
أسر الشهداء في ندوة "بوابة روزاليوسف": أرواح أبنائنا لم تذهب هباء فحافظوا على الوطن

ياسر شوقي
- رئيس تحرير "بوابة روزاليوسف": الشهداء بذلوا دماءهم لتحيا مصر.. أحياء عند ربهم وفي قلوبنا
- رئيس مجلس إدارة روزاليوسف: الاستقرار والتنمية التي تشهدها مصر بفضل دماء الشهداء
- أبناء الشهداء يقولونها بفخر: أنا ابن الشهيد
- بلال الأكشر: والدي بطل وسأحقق حلم أمي في أن أكون ضابطًا "وأجيب حق بابا"
- خديجة: أنا ابنة الشهيدة الدكتورة فاطمة و"ربنا يحفظ بابا"
- ميرا ابنة الشهيد الحجار: "بابا بطل وعند ربنا"
- والدة الشهيد عماد أبو رجيلة: ابني تمنى الشهادة وعشق سيناء
"وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)". صدق الله العظيم.
فى يوم ذكراهم وعرفاناً بفضلهم نظمت بوابة روزاليوسف، ندوة احتفالية بأسر وأهالى شهداء القوات المسلحة الأبرار، الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة فداء لهذا الوطن الغالى، ولتظل راية الحرية والنماء والفداء نبراساً تهتدى به الأجيال الجديدة وتسلمه جيلاً بعد جيل، وتنفرد بوابة روزاليوسف بدعوة كل أسر الشهداء الذين حضروا الندوة التثقيفية "الثمن"، التي نظمتها القوات المسلحة بمركز المنارة مؤخراً.
جاءت الندوة تحت عنوان "الشهداء أحياء عند ربهم وفي قلوبنا"، وأدارها الكاتب الصحفي، أيمن عبد المجيد، رئيس تحرير بوابة روزاليوسف، والكتاب الذهبي، والذي بدأ كلمته بالترحيب بأسر الشهداء، مؤكدًا أن شهداء مصر بدمائهم الذكية حفظوا أمن مصر واستقرارها، فقد بذلوا دماءهم من أجل أن تحيا مصر.
وأضاف عبدالمجيد، إن الشهداء شهد الله لهم في كتابه الكريم بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وهم بما قدموه للوطن أحياء في قلوب شعب مصر، جيلًا بعد جيل.
وشدد عبدالمجيد، على أن شهداء مصر في معركة تطهير سيناء من الإرهاب، أحفاد يسيرون على خطى الآباء والأجداد الذين بذلوا دماءهم في معركة تحرير سيناء، ولعل الجزاء الأوفى للشهداء هو ما تشهده سيناء الآن من تعمير وما تشهده مصر من استقرار وتنمية، فمن أجل هذا الهدف بذل الشهداء دماءهم.
وقال عبدالمجيد، إن الشهداء تركوا أمهات فضليات وزوجات كريمات وأبناء مشاريع أبطال، مشددًا على أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تولي رعاية أسر الشهداء اهتمامًا بالغًا، يظهر جليًا في تكريم الشهداء، وفيما توليه القوات المسلحة والشرطة من اهتمام بأسر شهدائها، لافتًا إلى أن دور كل مؤسسات المجتمع المدني أن تبعث دائمًا برسائل العرفان لأسر الشهداء، وأن تحيي ذكراهم وتعظم من قيمة الشهادة فيها تحيا الأوطان.
وأضاف عبدالمجيد، بدماء شهداء مصر تعطرت سيناء على مر التاريخ، وبنور الله الذي تجلى على أرضها دون غيرها من بقاع الكون تشع نورًا، وعلى أرضها سطرت بطولات المدنيين من أبنائها، فنذكر بطولات الأجداد الشيخ سالم الهرش ورفاقه من شيوخ القبائل، الذين حاول المحتل الصهيوني استخدامهم للمطالبة بالانفصال في مؤتمر الحسنة بعد نكسة 1967، وكيف صفعوا المحتل أمام وسائل إعلام العالم، مؤكدين أن سيناء مصرية تحت قيادة الرئيس جمال عبدالناصر.
وشدد عبدالمجيد، على أن أبطال سيناء من أبنائها في العشر سنوات الماضية ساروا على خطى أجدادهم ووقفوا إلى جوار جيشهم في معركة التطهير من الإرهاب وبذلوا دماءهم وأرواحهم فقدموا الشهداء فداءً للوطن، واليوم تشهد سيناء بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، معركة التعمير لتتحقق أمنية الشهداء، وأمنيات أهالي سيناء وشعب مصر التي طال انتظارها عقودًا.
ورحب عبدالمجيد بالحضور من أسر الشهداء كلًا باسمه، والأستاذة هبة صادق رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف، والشيخ محمد زكي الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية الذي تحدث عن كرامة الشهداء عندالله سبحانه وتعالى.
ووجه عبدالمجيد التحية لأسر وأسماء الشهداء، عقيد عاصم عصام الدين والعقيد أحمد محمد جمعة والرائد أحمد الحجار، والرائد عماد أبو رجيلة، والرائد محمد العزب والنقيب محمد الأكشر، والرقيب إيهاب فتحي محمد.
ومن المدنيين الشهيدة والدكتورة فاطمة محمد علي ندا، التي قاتلت على جبهة كورونا، حتى استشهدت خلال الجائحة، وهي تقاتل لحماية أرواح المصريين.
ومن أبناء سيناء أسرة الشهيد السيناوي أحمد عطاالله، الذي سار على خطى الآباء والأجداد في الفداء من أجل الوطن حتى استشهد في معركة تطهير سيناء من الإرهاب.
وقدم عبدالمجيد الأستاذة هبة صادق رئيس مجلس الإدارة
وفى بداية كلمتها رحبت رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف، الأستاذة هبة صادق، وبدأت بأسر الشهداء وأبنائهم، وشكرتهم على تلبية الدعوة التي تفخر كثيراً بها، مشيرة إلى أن هذا اليوم رسالة على أن هناك من قدم حياته راضياً ومؤمناً حفاظاً على وطننا الغالى، وأنها تشعر بالرضا الكامل الذي يشعرون به، كما تشعر بإحساس الفقد الذي يلازمهم، ودعت أسر الشهداء بأن ينقلوا للأبناء كيف ضحى الأب والأخ بحياته، وأن عليهم أن يفخروا بذلك، لافتة إلى أن التكريم الأعظم للشهداء الأبرار هو عند الله عز وجل، فهم أحياء عند ربهم يرزقون، كما لفتت إلى إحياء الرئيس عبد الفتاح السيسي الدائم لذكرى شهداء الجيش والشرطة، وتكريم أسرهم.
وقالت إن الرئيس عبدالفتاح السيسي يتعامل بإنسانية كبيرة مع ملف الشهداء وأسرهم، وأنه يرعى ويحمى كل المصريين ويحافظ على مقدرات الوطن الغالى أمام القوى التي لا تتوقف عن محاولة عرقلة مسيرة التنمية والنماء التي نشاهدها منذ عام 2011، ولذلك فإن علينا الفخر بما وصلت إليه مصر من تطور فى مسيرة التنمية، والتي تتمثل فى شبكة طرق غير مسبوقة، وفى حركة صناعية وزراعية تسابق الزمن حتى يشعر بثمارها كل أبناء الشعب المصري، وحتى لا تضيع دماء الشهداء هباء.
وأضافت أن علينا الفخر بما وصلت إليه مصر من تطور فى حركة البناء والتنمية، وعلينا الحفاظ على ما تحقق، فكلما تقدمنا حاولت قوى الشر تعطيلنا بالشائعات وبمحاولات زعزعة الاستقرار الذي نشعر به جميعاً على أرض الواقع، والذي تحقق بتضحيات كبيرة من الشهداء الأبرار وأسرهم، وعلينا دائما التذكير بتلك التضحيات، وأن نضع الحفاظ على الإنجازات هدفاً أمام أعيننا دائماً، ولدينا قيادة سياسية تخاف الله فى كل تصرفاتها، وعلى كل منا القيام بدوره فى الحفاظ على أمن وسلامة هذا الوطن الغالى.
واختتمت كلمتها بشكر أسر الشهداء وأبنائهم مرة أخرى على تلبية الدعوة، مشيرة إلى أن الرضا بداخلهم يجعلنا نشعر بسعادة بالغة واطمئنان على مصر.
وتحدث الشيخ محمد زكى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية سابقاً، عن فضل الشهادة، داعياً أسر الشهداء الأبرار، على شكر المولى عز وجل على نعمة الشهادة، لافتاً إلى أن يوم الشهيد هو يوم من أيام الله المباركة، نتذكر فيه فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى ورضا، نصرة للوطن والحفاظ على حدوده، ومكوناته، أولئك هم الصادقون.
وأشار إلى أن الشهداء فى أعظم الدرجات عند الله، مع الأنبياء والصديقين فى جنة الخلد، وليس الكل مرشحاً لنيل هذا الفضل العظيم، لكنه منحة ربانية واحتصاص إلهى، وهو وسام شرف لعائلة الشهيد، يكرمون ببركته فى الدنيا، ويكرمون بجهادهم فى الآخرة، لافتاً إلى أن الشهادة يحيا بها الوطن حياة عز وكرامة.
وتحدث رئيس التحرير أيمن عبد المجيد، مذكراً بما كتبه الشهيد محمد الأكشر على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك قبل استشهاده بساعات، وكيف تنبأ برحيله قائلاً: تحدثوا معي بالدعاء، ربما كان رحيلى قريباً.
وأدار الكاتب الصحفى أيمن عبد المجيد، حواراً مع "بلال" نجل الشهيد محمد جمال الأكشر، والذي قال إن والدى بطل وأنه يرغب فى تحقيق حلم والدته فى أن يكون ضابطاً فى القوات المسلحة حتى يأتى بثأر والده.
حضر الندوة أسرة الشهيد عقيد/ عاصم عصام الدين، ابن من أبناء كتيبة الأبطال الشهداء، رامي حسين وأحمد المنسي الكتيبة 103 صاعقة، وهى الكتيبة التي كتبت بالدماء بطولات سيسطرها التاريخ لتروى للأجيال القادمة.
والشهيد عقيد عاصم عصام الدين، قائد الكتيبة 103 صاعقة ارتقى شهيدًا 6 نوفمبر 2022، بعد اشتباك مع عناصر تكفيرية أسقط منهم عددًا قتلى، قبل أن يرتقي شهيدًا إثر إصابته بطلق ناري، أثناء عملية تمشيط محيط منطقة جلبانة بالمحور الساحلي.
وتحدثت السيدة "وفاء" والدة الشهيد عاصم عصام، قائلة إنه كان متديناً، متفوقاً فى دراسته، وعندما أنهى دراسته الثانوية طلب الانضمام للكلية الحربية، وكان لديه فى سبيل ذلك إرادة وتصميم، فتعلم سباحة، وتدرب عدة مرات على قفزة الثقة، وكان يخرج من البيت فى الثانية بعد منتصف الليل حتى يلحق بمواعيد الكشف الطبي فى الكلية الحربية، وعلى مدى أيام طويلة حتى تم قبوله.
وأضافت أنه كان من أوائل دفعته، وذهب بعد تخرجه مع أوائل الدفعة لزيارة الكلية الملكية العسكرية بالمملكة العربية السعودية، وهناك أدى فريضة العمرة، وعند عودته طلب الانضمام لقوات الصاعقة، لإيمانه بأنها مصنع الرجال، ونال الكثير من الفرق الحربية، ونال فرقة أركان حرب، وكان يستعد لنيل الدكتوراة من أكاديمية ناصر العسكرية فى الاقتصاد والعلوم السياسية، كان متعجلاً على نيل كل الفرق الحربية التي تتاح فى طريقه، وكأنه كان يشعر بدنو أجله، كان باراً بى وبوالده، وعندما أصبح مسؤولاً عن الكتيبة 103 صاعقة، وهى كتيبة الشهيد أحمد منسى، كنت خائفة، لكنه كان يطمئننى، ودائماً ما يقول لى إنه وزملائه أرواحهم على أيديهم، ويذكر الموت كثيراً، وقبل استشهاده بأيام قال لى إنه سيترك سيناء نظيفة تماماً من الإرهابيين، وفى الكتيبة استمر 4 شهور قبل استشهاده، كان خلالها دائماً ما يسألنى عن مبلغ الزكاة المطلوب منه، ويطلب منى إبلاغه بما يستطيع تقديمه لأى محتاج.
ويوم استشهاده أرسل لى رسالة الساعة 11 ظهراً وتوفى بعدها بعد أداء صلاة الظهر، كنت أشعر من الرسالة أنه مصاب لكنه لم يخبرنى بذلك، واليوم أشعر أن روحه لم تذهب هباء.
حضر الندوة أيضاً السيدة نورا محمد زوجة الشهيد عقيد أ . ح/ أحمد محمد جمعة، قائد الكتيبة 26 استطلاع حربية، وهو بطل من أبطال المخابرات الحربية سلاح الاستطلاع، دفعة 96 حربية، استشهد 4-6-2021 إثر انفجار عبوة ناسفة بشمال سيناء.
كما حضرت السيدة أميرة زوجة الشهيد رائد/ أحمد الحجار، والذي تخرج في الدفعة 105 حربية، وانضم للفرقة 888 مكافحة الإرهاب لتأمين الحدود الغربية من عمليات التهريب، ثم انتقل إلى أرض سيناء، تلك الأرض المُباركة التي تُضاء بنور تجلي الله عليها دون غيرها من بقاع الأرض.
وقاد الشهيد رائد/ أحمد الحجار كمين زلزال 15 بالشيخ زويد، سطر ورجاله بطولات من ذهب، في 9 فبراير 2020، تعرض الكمين الذي يقوده ويضم صف ضابط وهم جنود لهجوم من 30 إرهابيًا، أسقطوا عددًا من الإرهابيين في القتال حتى استشهد تاركًا ابنة عمرها ثلاثة أعوام، تدعى ميرا، والتي قالت "بابا بطل وعند ربنا.. كما ترك جنينًا في شهره التاسع ببطن أمه، ولد أحمد من أحمد، فمصر ولادة.. وأبناء الشهداء في عيون مصر وشعبها.
جمعهم القدر "مثلث القيادة"، قادة دفعتهم يوم التخرج، يسلمون بعضهم بعضًا العلم، الأول: هو الرائد مصطفى حجاجي مساعد الدفعة 103 حربية، استشهد 18-7-2015.
الثاني: البطل رائد شهيد محمد علي العزب الدفعة 104 حربية، استشهد 23-2-2016.
الثالث: البطل عماد الدين أبو رجيلة حامل العلم، والذي استشهد 31-5-2017 إثر انفجار حزام ناسف أثناء مشاركته القوات في تمشيط منطقة "الباويطي" بالواحات البحرية، وحضرت والدته السيدة منال رضوان، والتي تحدثت مشيرة إلى أنه تمنى الشهادة وعشق أرض سيناء.
تحية لأسرهم التي بيننا الآن، وتحية لأسرة الشهيد رائد مصطفى حجاجي، الذين منعهم من الحضور سفرهم إلى الأقصر.
وأيضاً حضرت السيدة سميرة مسلم، والدة الشهيد رائد/ محمد العزب- "أبو حرة" الطفلته التي اختار اسمها قبل ميلادها، وقبل أن يرتقي شهيدًا، والذي بعث لزوجته التي كانت تحمل طفلتها في أحشائها في شهرها السابع، يطلب منها أن تسميها "حرة"، فقد أرادها حرة مثل سيناء الحبيبة.
وفى 23 فبراير 2016 كان على موعد مع الشهادة، تعامل مع إحدى العبوات الناسفة بعد أن أمر زملاءه بالابتعاد، حفاظًا على سلامتهم، نجح في تفكيك وإبطال مفعول عبوتين، لكنه اكتشف متأخرًا وجود ثالثة زرعتها وأخفتها يد الغدر، انفجرت فارتقى شهيدًا.. لكنه ترك سيناء طاهرة وابنته حرة نضعها في عيوننا.
كما حضر السيدة صباح والدة روجة الشهيد الشهيد نقيب/ محمد الأكشر، الذي كتب على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "لما أموت لا تتركوني ولا تبكوا عليّ، تعلمون أنني لا أحب الوحدة والظلام، تحدثوا معي بالدعاء، واجعلوا قبري نورًا، فربما كان رحيلي قريبًا"، ولم تمض أيام حتى ارتقى النقيب محمد جمال الأكشر شهيدًا، تاركًا لنا البطل بلال الأكشر، وعمره عام وثلاثة أشهر.. البطل بلال بيننا الآن.
تخرج الشهيد محمد الأكشر، والتحق بدفعة 103 سلاح المدرعات بالجيش الثاني الميداني، ليستشهد رفقة 10 ضباط من زملائه إثر انفجار لغم أرضي في مدرعة زرع في منطقة الخروبة على طريق العريش/ الشيخ زويد.
ولم تحتمل زوجته السيدة سارة بكري أحمد، الفراق، وكتبت على صفحتها أنها ستذهب لأداء فريضة الحج والدعاء لزوجها، وأمنيتها أن يتوفاها الله بالأراضي المقدسة واستجاب الله لها.
وحضر البطل بلال ليحدثنا عن حلمه في الالتحاق بالقوات المسلحة، وأن يثأر لوالده من التكفيريين، بإذن الله يتحقق حلمك في الالتحاق بعرين الأسود.
كما حضرت السيدة "أم محمد"والدة الشهيد رقيب/ إيهاب فتحي محمد، الذي قاتل ببسالة في صفوف الكتيبة 280 محيط مدينة رفح، استشهد بعد معركة اشتبك خلالها، وزميله الشهيد رقيب أحمد إسماعيل مع عناصر تكفيرية، بعد أن أوقعوا منهم عددًا.
لكنّ الشهيدين الرقيبين، إيهاب فتحي وأحمد إسماعيل، حتى لحظة ارتقائهما شهيدين أكدا أن الجيش والشعب يد واحدة حتى في التضحية والارتقاء بالشهادة، فقد استشهد معهما اثنان من مواطني سيناء الشرفاء يونس الشاروخ ويوسف العطار، ابنا قبيلة "الرميلات" المساندة للوطن وجيشه في الحرب ضد الإرهاب.
والشهيدة الدكتورة/ فاطمة محمد علي ندا، كانت هناك في المستشفيات، مع جيش آخر يقاتل، يجاهد في سبيل الله والوطن، وحفظ سلامة وصحة المصريين، حيث كان رجال الجيش والشرطة يقاتلون على جبهة سيناء لاقتلاع الإرهاب من جذوره، بينما الجيش الأبيض من أطباء وأطقم تمريض ومساعدين يقاتلون على جبهة مكافحة كورونا.
والدكتورة فاطمة محمد علي بطلة من هؤلاء الأطباء العظماء، أخصائية الرمد بمستشفى أبوالنمرس بمحافظة الجيزة، لم تغفل عيناها لحظة خلال المعركة، حتى كافأها الله بالشهادة متأثرة بفيروس كورونا، الذي قاتلت لإنقاذ مئات المصابين من توابعه، وقالت ابنتها خديجة: أنا ابنة الشهيدة الدكتورة فاطمة و"ربنا يحفظ بابا".
وحضر أيضاً أسرة الشهيد السيناوي/ أحمد عطاالله، بطل من أبناء سيناء الشرفاء، نموذج لآلاف القصص البطولية، التي سطرها أبناء سيناء على مدار تاريخها.. حفيد للأجداد العظماء أبطال "مؤتمر الحسنة" الشيخ سالم الهرش ورفاقه.
والشهيد أحمد عطاالله، امتداد لتضحية المدنيين بدمائهم دفاعًا عن الوطن، على خطى الآباء أبطال معارك التحرير عقب يونيو 1967 إلى معركة الكرامة في أكتوبر 1973 سار أبوه ونال الشهادة، وسار هو "الحفيد" في طريق الوطن على خطى الأجداد، فاستشهد في معركة تطهير سيناء من الإرهاب، اختار الوطن، أخلص لجيش مصر، فكافأه الله بالشهادة، بين الأحياء عند ربه، وفي قلوب شعب مصر.
والدة الشهيد عاصم عصام الدين تروي كيف صنعت هذا البطل وأخر كلماته
قالت والدة الشهيد عاصم عصام الدين:" ربنا أكرمني بعاصم بعد عامين من الزواج، وكنت دائما اسمع رواية حفص عن عاصم أثناء فترة حملي به، وقد سمعت اسم عاصم داخلي، فقررت أن اسميه عاصم، وأسرتنا كانت على دين، وكان عاصم يذهب للكتاب من صغره، وكان الجميع يتساءلون لماذا من صغره يحمل صفات الراجل الكبير وليس الطفل، وكان دائما متفوق في كل مراحل تعلميه".
واستكملت لـ "بوابة روزاليوسف" أثناء حضورها احتفالية "يوم الشهيد"،" كان سيلتحق بكلية الطب، ولكن قدم في الحربية، وقد أهل نفسه منذ المرحلة الثانوية أن يدخل الكلية الحربية وتعلم السباحة، والألعاب الرياضية والبدنية.
وأضافت، أنه كان متفوق في الكلية الحربية وكان من أوائل الخريجين في دفعته، وذهب مع الطلبة المتفوقين إلى الكلية الحربية الملكية في الرياض، وقام بأداء مناسك العمرة، وعقب عودته من الرياض دخل سلاح المشاة ثم الصاعقة، وكان متفوق جدا في الصاعقة وله العديد من الشهادات مثل؛ القفز الحر، وكان متميز في قفزة الثقة، كما أنه كان متفوق في جميع الفرق التي يدخلها، وكان مسؤول عن كتيبة 21.
وأشارت والدة الشهيد، أنه كان دائماً على وضوء، وعند سؤالها يقول:" يا ماما إحنا ماشين روحنا على إيدينا، ومحدش عارف هيقابل رينا إزاي وأمتى، فلازم نكون على وضوء ديمًا".
وتحدثت أيضًا:" عاصم كان بار بيا جدًا وبوالده، وكان متعود يجيلي في أجازته قبل ما يروح بيته يشوف زوجته وأولاده" مضيفًة؛ راعى شعورنا والخوف عليه حين عُرض عليه أن يمسك كتيبة 103 في سيناء، وظل بها 4 أشهر دون أن يقول.
وأردفت الأم، آخر وجبة تناولها معاها كان يوم جمعة قبل عيد ميلاد زوجته بيوم، ثم غادر وقبل يديها ورأسها وذهب مسرعًا على غير عادته، موضحةً:" قولتله أني حجزت عمرة وهستناك تيجي نوصلني زي كل مرة، بس قالي الشغل كير أوي يا ماما.. اللي فات كوم واللي جاي كله كوم تاني.. وساعتها قلبي اتقبض".
واستكملت تروي، أنه أرسل لهما صورة له بعد مغادرته بأسبوع بعد تأديه صلاة الجمعة، وقبل استشهاده، وحدثها وكان حوله صمت وصفته بالـ"رهيب"، وراودها احساس أنه في مستشفى ومصاب، وفي اليوم التالي حدثها مرة أخرى وكان حوله نفس صمت على غير العادة؛ ولكن لم تستجمع قوتها لتسأله عن السبب، حتى وصل لهما خبر استشهاده.
واختتمت حديثها أن الشهيد كان دائمًا يقول: "كل ما أريده أن يكون معي في الجنة أبي وأمي وزوجتي وأولادي. وآخر رسالة من الشهيد عصام نقلها أصدقائه لأسرته. " أنه كان على وضوء قائلًا، يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما".
والدة الشهيد عماد أبو رجيله لـ"بوابة روزاليوسف": " كان نفسي ابني هو اللي يدفني.. بس جابولي شنطته"
لم تتمالك الأم صدمة فقيد الأبن مهما مرت الأيام؛ حتى وإن حاولت الكتمان كما يبدو عليهن، بل يتعصر قلبها في محاولة البوح بالكثير من الكلمات، والأفعال التي حُرمت منها بعد الفقدان.
وشاركتنا أم الشهيد عماد أبو رجيله، عبارات مؤثرة خلال احتفالية " يوم الشهيد" التي نظمتها "بوابة روزاليوسف":" كان نفسي ابني هو اللي يدفني.. وكل يوم أصلي الفجر وأدعيله، وأشهد الله أنه كان بار بيَّ وعمره ما زعلني".
وأضافت الأم: " عماد كان بيتمنى من صغره يبقى "ظابط"، كل ألعابه كانت مسدسات وكان نفسه يدخل الكلية الحربية ".
وتابعت:" عماد سافر أول يوم رمضان، وهو ماشي قالي يا ماما أنا قلبي مقبوض وحاسس إني مش راجع المرة دي، قلتله متقلقنيش عليك، رد وقالي يا ماما هو أنت تكرهي إني أدخلك الجنة. متقلقيش لو حصلي حاجة هيجبولك شنطتني.. وجابولي شنطته".
واستكملت أم الشهيد:" عماد اتصل بيَّ الساعة ٧ قبل استشهاده بساعتين وكلم خطيبته وقالها لا إله إلا الله محمد رسول الله واستشهد الساعة ٩، يوم ٥ رمضان. أبني مات على الشهادة".
واختتمت الأم حديثها قائلة: "استشهاد أبني وسام على صدري فأنا أم البطل وأتباهى به يوم القيامة وهو سيتباهى بي يوم القيامة لأنني أم البطل. عماد كان ابنًا بارًا ودائما بدعي له.
والدة الشهيد محمد عادل عزب: "ابني كان بيحلم من صغره يكون ضابط وربنا اختاره وهيئه له الطريق"
حكايات ترويها الأمهات عن فقيديها منذ الميلاد، وتفاصيلاً توضح اختيار الله – سبحانه وتعالى-لشهدائه، فتصبح الأم هي مجرد سبيل للتربية وعون الصغير حتى يكبر، ويتسلم الله هديته مرة أخرى، ويضع بعدها الصبر والسلوان في قلوبهن. وروت والدة الشهيد محمد عادل عزب، خلال احتفالية " يوم الشهيد" التي نظمتها "بوابة روزاليوسف"، يوم الأحد؛ أن ابنها كان حافظ لكتاب الله منذ نعومة أظافره، وكان يحلم دائما أن يكون ضابط، فالتحق بالثانوية العامة وطلب من والده أن يدخله الكلية الحربية، وقد وعده والده بذلك بشرط أن يحصل على مجموع في الثانوية العامة.
وتابعت والدته؛ أنه قدم بالفعل في الكلية الحربية ولكن بعد التقديم ضاعت منه أوراقه وبطاقته الشخصية، فشعر أن هذه رسالة من الله أنه لن يستطيع تحقيق حلمه خصوصًا لضعف الحالة المادية حينها، فصرف نظر عن الموضوع، ولكن بعد 15 يوم - يشاء الله- أن يجد أحد أوراقه ويحاول الوصول إلى مكان سكنه لإعطائه الأوراق والبطاقة، وبعد عشرين يوماً وجد ضابط يتصل بأحد الجيران؛ ليسأل عن أسباب عدم حضوره اختبارات الكلية الحربية، ولم يصدق محمد أن بالفعل هناك من يهتم لأمره إذا التحق بالاختبار أم لا، ولكن فوجئ بطلب الضابط منه أن يحضر يوم الأحد، وذهب بالفعل ونجح في جميع الاختبار؛ مضيفة:" ربنا كان مختاره من أول ما تولد عشان يبقي شهيد، وسهله الدنيا عشان يدخل الكلية العسكرية".
واستكملت الأم:" عمل محمد في الإسماعيلية، ثم ميدان التحرير، ثم سيناء؛ ولكن لم يخبرنا عندما ذهب لسيناء، وبعدها خطب في هذه الفترة وتزوج وبعد 6 أشهر من زواجه توفي، وزوجته حامل في ابنته التي طلب قبل وفاته أن يسموها "حرة " على اسم بنت من قبائل سيناء.
وفي ختام الندوة، التي حظيت باهتمام إعلامي من العديد من الفضائيات والإذاعة المصرية، تم تكريم أسماء الشهداء بمنح أسرهم دروعًا تحمل تحية من "بوابة روزاليوسف" للأرواح الطاهرة لشهداء مصر.
فيما شهدت الندوة عرض تقرير تسجيلي عن الشهداء وسيرتهم العطرة، من إعداد "بوابة روزاليوسف".
تحيا مصر برجالها المخلصين، ودماء شهدائها، ووعي شعبها.