عاجل
الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
النبي إبراهيم.. مفكراً !

النبي إبراهيم.. مفكراً !

بقلم : محمد نوار

تكررت في القرآن الكريم الآيات التي تدعونا لضرورة إعمال العقل والتفكير، وجاءت 49 كلمة مشتقة من الأصل عقل، 19 كلمة مشتقة من الأصل فكر، والتي كان يجب معها أن يكون المسلمون رواداً للعقلانية.



والسماح للعقل بالتفكير هو من الحكمة التي وهبها تعالى للإنسان: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ) الأنبياء 51، فالراشد من يستخدم عقله لا من يحمله فقط.

فقد سمح النبي إبراهيم عليه السلام لعقله أن يبحث عن الخالق، وبعد أن أصبح نبياً سمح لعقله بأن يفكر في كيفية إحياء الموتى، وهى الأسئلة التي يعتبرها البعض هرطقة وزندقة.

وبدأت رحلته لليقين من أنه لا يمكن لهذا الكون أن يخلق نفسه ولابد له من خالق، فمن يكون الخالق؟ وأين هو؟، وبعد تفكير أيقن أنه لا يمكن أن يكون من نجوم السماء ولا القمر ولا الشمس، لأنهم يغيبون والخالق لا يغيب عن خلقه، فهو المتحكم في الكون كله، وهو موجود وإن كنا لا نراه، ولذلك آمن إبراهيم بالله لا شريك له دون أن يراه. فانتصر صوت العقل على الفكر الموروث بعد أن توصل إلى أن عبادة الأصنام غير معقولة: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) الأنعام 83.

ولم يتوقف عن تساؤلاته العقلانية حتى بعد أن أصبح نبياً: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي..) البقرة 260.

لقد أراد أن يقطع الشك باليقين في أمر لا يتحقق معه الإيمان إلا بالتسليم به غيباً، وهو قدرته تعالى على بعث الموتى للحياة، وقد استجاب الله لإبراهيم وحقق رغبته، لأن سؤاله لم يكن لتبرير عدم إيمانه بالغيب، فهو مؤمن، ولم يكن سؤاله مثل أسئلة الكفار على رسلهم للتعجيز وليس للإيمان واليقين.

وباستخدامه للعقل صار النبي إبراهيم يعدل أمة كاملة: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل 120، وأصبحت طريقة عبادته ملة لدين الله: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل 123.

وسماه تعالى بالمسلم: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) البقرة 131، وسمى تعالى كل من يتبع دينه مسلماً: (..مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ..) الحج 78، والمسلم من تبع دين الله كما نزل على إبراهيم ومن بعده من الرسل حتى محمد عليهم الصلاة والسلام جميعاً، فإذا كان النبي إبراهيم عليه السلام رمزاً للعقلانية لكل الناس، فليس من العقل أن يحرم المسلمون أنفسهم من التفكير، وليس من الحكمة ألا يكون المسلمون رواداً للفكر بين الناس.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز