عاجل
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
السياحة العلاجية والأطباء !

السياحة العلاجية والأطباء !

بقلم : محمد يوسف العزيزى

في زيارة ميسي لمصر تحدثنا عن السياحة العلاجية ، وعن كنز سياحي لم نلتفت إليه منذ زمن رغم أن مصر والحمد لله بها من مقاصد هذه السياحة ما لا تتوفر في أي دولة أخري بهذا العدد وهذا التنوع ، ونشطت الأقلام للحديث عن هذا الشأن ، وتحدث مسئولون في هذا البلد عن أهمية هذه السياحة ، عن ضرورة الاهتمام بها والترويج لها .



كان الهدف من زيارة ميسي هو إطلاق حملة دولية وتدشين إعلانا يجوب العالم بأن مصر تحولت إلي مقصد عالمي لمعالجة مرضي فيروس سي ، وأن مصر تمتلك مقومات هذا التحدي .. فبعد أن كانت الدولة الأولي في العالم في عدد المرضي وانتشار هذا المرض ، أصبحت الأولي في العالم بسبب تجربتها الرائدة في علاج هذا المرض بدواء وأطباء مصريين وبأسعار لا تقارن بأسعار علاج هذا المرض في الخارج بالإضافة للإقامة الفندقية في أرقي الأماكن السياحية ، ومن المؤكد أن هذا هدف يستحق العمل من أجله ونحن نعاني من تقلص وتراجع أعداد السائحين للشواطئ والأماكن الأثرية حيث يفوق عدد مرضي ( فيروس سى ) في العالم 150 مليون حسب الإحصاءات العالمية ، وهؤلاء المرضي يهمهم البحث عن علاج فعال وآمن ورخيص ، وهم بالقطع لن يسمحوا للسياسة أن تكون حائلا بينهم وبين الشفاء .

لماذا كل هذه المقدمة والقارئ العزيز يعرف كل ما جاء بها ؟ والإجابة ببساطة أنني كتبت في مقال سابق عن الاستثمار وقلت : لا تكفي القوانين لجذب الاستثمار ولكن من المهم أن تكون لدينا بيئة حاضنة ومناخ جاذب يتيح للاستثمار أن ينمو ويعالج قضايا التشغيل والإنتاج المتوقف وغير ذلك من مشاكلنا الاقتصادية !

 كذلك نحتاج وبشدة ونحن نتحدث عن السياحة العلاجية أن تتوفر بيئة حاضنة ومناخا يساعد علي نجاح هذه السياحة ، ولا يكفي مؤتمرات في قاعات مكيفة ، ولا تصريحات عن استعدادات هي غير موجودة علي أرض الواقع .. السياحة العلاجية تحتاج تغييرا في العقول ، وتحتاج تغييرا في السلوك ، وتحتاج أمانة ومصداقية ورحمة ، وتحتاج نظرة أخلاقية للمريض السائح أو السائح المريض .

أكتب ذلك بعد متابعتي حلقة تامر أمين علي الحياة اليوم الثلاثاء الماضي حيث عرض تامر أمين موقف لصديق له من دولة الإمارات في زيارة حاليا بمصر ، وكان هذا الصديق قرر أن يزور أحد أطباء القلب الكبار ، وذهب إليه في عيادته وقرر دفع ( فيزيته ) الكشف فقالت له ممرضة العيادة 500 جنيه قيمة الكشف فدفع لها المبلغ ، وأثناء الحوار - ربما بسبب الاسم أو اللهجة - سألته الممرضة هل أنت مصري ؟ فقال لها لا لست مصريا فطلبت تعديل قيمة الكشف إلي ألفين من الجنيهات ، فتعجب الرجل وبعد مناقشات وحوارات واستفسارات اضطر تحت ضغط وإذعان أن يسدد لها قيمة الكشف ، وباقي التفاصيل مخجلة لكنه قال في النهاية هذه آخر مرة أزور طبيبا مصريا وربما لن أعود !

قلت لنفسي ربما هذه حالة خاصة .. لكن زادت دهشتي عندما أجري الدكتور طارق كامل – لا أعرفه – عضو مجلس نقابة الأطباء ورئيس لجنة آداب المهنة بالنقابة بناء علي طلب البرنامج ، وتصورت أن الدكتور طارق سيقول للمذيع أنه سيبحث الحالة أو ربما يفسر أن ما حدث خطأ من الممرضة .. لكن الصدمة أنه قال للمذيع هذا شيء طبيعي ، وهناك فرق بين المريض المصري والمريض الأجنبي ، وأن المريض الأجنبي غني وقادر ومعاه فلوس ويقدر يدفع ، وهذا حق للطبيب في عيادته .. !

تامر حاول أن يساعد الدكتور طارق ويبرر معه هذا الأمر لكنه فشل ، وانتهت المداخلة  ، وبالقطع سمعها الصديق المريض وسمعها كل من يشاهد الحلقة في الخارج ..

السؤال .. هل المريض ( مهما كانت جنسيته )  سلعة تخضع للعرض والطلب والتصنيف ؟ هل تصلح هذه الثقافة في إنجاح السياحة العلاجية التي نتحدث عنها ؟ هل مهنة الطب تجيز لصاحبها أن يمارس الابتزاز هكذا دون خجل ؟ هل هذا التصرف المخجل – في تقديري – يشجع علي تحسين سمعة السياحة العلاجية التي سيستفيد منها الطبيب قبل أي مستفيد آخر ؟ هل آداب مهنة الطب تجيز للطبيب أن يجبر المريض علي دفع ما يريد ، وإلا يبحث عن طبيب آخر ، وإذا كان عاجبه ؟

زيارة ميسي والترويح للسياحة العلاجية ودفع السياحة بشكل عام لن تنجح طالما المناخ فيه هذه العقول ، وطالما تحولت مهنة الرحمة عند البعض إلي ...... !

 

 

 

 

 

 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز