عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لمَ الفلسفة؟!

لمَ الفلسفة؟!

رب سائل يسأل لم الفلسفة، وما الفائدة من دراستها، وما تفيدنا في واقعنا المعيش؟ وأقول المعيش بمعنى حاضرنا وحياتنا.



وهل قراءة الفلسفة تحتاج إلى معلم، أم أن كل إنسان يستطيع أن يقرأها ويحلل قضاياها دون استرشاد بأحد.

بمعنى هل يكفي الكتاب وحده، ثم ما قضايا الفلسفة المهمة، وما الإشكاليات التي تثيرها وما مباحثها؟

نبدأ بمحاولة وضع تعريف لها ليس تعريفًا تقليديًا يعتمد على الحفظ وإنما نحاول أن نجتهد معًا في وضع تعريف لها من عندياتنا.. هل هذا ممكن؟

أقول من الممكن أن يكون ممكنًا، إذن نحن الآن أمام نظرية الإمكان.

فلنفترض أن زيدًا قدم تعريفًا لها قائلًا: هي وجهة نظر خاصة بكل واحد في قضية عرضت أمامه، أقول يا زيد هذا رأيك ولا أعارضك فيه.

وقد يقدم عمرو تعريفًا لها يقول هي اتفاق بين الجميع على رأي واحد حيال إشكالية محل الدراسة، والسمة الغالبة على من يدرس الفلسفة أنهم اتفقوا على ألا يتفقوا.

لكننا نرى أن الفلسفة وجهة نظر، رأي يعترض عليه برأي آخر، وتلك سنة كونية.

لكن من الممكن أن نضع فرضية أن الفلسفة ودراستها حب أي لا تقبل عليها إلا إذا كنت تحبها فعلا، وحبك لها بوازع من حب البحث والنظر والتأمل من أجل الوصول إلى المعرفة واليقين، الذي يقودك بالضرورة إلى الحكمة أي الحكمة في: مثلًا وجود الإنسان، وجود الكون.

الحكمة في وجود الموت، الحكمة في وجود ما يسمى الخير، الفضائل.

الحكمة في وجود ما يسمى الشرور، ويظن كثير من الناس أنها شرور ورذائل.

إذًا ثمَّ وازع داخلي يدفع الإنسان دفعًا إلى البحث والتأمل.

فالإنسان بحَّاث بفطرته، دأبه وديدنه الوصول إلى كنه الحقيقة.

ومن ثم يوظف جل طاقته للوصول إلى مبتغاه، فكل إنسان فيلسوف بفطرته، وشاهدي على ذلك الطفل منذ نعومة أظافره يسأل أسئلة فلسفية ميتافيزيقية.

مثل: أين الله؟ أين الجنة؟ أين النار؟ لماذا خلقنا الله؟ وهذه الأسئلة في حقيقة الأمر جوهر الفلسفة التي هي إثارة التساؤلات.

لم، وكيف، وأين ومتى، وهذه التساؤلات سئل عنها الرسول- ﷺ- حينما أتى إليه وفد من اليمن ليتفقهوا.

قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن بدء الأمر أي بدء الخلق، قال: كان الله ولم يكن شيء وكان الله وأوجد كل شيء، وكان عرشه على الماء.

والرسول ترك المسألة معلقة حتى نبحث عن حقيقة خلق العالم، والعرش على الماء والرحمن على العرش استوى وكيفية الاستواء، في قوله تعالى "الرحمن على العرش استوى".

فالسيدة أم سلمة قالت: الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

فوجوبية الإيمان لأهل الإيمان، وليس كل أهل الإسلام أهل إيمان.

هذه الإجابة قد تكون شافية عافية لعلماء الدين. 

لكن قد تكون في حاجة إلى أدلة برهانية عند أهل البرهان، أهل الفلسفة، ومن ثم بدأت تظهر على الساحة الفلسفية العديد من الآراء حول العالم بين من قال بحدوثه أي خلقه، وبين من قال بقدمه، أي موجود منذ القدم.

كذلك الذي يدفع الإنسان إلى البحث الفلسفي الدهشة حينما ينظر الإنسان بعين عقله إلى الترسمية الكونية بنظامها وإتقانها وغائيتها، يستشعر رغبة من داخله إلى البحث عن الحقيقة. حقيقة العلة الفاعلة التي أتقنت كل ذلك ونظمته ودبرته واعتنت به.

وأنه لم يوجد مصادفة أو اتفاق، وإنما لإتقان متقن وإبداع مبدع.

فلو نظر الإنسان بعين بصيرته قبل بصر لأدرك من أول وهلة أن ثمة علة فاعلة مسببة للأسباب جميعها.

الله تعالى خالق كل شيء ومبدعه.

فلتنظروا إلى السماء وارتفاعها والأرض واتساعها والجبال الرايات بشموخها واختلاف ألوانها.

فلتعتبروا من خلق الإنسان على النظم والانتظام.

فلتنظروا إلى الشمس السراج الوهاج لو زاد اقترابها من الأرض لاحترقنا.

ولو زاد ابتعادها عن الأرض لتجمدنا.

هذا خلق الله.

وهذه أمثلة من أمثلة عديدة على عناية الله تعالى وعنايته محيطة بكل شيء.

روح الفلسفة وحقيقتها والغاية المرجوة من ممارستها، إعمال العقل الذي هو منحة من الله تعالى، وإذا ما أعملنا عقولنا يسرنا واستبصرنا، وإذا ما استبصرنا، أدركنا، وإذا ما أدركنا ارتقينا.

يا سادة عقم وجدب فكر رجل كان من كان، من قال إن الفلسفة عديمة الفائدة.

فهل يستقيم جسد بلا رأس؟

هل تستقيم حياة بلا فكر؟

فهل وظفنا فكرنا توظيفًا صحيحًا حتى تستقيم حياتنا فنسعد؟

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز