عاجل
الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
30 يونيو.. ثورة من أجل المستقبل (1)

30 يونيو.. ثورة من أجل المستقبل (1)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

مع التطور التكنولوجي أصبحت وسائل الاتصال تمارس دورًا جوهريًا في إثارة اهتمام الجمهور بالقضايا والمشكلات المطروحة، حيث تُعد وسائل الإعلام مصدرًا رئيسًا يلجأ إليه الجمهور في استقاء معلوماته عن القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية والقومية كافة.



في هذا السياق جاءت الدراسة المهمة والمتميزة التي أعدتها الباحثتان د. منى جابر عبد الهادي هاشم ود. أمنية عبد الرحمن أحمد المدرستان بكلية الإعلام جامعة بني سويف وعنوانها: "دور الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل اتجاهات الجمهور نحو المشروعات القومية المصرية"، لاستكشاف دور الإعلام الجديد في تشكيل اتجاهات الشعب المصري نحو المشروعات التنموية الكُبرى التي يتم العمل فيها منذ أربع سنوات، وبالتحديد خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقد اتسمت مواقع التواصل الاجتماعي بكونها أداةً اتصالية حديثة لتحريك الرأي العام، حيث لفتت انتباه الجمهور نحو دورها في التغيير السياسي وتأثيرها على الثقافة وتحرك الشعوب نحو التغيير، ونظرًا للانتشار المتزايد والكثيف لما تقدمه من مزايا وخدمات تفاعلية جعلت عديدًا من الصحف الإلكترونية تنافسها وتحاول الاندماج معها لتحقيق التكامل المنشود لسد نهم الجمهور نحو المعلومة والترفيه، وكذلك التأثير عليه من خلال التعبير عن قضاياه والمشروعات التي يجب لفت أنظار الجمهور تجاهها مثل المشروعات القومية المصرية الجديدة كمشروع قناة السويس الجديدة ومشروعات البنية التحتية وإنشاء طرقٍ وكباري جديدة وخطوط مترو ومشروع الاستزراع السمكي ومشروع حي الأسمرات الجديد (تحيا مصر) ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة.

لذلك كله تحدد الهدف الرئيس لهذه الدراسة في الإجابة عن تساؤل رئيس ومهم هو: ما الدور الذي تقوم به الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل اتجاهات الجمهور المصري نحو المشروعات القومية المصرية الجديدة؟ حيث إن وسائل الإعلام تعتبر من الوسائل المؤثرة في تشكيل اتجاهات الجمهور نحو القضايا المختلفة، وهو ما دفع الباحثتين إلى الاهتمام بما تقدمه الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي من إسهامات في تقديم مواد إعلامية ومضامين عن المشروعات القومية بشكل يجعلها تؤثر على الجمهور المصري وتدفعه لتشكيل اتجاهاته نحو هذه المشروعات.

وقد وفرت شبكة الإنترنت بكل ما تتيحه من عالمٍ افتراضي– سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على مواقع الصحف الإلكترونية- الفرصة أمام الأفراد المشتركين في هذه المواقع لبناء قاعدة أساسية للانطلاق باتجاه أهداف لتحقيقها، انطلاقا من الإيمان العميق بدورهم في الحياة المجتمعية، وبضرورة الارتقاء بالمجتمع، وذلك من خلال فتح المجال لإبداء آرائهم والتعبير عنها والمشاركة في نقاشات حول كل ما يُثار من قضايا مختلفة تهم الفرد والمجتمع ككل. وساهم الإعلام الجديد في تشكيل مفاهيم الجمهور وتصوراته بالنسبة للحقيقة، بالإضافة إلى تزويده بالخبرات السياسية والاجتماعية التي من خلالها يتشكل الرأي في المجتمع كما يلعب دورًا مهمًا في خلق التماسك بين جميع أفراد الشعب في المواقف السياسية والاجتماعية المهمة مثل الالتفاف حول المشروعات القومية.

فالإعلام الجديد يقوم بدورٍ لا يُستهان به في إحداث التأثير في اتجاهات الشرائح المختلفة في أي مجتمع، ولكن بدرجات متفاوتة مرتبطة بالظروف والآليات التي يتم استخدامه فيها سواء على مستوى الأفراد أو المجموعات أو الدول. ويُحسب لشبكات التواصل الاجتماعي أنها تتعامل مع المعلومة والخبر والحدث لحظة وقوعه، ويمكن تبادل هذه المعلومات بين الأصدقاء معززة بالصور ومقاطع الفيديو والتعليق والرد على بعضها، وهذا ما لم تتمكن منه وسائل الإعلام الحديثة، فإنها ولو قدمت الخبر تحت مسمى (عاجل أو مباشر)، فإنها تقوم فقط بدور المرسل من خلال وسيلتها الإعلامية كالفضائيات مثلًا، ولم تتمكن من أن تجعل المشاهد يتفاعل معها في لحظة بثها لتلك الأحداث، إلا بعد فترة من الوقت عندما تكون تلك الأخبار قد نُشرت على موقعها الإلكتروني، وفي هذه الحالة يمكن لمتصفح تلك المواقع أن يرد أو يعلق على تلك الأخبار.

فلا يجب التعامل مع الشبكات الاجتماعية على أنها مجرد وعاء يحوي معلوماتٍ وأخبارًا وأفكارًا وتعليقاتٍ عن الأحداث الجارية، بل يجب التعامل معها على أنها كيانات فاعلة وقادرة على إنتاج المعلومات، فهي وحدات أساسية مشاركة في العمل العام، خاصةً أن كثيرًا من مستخدمي الشبكات نشطاء في المجتمع ومنتجين للمضمون الإخباري وليسوا مجرد متابعين للأحداث.

لقد أصبح الإعلام الاجتماعي قوة ضغط عالمية في هذا القرن وصار مصدرَ قلقٍ لكثير من الحكومات، فمواقع التواصل كانت في بداية الأمر للدردشة والثرثرة ولتفريغ الشحنة العاطفية، ولكن يبدو أن النضج وصل إلى تلك الشبكات حيث أصبح الشباب يتبادلون وجهات النظر الثقافية والأدبية والسياسية عبر هذه المواقع، واستقر الأمر على أن أصبحت تلك المواقع الاجتماعية لكثير من الشباب- خاصةً في المنطقة العربية- كفضاءٍ حر مخصص لتبادل الآراء من أجل المطالبة بتحسين إيقاع الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وامتد الحال بأن أصبحت الحكومات توجه خطاباتها من خلال الصفحات الرسمية للحكومة والجيش عبر مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة.

لذلك يجب ألا يُستهان بدور الإعلام الجديد في التأثير، فالإعلام الجديد سواء كان مواقع للصحف الإلكترونية أو مواقع للتواصل الاجتماعي عليه دور كبير في الترويج للمشروعات القومية، فلابد أن يخلق حالة من الاهتمام لدى الجمهور، ويحث الشباب على الإقبال والمشاركة في هذه المشروعات، مع تقديمها للمواطن بأسلوب مبتكر وغير تقليدي، وخلق حالة من التوازن والعرض المنطقي لما يتم إنجازه بشكل واقعي، بالإضافة إلى تقديم النماذج الناجحة في مقابل المشاكل التي يتم عرضها، ويتم ذلك من خلال نشر هاشتاج (الوسم #) مؤيدة لهذه المشروعات سواء جميع المشروعات تحت مسمى واحد، أو الاهتمام بعمل هاشتاج لكل مشروع، ومشاركة البيانات والمعلومات المختلفة عن هذه المشروعات المهمة ويتم مشاركتها عبر الصفحات الرسمية للدولة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكذلك يجب التركيز على ضرورة أن يكون للمواطنين دور في دعم ومساندة المشروعات القومية سواء بالمشاركة المعنوية أو المادية، حتى نساهم في تحسين الوضع الاقتصادي لبلادنا، وحتى تشعر الأجيال القادمة بأننا قمنا بواجبنا تجاه مجتمعنا.

ورغم صعوبة محاولة رسم سيناريوهات مستقبلية حول واقع التطور الذي يحدث على خلفية هذه التفاعلات وتأثيرها على الرأي فلا يمكن التنبؤ بردود أفعال الجمهور، إلا أننا لا يمكننا أن ننكر مدى تأثير الإعلام الجديد على الجمهور خارج سياق العالم الافتراضي بدايةً بالثورات العربية والانتخابات وصولًا للقضايا التي تمس الأمن القومي والوطني، لذلك يجب التركيز على الشعور الوطني للجمهور عند نشر معلومات أو أخبار عن المشروعات القومية، فالحث على الشعور الوطني لدى الجمهور يعتبر من أهم العوامل المؤثرة على الرأي العام الوطني دون التخصيص على قضية بعينها وإذا تعارض الموقف مع المصلحة الوطنية يتحول الرأي العام سريعًا نحو الأهداف الوطنية.

ونستعرض نتائج هذه الدراسة الأسبوع القادم بإذن الله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز