عاجل
السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
رحيل أبي..وروحانيات الألم

رحيل أبي..وروحانيات الألم

بقلم : محمد عبد السلام

منذ عام مضي وفي الأول من شهر رمضان الماضي استيقظت الواحدة ظهرا علي صوت أبي عبر الهاتف:



- محمد ابعتلي أحمد أو مصطفي عشان معايا شيلة تقيلة

بعد دقائق جاء والدي ومعه الكثير والكثير ما يكفي لأكثر من شهر، وكانت تلك اول مرة تحدث في حياتي، فنحن أسرة لا تشتري طعام الغد يوم ما

وحينما سألته لماذا فعلت ذلك، أجابني شهر رمضان هذا العام سيكون صعباً عليكم ولا أريد أن تحتاجون شيئا خلاله

بعد دقائق دخل غرفته، دخلت خلفة لأطمئن علية، فبادرني قائلا

- خلاص يا محمد، وصلت نهاية الطريق، انا هموت، خلي بالك من الناس!

لم يقل اعتني بامك أو باخوتك، بل طالبني بالاهتمام بالأخرين

كانت الساعة الثالثة حينما قال هذا الكلام، كان جسمة بارد وعرقة بارد، ولكنه لا يشعر باي شيء علي الاطلاق

تحدثنا، ضحكنا، تذكرنا اشياء كثيرة

قبلها بليلة كان قد إطمئن علي سير العمل في المؤسسة، وانتهاء جميع الأوراق القانونية

وقبل اذان المغرب بخمس دقائق جاء الطبيب ليطالبنا بسرعة نقلة الي اقرب مستشفي

رفض كثيرا ذلك وقال سأخرج من منزلي

اضطررنا للكذب علية، زعمنا إننا سنذهب الي عيادة الطبيب

ولكننا خدعناه وذهبنا به الي اقرب مستشفي في تمام السادسة ونصف

وبمجرد أن استقر في فراشة بدأت برودة جسده تزداد، وارتعاش خفيف في اطرافة

أدركت ان تلك هي سكرات الموت، وانها النهاية

دخل في اول غيبوبة في تمام الثامنة مساء، فشلت جميع الأجهزة أن تري شيء علي الإطلاق

اضطر الطبيب منزعجا أن يهزة قائلاً: يا حج، سامعني، رد عليا......

فجأة فتح أبي عينية وامسك يد الطبيب قائلا وكأنه ينهره

- أنا شايف الجنة... أنا شايف الجنة......

هنا اقتربت منه، أمسكت يده المرتعشة، ثم احتضنته وقد أدركت إنها النهاية

استرح يا ابي، لا تقلق، إطمئن، اذا لم تكن أنت من سيدخل الجنة، من سيدخلها اذا.....

لاحت إبتسامة باهته علي شفاة أبي، ثم أغمض العين للمرة الأخيرة

:::::

مات والدي أول يوم رمضان العام الماضي

مات بعد أن إطمئن علي كل شيء في موقعة

مات وقد ترك خلفة رجال يعلم أنهم سيكملون مسيرته

(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ"

البقاء لله وحده سبحانه وتعالى، الله يرحمك ويغفر لك ويجعل مثواك الجنة يا والدي،

إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا

إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا بفراقك يا والدي لمحزونون

فقد كنت نعم الأب ونعم الأخ ونعم الصديق

رحم الله والدي ومعلمي الأول
 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز