عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الــــدولار يتراجـــع والأسعار لا تتراجع

الــــدولار يتراجـــع والأسعار لا تتراجع

بقلم : محمد هيبة

سوق العقارات؟!



 

يعتبر سوق التنمية العقارية فى مصر من أكثر الأسواق الناشئة والأعلى نموًا فى الخمس سنوات الأخيرة والتى وصل معدل النمو فى هذا القطاع إلى ما يقرب من 27 ٪ من إجمالى معدل النمو القومى وفق الإحصاءات والأرقام الرسمية.

والحقيقة أن نمو هذا القطاع تحقق بسبب مشروعات الدولة الخاصة بالإسكان الاجتماعى والمتوسط والمدن الجديدة مثل مدينة العلمين والمنصورة والمنيا.. وكذلك مشروعات المليون وحدة سكنية وغيرها من المشروعات والتى كان للقطاع الخاص نصيب كبير فيها.. لذا كانت معدلات نمو هذا القطاع أكبر من غيرها.. وكذلك حركة البيع والشراء وتوسع البنوك العامة أيضًا فى التمويل العقارى لهذه المشروعات تسهيلا على الشباب الذى يرغب فى اقتناء سكن اقتصادى بسعر مناسب وبفائدة بسيطة.. وكذلك مدعوم من الدولة.

إلا أن هذه السوق بالتحديد بدأت معدلات النمو بها فى التراجع الشديد وسادت حالة من الكساد والركود سيطرت على هذه السوق مع قرب انتهاء معظم مشروعات الدولة فيما يتعلق بمجال الإسكان، كذلك ارتفاع الأسعار المبالغ فيه فى مشروعات الإسكان غير المدعومة.. والتى تقوم بها شركات القطاعين العام والخاص معا، مع أن مدخلات الإنتاج من حديد وأسمنت أخذت فى التراجع فى أسعارها بالتراجع الشديد مع سعر الدولار والذى كان سببا فى ارتفاع أسعار هذه المشروعات من قبل، ومع ذلك الدولار يتراجع وأسعار هذه الشقق لا تتراجع، بل تزيد يوما بعد يوم.. والأمر الثالث أن هناك منطقة وسطى ما بين أسعار الإسكان الاجتماعى الاقتصادى والمتوسط.. وما بين أسعار الشقق الفاخرة التى تزيد سعر الوحدة فيها على مليون جنيه فى شقة 100 متر فقط، ولذا هناك فجوة موجودة فى هذه السوق لتلبية  احتياجات هذه المنطقة والتى قد لا ينطبق عليهم شروط الإسكان الاجتماعى ومع ذلك لا يستطيعون إيجاد شقة بسعر مناسب وسطى بين هذا وذاك للمبالغة فى سعرها من قبل شركات التنمية العقارية والمطورين العقاريين وشركات المقاولات العامة والخاصة.

السبب الرابع والأهم أن الدولة نفسها عن طريق وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تخلت عن دورها المنشود فى توفير سكن مناسب بسعر مناسب للشباب.. بل دخلت فى منافسة مع القطاع الخاص فى بناء وحدات الإسكان الفاخر والمتميز مثل جنة ومناطق كثيرة وهذا وحده زاد الأسعار بشدة.. فسعر الشقة 130 مترًا فى جنة يتخطى المليون جنيه، إذا كان على 3 سنوات بدون فوائد ومليون ونصف لأكثر من ذلك.. والأغرب أن الهيئة طرحــت المرحلة الثانية بأسعار تزيد على 25 ٪ عن أسعار العام الماضى دون مبرر.. والأهم أن المسئولين خرجوا علينا ليقولوا أنهم يأخذون من إيرادات الإسكان الفاخر للإنفاق على الإسكان المتوسط والمدعوم.. ولذا تراجعت مبيعات هذه المشروعات بشدة لأن سعر المتر وصل فى بعض المدن إلى 13500 جنيه، وأيضا المرحلة السابقة التى طرحت العام الماضى أصبح الـ«رى سيل» أى إعادة البيع فيه كثير جدا لأنها عندما طرحت استولى عليها السماسرة وشركات التسويق العقارى لإعادة بيعها ب"أوفر"  أى بزيادة 250 ألف جنيه فى الوحدة فى بعض المناطق.. وتوقف البعض عن السداد لأنه غير قادر على الأقساط وتم سحب الشقق منهم.. والغريب أن الهيئة أعلنت مؤخرًا عن رد الشقق بشرط التعامل بالأسعار الجديدة, طب هم أساسا كانوا قادرين على الأسعار القديمة لما يقدروا على الأسعار الجديدة.. طبعا فكر قاصر من المسئولين.

شركات القطاع العام هى أيضا أصابتها العدوى فى زيادة الأسعار وبصورة مبالغ فيها بشدة.. ومازالت ستتزايد حسب تصريحات المسئولين فيها.. مثل شركة النصر وشركة الشمس، فالشركتان بدأتا بطرح وحدات إسكانية فى كمبوندات فى العام الماضى بسعر 5500 المتر، وقفز السعر فى أقل من عام ليصل إلى 9 آلاف جنيه دون مبرر يعنى شقة 128 يصل ثمنها إلى مليون و160 ألف جنيه بدون وديعة الصيانة ومصاريف والغاز والمصاريف الإدارية.. والأغرب أن إحدى هاتين الشركتين قامت بتحميل سعر مساحة الجراج على إجمالى سعر الشقة، أى أن سعر باكية جراج يصل إلى تسعة آلاف جنيه للمتر.. طبعا تهريج.. ولا أحد يراجع هذه الأسعار.. وإذا كان هذا منهج الوزارة وهيئة المجتمعات العمرانية وشركات القطاع العام العاملة فى الإسكان، فماذا يكون نهج القطاع الخاص الهادف للربح أساسا والذى يبحث عن أعلى معدلات ربح من هذه المشروعات.

للأسف الدلائل والمؤشرات تؤكد أن قطاع التنمية العقارية ستتراجع معدلاته التنموية بصورة متسارعة قد تصل إلى الانهيار.. فالمفروض أن مؤشرات تحسن الاقتصاد وكذلك تراجع الدولار تؤثر تأثيرا إيجابيا على نمو هذا القطاع.. ولكن حالة الكساد والركود إذا استمرت بهذه الصورة سيؤثر حتما على هذا القطاع بالسلب الشديد.

والأهم من ذلك أن تعود الدولة لدورها الطبيعى والحقيقى فى إيجاد سكن ملائم لكل شاب يحاول أن يبدأ حياته وفق إمكاناته المتواضعة.. وأن تتخلى عن دورها فى منافسة القطاع الخاص لأنه ليس المنوط بها أن تقوم بذلك ويكفى أن الدولة عن طريق المجتمعات العمرانية الجديدة قد حققت طفرة فى مجال الإسكان الاجتماعى والمتوسط لم تحدث من قبل.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز