عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حلاوتهم وشهداء الدرب الأحمر

حلاوتهم وشهداء الدرب الأحمر

بقلم : عيسى جاد الكريم

قصة بطولة وفداء، رغم ما بها من لحظات حزينة مفزعة، تلك التي استغرقت ثواني لمشاهدتها، في فيديو تفجير الإرهابي نفسه في حارة الدرديري بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة.



أناس يسيرون في أمان الله في شوارع اعتادوا المرور منها، حاملين همومهم وأحلامهم مسالمين، فتلك السيدة حلاوتهم تمشى معها بعض الحاجيات التي اشترتها لتجهز طعام لأسرتها وأبنائها.. وقد أعياها التعب تنتظر الوصول لمنزلها لتعد طعام العشاء لهم وتستريح.

لا تنظر خلفها ولا تلتفت لإرهابي يحمل فوق ظهره حقيبة الموت، على بعد أمتار منها، لكنها تنظر أمامها، فلا تتوقع أن تأتي الخيانة من الخلف فتصيبها وبجروح لترقدها في المستشفى بين الحياة والموت، فهي اعتادت عشرات المرات أن تمر بهذا المكان، ورغم الزحام فهي تمر بسلام تعرف أهله الطيبين، بائعيه الذين يكدون من أجل لقمة العيش ليل نهار، تشيل أحمالها بكلتا يديها، وقد تأبطت حقيبة يدها، بعد أن علقتها بكتفها تكد وتكدح كملايين المصريين الذين يسعون طول النهار على أرزاقهم ليأتس الليل ويسكنوا في بيوتهم، ملتمسين الراحة في حياة بلا راحة، لكنها تواجدت في التوقيت الخطأ في المكان الخطأ الذي لوثته أقدام إرهابي لا يعرف قلبه الرحمة، ولا يعبأ بمن حوله.

وبينما كانت حلاوتهم تمر حاملة أشياءها، كان أمين الشرطة محمود أبو اليزيد وضابط الأمن الوطني رامي هلال ساهرين يترقبان ويراقبان خروج الإرهابي الحسن عبد الله ليقبضا عليه، وما إن خرج من الوكر الذي يختبئ به حتى أسرعا للانقضاض عليه ومنعه من التحرك بدراجته، فالهدف منعه من ارتكاب جرائم أخرى وقتل الأبرياء، والإمساك به حياً ليخضع للتحقيق ونعرف من الذي يقف خلفه ومع من يتواصل في الداخل أم الخارج، وكيف يتواصل معهم، ومن الذي غسل دماغه لكي يقتل الأبرياء، ولماذا يقتل الأبرياء ولصالح من، وما معتقداته، من الذي يموله ويوفر الملاذ له، ومن أين يأتي بالمتفجرات ومن يصنع هذه المتفجرات له وإن كان هو يصنعها فمن دربه على تصنيعها، وأين المكان الذي تدرب فيه في الداخل ام الخارج، ومن الذي دربه وهل له شركاء وأين مكانهم، وما العمليات الإرهابية التي شارك فيها، واين كان يقيم قبل ان يأتي لهذه المنطقة ويسكن فيها، وما خططه وخطط الإرهابيين الآخرين وأهدافهم؟! وبما يمكن جهات التحقيق من منع وإحباط عمليات جديدة في خطوات استباقية.

كل هذه الأسئلة كانا يريدان أن يحصلا لها على إجابات، فمنذ ثلاثة أيام منذ ألقى الإرهابي عبوة ناسفة قرب سيارة شرطة عند مسجد الاستقامة، ورجال المباحث وضباط الأمن الوطني لا ينامون، تتبعوا خط سير الإرهابي المشتبه به، بعد أن رصدته كاميرات المراقبة منذ تحركه من ميدان الجيزة ومروره بعد ذلك أمام مديرية أمن القاهرة ثم اختفائه بعد ذلك بمنطقة الدرب الأحمر المزدحمة التي تبعد مئات الأمتار عن مديرية أمن القاهرة، ومسجد الحسين والأزهر، الإرهابي ومن يعاونه اختاروا المكان على ما يبدو بعناية، فالمنطقة زحام طوال الوقت من شروق الشمس وحتى وقت متأخر من الليل، فبالنهار الوكالات والمحال التجارية تعمل وبالليل لطبيعة المنطقة الزاخرة بالآثار فإن الناس تسهر بالمقاهي.

كان أمين الشرطة ومعه ضابط الأمن الوطني رامي هلال، والضباط وأمناء الشرطة المرافقون للمأمورية يريدون القبض على الإرهابي حياً في شارع مكتظ بالمارة والسكان، كانا يريدان ان يمنعاه من ارتكاب جريمة جديدة، ولكن كنت حياتهما فداءً لنا جميعاً فداء لأرواح كان يمكن أن تزهق، لو لا قدر الله كان هذا الإرهابي قد استطاع ان يخرج بالحقيبة التي يحملها ووصل لمنطقة الحسين أو العتبة التي يسير فيها الناس كتفًا بكتف من كثرة الزحام، ويوجد بها سائحون وزائرون من محافظات مصر المختلفة وعدد من دول العالم.

أمين الشرطة محمود أبو اليزيد والضابط رامي هلال استشهدا لأنهما قررا أن يقوما بالخيار الصعب وليس السهل، وهو الإمساك بالإرهابي حياً، لكنه لم يمهلهما لحظات لتقييد حركته وشلها ففجر نفسه، كان يمكن أن تتم محاصرته في المنزل الذي كان يسكن به، لكن هذا الإرهابي الذي لا يعرف الأخلاق ولا الرحمة، كان يمكن ان يستخدم أسلحة أو متفجرات بحوزته فيقتل مزيدا من المدنيين الأبرياء المارين أو يفجر نفسه فيصيب ويقتل السكان في العقار الذي يسكن فيه.

الزحام وضيق المنطقة التي اختارها الإرهابي ملاذًا ووكرًا ينطلق منه لتنفيذ عملياته الإرهابية أعاقت عمل قوات الأمن ورجال المباحث، الشيء الذي يجعلنا جميعاً إيجابيين، وحتى لا يحدث ما حدث، نلتزم بتركيب الكاميرات بالمحال التجارية وأمام العمارات السكنية، ونبلغ عن الغرباء الذين يسكنون جددًا بجوارنا، واتباع تعليمات وزارة الداخلية التي توصي بضرورة إبلاغ أقسام الشرطة بالمستأجرين الجدد، مهما كانت جنسياتهم، فالإرهابي القتيل الحسن عبد الله تشير المعلومات إلى أنه كان يحمل الجنسية الأمريكية، حتى لا تتكرر مأساة حلاوتهم ورجلي الشرطة، فكل منا كان يمكن ان يكون مكان حلاوتهم زينهم ومحمود أبو اليزيد ورامي هلال، رحم الله الشهداء وشفى المصابين وأعادهم لأهلهم سالمين.






 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز