كنز "الأخلاق".. أعظم "الأرزاق"

سمات وصفات كثيرة إذا اتسم بها أي شخص تحولت علاقاته مع من حوله إلى ملحمة من المعاملات الإنسانية الطيبة التي يتحلى صاحبها بالأخلاق الجميلة والكريمة، والتي تجعل من حوله يشيرون إليه ويصفونه بصاحب الأخلاق الرفيعة "حسن الخلق"، فيتهافت الجميع على التعامل معه، والجلوس في مجلسه، كما يسعون إلى مصادقته، وإذا غاب بجسده فإن سيرته تفوح بذكراه العطرة.

صفات إيجابية كثيرة تندرج تحت مسمى الأخلاق، الاخلاق نوعان: منها الفطرية الغريزية التي تظهر منذ بداية النشأة "الولادة" مرورا بسنوات العمر ووصولا إلى الممات، وهي قابلة للتوجيه والتنمية والتعديل من خلال عدة مؤثرات مختلفة، أما بالنسبة للنوع الثاني من الأخلاق فهو الأخلاق المكتسبة التي تنشأ من خلال الخبرات والتجارب المتعددة التي استمدها الشخص من الأمور الحياتية والتعاملات المختلفة التي يمارسها على مدار حياته، منها العملية والاجتماعية من البيئة المحيطة سواء كانت الأسرة والمدرسة ودور العبادة.

مما لا شك فيه أن الإعلام يلعب دورا مهما في المجتمع، من خلال التوعية والتثقيف نحو سلوكيات رشيدة، بالإضافة إلى زيادة الوعي نحو مخاطر الابتعاد عن العادات الحسنة، وتوجيه المجتمع نحو بناء الوعي والمعرفة والسعي إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة وعدم الانسياق وراء الشائعات والأكاذيب التي تبث عن طريق أهل الشر، فضلا عن أدوار كثيرة ومتنوعة تهدف إلى الارتقاء بالذوق العام في كافة التعاملات المختلفة بشتى مناحي الحياة. من منا لم يتابع أو يشاهد المبادرة الإنسانية الراقية التي أطلقتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عبر قنواتها الفضائية المختلفة من خلال حملة إعلامية حكيمة تحمل نصائح من ذهب بعنوان "أخلاقنا الجميلة"، حيث يتم عرض فواصل اعلانية ضمن الخريطة البرامجية اليومية تتضمن مقولة مأثورة لشخصية عامة أو مشهد من عمل فني يحمل معاني وسمات ورسائل إنسانية مهمة ومحددة.

مكارم الأخلاق كنز من الكنوز الإنسانية التي لا تفنى، والتي من خلالها يصبح صاحبها شخصية ناضجة وصالحة ومفيدة للمجتمع، كما أن الأخلاق تعد من الأنماط السلوكية التي تتضمن صورا ومحاسن كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، الصدق والابتعاد عن الكذب والنفاق، والأمانة والنهي عن مصادقة الخائن، بالإضافة إلى التواضع وعدم التعامل مع الناس بتفاخر، والعفو عند المقدرة وبث روح التسامح، فضلا عن الصبر عند الأزمات والشدائد، والشكر الدائم لله على فضله ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، والرحمة وبر الوالدين والتسامح، وغيرها من الصور المضيئة التي تنير طريق صاحب الأخلاق الحميدة. 

كما أن جميع الأديان السماوية تدعو إلى محاسن الأخلاق وخير دليل على ذلك قول رسول الله ﷺ “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، كما أن هناك آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحدثت وأشارت إلى مكارم الأخلاق منها.. عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “إن الرجل ليُدرِك بحسن خلقه درجة الصائم القائم”. كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم "وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربِّكم وجنَّةٍ عرضُها السَّماوات والأرض أعدَّت للمتَّقين، الذين ينفِقُونَ في السَّرَّاء والضَّرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس واللّه يُحبُّ المحسنين". صدق الله العظيم، سورة آل عمران الآية ٥٥.

الأخلاق مثلها مثل المال والبنون رزق من عند الله، هناك من هو غني بأخلاقه الكريمة وصفاته الطيبة والحميدة، وهناك الفقير الذي يفتقر إلى هذا وذاك، بيدك أنت تستطيع أن تعيش سعيداً وتحيا غنياً بمكارم أخلاقك، أو تصبح فقيراً منبوذاً، فقد صدقت مقولة "ليس الفقير من فقد الذهب، إنما الفقير من فقد الأخلاق والأدب"، دعونا نبحث وننقب عن أخلاقنا الجميلة فهي تعد الكنز الحقيقي الذي يكمن بداخل كل إنسان منا، كما أنها تعد من الضروريات الاجتماعية والجانب المضيء في الشخصية، ومن خلالها نستطيع أن نتعايش ونتعامل مع الآخر في مجتمع صالح متحاب ومتعاون.