عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. إيمان ضاهر تكتب: من أجل حب اللغة

د. إيمان ضاهر
د. إيمان ضاهر

لغتي الأم، وطني على شفاهي، لغتي شخص بالغ متحضر للغاية، نعم لدي وطن، لغتي العربية، مناصب القيادة في الخيال وثراء الكلمة ولادة الأدب والجمال، لمن يتقنها، تراث دفين وكنز نابض بالإعجاز، يدشن الأبواب لكل لغات الدنيا، لتتعايش وتثري بعضها البعض.  أنا أحب لغتي العربية بشغف وقادتني بعظمتها وهيبتها، إلى تعلم وإتقان لغات أخرى.



لأجل حب اللغة.. نعم، لدي حب اللغات الأجنبية، وإليك قارئي العزيز، كيف نكتشف الدنيا ونخترع العالم من خلال اللغات لتختلف رؤيتنا للحياة المجتمعية؟ اللغة تفسح الطريق لكل الوظائف البشرية، في أي مكان. أليست انعكاسا رائعا لطبيعة لا نهاية لها؟ ألا ترسم لنا خريطة واسعة تشمل المرئي واللامرئي لتؤدي إلى الحكمة وعظمة الإنسان.

ألا نبحث عن الذات من خلال اللغة؟ 

أليست رحلات متتالية، لاستيعاب المدنية سر الثقافات والحضارات؟ 

والجواب من الفيلسوف الكبير باشلار "من أجل  حب اللغة، يوجد جمال خاص، بولد من اللغة ومن اللغة، ومن أجل اللغة".

ويتابع: "في لغة نعرفها استبدلنا غموض الأصوات بشفافية الافكار، لتجسد علاقات ربما أقوى من صلة الدم.. فهوية الشعوب تكمن في لغتها، منبع حريتها، فمن يقول الإنسان، يعني اللغة، ومن يهتف باللغة، يبني المجتمع، فتشويهها يؤدي إلى نبذ الإنسان لروحه، وروح أمته، فيما هو أغلى وأغلى".

قارئي المحب، هل تعرف أنك إذا تحدثت إلى إنسان بلغة يفهمها، فأنت تخاطب عقله، واذا تحدثت بلغته فأنت تمتلك قلبه!

أليست اللغات مفتاح قلوب البشر أينما كانوا، وصندوق أسرار الدنيا؟

لنتخيل أنفسنا دون لغة، فكيف نتواصل مع  الآخر، كيف نتشارك في معترك الحياة؟ 

كيف نتعمق في التاريخ لنبتكر عالما جديدا وحضارة بلغة تعبر عن الحب والسلام، والتقييم الدائم للإلهام للأمام، عالم دون حدود للأحلام لا يمكن لأحد انتزاعه منك، لأنك تمتلك ثروة لا بل ثروات، المعرفة الشاملة، مراجع التنوير لكل سبيل عميق للذات لإدراك رائع للعالم، إنها أنهار تفيض وستبقى تفيض طالما تتغذى بحب طموح التحفيز  الواعي والفكر الإنجازي.

"فكل شاعر ينقش لغة في اللغة كما لو يغرس شجرة معمرة جذورها في أرضية الكون".

 

وبفضل اللغة وعبقريتها ينقل الشاعر لنا تجارب وذكريات، تأملات وحكم وموسوعات، تتيح له وللقارئ معه، بتسمية الألم الذي يعاني منه، أو الفرح الذي ينعم به. حب ومعاناة في قلب اللغة وجوهرها، أي لغة. في أصول مضمونها وأسلوبها العبقري، تكشف لنا عن ألغاز وأسرار شعوب أخرى، وحضارات وتقاليد وأعراف تسحرنا وتبهرنا.

قارئي العزيز، إنها الكلمات والكلمات حياة، لا تنتهي إنما تجري في عروقنا وستبقى على هذا المنوال طالما هناك دفعات إبداعية وإنسانية واجتماعية في اكتشاف اللغات.

وفي خضم عالم تنافسي، أينما كنت قارئي، يتحتم علينا إتقان أكثر من لغة، لتوسع "وتقييم" معرفتنا، وتحقيق أهداف سامية لنا ولأمتنا في تقدم علمها، وتطور ثقافتها وإثرائها بالارتباط الوثيق والبناء، خاصة الفعال بكل ما يحدث في كل أنحاء العالم اليوم، من مهارات وقدرات، واختراعات وتقنيات لا تعد ولا تحصى نحتاجها، في حياتنا المهنية في دنيا بات التفوق والارتقاء للمحترفين في مهارات اللغة العلمية والفكرية. 

الحياة، جسدها اللغات، مغامرات يومية ثرية، علينا اجتيازها بهيبة وعبقرية، لبناء جسور بين المبدعين، العاشقين مثلي، انتمائهم "أرض اللغات" نبض الإنسان في كل أوان، ولماذا؟

ضد الجهل (جهلي أولا ثم جهل الآخرين)

لاكتشاف الآخر، في الزمان والمكان والحلم والهروب والسفر دون حراك.

قرائي الأحباء، نعرف تماما أن اللغات لا تثبت إلا بالعقل البشري، الذي يحركها في تقدمه وتطوره، فاللغة شبيهة بالبحر متأرجحة باستمرار، تغادر شاطئ الفكر لترسو في آخر، مما يؤدي إلى مرضها وانهزامها واختفائها. 

 

وأخيرا، عندما نغامر في آفاق اللغات العديدة ووظائفها اللغوية والجمالية، الإنتروبولوجية والتاريخية، والأخلاقية، لا يسعنا التوقف عن التقدم لمتابعة سبر أعماق المعاجم الدلالية والألغاز الخاصة بها. وإذ بنا نجد أنفسنا في عالم حيث أكثر ملكاته وأدواته العقلانية في البحث العلمي الصلب، إنما ليس بعيدا عن الإحساس بالخرافات والسحر، ويميل إلى الحكمة المثالية والحكايات الرائعة التي تسعد الأطفال.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز