عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

التغيراتُ المُناخية وجفافُ الصحَراء الكبرى في شمال قارة إفريقيا

د. إسماعيل حامد اسماعيل
د. إسماعيل حامد اسماعيل

شهدت الصحراءُ الكبرى العديد من الأحداث والمتغيرات الجُيولوجية المهمة التي أسهمت بدور لافت في تشكيلها الجيولوجي لتصل في نهاية المطاف لتلك الحالة التي صارت إليها في وقتنا الراهن، وتلك الأحداث العتيقة هي ما يُطلق عليها العلماءُ تسمية مرحلة "التغيرات المناخية" Climatic Changes، أو حقبة "الجفاف الكبير"Great Dryness التي وقعت منذ آلاف السنين في مرحلة قد تمتد من حوالي 5 آلاف غلى أربعين ألف سنة على وجه التقريب على اختلاف بين العلماء والباحثين في تلك المدة الزمنية. 



ولنكن أكثر دقة فيما نذهب إليه، وبهدف الجمع بين الأقوال المتناثرة حول تلك التغيرات المناخية القديمة والتي ضربت أقاليم الصحراء منذ أقدم العصور، وكذلك الزمان الذي وقعت خلالها، والتي كان لها أكبر الأثر في تاريخ الصحراء الكبرى، وتكوينها الجيولوجي، وكذلك والتكوين الديموغرافي Demographic Formation الخاص بها، أو السكان والشعوب التي قطنت بها عبر السنين.

 

ويمكن القول بأن بداية هذا التغير المناخي الذي وقع بالصحراء منذ حوالي 14 ألف سنة، ثم استمرت تلك الحركة الطبيعية والتغيرات المناحية مستمرة لآلاف السنين، حتى حوالي الحقبة التي فيما بين الألف 4 أو 3 قبل الميلاد، وهي الحقبة الزمنية التي شهدت التحول الجغرافي والجيولوجي المهم، حيث أخذت الصحراء لحد كبير صورتها الجافة الحالية. 

 

ويرجع آخرون، على غرار البروفيسور "ايريك هيوسيكوم"  Eric Huysecom، تلك التغيرات المناخية، أو ما يُطلق عليها البعضُ من الباحثين تسمية "الانقلاب المناخي" الكبيرle Bouleversement Climatique Majeur في آراضي الصحراء الكبرى لحوالي 14 ألف سنة. 

 

ويشير بعضُ الباحثين أنهم كشفوا عن أدلة تؤكد أن الصحراء كانت في الفترة التي تمتد من سنة 8000 ق.م وحتى حوالي سنة 5500 ق.م كانت عبارة عن مجموعة متلاصقة من البحيرات الضحلة والمستنقعات، التي تجوبها قطعان الحيوانات على غرار الفيلة، والزراف، وكذلك وحيد القرن، والتماسيح. 

 

ولعل هذا ما يكشف لنا مزيدًا من الأسرار التي ترتبط بتلك الصحراء، وتاريخها العتيق، والتي لانزال نجهل الكثير منها حتى الآن عبر تاريخها الذي يبلغ نحو 40 مليون سنة على وجه التقريب. 

 

إذ من المعروف أن الصحراء كانت تتميز بالطبيعة الخضراء على غير طبيعتها الحالية، حيث كانت تنتشر فيها الغابات، وكذلك المراعي والمساحات الخضراء في كافة آراضيها، وكذلك كانت تكثر بها البحيرات، والأنهار والأودية وذلك منذ آلاف السنين. كما اكتشفت البروفيسور هنريش بارت أدلة على هذه الحقبة الخضراء التي شهدتها الصحراء (في يونيو من عام ١٨٥٠م) وذلك من خلال الكشف عن هيئة نقوش صخرية ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ لعدد من الصيادين والثيران في بعض مناطق الصحراء الوسطى القاحلة.

 

وتبدو تلك الأحوالُ التي كانت تتميز به الصحراء عبر آلاف السنين في ضوء ما تم الكشف عنه من الرسوم والنقوش الصخرية الهائلة التي وجدت على جدران تلك الصخور الواقعة جنوب الصحراء لاسيما في مناطق: تاسيلي (طاسيلي)، والهجار (الأحجار) جنوبي الآراضي الصحراوية في كل من ليبيا والجزائر. 

 

وعن تلك التغيرات التي وقعت، يشير بعض الباحثين، ومنهم البروفيسور بازل دافيدسون، إلى أن الصحراء كانت قد بدأت تفقد خصوبتها في وقت ما منذ حوالي الألف 4 قبل الميلاد، ومن ثمة بدأت أنهار الصحراء التي كانت تجري جنوب نهر النيجر، وشرقًا حتى نهر النيل التي يمكن متابعة وديانها القاحلة في معالم لانبت فيها بدأت تجف، وتختفي، وبدأت بحيراتها في الاختفاء وسكانها في الهجرة إلى أماكن أخرى..".

 

متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز