

د. فاطمة سيد أحمد
«فاريا ستارك» والإخوان (9) الجماعة تخفى السلاح المسروق فى عزبة «فرغلى»
بقلم : د. فاطمة سيد أحمد
اعتقد «البنّا» أنه بسرقته للسلاح من المخازن البريطانية بالقناة تحت سمع وبصر وحماية قوات الاحتلال أنه قادر على انتزاع حكم مصر بالقوة، ولأنه لا يهمه القضية الفلسطينية ولا حرب 48 التى تاجر بها وأرسل كتيبة إخوانية لهناك بمباركة عبدالرحمن عزام أمين الجامعة العربية -وقتذاك- ليثبت للزعماء العرب وللجيش المصرى أنه قوة لايستهان بها.
ولأن الجماعة ومنذ عهد مؤسسها عندما تتاح لها الفرص التى تأملها فلا يقوم بإفشالها سواهم، لأن أطماعهم ونهمهم للسلطة يسبقهم فإنه بمجرد تخزين السلاح الذى سطوا عليه بدأت فكرة الحكم تلوح أمام أعينهم ماذا ينقصهم وهم لديهم السلاح والتنظيم السرى العسكرى، ولذلك لم يتوان «البنّا» ورحى حرب فلسطين دائرة بأن يقوم بتحركات انقلابية على السلطة فى مصر بعد أن اتخذ بداية موقف العداء الصريح من جميع قوى الحركة الوطنية وأولها «الوفد» وكان الإخوان هم الحركة الوحيدة التى أيدت «معاهدة الدفاع المشترك» التى عقدها صدقى باشا مع بيفن ، والتى رفضها الشعب المصرى إلا الجماعة التى كانت ترى أن بريطانيا هى التى ستمكنها من حكم مصر، واعتبر البنّا أن تأييده هذا هو نقطة البداية للانقضاض بعد أن منحته إنجلترا السلاح والمال والدعم السياسى، هنا بدأ يضرب ضربته الأولى أثناء انشغال الجيش والقصر بحرب فلسطين للانقضاض على السلطة ولأنهم كانوا تحت مراقبة وزارة الداخلية فقد تم رصد تحركاتهم بناء على تحريات «عبد الرحمن عمار» وكيل وزارة الداخلية لشئون الأمن وقتذاك، والذى كتب مذكرة سرية ضمن فيها ما تقوم به تلك الجماعة فقال «إن الجماعة ترمى إلى الوصول للحكم بالقوة والإرهاب وأنها اتخذت الإجرام وسيلة لتنفيذ أهدافها فدربت شبابًا من أعضائها أطلقت عليهم اسم الجوالة وأنشأت لهم مراكز رياضية تقوم بتدريبات عسكرية، بعد أن جمعت الأسلحة والقنابل و المفرقعات من حرب فلسطين وخزنتها وقد اتخذت هذه الجماعة فى سبيل الوصول إلى أغراضها طرقا شتى يسودها طابع العنف فدربت أفرادًا بشكل مستتر وأنه فى حوزتها أسلحة وقنابل ومفرقعات مخزنة كانت تتلقاها من بعض الهيئات من أجل فلسطين، وأنشأت مجلة أسبوعية وجريدة سياسية يومية ناطقة باسمها وانغمست فى العمل السياسى المغلف بالعنف متغافلة الأغراض الدينية والاجتماعية التى أعلنت الجماعة أنها قامت لتحقيقها».. انتهت مذكرة عمار ليكون بناء عليها إصدار الأمر العسكرى رقم 63 لعام 48 بحل جماعة الإخوان أينما وجدت وبغلق الأماكن المخصصة لنشاطها وبضبط جميع الأوراق والوثائق والمجلات والمطبوعات والأموال وجميع الأشياء المملوكة للجمعية وتبع ذلك أوامر عسكرية أخرى بتصفية شركاتهم والعمل على استخلاص أموال الجمعية لتخصيصها فى الوجوه العامة التى تقررها وزارة الشئون الاجتماعية …
ولكن كيف خزّن التنظيم الإخوانى السلاح الذى تم نهبه من مستودعات الجيش الإنجليزى فى منطقة القناة، كان لا بد أن يكون فى مكان قريب حتى لا ينكشف الأمر أثناء نقله إلى أماكن بعيدة مثل القاهرة وأيضًا حتى الأسلحة التى سرقوها من ميدان حرب فلسطين والأخرى التى منحت لهم بواسطة بعض الدول العربية عن طريق كتيبته هناك والتى كانت تحول السلاح أولًا بأول إلى مخازن الجماعة التى تعتبر قريبة أيضا من سيناء والعريش، وكانت الصدفة هى التى كشفت ذلك المخزن اللعين فى 24 أكتوبر 48 بعزبة «محمد فرغلى» رئيس شعبه الإخوان بمدينة الإسماعيلية، عندما عثر أثناء التفتيش على صندوق يحتوى على قنابل، مما استدعى تفتيش العزبة بالكامل فإذا بأرض إحدى الغرف سردابان بهما كميات ضخمة من القنابل المختلفة والمفرقعات والمقذوفات النارية والبنادق والمسدسات وأحد عشر مدفعا ، كما عثر فى فجوة بأرض غرفة أخرى على وثائق تقطع بأن هذه الجماعة تعد العدة للقيام بأعمال إرهابية واسعة النطاق شديدة الخطر على كيان الدولة وأمنها، وكانت تلك هى قضية الجناية العسكرية رقم «82» … وكان الأسلوب الأكثر إرهابا لهذه الجماعه أنها جندت النشء للقيام بأعمال عنف وإرهاب تصل إلى حد الإجرام مما جعل معاهد التعليم تنقلب إلى مسارح للشغب والإخلال بالأمن وميدان للمعارك والجرائم وهو ما حدث فى الزقازيق عام 48، حيث حرض بعض التلاميذ من أعضاء الجماعة زملاءهم تلاميذ مدرسة الزقازيق الثانوية على الإضراب وألقى أحدهم قنبلة يدوية انفجرت وأصابت بعض رجال البوليس وضبطت مع آخر قنبلة يدوية قبل أن يتمكن من استخدامها فى الاعتداء …
وتمادى الإخوان فى إرهابهم بأحداث وقعت 4 ديسمبر 48 بجامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليا» عندما ألقى طلاب الإخوان قنابل على رجال البوليس وأطلقوا عليهم الرصاص وقذفوهم بالأحجار فأصيب عدد كبير من الجنود فى حين وقف طلاب إخوان آخرون فوق أسطح الكليات وأشعلوا النار فى أماكن متفرقة وألقوا زجاجات مملوءة بالأحماض وأصيب حكمدار بوليس العاصمة بقنبلة أودت بحياته، مما استوجب ذلك إصدار أمر عسكرى بحل شعبتى الإخوان بمنطقتى الإسماعيلية وبورسعيد، عند ذلك استخدم «البنّا» ضربته الثانية… يتبع