عاجل
الثلاثاء 29 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
اقتصاديات الصحة وتمويل الرعاية الصحية

اقتصاديات الصحة وتمويل الرعاية الصحية

بقلم : د. أحمد الديب

حصل العالم الإنجليزي "انجوس ستيوارت ديتون" علي على جائزة نوبل فى العلوم الاقتصادية عام 2015 ، لدوره الرائد في مجالات بحوث "ديتون" قياس الفقر العالمي والتنمية الاقتصادية واقتصاديات الصحة.



علم إقتصاديات الصحة يتناول فيما يتناول وسائل إستخدام علم الإقتصاد في مجال الرعاية الصحية ،و يلقي الضوء علي اقتصاديات الخدمات الصحية وتمويل الرعاية الصحية وعلاقتهما بالسياسات الصحية بما يؤثر علي وجوه التنمية بوجه عام.

في بحثه بعنوان " اقتصاديات خدمات الرعاية الصحية في الدول النامية و أثرها على التنمية ،2013  " تناول الدكتور "الفاتح مختار" ، أستاذ الإقتصاد بالوصف والتحليل اقتصاديات خدمات الرعاية الصحية في الدول النامية وأثرها على التنمية، مبيناً لمفهوم اقتصاديات خدمات الرعاية الصحية، وأهمية اقتصاديات الخدمات الصحية، والسياسات الصحية، وموضحاً للقوى العاملة الصحية، ومحللاً لأثر اقتصاديات الرعاية الصحية في الدول النامية على التنمية.

وجاءت أهم النتائج التي توصل إليها البحث بان هناك حوالي 57 دولة من بلدان العالم النامي تعاني من عدم توفر وسائل التدخل الأساسية لإنقاذ الحياة مثل التطعيمات لاسيما في مرحلة الطفولة، بالإضافة إلى ضآلة الميزانيات المالية المخصصة للرعاية الصحية. كما أوضحت النتائج أيضاً أن هناك نقصً حاداً في عدد العاملين في مجال الرعاية الصحية بالبلدان النامية بسبب هجرة الكوادر الصحية والطبية الي البلدان الصناعية بحثاً عن فرص عمل أفضل مما جعل هذه الدول تتضرر كثيراً من هذه الهجرة التي أثرت سلباً على مسار التنمية فيها.

بناء على نتائج البحث جاءت التوصيات والمقترحات بأنه ينبغي على المسئولين في الدول النامية توفير وسائل التدخل الأساسية لإنقاذ الحياة مثل التطعيمات لاسيما في مرحلة الطفولة والحمل، والاهتمام بتخصيص ميزانية مناسبة لقطاع الرعاية الصحية تساهم في توفير خدمات الرعاية الصحية لكل مواطن من مواطني الدول النامية لأنه سبب أساسي من أسباب تحقيق التنمية.

وهكذا يواصل واضعو سياسات القطاع الصحي والباحثون نقاشاتهم حول الطرق التي يمول بها النظام الصحي ,ومدي ملائمة الطرق المطروحة لتواكب الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للدول,  وما هي الطريقة الأنسب لكل دولة .ولا يقتصر استعراض طرق تمويل الأنظمة الصحية علي الدول منخفضة الدخل أو الدول النامية لكنه يبقي بنفس القدر من الأهمية عند وضع سياسات صحية لدول متقدمة او ذات الدخل المرتفع.

يمكن تعريف ما يسمي ب"تمويل الصحة" بالكيفية التي يتم بها استدرار الموارد المالية وتخصيصها واستخدامها في إطار النُظم الصحية ، ويتسع هذا التعريف ليشمل تحديد مصادر التمويل وكيفية جمع الأموال وإداراتها من أجل توفير خدمة صحية تتسم بالجودة والكفاءة والإتاحة وتذليل العقبات المالية التي يمكن أن تحرم قطاعات السكان من الإستفادة من الخدمات الصحية.

وكما هو متوافق عليه أنك لا تستطيع إدارة ما لا يمكن قياسه (You Cannot Manage What You CannotMeasure)

من هنا تبرز أهمية الحسابات القومية للصحة والتي تهدف إلي فهم التدفقات النقدية خلال النظام الصحى لتمكن صانع القرار السياسى والاقتصادى داخل قطاع الصحة من أجل التوجيه الرشيد للموارد من خلال التعرف على مصادر ومقادير التمويل فى النظام الصحى  و الجهات المتحكمة فى إنفاق تلك المصادر و الجهات المقدمة لمختلف الخدمات الطبية، وكيفية توزيع الإنفاق على الخدمات والتدخلات والأنشطة المختلفة بالإضافة إلي معرفة الشرائح المستفيدة من الخدمات الصحية .

وفي الحالة المصرية ووفق الحسابات القومية للصحة يأتى الإنفاق من الجيب (Out Of Pocket) علي رأس قائمة مصادر  تمويل الخدمات الصحية حوالي 60%،  تليها زارة المالية حوالي 35%، أما التمويل الأجنبي عن طريق الهيئات العالمية والتمويل الأجنبى مثل التعاون بين هيئة المعونة الأمريكية "USAID" والإتحاد الأوروبي والبنك الدولي يتراوح بين حوالي 1% إلي حد أقصى حوالي 3%. .

هناك خيارات كثيرة للتغطية الشامله أهمها التمويل الصحي عن طريق الضرائب  باستخدام الإيرادات الضريبية في تمويل النظام الصحي.

والخيار الثاني هو التامين الصحي الاجتماعي(SOCIAL HEALTH INSURANCE) والذي يتم تنفيذه عن طريق تحصيل اشتراكات محددة(أقساط تأمينية) للانتفاع بالخدمات الصحية من العمال والشركات والحكومات وتجميع كل هذه الاشتراكات في صندوق واحد او اكثر. علي ان تقوم الحكومات بدفع اشتراكات الغير قادرين .

والحق أقول أنه لا يوجد نظام تأمين صحي يستطيع تحمل كامل تكاليف الخدمات الصحية المقدمة, وعليه يتوجب علي المنتفعين دفع نسبة من التكاليف عند تلقي الخدمة شريطة أن لا تكون هذه النسبة مرتفعة إلي الحد الذي يثقل كاهل المنتفعين ويذهب بالتامين الصحي الاجتماعي بعيداً عن الغرض الذي تم تأسيسه وتطبيقه من أجله والذي يستلزم أيضاً ضرورة استخدام التمويل بأفضل طريقة ممكنة دون الإفراط في الاستخدام او التفريط فيه(UTILIZATION MANAGEMENT).

ويجدر بنا هنا الإشارة إلى أن التحول إلي التغطية الشاملة المدارة ليس بالأمر الهين أو اليسير ,فقد يستغرق هذا التحول عدة سنوات بل وربما عدة عقود ,ثمة عوامل يمكن في رأيي أن تحدد وتيرة التحول منها:

1-القبول النسبي المجتمعي والوعي بأهمية التضامن الاجتماعي لتأسيس نظام تأمين صحي تضامني.

2-الثقة المتبادلة بين المجتمعات والحكومات.

3- ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي والذي يعزز قدرة الأفراد والحكومات علي تأسيس نظام تأمين صحي فعال.

4- قدرة الحكومات علي شحذ وتوجيه السكان الي الاشتراك في نظام التأمين الصحي وقدرتها علي حشد الاشتراكات.

5- توافر واضعو السياسات الصحية والمخططون والاداريون المهرة لإدارة النظام وتسييره بفاعلية.

* خبير جودة وإدارة الرعاية الصحية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز