عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مشاركون في مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: لا غنى عن الاجتهاد في واقعنا المعاصر

أكد المشاركون في الجلسة العلمية الثانية لمؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الثالث والثلاثين بعنوان "الاجتهاد ضرورة العصر"، أن الشريعة الإسلامية تحمل الهداية والخير للبشرية جمعاء، وأن الاجتهاد لا غنى عنه في واقعنا المعاصر فهو طوق النجاة في الأمور المستجدة والمسائل المستحدثة.



وانطلقت فعاليات الجلسة العلمية الثانية، مساء اليوم السبت، تحت عنوان (شروط الاجتهاد وإعداد المجتهدين) برئاسة الأستاذ الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق وأمين عام رابطة الجامعات الإسلامية، والأستاذ الدكتور سيف رجب قزامل عميد كلية الشريعة والقانون السابق بطنطا بجامعة الأزهر، والشيخ السيد علي بن السيد عبد الرحمن آل هاشم مستشار الشؤون القضائية والدينية في الإمارات، والدكتور محمد سليم الندوي أمين عام منتدى الهند الإسلامي للوسطية والحوار بالهند، والدكتور هاني تمام أستاذ مساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر. 

وفي بداية الجلسة، قدم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وأمين عام رابطة الجامعات الإسلامية، الدكتور أسامة العبد، الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، على رعايته هذا المؤتمر، وكل المؤتمرات الداعية إلى الوسطية والاعتدال، ولكل العلماء الذين لبوا النداء من أجل ضرورة الاجتهاد والمشاركة في هذا المؤتمر المتميز. 

وأوضح أن الشريعة الإسلامية تحمل الهداية والخير للبشرية جمعاء وأن الله (تبارك وتعالى) قد خصها بالعموم والخلود والشمول والكمال؛ قال تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، ومن هنا وجب على العلماء التعامل مع النوازل والمستجدات بالاجتهاد، الذي هو ضرورة من ضروريات العمل العلمي التي يتعامل بها الفقيه مع النصوص الشرعية، لمواجهة التحديات التي تمر بها الأمة الإسلامية، مضيفا أن العصر قد شمل تطورات كبيرة في كافة المجالات مما استدعى بذل الجهد للوصول إلى الحكم الشرعي فالحاجة إلى الاجتهاد لازمة، ووجوده ضرورة في كل عصر وزمان.

وفي كلمته، قدم عميد كلية الشريعة والقانون السابق بطنطا بجامعة الأزهر الدكتور سيف رجب قزامل، الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على رعايته لهذا المؤتمر، مؤكدا أن الاجتهاد نادى به القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وهذا ما سار عليه علماء الأمة؛ فالاجتهاد لا غنى عنه في واقعنا المعاصر، ومن هنا يأتي دور العلماء في ضرورة الاجتهاد والنظر، مبينا أن شروط الاجتهاد المطلق تشمل أن يكون المجتهد عالما حافظا للقرآن الكريم، وعالما بأسباب النزول وأصول الأحكام، وغير ذلك من الشروط الواجب توافرها في الاجتهاد المطلق التي توافق عليها علماء الأمة المخلصين.

وأشار إلى أهمية التواصل بين المجامع الفقهية لنكون على كلمة سواء.. مشددا على ضرورة الوقوف على قضايا الاجتهاد.

وفي كلمته، أعرب مستشار الشؤون القضائية والدينية في الإمارات الشيخ السيد علي بن السيد عبد الرحمن آل هاشم، عن سعادته للمشاركة في هذا المؤتمر المهم، ناقلًا تحيات الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وللدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، على الجهود المباركة لإنجاح هذا المؤتمر، الذي يُعتبر مؤتمر العصر.

وقال إن موضوع هذا المؤتمر من الأهمية بمكان؛ لأن الاجتهاد هو توقيع عن الله (عز وجل)، وليس لكل أحد أن يُدلي بدلوه فيه، بل لا بد من أهل الاختصاص، منوها بأن ذكر لفظة "الفقه" تكرر في 20 موضعًا من القرآن الكريم، الذي يعني في أكثر المواضع دقة الفهم والتعمق في معرفة الغايات البعيدة، والنهي عن التقليد جاء لدفع طلبة العلم إلى البحث والتعمق وعدم الاقتصار على ما وصل إليه الآخرون.

وأوضح أن القرآن الكريم جاءت به نصوص موضحة للأحكام، بينما تُرِك بعضها للنبي (ﷺ) لبيانها، وتُرِكَت أخرى للعلماء بعده ليوضحوا حكمها حسب أحوال المجتمع وظروفه وحاجاته. واستدل بإرسال النبي (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم) معاذًا إلى اليمن وقال له حين أرسلَه إلى اليمنِ: بم تحكُمُ؟ قال: بكتاب اللهِ، قال: فإن لم تجِدْ؟ قال: بسُنَّةِ رسولِ اللهِ، قال: فإن لم تجِدْ؟ قال: أجتهدُ رأْيي ولا آلُو. قال: الحمدُ لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ اللهِ، لما يحبُّ رسولُ اللهِ.

وفي كلمته، قدم أستاذ مساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر الدكتور هاني تمام، إن انعقاد المؤتمر والرعاية الكريمة من الرئيس السيسي له تعبر عن مدى رعاية المؤسسات الدينية واهتمامها بقضايا العصر، ويبرز قضية الاجتهاد التي تعد من أهم القضايا التي نحتاجها في ظل التقدم والتطور الدائم لهذا العصر وكثرة الأمور المستجدة بما يتوافق مع مقاصد الشرع الشريف ومصالح البلاد والعباد.

وأشار إلى البحث المقدم بعنوان "الاجتهاد وأثره في الحفاظ على مرونة الشريعة ومحاربة الجمود"، مبينا أن الله تعالى صبغ الشريعة الغراء بالمرونة واليسر وهذه نعمة من الله (عز وجل) وقد فتح الله للناس باب الاجتهاد في كل زمان ومكان لكل المستجدات لعلماء هذه الأمة، مؤكدا أن "الاجتهاد كان ولا يزال هو طوق النجاة في الأمور المستجدة والمسائل المستحدثة وهذا أمر قائم في كل عصر، ولا يملك هذا الطوق إلا صاحب العقل المستنير الذي يملك أدوات الاجتهاد؛ لاستخراج درر الشرع الشريف.. ولولا الاجتهاد لجمد عقل الإنسان ولصار عاجزا في مواجهة كثير من الأمور التي تواجه حياته، لذلك صار الاجتهاد مظهرا من مظاهر اليسر الذي تمثله الشريعة الغراء".

وأعرب عن أسفه من ظهور بعض العقول الجامدة التي تقف عند ظواهر الأمور، دون الوقوف على المراد الشرعي منها؛ مما أدى إلى ظهور التطرف والإرهاب والتكفير واستحلال دماء الناس، وتشويه صورة الإسلام، مردفا: "على الجانب الآخر فإن الصحابة الكرام والعلماء الأكارم الذين اتبعوهم اجتهدوا في استخراج الأحكام دون جمود بما يتناسب مع أحوال الناس وأعرافهم ومدى تحملهم لتكاليف الله (عز وجل)، ومحاربة للجمود وبغية للوصول إلى الحكم الشرعي الصحيح بما يتناسب مع واقع الناس ومراعاة أحوالهم وأعرافهم ومدى تحملهم للتكاليف الشرعية".

واستدل على ذلك بالقول: "كتب سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) رسالة في القضاء إلى سيدنا أبي موسى الأشعري ( رضي الله عنه) يقول فيها: الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنةٍ، ثم اعرف الأشباه والأمثال، فقس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أقربها إلى الله، وأشبهها بالحق".

وأوضح أن من تجرأ على الاجتهاد دون توافر شروطه فيه فقد ضل وأضل، وأن الله (تبارك وتعالى) قد فتح أمام العلماء والمجتهدين طريق الفهم والعلم ليستخلصوا للعباد الأحكام التي تقرب مقصود الشرع الشريف وتتوافق مع مصالحهم وواقعهم؛ فالنصوص تحمل في مضمونها ما يمكن أن يستدل به المجتهد على الحكم للحادثة وفق للقواعد والأصول الشرعية والمقاصد العامة، ومن ذلك تفاصيل النظم الدستورية فلم تبين النصوص الشرعية نوع الحكومة وكيفية انتخاب رئيسها أو إدارة شؤون الدولة وحقوق الأفراد السياسية وغير ذلك من الشؤون الدستورية والإدارية بل تركت هذا الأمر لرأي الناس يقررونه على وفق مصالحهم.

وتطرق لمجال الاجتهاد في الفروع والأمور الظنية، مؤكدا وجوب التفريق بين القطعي والظني لئلا يلبس على الناس أمر دينهم، فالله (تبارك وتعالى) لم ينصب على العباد أدلة قطعية تيسيرًا عليهم، ولم يشدد عليهم بإجبارهم على اتباع حكم واحد لأن وقتها لن يكون أمام العباد سوى الأخذ بالحكم القطعي وهو ما لا يستطيع كل العباد تحمله وتطبيقه لاختلاف بيئة وطبيعة كل واحد عن الآخر وغير ذلك مما يصعب معه الالتزام بحكم واحد.

وفي كلمته، قدم أمين عام منتدى الهند الإسلامي للوسطية والحوار بالهند الدكتور محمد سليم الندوي، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على رعايته لهذا الملتقى العظيم، ولوزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة على جهوده في تنظيم هذا الملتقى التاريخي عظيم الشأن لتزامنه مع شهر ميلاد رسول الله (ﷺ) مع ما اختص بمكان إقامته، حيث أقيم بمصر التي قال الله فيها "اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ" مع تميزه أيضًا بموضوعه الحساس الدقيق حول الاجتهاد الذي يمتد من بداية الإسلام ويستمر حتى القيامة.

وأكد أن من لم يتجدد يتبدد، ومن لم يتطور يتدهور، وأن هذا المؤتمر قد جمع العلماء من أقصى الدنيا في مرحلة حرجة ووسط تحديات كبيرة وأزمات جبارة اقتصاديًا واجتماعيًا وأخلاقيًا، ومن هنا وجب النهوض بالتجديد للأمة وفق منهجية شاملة واستراتيجية لتكون حلولنا مستلهمة من الوحيين الكتاب والسنة، إذ إن من أهم مزايا الشريعة صلاحيتها لكل زمان ومكان ومواكبة الأحداث في كل زمان ومكان، فبالاجتهاد يمكن تحليل جميع القضايا العصرية والمتجددة.

وأردف "لكنه مقيد بالضوابط الأساسية، إذ يستطيع المجتهد استخدام تلك الأصول في معالجة جميع القضايا العصرية، وهو ما يؤكد على مرونة الشريعة الإسلامية التي تقرر أن باب الاجتهاد مفتوح إلى يوم الدين، وأن الاجتهاد من صميم الدين ولا يكتمل الدين إلا به، وقول الرسول (ﷺ): "إنَّ اللَّهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها" ليؤكد أن الاجتهاد متاح ومعمول به لمواكبة التطورات الحياتية ومسايرة الزمان، وأن الاجتهاد إنما يكون في النصوص الظنية أو التي لم يرد فيها حكم وليست النصوص القطعية".

وفي كلمته، أكد الدكتور محمد البشاري أن الحاجة إلى الاجتهاد اليوم أهم من أي وقت مضى، مضيفا "لم أقف على أحد يقل بغلق باب الاجتهاد أو أننا لسنا في حاجة إلى الاجتهاد، بل لا بد من مناقشة القضايا التي نحن في حاجة ماسة إلى معالجتها والوصول إلى رأى رشيد فيها".. مشيرًا إلى أن هناك إشكالية في الأفهام التي تنتج عن النصوص الشرعية ومدى تراكم الأزمان عليها، فمثلًا حكم الربا لا شك أن الربا حرام، لكن فهم الربا وإسقاط العمليات المالية هو اجتهاد من الفقهاء والعلماء، وما ينبغي تعميم حكم مجتهد فيه وجعله نص قطعي، وهذا ما يواجه أمتنا أن نجعل الحكم الظني مقام الحكم القطعي، فالمجتهد ربما أخطأ وربما أصاب.

ودعا إلى المصالحة بين الأحكام والتراث، لكن بعيون العلماء المتمكنين من أدوات الاجتهاد بما يناسب الواقع، فالواقع شريك في استصدار الأحكام الفقهية، مؤكدا على استخدام العلوم الإنسانية في استخراج الأحكام والمطلوب هو عدم تكرار ما كتبه السابقون بل أن نضع بين ما يقرب بين الأحكام الشرعية التي تناسب العصر وبين القواعد الفقهية التي تم تسطيرها على مدار التاريخ. وفي مداخلته، أكد رئيس رابطة الأئمة بالسويد، وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء، الشيخ حسان موسى، أننا بحاجة إلى قراءة نصوص الوحيين في ظل حركة الإنسان والكون، وألا نكون استنساخًا لما ذكر العلماء الأجلاء السابقون، حيث إننا نواجه مسائل بحاجة إلى جهد جماعي متكامل.. مثنيا على جهود وزارة الأوقاف في تسليط الضوء على الاجتهاد وضوابطه ورجالاته والحاجة إليه؛ إذ إن الأمة تواجه مشاكل فيضانات وتصحر وثقب في الأوزون. وأكد أن مصر العروبة والإسلام قد أحسنت صنعًا بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما رعت هذا المؤتمر ليدعو إلى الاجتهاد، ومن بين أبواب الاجتهاد الاجتهاد البيئي، فمصر تستضيف قمة عالمية لأطراف المناخ لتناقش موضوعًا جد خطير من خلاله تحاول أن تكون وسطية تجمع بين أطراف الشمال والجنوب، وتحقق الريادة والقيادة رئاسة وقيادة. وأشار إلى أن هذا المؤتمر يأتي في الفضاء الديني ليكمله الفضاء الأممي، فهنيئا لمصر قيادة وشعبًا، ولأمتنا العربية والإسلامية مع اجتهاد منضبط غير مرتجف من خلال التكامل المعرفي والعلمي، ووفق الضوابط والأصول المعتبرة والمنضبطة في المذاهب الإسلامية التي تخدم الوطن والمواطن والإنسانية جمعاء.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز