عاجل
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
الملاذ الآمن والأم الحنون

الملاذ الآمن والأم الحنون

بقلم : جميل كراس

كثيرون يحلمون بعيش أكثر رغدا وحياة أفضل يتمنون أن يحققوها حتى لو كان ذلك بعيدا عن أرض الوطن وفي دهاليز الغربة الأكثر جفاءً، ومنها الهجرة إلى الخارج من أجل حياة مرفهة أو أكثر استقرارا من الجانب الاقتصادي، وحيث الأموال والرواتب الأعلى بكثير، وهم لا يعلمون بأنهم قد يزجون بأنفسهم في التهلكة داخل مجتمعات جافة أو أكثر تجمدا لا تتكلم سوي بلغة الكفاءة والعمل وتلك هي مجازفة قد تكون غير محسوبة بالمرة في مثل هذه الأمور الأكثر حيوية.



وعن نفسي فقد تعرضت لمثل هذه المواقف وكنت أحلم بأن أكون أحد هؤلاء الذين يفكرون في الهجرة.

ذات يوم أو خلال حقبة الثمانينيات من الزمن عقب تخرجي في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، لكن يبدو بأن الحلم لم يستمر طويلا بعد أن أدركت الفرق بين بلدي الذي يؤويني وأعيش فيه وبلاد الغربة والحياة الأكثر جفاء.. لكن حلمي لم يستمر طويلا بعد أن قطعت أوصال الشك باليقين وأقسمت بأنه لا حياة لي ألا داخل وطني الأول والأخير مصر ولن أهجره مهما توالت الأيام أو طال الزمن لكونه يسري في دمائي وداخل روحي إلى آخر نفس في حياتي وأقسمت بألا أترك بلدي مهما كان الثمن أو المغريات، وقد تساءلت مع نفسي: كيف تهون علي حياتي أن أعيش خارج دياري أو الأرض الطيبة التي تربيت فيها وأكلت من خيرها وشربت من نيلها العظيم فأنا أعشق كل شيء فيها من عادات وتقاليد راسخة أو أصيلة وأتمتع بالأخلاق الشرقية الأكثر تأدبا وكيف أغامر بحياتي وأخلاقياتي إلى الأبد كي أحيا أو أندمج داخل مجتمعات ليس لي فيها شيئا واضعا أمامي تلك العبارات أو الأمثال الشعبية الرائعة ومنها "من فات قديمه تاه" أو "من خرج من داره اتقل مقداره" علما بأن دوام الحال من المحال في كل شيء حتي في العمر والحياه أو شهواتها.

وبلدي مصر هي عمري الحقيقي والملاذ الآمن والأم الحنون التي تحتضني وقت المسرات أو المضرات أيضا، وفي الأفراح أو الأحزان أتنفس من نسيمها العليل وطقسها الذي لا يقارن وقد حباها الله بكل ما هو جميل وهي مذكورة في كل الأديان السماوية وهي كذلك أرض الأديان والحضارة والتاريخ وبلدي هي الأحق أو الأولى بجهدي وعرقي حتى لو كان هناك بعض التعثر أو ما شابه ذلك أو من يقف ضد أي نجاح وكلها مفردات تتغير من مجتمع إلى آخر.

ومصر فريدة من نوعها تتمتع بنكهة أو مذاق خاص، تتقدم به على كل دول العالم رغم الفارق في المستوى أو رغد المعيشة في مجتمعات الهجرة، وما زالت الأمثلة الشعبية تحاصرني بقوة متذكر إحداها التي تقول "اجري يا ابن آدم جري الوحوش وغير رزقك لن تحوش".

لذا أنا أحب مصر وأعشق ترابها المقدس فهي مسقط رأسي أو مولدي وحياتي وكل ذكرياتي ولا يضايها أي من بلدان الدنيا.. فنحن أرض الأجداد أو الفراعنة التي تزخر بكل كنوز العالم ومنها انطلقت باكورة الحضارات الإنسانية في التاريخ البشري.

لذا لن أموت إلا على ترابك يا مصر وأنا مطمئن ومستريح البال حتى آخر رمق في حياتي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز