أعزائي رجال الدين .. هل وصلتكم الرسالة
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
هالني كثيرا وكالعادة في الآونة الأخيرة .. كم الحزن في عيون هذا الرجل المعني بحجم ما تواجهه مصر في مسيرتها للإصلاح والتقدم من تداعيات الفساد والإفساد الداخلي والخارجي وفي جميع المجالات سياسيا وفكريا وثقافيا ودينيا واقتصاديا واجتماعيا ، وهالني أكثر حزن الرجل أن الأزهر ما زال مصرا أن يفهم رسالته مغلوطة ، فالرجل عندما طالبكم بتصحيح الخطاب الديني لم يقصد مطلقا خطبة الجمعة فقط ، ولم يقصد أن تستمروا في الإصرار على تجاهل حقيقة تصحيح الخطاب الديني التي تتطلب منكم إعادة صياغة المفاهيم التي تم تضليلها وتزويرها ونتج عنها هذا الكم الرهيب من التخلف والإرهاب والتصدي للمفاهيم والأفكار المدسوسة على صحيح الدين وعبقريته وعالميته تحت مسميات فقه المتشددين من الوهابيين والإخوان والمتصوفة والخوارج والمعتزلة والحشاشين والتشيع وغيرها والتي هدمت فكر وعقائد أجيال متراكمة حتى اليوم ومنذ قرون مضت .
ولعل السؤال التاريخي ما زال يطرح نفسه عليكم .. ماذا فعلتم للتصدي لتشرذم المسلمين لأكثر من سبعين فرقة تكفر بعضها بعضا وتقتل بعضها بعضا ، وماذا فعلتم للتصدي لفكر وعقائد شعبكم المقسمة بين الوهابية والإخوان والصوفية والشيعة من جهة وبين التفريط والتسيب والانحراف والشرك والإلحاد من جهة أخرى ، بل ماذا فعلتم للتصدي للفساد الذي لا أحد ينكر أنه تسرب لمنظومة الأزهر والأوقاف والجامعة ومؤسساتكم كجزء لا يتجزأ من المجتمع المصري ، وماذا فعلتم للتصدي لما يتعلمه أبناءنا في مدارسهم ومن وسائل الإعلام والثقافة عن الدين وعلاقته بالحياة وأثره تفاقم ونعاني منه اليوم من تفشي التسيب الأخلاقي والاجتماعي بين الأجيال الجديدة ، وما هي إستراتيجية الأزهر ورجال الدين في مصر ، وهو سؤال نطرحه لضمائر القساوسة ورجال الدين المسيحي خاصة عندما نلاحظ تصاعد الهجرة بين المسيحيين في مصر .
أعزائي رجال الدين ... نعم مهمتكم صعبة وفي توقيت حرج ولكنها أساسية وهامة وخطيرة ، فالمصريون بطبعهم شعب متدين ويؤثر فيه المسجد والكنيسة بقوة ، ولولا تخاذل وإهمال وفساد أصاب مؤسساتنا الدينية ، ما وصلنا لما نحن فيه اليوم وما نعانيه ، فالنفوس البشرية شديدة التعقيد ولكنها أما الدين شديدة البساطة لو أحسن التعامل معها بواسطة المسئولين عن الدين في أية أمة خاصة لو كانت المصرية صاحبة الحضارة العريقة والعميقة والعظيمة والمتوارثة عبر آلاف السنين ، والأديان السماوية أنولها الله ليحسن ابن آدم إعمار الأرض بالعلم والعمل الصالح والمفيد للبشرية بالتعاون والتكاتف والتسامح وقبول الآخر ، مجتنبا ورافضا لارتكاب أكبر خطيئة دينية وهي تخريب الأرض أو المساهمة في خرابها ولو بالإهمال ، وتلك هي الرسالة المختصرة التي يريدكم السيسي أن تعملوا على إعلائها وتبليغها وتحقيقها في نفوس المصريين ، والتي لو نجحتم فيها فسوف تختلف الأحوال كثيرا ، وسوف تسرع من عجلة الاستقرار والتقدم وصناعة أعظم حضارات التاريخ البشري .
تحية لهذا الرجل على حبه الشديد لوطنه وإخلاصه وأدبه الجم وقدرته على كظم غيظه وحلمه ، ودعاء لله تعالى أن يحفظه ويعينه ويهون عليه حمله ومسئوليته ، وتحية أكبر لهذا الشعب المصري العظيم والذي رغم كل سلبياته ما زال أفضل وأروع وأعظم شعوب الأرض ، وتحية وتهنئة خاصة وخالصة وعاطرة للمصريين بالمولد النبوي الشريف ، وأعياد ميلاد المسيح ، عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة وأزكى السلام ، وثقتي في الله كما كانت دوما لا حدود لها ، وهو سبحانه قادر على إصلاح الأحوال والعباد فهو نعم المولى والنصير .
















