عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الارتباط الجيولوجي القديم بين الصحراء الإفريقية والبحر الأحمر ونهر النيل

لاتزال القارة الإفريقية وبحارها وصحاريها تحمل الكثير من الغموض والألغاز منذ ملايين السنين. وربما لايعرف الكثيرون الارتباط الوثيق بين ظهور كل من الصحراء الكبرى ونهر النيل والبخر الأحمر من جانب وما يعرف بالبحر المتوسط القديم أو بحر تيثيس من جانب آخر عبر العصور الجيلوجية.



إذ ارتبط ظهور كل من الصحراء الكبرى والبحر الأحمر ونهر النيل ببعضهم البعض وذلك منذ أقدم العصور الجيولوجية العتيقية، والتي يرجعها البعض فيما بين الحقبة التي تمتد ما بين حوالي 25 إلى 40 مليون سنة على وجه التقريب، ولقد قيل غير ذلك زمنيا بحسب العلماء وتلك هي حكايتنا الإفريقية في هذا المقال. 

 

فمن المعروف أنه تبلغ تبلغ مساحةُ الصحراء الكبرى  Sahara حوالي 10 مليون كم2، ولعل تلك المساحة الهائلة تُعادل بدورها تقريبًا ما يعادل ثُلث المساحة الإجمالية لقارة إفريقيا، بينما يبلغ امتدادها حوالي 5 آلاف كيلومترًا، وذلك من سواحل البحر الأحمر شرقًا، وحتى سواحل المحيط الأطلنطي في أقصى الغرب. 

 

وتشير المصادرُ لهذا المحيط الهائل الاتساع الذي يُحيط بتلك الصحراء من ناحية الغرب- وهو المحيط الأطلنطي- بأسماء عدة، لعل أبرزها: البحر المحيط، وكذلك البحر الأعظم، كما أنه يُعرف بـ"البحر الكبير" بحسب المصادر. 

 

ومن المعلوم أن "الصحراء الكبرى" تُعد الصحراء الأكبر في العالم، وتضمُ آراضٍ شاسعة الامتداد تُغطي أكثر المناطق والأقاليم في شمال إفريقيا، ومن ثم فلها أهميةٌ كبيرةٌ جيولوجيًا، وتاريخيًا. ولاخلاف البتة بين الباحثين كافة في أن الصحراء الكبرى تُشكل بدورها كنزًا جيولوجيًا، وأثريًا ثمينًا للباحثين عبر تلك المساحة الجغرافية التي تشغلها. 

 

وتم الكشفُ عند عددٍ هائل من الرسوم والنُقوش في مواقع عدة بها، وهي رسوم تُصور لنا الطقوس التي كان يمارسها السكانُ القدامى لها، وكذلك العادات، والتقاليد التي كانوا يقوم بها سكان الصحراء منذ آلاف السنين الغابرة. ويحلو للبعض ان يُطلق على الصحراء الكبرى، وتحديدًا جزءً كبيرًا منها تسمية "صحراء المُلثمين"، وهي تلك المنطقة التي تسكنها جماعات بربر الصحراء الذين يتسمون بارتداء زيهم التقليدي، وتحديدًا غطاء الرأس، وهو المعروف بـ"اللثام"، ولهذا فهم المشهورون باسم "المُلثمين"، أو "أصحاب اللثام"، وهم الطوارق. 

 

ولقد كانت قاراتُ العالم القديم منذ ملايين السنين الغابرة، وقبل أن تظهر الصحراء والبحر الأحمر ونهر النيل، إلى الوجود بتكوينها الجيولوجي والجغرافي المميز والمعروف لنا، والذي تبدو عليه الآن، وكانت الأرض تكاد تقريبًا تتكون من كتلةٍ يابسة واحدة، وكانت آراضي قارة إفريقيا تقع تقريبًا في المنتصف منها، وهي تُعد بمثابة "الكتلة الأم" القديمة للكرة الأرضية. 

 

وتتكون تلك "الكتلة الأم" من كتلتين مُلتصقتين، وبحسب الخرائط القديمة يُمكننا أن نُميز الواحدة عن الأخرى، فـ"الكتلة الأولى" (أوراسيا)، وكانت تضم آراضي قارة أوروبا، وكذلك آراضي شمال قارة آسيا. أما "الكتلة الثانية" فكانت تتكون من آراضي قارة إفريقيا، وجزيرة العرب Arabia، وكذلك مناطق جنوب آسيا، وأمريكا الجنوبية، واشُتهرت تلك الكتلة بين العلماء بتسمية: "قارة  جُندوانا لاند" Gondwana- Land، وهي القارة الأم لكافة قارات العالم حاليا.

 

 ويُشير علماءُ الجيولوجيا إلى أنه وقعت العديد من الانكسارات الأرضية القديمة في هذه الكتل لاسيما في المناطق الواقعة في شرق إفريقيا وحدها، وكان أبرز تلك الانكسارات وقوعًا ذلك الانكسار الذي حدث منذ قرابة 5 ملايين سنة، وتلك الانشقاقات القديمة تسببت بدورها في وقوع العديد من الأحداث الجيولوجية القديمة جدًا والتي أدت لإزاحة آراضي "جزيرة العرب" عن كتلة قارة "جندوانا" القديمة، ومن ثم الانفصال عن جسد القارة الإفريقية، أو اليابس الخاص بها، ولقد تبع ذلك التحول الجيولوجي المهم ظهور "البحر الأحمر" Red Sea إلى الوجود إبان تلك الحقبة بعد انحسار البحر المتوسط القديم المعروف باسم: بحر تيثيس، ومن ثمة تشكل البحر الأحمر مكان الأخدود الإفريقي بمرور الزمن بعد ذلك، وكذلك ظهر نهر النيل في ذات الآن. 

 

ولاشك أن تلك الحقبة الجيولوجية القديمة هي على الراجح، ذاتها التي ظهرت خلالها "الصحراء"، ثم بروزها في مناطق شمال إفريقيا، وعلى هذا يُعتقد أنه إبان تلك المرحلة بدأت تظهر الملامح الجيولوجية والجغرافية بالصحراء لحد بعيد. ولاريب أن الصحراء أخذت بدورها آلاف السنين بعد ذلك في عملية التشكيل الجغرافي والجيولوجي البطيء الخاص بها حتى وصلت لتلك الحالة التي هي عليها الآن.

 

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز