عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التجـارة بسـيرة مجــرم

التجـارة بسـيرة مجــرم

ما زال استغلال مصطلح «حقوق الإنسان» معضلة وأزمة. الأساس فى أزمة حقوق الإنسان فى من يحاول تخطى الثوابت والمبادئ وحتى القوانين المحلية بدعوى الحريات.. والحاجات والمحتاجات. 



ما زالت الجلسة التي اشتبكت فيها أخت المذنب علاء عبدالفتاح فى شرم الشيخ.. محل تساؤلات. 

علاء بالمناسبة أولًا وأخيرًا مذنب ومجرم. لا هو ناشط سياسى ولا هو سجين رأى. 

الإجرام هنا ليس قدحًا فى حقه.. لكنه وصف بحكم القانون. 

لماذا الجلسة إياها محل تساؤلات وسوف تظل محل تساؤلات؟ 

(1)

الأسباب كثيرة.. ربما أكثرها وضوحًا هى ملامح الاستعلاء الشديد فى تعامل سناء سيف مع الآراء المخالفة.. أكثرها وضوحًا كان ما أظهره المنادون بحرية الرأى والرأى الآخر.. فى الحجر على الآراء المخالفة.. وعداء وجهات النظر المخالفة التي هى بالمناسبة كانت وجهات النظر الأكثر دقة والأكثر وصفًا لحالة مجرم يقضى عقوبة قضائية فى السحن. 

هذا ما تشير إليه الوقائع باستمرار.. تشير الوقائع إلى أن هناك من الذين نصبوا أنفسهم حقوقيين.. يفعلون دائمًا ما لا يقولون.. ويقولون غالبًا ما لا يفعلون.

لم نعهد منى سيف ناشطة فى مجال المناخ قبل قمة شرم الشيخ، وهو ما يجعل حضورها قمة المناخ على النحو التالى: أن أختًا لمحكوم عليه فى قضية جنائية، تم إلحاقها بالوفد البريطانى لمؤتمر المناخ كى يتسنى لها استغلال المناسبة العالمية، والضغط على مصر للإفراج عن مجرم! 

المعنى هنا أبعد من مجرد المطالبة بالإفراج عن علاء، إذ إنه يتعدى الخطوط كلها للتشكيك فى قضاء مصر، وفى قوانين مصر، وفى حق الدولة المصرية فى حماية نفسها، وحق المجتمع المصري فى اجتثاث الفئات الضالة والمنحرفة. 

فى الجلسة إياها بدا أن منى سيف تمارس ديكتاتورية شديدة فى فرض الرأى، وفى منع الآخرين من إبداء وجهات النظر.  ديكتاتورية باسم حقوق الإنسان؟ 

غريبة.

فى الجلسة إياها بدا أن المدافعين عن حرية الرأى وحرية التعبير وكل أنواع الحريات على عمومها، هم الذين يمارسون التصلب فى الرأى، وهم الذن يضيقون بالرأى الآخر، وهم الذين يمنعون الآخرين من عرض وجهات مغايرة.. وبدا أن المتاجرين بحق الآخر فى التعبير عن نفسه، هم أنفسهم الذين عندما تجيئهم الفرصة يعرضون بالآخر وحقه فى أن يكون له حق فى إبداء الرأى! 

علاء عبدالفتاح مذنب بحكم القانون. والإفراج عن مجرم لم يستوف عقوبة حتى تاريخه ليس حقًا من حقوق الإنسان.

حقوق الإنسان هى الاقتصاص من صناع الفوضى، ولعيبة التثوير، وحريفة الحرق والهدم. 

فى لقاء على الهواء زعمت منى سيف أن أخاها مستهدف لأنه من رواد يناير. الحقيقة، وإن جيت للحق، يجب أن يستهدف كل رواد يناير، ومن لف لفهم، وعلى كل ضامر منهم يأتين من كل فج عميق.

لكن استهداف علاء.. فيه كلام. استهداف علاء ليس صحيحًا، على الأقل لأن كثيرين من رواد يناير طلقاء يسيرون على الأرض وتلمحهم جيئة وذهابًا من حولك فى كل مكان فى القاهرة. 

هم قلة.. بعضهم تراجع، وبعضهم أيقن أنه قد تم خداعه.. وبعضهم ما زال فيه الداء إياه.. داء الهدم باسم إعادة البناء.. والحرق باسم الترميم واستكمال الطريق للحرية والديمقراطية. 

لكن كثيرين منهم أحرار طلقاء.. إذن اشمعنى علاء؟ ومن هو علاء؟ وما الذي يدفع إلى استهداف علاء؟ 

كله كلام فارغ. وكله كلام ابن عم كلام. 

وحسنًا فعلت أسرة علاء عبدالفتاح فى التقدم بالتماس للإفراج عن ابنها. 

نتفهم بالضرورة رغبة أهل المذنب فى خروجه من تحت طائلة القانون. فى أحيان كثيرة، لا يعتقد الأهل فى اقتراف صاحب العقوبة الجريمة المسندة. 

فى أحيان كثيرة، ينكر المذنب الجريمة أمام الجهات القضائية.. وينكر الواقعة.. وينكر كل ما يشير إلى تسببه فيها.. أو إقدامه عليها.  لكن هذا لا يمنع من تطبيق القانون.. وإنزال العقوبة.

تقدم أسرة علاء بالتماس فيه إذعان كان غائبًا من قبل بأن كل ما يخص عقوبة علاء عبدالفتاح.. أو أي علاء آخر.. لن يتأتى بالضغط، وأنه متروك لقرار السلطات المصرية، بالبت فيه، وفق الآليات التي وضعتها تلك السلطات للتصرف.. وحسب ما ترى. 

(2)

مرة ثانية.. تعالى نبحث صفة منى سيف فى مؤتمر المناخ. منى لا هى ناشطة كما عهدناها فى ملف المناخ.. ولا لها سلطة ديبلوماسية أو تنظيمية فى مؤتمر المناخ.. إذن ما صفة حضورها؟ 

الظروف التي أتت بها منى سيف لمؤتمر المناخ، هى نفس الظروف التي فجأة وبقدرة قادر منحت علاء عبدالفتاح جنسية بريطانية، دون أن يستوفى محددات ومقتضيات منح الجنسية.. حسب القوانين البريطانية. 

هل سمعت عن من حصل على جنسية أوروبية، وهو مقيم إقامة دائمة فى بلد آخر؟ 

واقعة غريبة.. وان كان فعلًا هناك من منح علاء عبدالفتاح جنسية بريطانية، فإن هذا التجاوز مناورة سياسية من نوع ما لإيجاد ثغرة ما لإخراجه من محبسه فى مصر الذي تواجد فيه بحكم قضائى نافذ. 

هنا تظهر الأزمة.. أو هنا واحدة من سمات ما نواجهه من معضلات.. وهنا تجاوز لا ينبغى أن يمر هكذا.

ففى الوقت التي ينازع فيه ملايين اللاجئين على الأراضى الأوروبية وفى دول الغرب كلها من أجل مأوى أمن، مهددين بالترحيل والإعادة لبلدانهم وبالرغم من صعوبة الأوضاع ومأساويتها فى بلدانهم، فإذا بمواطن مصري، متهم بالفوضى، وبالتخريب، ومتهم بالتحريض على قتل ضباط القوات المسلحة والشرطة يحصل فورًا وفجأة وربما دون أن يسدد حتى الرسوم على الجنسية البريطانية أملًا فى الفكاك من عقوبات مصرية! 

طيب ده كلام؟ هل ده ممكن يقال عنه أنه دعم لحقوق الإنسان؟

معضلة حقوق الإنسان ليست فى قضاء علاء عبدالفتاح عقوبته، إنما المعضلة الحقيقة فى أننا لم نعد نعرف فعلًا ما هو المقصود بحقوق الإنسان كمبادئ عامة؟ هناك من يقول أنه يدعو إليها.. ويدعمها.. ويقاتل من أجلها؟ 

المعضلة مرة رابعة.. أن هناك من لم يعد يفرق بين حقوق الإنسان المعتبرة، وبين التحايل على القوانين وعلى حقوق الدول فى الاستقرار وحقوق الدول فى حماية نفسها، وبين الدفاع عن من أجرموا باسم الحريات.. وباسم الحق فى التعبير.. والتغيير. 

الأزمة أيضًا فى دخلاء على «كار» حقوق الإنسان وادعائهم العمل ضمن مبادئه، فى حين يتم استغلال ملفات يعينها، ويعاد تقسيمها وتوضيبها وتغيير ملامحها، ودمجها بخاتم حقوقى مستورد لأغراض سياسية. 

ممكن نوصف هذا بأنه اتجار حقوقى بالمعانى الحقوقية. ممكن نوصفه بأنه اتجار بالبلدان وبأمنها وبحق شعوبها فى الاستقرار.. باسم كلام فارغ. 

(3)

ما زالت الأزمة فى التحايل على مفردات ومبادئ حقوق الإنسان، وبما يتنافى مع حقوق الشعوب.. وحق الإنسان فيها. 

مفترض أن الإعلان الأممى لحقوق الإنسان قد شرعت بنوده لحماية الحقوق الأساسية للإنسانية، التي ليس من بينها ما يجعل أحاديث الحقوقيين أو الدخلاء على «الكار» تتنافى مع الأهداف العالمية لتلك التشريعات.

لم تشرع إعلانات حقوق الإنسان، لجعل أحاديث بعضهم شماعة لاستمرار الفوضى، ولا للدفاع عن فوضويين.. ولا للدفاع عن محرضين، ولا للدفاع عن قتلة مأجورين، أطلقوا لحاهم، وقصروا فى جلابيبهم، ثم نزلوا للشارع المصري يعيثون تقتيلًا باسم الله وباسم الحرية وباسم الديمقراطية.. وفى النهاية عرضوا البلد فى المزاد! 

ليس الإخوان وحدهم.. لكن هناك إرهابيين بالقميص والبنطلون. هناك من كانوا سببًا فى أن نخطوا فى الطريق إلى ستين داهية، بعد 2011 لولا ستر ربنا ولو لا ربنا سلم. 

فى التماسها قالت عائلة علاء عبدالفتاح إن ظروفه الخاصة صعبة، وأن ابنه مصاب بالتوحد، وأن والدته تعيش وحيدة بعد وفاة والده منذ سنوات. 

تعلى الدولة المصرية من قدر الإنسانيات.. هذا صحيح. غفرت الدولة كثيرًا من أخطاء عدم الوعى لكثير من أبنائها.. هذا صحيح أيضًا، لكن هنا لابد من التعاطى مع الكلام عن ظروف علاء عبدالفتاح على أنه مجرم لا هو سجين سياسى، ولا هو سجين رأى. 

هنا لابد من تحديد المفاهيم جيدًا. إذ إن علاء ومن هم على شاكلته، كان لهم قدر مما تعرضت له مصر ونجت منه. وكان لهم قدر مما سببوه فى دول أخرى عربية، لم تستطع الفكاك منه.. فعادت للوراء، وانهارت أنظمتها السياسية والاقتصادية.. وانهارت مجتمعاتها، وتمزقت جغرافيتها. 

يبقى فى رقبة هؤلاء الفوضى التي انتشرت فى بلدانهم، وعمليات القتل على الهوية وعلى الرأى وعلى المذهب، ناهيك عن اجتراء جماعات الإسلام السياسى على مد معاملات الدماء وصولًا إلى الحكم.  

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز