

محمد الشرقاوي
مغطس السخرية من خريجي الجامعات
بقلم : محمد الشرقاوي
لم تستجب الجامعات المصرية، حتى الآن، إلى تهديدات "الأتمتة"، حيث ستحل الآلة سواء - كمبيوتر، أجهزة، تطبيقات بذكاء اصطناعي، روبوت، إلخ- محل الإنسان في كثير من الأعمال التقليدية، حتى التي تحتاج درجة ما من التفكير والإبداع، مثل وظيفة المحامي، أو التي تحتاج عمليات حسابية معقدة مثل المحاسب، أو التي تحتاج إلى جمع البيانات وتحليلها مثل المبرمج، كذلك الأعمال التي تحتاج جهدًا جسديًا، مثل تشغيل الآلات أو تحضير الوجبات السريعة. حتى العاملين بتنسيق الحدائق ومقدّمي الرعاية للأطفال وكبار السن سيضعهم الروبوت في طابور البطالة.
على سبيل المثال! كان خط سير إنتاج عبوات "الكولا" في السابق يدوي بشكل كامل، ويشغله 30 عاملًا، بدءًا من مزج المواد، ثم التعبئة اليدوية، ثم لصق الغلاف، وإغلاق العبوة، وأخيرًا التغليف النهائي، وعند التوجه لـ"الأتمتة"، تم الاستغناء عن 29 عاملًا، والبقاء على عامل واحد يشرف على سير عملية الإنتاج، ويقوم بإعلام المختصين في حال حدوث تغيرات في سير عملية الإنتاج(ارتفاع درجة حرارة المواد مثلا) وذلك من خلال شاشة مراقبة لسير العملية بشكل كامل دون تدخل، إلا في حالة التعديل سواء على كميات المواد أو إعداد العبوات المراد إنتاجها في اليوم.
حتى مهنة المحاماة أصبحت من الوظائف المفقودة في أمريكا، وبات أغلبهم لا يساوي دولارًا في طابور العمل، فالبرنامج الإلكتروني «آي بي إم واتسون» القانوني يقدم المشورة لمستخدميه في القضايا العامة الأساسية، خلال ثوانٍ بدقة تصل نسبتها إلى 90%، مقابل 70% يقدمها المحامون من البشر!! فإن كنت تسعى وتدرس القانون، توقف حالًا! فسوف تنقرض المهنة مستقبلًا!
وعلى صعيد الزراعة سيقوم الروبوت- إنسان آلي- بالزراعة والحرث والسقي في الحقول، وسيتحول المزارعون إلى مدراء يديرون الإنسان الآلي، ويمدونه بالمعلومات ليقوم بأفضل طريقة للحصد أو الزرع.
حتى في العمل الفندقي والسياحي، ستجد الروبوت في مدخل "الرسبشن" لاستقبالك، ويتحدث معك بلغتك، عربية كانت أو غير ذلك، ويقوم بعملية الحجز أو المغادرة، وسيرفع العالم قريبًا لافتة "شكر الله سعي المترجمين خريجي الألسن واللغات والترجمة".
حتى طهي الطعام في الفنادق والقرى السياحية سيكون الشيف روبوت، يطهي، ويغلف وربما يقدم لك الطعام، وهو ينحني ويقول لك "بونا بيتي"، ليجلس خريجي السياحة والفنادق في حسرة مما درسوه. لدرجة الاقتراح بفرض ضرائب على الروبوتات من أجل تعويض العمال البشريين عن الوظائف التي فقدوها.
حتى إن أنظمة الذكاء الاصطناعي باتت في كوريا تحدد للركاب الميعاد المناسب للتحدث مع السائق، لضمان السلامة، وعدم تشتيت انتباه السائقين، مما يعرض الجميع للخطر.
العالم كله يدرس ويحلل حياة البشر بعد "الأتمتة"، حتى إن معهد ماكنزي العالمي ذكر أن العدد الإجمالي للوظائف المفقودة على مستوى العالم، نتيجة "الأتمتة"، سيصل إلى 800 مليون وظيفة.
مصر جزء من هذا العالم، والأتمتة قادمة لا مفر، ومقصلتها لن ينجينا منها سوى التعليم، مما يستوجب على الحكومات ووزير التعليم العالي تمهيد الطريق تدريجيًا، كي لا يُحدث هذا التغيير اهتزازًا كبيرًا، وغير ذلك سيصبح خريجونا في مغطس من السخرية.