

بقلم
محمد هيبة
أزمة القضاء.. والمؤسسات الصحفية
12:00 ص - الثلاثاء 30 أبريل 2013
بقلم : محمد هيبة
مازال مسلسل العداء بين الإخوان والنظام من ناحية والسلطة القضائية والمنظومة الإعلامية من ناحية أخرى مستمرا دون تراجع أو تهدئة أو هدنة حتى يتحقق الهدف الذى تنتهجه الجماعة.. بأخونة القضاء.. والسيطرة على الإعلام الخاص والعام.. وسلطة القضاء وسلطة الصحافة هما الشوكتان الباقيتان فى ظهر النظام واللتان دون السيطرة عليهما لا يستطيع الإخوان السيطرة الكاملة على كل مفاصل الدولة المصرية.
والحقيقة أن الرئيس مرسى تصدى لنزع فتيل الأزمة بين مجلس الشورى ومؤسسة القضاء باجتماعه أمس الأول مع ممثلى الهيئات القضائية وتم الاتفاق على الدعوة إلى مؤتمر عام تحت رعايته يعقد بالقصر الجمهورى يتم الاتفاق فيه على ملامح وبنود قانون السلطة القضائية الجديد قبل إرساله إلى وزارة العدل وبعدها إلى مجلس الشورى أو المجلس التشريعى لإقراره.. لكن فى المقابل مازال مجلس الشورى عن طريق لجانه سواء الاقتراحات أو اللجنة التشريعية يصران على مناقشة القانون دون الرجوع إلى مجلس القضاء الأعلى وراجعوا تصريحات صبحى صالح فى هذا الصدد وأن تم إرجاء مناقشته إلى حين.
وكأن المجلس يفسد ما يريد الرئيس إصلاحه.. والحقيقة أنا لست أفهم موقف الرئاسة.. فالرئيس يستطيع أن يأمر بسحب القانون من أساسه من مجلس الشورى لأن مجلس الشورى أغلبيته من الجماعة.. والرئيس جاء أيضا من الجماعة يعنى الحكاية فى بيتها لا هى حكومة ولا معارضة.. لكن ما يحدث يشكك أى عاقل فى أن الرئيس يمارس دوره فعلا.. وأن الأمور الجوهرية والاستراتيجية فى حكم الدولة لا تأتى من القصر الجمهورى.. ولكن تأتى من المقطم.. واسألوا محمد فؤاد جاد الله آخر المستشارين المستقيلين.. وهو كان المتهم الأول وراء أزمات القوانين والإعلانات الدستورية التى خرج بها الرئيس منذ انتخابه وكلها كانت غير دستورية وغير قانونية.
والمنحى الآخر الذى ينتهجه النظام الحاكم هو محاصرة الإعلام وتشويهه واتهامه بالفساد والإفساد وحرق البلد وإحداث الفتن والقلاقل.. والحقيقة أن الإعلام - أى إعلام فى الدنيا - هو فقط يعكس حال البلد الذى يتحدث منه ويعكس أيضا صورة الرأى العام الحقيقية أمام النظام حتى يستطيع إصلاح مساره وتحقيق أهداف ومطالب الناس.. وهكذا كان الإعلام المصرى فى آخر أيام مبارك وإبان الثورة وحتى الآن.. وهذا الإعلام مع القضاء كان لهما الفضل الأول فى اعتلاء الإخوان لسدة الحكم بعد إسقاط النظام السابق.. وأيضا بعد إجراء انتخابات حقيقية عبرت فيها الجماهير عن رأيها بصراحة حتى لو حدث هناك ضغط من الجماعة وغيرها لتوجيه الأصوات الانتخابية لصالحها.
ومن هنا كانت محاولات حصار الإعلام والإعلاميين والتضييق عليهم وملاحقاتهم بالاتهامات والبلاغات بإهانة الرئيس وازدراء الأديان وغيرها من الاتهامات الباطلة.
وياليت الأمر وقف عند ذلك، بل إنه تخطى إلى المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة والمسئول عنها مجلس الشورى بحكم القانون وهو الذى يدير هذه المؤسسات ويعين رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير وأكثر من نصف أعضاء مجلس الإدارة.. المالك يترك هذه المؤسسات وأقدامها فى الهواء ومكتوفة الأيدى.. ويدفع بها إلى الغرق وهى تحاول الوصول إلى شاطئ الاستقرار.. فهذه المؤسسات وبالتحديد المؤسسات التى يطلق عليها مؤسسات الجنوب تدفع ثمن الانهيار الاقتصادى للدولة كلها.. وكذلك تعانى من تعديل سياسة بعض الوزارات خاصة وزارة التربية والتعليم والتى كانت تمثل المورد الرئيسى لهذه المؤسسات بطبع كتب الوزارة سنويا وهى التى كانت تضعها فى منطقة الأمان دائما.. ولكن بعد سيطرة الجماعة إياها على الوزارة أصبح لا يفرق معهم أن هذه المؤسسات مؤسسات دولة.. ومارسوا التضييق عليها من كل جانب .
إن مجلس الشورى يملك قانونا هذه المؤسسات إلى أن يتم تشكيل المجلس الوطنى للإعلام والهيئة القومية للصحافة والإعلام اللذين أقرهما الدستور.. وهو مسئول قانونا عن توفير كل ما تحتاجه هذه المؤسسات من مرتبات ومنح ومستلزمات إنتاج حتى تستطيع أن تقوم بمهامها الوظيفية.. ومجلس الشورى مشكورا بالاتفاق مع المجلس الأعلى للصحافة يقوم حاليا بدراسة أوضاع هذه المؤسسات الاقتصادية والمالية والهيكلة الإدارية للوقوف على نقاط الضعف، وقد انتهت هذه الدراسات إلى ضرورة وجود خطط للتطوير.. ولكن فى الوقت نفسه لا يمكن لهذه المؤسسات أن تقوم بتنفيذ هذه الخطط وهى مفلسة ومديونة وتحت خط الفقر.. فلابد لها من تمويل حقيقى.. ولابد من إزالة القيود التى تكبلها وتعيقها وأعنى بها الديون السيادية التى تجثم على أنفاسها منذ ثلاثين عاما.. وكذلك المعوقات التى تحول دون التصرف فى الأصول المملوكة لهذه المؤسسات وتحويلها إلى استثمارات تقيل هذه المؤسسات من عثرتها.. حتى تستطيع أن تقوم بدورها كمؤسسات مملوكة للشعب وللدولة.. وتعمل دائما لصالح الشعب والدولة وحتى لا تعمل وتطنطن لصالح فصيل أو تيار سياسى معين لتتحقق فعلا حرية الصحافة القومية واستقلالها.. والكرة الآن فى ملعب مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة.. فلابد أن تكون هناك رؤية واضحة وصريحة وأدوات فاعلة لمستقبل هذه المؤسسات حتى لا تتكرر الأزمة الحالية.
تابع بوابة روزا اليوسف علي