيب الذي زلزل أركان العروش الأوروبية وجعل الكل يبدأ في إعادة حساباته من الحملات الصليبية وقد تم إطلاق سراح الملك ( القديس ) لويس ثم دخلت مصر في مواجهة حتمية مع أكثر الأجناس البشرية قسوة وهمجية أنهم المغول الذين اجتاحوا بغداد وقتلوا الخليفة فدب الخوف في قلب العالم اجمع وجاء الدور علي مصر التي سحقت جيش هولاكو وحرر اغلب العالم الإسلامي.

وفي الخاتمة نقول انه بعد ان اتضح جليا لكل العالم ان مصر ماضية في طريقها بثبات واصرار علي النجاح بدا الكل يغير من موقفه في محاولة للانقضاض مرة اخري وبشكل اخر ، الا ان اللعبة قد انتهت والمؤامرة قد كتب لها الفشل وسوف تستكمل مصر طريقها وقريبا سوف نري الجديد الذي سوف يغير من مصير المصريين ويفتح أبواب الأمل للاجيال القادمة .  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز