عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

"فايننشال تايمز": صانعو السياسة النقدية يحذرون من مواجهة الاقتصاد العالمي أكبر تحدٍ منذ عقود

فايننشال تايمز
فايننشال تايمز

حذّر كبار المسؤولين وصناع السياسة النقدية من أن محافظي البنوك المركزية في الدول الغنية يواجهون مشهدًا اقتصاديًا أكثر تحديًا مما واجهوه منذ عقود وسيجدون صعوبة في مواجهة التضخم المرتفع.



 

ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، في تقرير، أن البنوك المركزية لدى أكبر الاقتصاديات العالمية دقت ناقوس الخطر، مثلما ألمح بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية الأخرى، وذلك خلال اجتماع مسؤولي البنوك المركزية الكبرى في ندوة جاكسون هول في ولاية وايومنج، في الوقت الذي تعاني فيه الدول أسوأ تضخم منذ عقود، مع دخول الاقتصاد العالمي حقبة جديدة أكثر صرامة، كما أكدت أن الاجتماعات كشفت بتفصيل صارخ عن خطوط التصدع العالمية التي سببها الوباء والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ونقل التقرير تصريحات جيتا جوبيناث، نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي، التي قالت فيها: "على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة، ستزداد صعوبة عملية صنع السياسة النقدية مما كانت عليه في العقدين السابقين قبل مواجهة الوباء... نحن في بيئة ستكون فيها صدمات العرض أكثر تقلبًا مما اعتدنا عليه، وسيؤدي ذلك إلى توازنات أكثر كلفة للسياسة النقدية".

وتطرق التقرير إلى ارتفاع وتيرة نمو الأسعار "الصاروخي"، إذ اصطدمت اضطرابات سلسلة التوريد بعمليات إغلاق "كوفيد-19" مع ارتفاع طلب المستهلكين الذي يغذيه الدعم المالي والنقدي غير المسبوق منذ بداية الوباء، كما تسببت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في سلسلة من الصدمات السلعية التي أدت إلى المزيد من قيود العرض وزيادة الأسعار.

واعتبر التقرير أن العوامل المذكورة أجبرت البنوك المركزية على تشديد السياسة النقدية بقوة لضمان ألا يصبح التضخم عاملاً مترسخًا في الاقتصاد العالمي، لكن نظرًا للقدرة المحدودة على معالجة القضايا المتعلقة بالعرض، يخشى الكثيرون من لجوء البنوك المركزية إلى فرض المزيد من القيود الاقتصادية أكثر مما كان عليه الحال في الماضي من أجل استعادة استقرار الأسعار والأسواق. في غضون ذلك، حذر رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، من أن أدوات البنوك المركزية، خاصة في الاقتصادات المتقدمة، غير مناسبة لمعالجة الضغوط التضخمية المرتبطة بالعرض، التي تقود جزءًا كبيرًا من ارتفاع التضخم الأخير، مشددً: "يجب أن تُواجَه زيادة الأسعار بالكثير من العوامل داخل الاقتصاد مثل زيادة الانتاج؛ لذلك أعتقد أن هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه البنوك المركزية".

وقال مالباس إن الاقتصادات النامية معرضة أيضًا لخطر تشديد الأوضاع المالية العالمية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع أسعار الفائدة وسط الكثير من الديون المستحقة؛ مما يزيد من تكاليف خدمة الدين، لكنه أمر يجعل من الصعب الحصول على قروض جديدة.

وأشار التقرير إلى ما قدمته الشخصيات الرئيسية في كل من الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي من تعهدات "غير مشروطة"، خلال اجتماع مسؤولي البنوك المركزية الكبرى في ولاية وايومنج، لاستعادة استقرار الأسعار والأسواق والسيطرة على شبح التضخم.

بدوره، حذر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، من احتمالات أن تكون هناك "فترة مستدامة" من النمو البطيء وضعف سوق العمل، كما ارتأت جيتا جوبيناث، من صندوق النقد الدولي، أن الحاضرين في اجتماع وايومنج أظهروا أطروحات "متواضعة" إزاء حالة عدم اليقين الهائلة التي تواجه الاقتصاد العالمي، كما أن البنك المركزي الأوروبي يواجه تحديات وهناك "خطر حقيقي" من بيئة تضخمية مصحوبة بركود اقتصادي وسط التضخم المرتفع الذي سيضرب أوروبا، بالنظر إلى شدة أزمة الطاقة التي سببتها العملية العسكرية في أوكرانيا.

ويقول رئيس البنك الوطني السويسري توماس جوردان: "في الوقت الحالي، يتعين علينا اتخاذ قراراتنا على خلفية حالة عدم اليقين العالية... تفسير البيانات الحالية يمثل تحديًا، ومن الصعب التمييز بين الضغط التضخمي المؤقت والمستدام".

وقال مسؤولو البنك المركزي الأوروبي إن السنوات القليلة المقبلة ستشهد خطر "التقلب الكبير"، على عكس العقدين الماضيين، الذي أطلق عليهما الاقتصاديون "الاعتدال العظيم" بسبب الديناميكيات الهادئة نسبيًا، فيما توصل العديد من المسؤولين إلى الاعتقاد بأن العوامل التي أبقت ضغوط الأسعار تحت السيطرة - وعلى رأسها العولمة ووفرة المعروض من العمالة - قد اتخذت مسارًا عكسيًا للتو.

كما حذر المدير العام في بنك التسويات الدولية، أوجستين كارستنز، من أن الاقتصاد العالمي على أعتاب تغيير تاريخي؛ إذ يبدو أن السياسات النقدية تتطلب مواجهة تهديد التضخم الحالي.

وقال رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، آدم بوزين: "القضية التي تحتاج البنوك المركزية إلى التركيز عليها هي إعادة صياغة الاستراتيجية وأهداف التضخم لعالم يواجه صدمات عرض سلبية أكثر تواترًا وأشد قوة".

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن مسؤولي البنوك المركزية في الاقتصادات الغنية يستهدفون تراجع التضخم لنسبة تدور حول 2%، بينما يدعو العديد من الاقتصاديين إلى هدف تضخم بنسبة 3%، حيث يعزز ذلك المرونة وامتصاص الصدمات ودعم الاقتصاد أثناء فترات الركود، لكن يظل عدم السيطرة على التضخم يؤجج ارتفاع الأسعار وتأثيره في الأسر والشركات.

وقالت كارين دينان، أستاذة الاقتصاد في جامعة هارفارد، التي عملت سابقًا في البنك المركزي الأمريكي، إن من "المجازفة الشديدة" بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ونظرائه أن يحددوا نسبة مستهدفة من التضخم للسيطرة عليه؛ لكنها رأت أنهم "بحاجة إلى بذل كل ما في وسعهم للحفاظ على مصداقيتهم - وربما في بعض الحالات، لاستعادتها - لكن يتعين عليهم التفكير بجدية بشأن ما يجب أن يكون عليه هذا الهدف الجديد".

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز