عاجل
الإثنين 10 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
شىء من الإخلاص!
بقلم
محمد نجم

شىء من الإخلاص!

بقلم : محمد نجم

مرة أخرى.. أعيد وأكرر ما اتفق عليه الأولون من أن النجاح لا يأت صدفة! وإنما هو محصلة عمل جاد متواصل، وقديما قالوا: «إن الشاطرة بتغزل برجل حمار».



هذا بينما الكسول المتقاعس غير الراغب فى العمل ينشغل بالبحث عن مبررات لإقناع نفسه بما هو عليه..

فما هى المحصلة فى الحالتين؟.

بالطبع من عمل واجتهد.. سوف يحصل على العائد الأدبى والمادى لعمله.. معتزا بنفسه.. شاعرا بكرامته، حيث يأكل ويعيش من ناتج مجهوده.

بينما من تقاعس وتكاسل.. ينتظر العطف والإحسان من أهل الخير، وقد يضطر للانحراف لإشباع احتياجاته الأساسية.

والدول.. لا تختلف كثيرا عن الأفراد، فمنها من يعد خططه.. ويحدد أهدافه ثم يسعى إلى تحقيقها معتمدا على موارده الذاتية وجهود أبنائه، ولا مانع من الاستعانة بصديق عند الضرورة.

ومنها أيضا ما يعيش «يومه» معتمدا على المساعدات والمنح والقروض، ويرحل مشاكله الحالية إلى الأجيال المقبلة؟

ومن هى الأجيال المقبلة؟.. أليس هم الأبناء والأحفاد؟.. ثم كيف يقبل البعض أن يعيش فى ظل تلك «الأنانية» البغيضة!

وأعتقد أن المعنى واضح فيما تقدم، أى أن الجيل الحالى تسلم «مصر» صلبة قوية ويجب عليه أن يتركها للأجيال المقبلة كما تسلمها.. إن لم يكن أفضل، وهو ما يعنى أنه لا مناص من ضرورة العمل الجاد والمتواصل للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، هذا مع الإقرار بأنها ليست مسئولية الجيل الحالى وحده.

الآن.. وبعد أن «هيئنا» البيئة للعمل.. حيث حررنا سعر الصرف.. ورشدنا الدعم خاصة للمحروقات وحصلنا على دعم «الصديق» اللدود.. وهو صندوق النقد الدولى فماذا نحن فاعلون..

البعض يرى أنه على الدولة ومن بعدها الحكومة أن تكافح الفساد، وأن تزيد الإنتاج، وأن توفر الخدمات وأن توقف الزيادة المضطردة فى السكان وأن تحارب ظاهرة ارتفاع الأسعار... إلخ.

ولا خلاف مع هذه الرؤية.. بل إنها تمثل «محاور» العمل الجاد.. والمطلوب فى الفترة الحالية والمقبلة.

ولكن ما هى أدوات الدولة فى تنفيذ «المحاور» السابق».. أعتقد أن البعض سوف يسارع بالإجابة بأنها الوزارات والأجهزة المعنية.. وبالطبع هذا صحيح ولا خلاف معه أيضا.

ولكن أيضا.. من يدير الوزارات والأجهزة المعنية كل فى مجاله؟.. أليس هم «البشر».. أى الشعب.. أى نحن المواطنون المصريون؟

لاشك أن «البعض» سوف يحاول الفلسفة والجدل مرددا: «أن السمكة تفسد من رأسها».. وأن العبرة بالقيادة الرشيدة.. وأن الحكومة هى المسئولة.. محاولا استبعاد مسئوليته عما يجرى.. أو متقاعسا عن المشاركة فى عمليات الإصلاح.

qqq

والمعنى فيما تقدم.. أن كلنا مسئولون.. قيادة، وشعب، وحكومة، وأهالى.. والمطلوب فقط «شىء من الإخلاص».. فى العمل والتصرفات.. أى أداء ما يجب عليك عمله مراعيا الله والوطن.

وأعتقد أن الحلال بين وكذلك الحرام، كما أن القانون حدد الأدوار والمسئوليات والتخصصات وأوجب عقوبات محددة لمن يخالفه.

إذا على الحكومة أن تمارس مهامها فى إدارة دولاب العمل والإنتاج فى البلد.. وعليها أن تحدد أولوياتها وتبدأ فى السعى لتحقيقها، ولا خلاف على أنه من الضرورى أن تركز فى الوقت الحالى على زيادة الإنتاج الزراعى والصناعى.. فهما المصدر الأساسى لفرص العمل وتوفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين، وتصدير ما يمكن تصديره لزيادة الدخل القومى للبلاد بجانب عناصر أخرى معروفة مثل عوائد النشاط السياحى والخدمات الأخرى.

وهنا يجب التساؤل: ألا يجب الإسراع بحل مشاكل المصانع المتوقفة عن الإنتاج وبما تمثله من رأس مال معطل.. سواء فى صورة أراض أو ماكينات أو مواد خام!

فلماذا لا تشكل الحكومة لجانا «خاصة» من الوزارات المعنية بعضوية ممثلى البنوك والضرائب والمحليات وأن تتفقد اللجنة هذه المصانع على الطبيعة وتلتقى بالمسئولين عنها وتبحث معهم أسباب التوقف وتصل معهم إلى حلول واتفاق عاجل لإعادة تشغيل تلك المصانع؟.

نعم.. الدولة أصدرت 17 قرارا جديدا لتحفيز الاتجار ومعالجة معوقات التنفيذ والسلبيات السابقة.. وهو شىء جيد ومطلوب وضرورى.

ولكن الكل يعلم أن الإنتاج الفعلى لا يرى النور إلا بعد عامين أو ثلاثة من تاريخ اتخاذ القرار الخاص أو العام بالاستثمار، حيث تخصيص الأرض ثم استيراد المعدات وتعيين العمالة وتدريبها.. إلخ.. ولماذا لا يكون بالتوازى مع ذلك، أى أن تحل مشاكل المصانع القائمة بالفعل والتى قد تكون تعثرت لأسباب طارئة أو مؤقتة أو لتعمد البعض تعطيها لأمر فى نفس يعقوب!

qqq

وأيضا الأجهزة المعنية.. لماذا لا تبذل وزارة الاستثمار ومن بعدها الهيئة العامة للاستثمار جهد أكبر فى الترويج للاستثمار على أرض مصر باعتبارها اقتصاد الفرص الواعدة، وإنهاء مشاكل المستثمرين مع الجهات المتصلة بعملهم، هذا بدلا من الانشغال الدائم بتغيير التشريعات وإصدار قوانين جديدة.

نعم.. التشريعات المنظمة لأى نشاط ضرورية ومطلوبة ويجب مواكبتها للتطورات التى تستجد، ولكنها وحدها فقط لا تأتى بالمستثمرين!

وكذلك الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد.. وهى متعددة.. ولكل مجاله واختصاصه.. وبعضها بدأ بالفعل التحرك بشكل جدى مثل الرقابة الإدارية..

ونأتى للجهاز المصرفى.. وأعتقد- بحكم التخصص- أنه يكاد يكون الجهة الوحيدة فى مصر التى تتحمل التبعات عند التعثر،وأيضا دائما ما تكون فى المقدمة عند البدء فى الإصلاح.

ومن يتابع ما يجرى حاليا منذ تحرير سعر الصرف سوف يدرك على الفور حجم ما يبذله هذا القطاع من جهد لانهاء تلك المشكلة المزمنة، ويكفى الإشارة إلى أنه استطاع جلب حوالى ثلاثة مليارات من الدولار حتى الآن للقنوات الرسمية تمهيدا لاستخدامها فى تمويل احتياجات الاقتصاد الوطنى من الواردات.

وأيضا ضخ الجهاز حتى الآن حوالى ثلاثة مليارات من الجنيهات لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة، هذا إلى جانب تلبية كل احتياجات المستوردين المصريين وتمويل عمليات التجارة الخارجية خاصة فيما يتعلق باحتياجات البلاد من السلع الضرورية، إضافة إلى الانتظام فى سداد أقساط وفوائد الديون الخارجية.

نعم.. لقد نجح الجهاز المصرفى فى القضاء على فوضى سوق الصرف، وكذلك فوضى الاستيراد، ويكفى الإشارة هنا إلى أن واردات مصر من السيارات فى عام 2015 كانت بقيمة 2.5 مليار دولار، وهى أعلى من واردات القمح التى بلغت 2.4 مليار دولار فقط، والأدهى أننا استوردنا فى ذات العام تفاحا - من كل فج عميق - بما يصل إلى 500 مليون دولار.. وكأنه أحد الأدوية الضرورية!

وهنا يبدأ دور الأجهزة المعنية بتطبيق القانون وتنفيذه والحكم السريع بالعقاب المناسب على كل من يخالفه..  واكتفى بهذا القدر لأن فى الفم ماء كثير.

أعتقد أن الأمر الآن أصبح واضحا.. فالأفراد هم القائمين على النشاط، وأيا كان موقعهم.. حكومة أو معارضة، مسئولون أو أفراد! والمطلوب فقط «شىء من الإخلاص»..

حفظ الله مصر وألهم مواطنيها الرشد والصواب.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز