"السيرما".. زخارف عريقة تتلألأ في "قرية شما بالمنوفية"
كتابة وتصوير: محمد الشاهد
كان لمصر شرف صناعة كسوة الكعبة المشرفة، بدءًا من عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، وصولا إلى القرن العشرين وبعد توقف إرسال مصر لكسوة الكعبة اتجه حرفيو المهنة للتطريز على الأقمشة بخيوط الذهب والفضة المعدنية ومع غلاء الأسعار بات التطريز بخيوط النحاس المطعم بالنحاس أو الفضة، سواء برسم أشكال أو كتابة أدعية وآيات.
قرية الفن والجمال "شما" تتألق في إنتاج السيرما
في قرية "شما" إحدى القري التابعة لمحافظة المنوفية، نجد مهنة السيرما مازالت قائمة رغم الكثير من التحديات والصعوبات التي تواجهها، لأن القائمين عليها يعملون بكل طاقة وحب من أجل عدم إندثار هذه المهنة التي توارثوها عبر أجدادهم.
في البداية يقول "محمود خليل" أشهر العاملين بحرفة السيرما وصاحب ورشة قديمة للمشغولات اليدوية بقرية شما، إن حرفتنا تسمى السيرما وهي تراث وفن إسلامي قديم، ويعد أحد فنون الذوق الرفيع الذي بدأ في مصر بصناعة كسوة الكعبة المشرفة وتوقف إرسالها في عام ١٩٦٢، وهي مهنة ورثناها عن أجدادنا حيث تعلمنا الصبر ودقة التطريز والألوان والجمال.
وأضاف محمود خليل، أن تعلم هذه المهنة لا يقتصر فقط على أصحابها أو من توارثوها ولكن من السهل جدا تعلمها لكل الفئات العمرية، ففي وقت أجازة المدارس يأتي الأطفال ليتعلموا هذا الفن الراقي، وينسجوا بأناملهم الصغيرة العديد من التحف التي تساهم في تعلمهم الكثير من المهارات، ويتعلمها ايضا الفئات العمرية الأخرى، نظرا لسهولتها وأنها مهنة تستطيع أن تكون مصدر رزق فيما بعد ولكنها تتطلب الكثير من الصبر والدقة.
مراحل تصنيع السيرما
ويوضح خليل مراحل تصنيع السيرما نقوم في البداية بشد القماش الدمور ونقوم بلصق القماشة التي سنقوم باستخدامها عليه، ثم نقوم بعد ذلك بطبع الشكل المطلوب على الفرما التي يوجد عليها الرسمة، وبعد ذلك يتم قصها على ألواح من الكارتون لكي تكون متساوية من جميع الأطراف، ثم بعد ذلك نضع بطانة من الكرتون بها الكثير من الخيوط السميكة، وفي المرحلة الأخيرة نقوم بوضع الخامه الأخيرة سواء كانت نحاس أو قصب أو خشخانة"، ويؤكد أنه يوجد الكثير من الورش القديمة، التي مازالت تعمل بهذه المهنة في منطقة الحسين والأزهر ويباع منها هنا فى مصر الكثير من تلك المنتجات المطرزة أو اللوحات المكتوب عليها الآيات القرآنية والرسومات الإسلامية، وتجد المنتجات إقبالا كبيرا لاقتنائها بعد عرضها بمناطق الحسين وخان الخليلي والمزارات الدينية بالقاهرة التاريخية، نظرا لما بها من جمال ودقة في كل تفصيلة "مهنة السيرما" في مواجهة الكثير من الصعوبات.
وأوضح خليل، أن هذه المهنة تواجه الكثير من الصعوبات الآن ويخشى عليها من الاندثار، وتتمثل تلك الصعوبات في ارتفاع أسعار الخامات وقله الطلب على المنتجات، حيث ارتفع كيلو النحاس إلى نحو ثلاثة أضعاف.
ويقول خليل إنهم بحاجة إلى دعم الدولة لإنقاذ هذه الصناعة المهمة عن طريق توفير معارض مدعومة من الدولة لعرض هذه المنتجات التي تفوقنا في صناعتها على العديد من الدول وأيضًا عن طريق إيجاد تسويق يساهم في عرض وإبراز كل الجهد الذي نبذله لإخراج مثل هذه القطع الفنية حتى نقوم بعرض مدى اهتمامنا بإبراز التراث الإسلامي.
السيرما تغزو دول الخليج
ويشير خليل إلى أن هناك طلبا على السيرما من كثير من دول الخليج مثل السعودية والإمارات والبحرين وسوريا والعراق، نظراً لأنه شغل إسلامى تهتم به مثل هذه الدول، وأيضًا نقوم بتصديرها إلى تركيا نظرا لاهتمامهم بالفن العثماني والتراث الإسلامي القديم، ويتم التسويق إلى هذه الدول عن طريق وسيط يقيم في مصر أو يأتي إلى مصر ويقوم بطلب الكمية التي يحتاجها وبالألوان والمقاسات التي يحددها.