

أيمن عبد المجيد
المُقاتل ناجي شهود.. وداعًا
المقاتلون لا يرحلون، فقط ينتقلون من الحياة الدنيا إلى دار البقاء، انتظارًا ليوم الفصل، يوم الجمع، يوم ينفعُ الصادقين صدقهم.
من الصادقين بإذن الله، هؤلاء المقاتلون الذين، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، في الذود عن تراب الوطن وحماية ثغوره، قدموا أرواحهم على جبهات القتال، فمنهم من استشهد ومنهم من انتظر، ليواصل الجهاد على جبهات أخرى.
من بين هؤلاء، اللواء أركان حرب ناجي شهود، الذي انتقل إلى دار البقاء أمس، بطل من أبطال مصر الذين خاضوا معركة تحرير سيناء، محققين معجزة انتصار أكتوبر المجيد.
لم ينته جهاد البطل العظيم، بوقف إطلاق النار في حرب أكتوبر 1973، بل واصل تدرجه في المواقع القيادية بالقوات المسلحة المصرية، مقاتلًا فذًا في صفوف المخابرات الحربية لينهي خدمته مساعدًا لمدير المخابرات الحربية والاستطلاع.
لكنه لم يتوقف عن القتال من أجل الوطن، فقد انتقل لساحة جديدة تشهد أخطر المعارك، إنها جبهة الوعي في مواجهة آلة الحرب الحديثة التي تستهدف وعي ومعنويات الأجيال الجديدة.
وفي أكاديمية ناصر العسكرية، كان يقدم علمه وخبرته للدارسين من العسكريين والمدنيين، ومستشارًا للأكاديمية، وفي قاعات الجامعات المصرية.
في ذكرى انتصارات أكتوبر المجيد العام الماضي، تشرفت في "بوابة روزاليوسف"، باستضافة اللواء أركان حرب ناجي شهود، ونخبة من أبطال من ذهب، دافعوا عن كرامة مصر واستعادوا كامل ترابها، ورفعوا رؤوس العرب عالية.
كان اللواء ناجي شهود يتحدث بعُمق، وبالأرقام والمعلومات شديدة الدقة، يذكر عمليات الاستطلاع في أكتوبر، وخطط الخداع الاستراتيجي التي شارك فيها شعب مصر كافة، كما أوضح، يذكر أسماء الأبطال وأبرز العمليات التي شارك فيها.
في تلك الندوة التي شرفنا بأبطالنا العظماء بها، حذّر شهود من الحروب النفسية، ومخططات تدمير الدول من الداخل، مشددًا على أهمية أن تتطلع الأجيال المُتعاقبة على ما تحقق من بطولات وانتصارات وما قهره المصريون من تحديات لتحقيق نصر أكتوبر العظيم.
فجر الأحد انتقل اللواء أركان حرب ناجي شهود إلى دار البقاء، إنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله له الرحمة والمغفرة وجنات النعيم، ولأسرته وذويه ومحبيه وتلاميذه الصبر والسلوان.
خالص العزاء لقواتنا المسلحة الباسلة ولأسرة أكاديمية ناصر العسكرية، ولشعب مصر كافة، في رحيل رجل من ذهب، بطل من أبطال جيل أكتوبر الذي قهر المستحيل واسترد سيناء الغالية ومعها كرامة العرب.